**المثقف العربي في متاهته **
كم مرة عقدت مؤتمرات للكتاب والمثقفين العرب وناقشوا فيها إشكاليات الثقافة العربية " الحوار مع الآخر، ثقافة التغيير أم تغيير الثقافة" ولحد الساعة لا ندري من هو هذا المثقف الفذ الذي يحق له أن يتكلم باسمنا نحن كتاب الهامش؟
و قد تتساءل أنت أيضا عزيزي القارئ من هو هذا المثقف ؟ هل هو الأستاذ الجامعي صاحب الشهادات والتفكير الأكاديمي أم الداعية المفوه الذي يؤثرفي الجماهير و يسحرهم بفصاحته أم هو الفنان التشكيلي ؟
إن التوسع في دلالات الكلمة قد تؤدي بنا إلى متاهات ، فالمثقف حسب تعبير المفكر العربي الكبير " محمود أمين العالم " : " هو الإنسان الذي يعيش الحاضر مهموما بالمستقبل"
وهذا التعريف رغم دقته إلا أننا نستشف منه إلغاء الآخر وهو المثقف الديني باعتباره يعيش الماضي بعيدا عن الحاضر والمستقبل.
هذا المثقف الذي هاجر إلى عصر غير عصره وإلى ثقافة أغلقت باب الاجتهاد واهتمت بالهوامش والشروح .
وما هو الحاضر الذي يعيشه المثقف إذا لم يكن جزءا من الماضي ؟
وبرجوعنا إلى القاموس نستطيع أن نستخرج مفاهيم للمثقف ، ففي منجد اللغة والأعلام نجد مادة " ثقف " ذات معان كثيرة إيجابية وسلبية بإمكاننا إسقاطها على المثقف العربي.
فثقف ثقفا : صار حاذقا خفيفا ، إذن فالمثقف هوا لحاذق الفاهم ، الذي يفهم ثقافة عصره ويتقنها ويتحرك بواسطتها في مجتمعه مغيرا ومرشدا وناقدا ...
وجاء أيضا : ثقف الرمح : " قومه وسواه " فالمثقف هو الذي يقوم أي اعوجاج سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أوتربوي بما حباه الله من الدقة في التفكير ورؤية واضحة تحيط بالمشكلات من كل جوانبها .
أما المفهوم السلبي " فثقفه بالرمح " أي طعنه .. هنا نجد بعض المثقفين الذين يحسنون أدوار الطعن والإلغاء، يطعنون بعضهم البعض وتحضرني قصة الناقد" أنور المعداوي " الذي غضبت عليه الأجهزة آنذاك فطرد من الجامعةولم يقف بجنبه أحد بل هناك من قام بدور التحريض والوشاية .
والثقاف : " الخصام " وما أكثر المثقفين الذين يتخذون من الخصومة والجدال العقيم شعارا في الحياة بدل الحق في الاختلاف مع احترام الآخر !.
فهذه التعريفات اللغوية تضيء لنا كثيرا من الرؤى
يقول طه حسين : " فالمثقف الذي يعيش بين الناس ولا يفهم حياتهم ولا يتعمق نظمهم الاجتماعية والسياسية ولا يلاحظ نشاطهم اليومي عاجز كل العجز عن أن ينفعهم حق النفع
وعن أن يكون لهم معلما وهاديا إلى الخير وإنما هو ثرثار إذا تكلم وأثر إذا سكت ".
*بقلم الكاتب والباحث في التنمية البشرية :شدري معمر علي*