حين يهرب القط من الجرذ 22-2-2019
بقلم : حمدي فراج
يبرر بعض الزعماء العرب - و الخليج ليس استثناء - تقاربهم مع اسرائيل ، من أجل درء الخطر الايراني الشيعي على سنيتهم ، رغم ان هذه "السنية" شكلية الى حد بعيد ، هذا الخطر الشيعي له من العمر اربعين سنة ، لكن اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها الرئيس المؤمن محمد انور السادات سبقت ذلك بثلاث سنوات ، والعلاقات السرية مع دول اخرى سبقت ذلك الى ما قبل حرب تشرين المجيدة ، كان مبرر تلك الانظمة أنذاك هو الخطر الشيوعي متمثلا في جمال عبد الناصر وبعض جيوب المقاومة الفلسطينية .
يعرف علماء النفس والاجتماع التبرير بأنه نوع من انواع الكذب ، مع فارقين اساسيين ، ان الكذب يكون على الاخرين ، فإن التبرير عبارة عن كذب على الذات ، وأن المبرر (الكاذب على الذات) في الغالب لا يدرك انه يكذب ، بعكس الكاذب ، الذي حين يكذب يدرك انه يكذب . وحين تسأل سارق لماذا سرق ، فإنه يسوق لك اسباب عدة يقنع فيها نفسه بوجاهة السرقة ، وكذا الحال مع منظمة التحرير التي وقعت اتفاقية اوسلو لاسباب ليس لها علاقة بصحة التوقيع ، من ضمنها انهيار الاتحاد السوفياتي ، وكأن المنظمة كانت فصيلة سوفاتية ماركسية انهارت مع ذاك الانهيار ، وكأن الاتحاد السوفياتي وبقية الاحزاب التابعة له ، بما في ذلك الحزب الشيوعي الفلسطيني وبقية الاحزاب الشيوعية العربية ، كانت ضد السلام مع اسرائيل . للدرجة التي اوعزت موسكو بعيد قيام دولة اسرائيل ، الى تشكيل حزب شيوعي اسرائيلي ، معظم اعضائه من الفلسطينيين ، باستثناء امينه العام كان يهوديا قادما من بولندا ، واليوم فإن أمينه العام فلسطيني ايضا .
فهل اقامة العلاقات بين هؤلاء الحكام العرب مع اسرائيل ستحميهم حقا من ايران ؟ هل حمت اسرائيل السلطة الفلسطينية بعد حوالي ثلاثين سنة من مؤتمر مدريد وتوقيع اعلان مباديء اوسلو واتفاقية باريس الاقتصادية ؟ أم انه تحت تلك الخيمة تم تقويض كل شيء تقريبا ، بما في ذلك قضية اللاجئين والقدس والاستيطان والحدود و المنظمة ذاتها ، هذه المنظمة التي غادرت الثورة في سبيل الحصول على الدولة ، فما حققت هذه ولا أبقت على تلك ، واليوم تمتد ايادي اسرائيل لتقتطع أموالها ومستحقات ضرائب عمالها . ما عبر عنه محمد دحلان عندما كان وزيرا للشؤون الداخلية قبيل اشتعال الانتفاضة الثانية ، من أننا قبلنا ان ينام جنود اسرائيل فنقوم نحن بحمايتهم .
شاعت في الحرب الباردة ظاهرة اختطاف العلماء والمخترعين بين امريكا والاتحاد السوفياتي ، فرفض احدهم الاعتراف بمعادلة اختراعه رغم وسائل التعذيب الشائعة انذاك ، حتى جيء بقط تم تجريعه دواء الجبن ، ووضعوه في غرفة زجاجية ، وأدخلوا عليه جرذا ، فهرب الجرذ من القط ، و ظن القط ان الجرذ يطارده ، وظلا على هذه الحال حتى ماتا من الهرب والمطاردة ، ما جعل العالم يعترف بمعادلة اختراعه .
بقلم : حمدي فراج
يبرر بعض الزعماء العرب - و الخليج ليس استثناء - تقاربهم مع اسرائيل ، من أجل درء الخطر الايراني الشيعي على سنيتهم ، رغم ان هذه "السنية" شكلية الى حد بعيد ، هذا الخطر الشيعي له من العمر اربعين سنة ، لكن اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها الرئيس المؤمن محمد انور السادات سبقت ذلك بثلاث سنوات ، والعلاقات السرية مع دول اخرى سبقت ذلك الى ما قبل حرب تشرين المجيدة ، كان مبرر تلك الانظمة أنذاك هو الخطر الشيوعي متمثلا في جمال عبد الناصر وبعض جيوب المقاومة الفلسطينية .
يعرف علماء النفس والاجتماع التبرير بأنه نوع من انواع الكذب ، مع فارقين اساسيين ، ان الكذب يكون على الاخرين ، فإن التبرير عبارة عن كذب على الذات ، وأن المبرر (الكاذب على الذات) في الغالب لا يدرك انه يكذب ، بعكس الكاذب ، الذي حين يكذب يدرك انه يكذب . وحين تسأل سارق لماذا سرق ، فإنه يسوق لك اسباب عدة يقنع فيها نفسه بوجاهة السرقة ، وكذا الحال مع منظمة التحرير التي وقعت اتفاقية اوسلو لاسباب ليس لها علاقة بصحة التوقيع ، من ضمنها انهيار الاتحاد السوفياتي ، وكأن المنظمة كانت فصيلة سوفاتية ماركسية انهارت مع ذاك الانهيار ، وكأن الاتحاد السوفياتي وبقية الاحزاب التابعة له ، بما في ذلك الحزب الشيوعي الفلسطيني وبقية الاحزاب الشيوعية العربية ، كانت ضد السلام مع اسرائيل . للدرجة التي اوعزت موسكو بعيد قيام دولة اسرائيل ، الى تشكيل حزب شيوعي اسرائيلي ، معظم اعضائه من الفلسطينيين ، باستثناء امينه العام كان يهوديا قادما من بولندا ، واليوم فإن أمينه العام فلسطيني ايضا .
فهل اقامة العلاقات بين هؤلاء الحكام العرب مع اسرائيل ستحميهم حقا من ايران ؟ هل حمت اسرائيل السلطة الفلسطينية بعد حوالي ثلاثين سنة من مؤتمر مدريد وتوقيع اعلان مباديء اوسلو واتفاقية باريس الاقتصادية ؟ أم انه تحت تلك الخيمة تم تقويض كل شيء تقريبا ، بما في ذلك قضية اللاجئين والقدس والاستيطان والحدود و المنظمة ذاتها ، هذه المنظمة التي غادرت الثورة في سبيل الحصول على الدولة ، فما حققت هذه ولا أبقت على تلك ، واليوم تمتد ايادي اسرائيل لتقتطع أموالها ومستحقات ضرائب عمالها . ما عبر عنه محمد دحلان عندما كان وزيرا للشؤون الداخلية قبيل اشتعال الانتفاضة الثانية ، من أننا قبلنا ان ينام جنود اسرائيل فنقوم نحن بحمايتهم .
شاعت في الحرب الباردة ظاهرة اختطاف العلماء والمخترعين بين امريكا والاتحاد السوفياتي ، فرفض احدهم الاعتراف بمعادلة اختراعه رغم وسائل التعذيب الشائعة انذاك ، حتى جيء بقط تم تجريعه دواء الجبن ، ووضعوه في غرفة زجاجية ، وأدخلوا عليه جرذا ، فهرب الجرذ من القط ، و ظن القط ان الجرذ يطارده ، وظلا على هذه الحال حتى ماتا من الهرب والمطاردة ، ما جعل العالم يعترف بمعادلة اختراعه .