الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أزمة فنزويلا..أبعادها أكبر بكثير من مجرد أزمة صراع على السلطة بقلم:د. سمير مسلم الددا

تاريخ النشر : 2019-02-22
أزمة فنزويلا..أبعادها أكبر بكثير من مجرد أزمة صراع على السلطة بقلم:د. سمير مسلم الددا
أزمة فنزويلا......أبعادها أكبر بكثير من مجرد أزمة صراع على السلطة
اندلعت الأزمة السياسية الفنزويلية في منتصف شهر يناير الماضي عندما نصّب زعيم المعارضة اليميني المتطرف خوان غوايدو نفسه رئيسا للبلاد إثر احتجاجات شعبية نددت بسياسات انتهجتها حكومة الرئيس نيكولاس مادورو الوريث السياسي والايديولوجي للرئيس الراحل هوغو شافيز الذي كان معارضا صلبا لسياسات الولايات المتحدة الامريكية في أمريكا اللاتينية والشرق الاوسط وما يزال يتمتع باحترام كبير في الاوساط الرسمية والشعبية العربية, وكان مقربا من معظم القادة والزعماء العرب لمواقفه المتقدمة والمؤيدة للقضايا العربية عموما، ولمناصرته للشعب الفلسطيني لقضيته العادلة على وجه الخصوص لدرجة أنه لُقب بـ "هوغو شافيز العربي", فقد معروفا عنه أنه كان عربي الهوى والميول, فقد كان متيما بالفكر الناصري ومعجبا بالزعيم جمال عبد الناصر, كما كان شافيز صديقا حميما للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ومن بعده خليفته الرئيس محمود عباس وكان ايضا صديقا للرئيسين الراحلين العراقي صدام حسين والليبي معمر القذافي، وكذلك كان صديقا للرئيس السوداني عمر البشير والرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وغيرهم, وبحسب بعض المراقبين قد يكون لهذا الارث "البوليفاري" (نسبة الى الزعيم الفنزويلي سيمون بوليفار محرر الكثير من دول امريكا اللاتينية) الثقيل دورا فيما يحصل اليوم في فنزويلا, بالاضافة الى ذلك ان فنزويلا لديها اكبر نسبة مواطنين من أصول عربية من بين كل دول أمريكا الوسطى, إذ يصل عددهم الى حوالي مليون شخص، ومعظمهم من أصول شامية (سورية ولبنانية وفلسطينية) ولهم حضور ملموس في كافة نواحي حياة المجتمع الفنزويلي ومراكزهم مرموقة ونفوذهم مؤثر ووصلوا إلى مناصب رفيعة المستوى في إدارة البلاد.
مسؤولية الاستمرار والتصعيد في الازمة الفنزويلية والتي تضع البلاد في اتون خطر حقيقي بما في ذلك اندلاع حرب أهلية، تقع بالأساس على عاتق جهات خارجية تعمل على تأجيج المواجهة بين طرفي النزاع في هذا البلد الوديع، وهي التي تحرض المعارضة على الرئيس المنتخب من قبل الشعب, وفي رأي معظم المراقبين, كان التدخل الخارجي الامريكي تحديدا ومناصرته للمعرض اليميني خوان غوايدو هو السبب الاساسي الذي اضفى على هذه المشكلة الداخلية بعدا عالميا ووفر لها كل هذا الزخم الاعلامي والسياسي على الساحة الدولية, وكما قال احدهم متهكما: "وحتى لما برزت مثل هذه الازمة الى السطح اصلا, ولكنها امريكا وعادتها".
الولايات المتحدة تدرك تماما أن معارضتها للرئيس الشرعي المنتخب نيكولاس مادورو واصطفافها الى جانب الطرف المعارض خوان غوايدو, سيواجه بمعارضة شعبية نتيجة حساسية الشعب الفنزويلي لاي تدخل امريكي لأنه شعب معبأ ايدولوجيا ضد "الامبريالية الامريكية" منذ عقود, وسينتج عن ذلك انقسام شعبي واسع واصطفاف مضاد الى جانب الرئيس مادورو الذي يحظى ايضا بدعم المؤسسة العسكرية في مواجهة زعيم المعارضة ومؤيديه, نعم امريكا تعلم ذلك جيدا, وتعلم يقينا ايضا ان تدخلها الى جانب غوايدو هو بمثابة وصفة ناجعة لإضرام نيران حرب اهلية قد يكون لها بداية ولكن لا أحد يستطيع التنبؤ بنهايتها وبنتائجها, ولكن كما يقول هذه احد المتابعين للازمة: "هي سياسة الولايات المتحدة المعهودة, نشر التوتر وعدم الاستقرار وزعزعة الامن في البلد المستهدف ليسقط ويصبح بلدا فاشلا ومن ثم يسهل احتوائه ومصادرة قراراته والسيطرة عليه وعلى ثرواته وتحويله الى مجرد تابع يدور في الفلك الامريكي المخيف".
انها لعنة النفط يا عزيزي مادورو تلقي بظلالها على بلادكم، نحن أهل الشرق الاوسط نعرفها جيدا, فقد عانينا منها الامرين وما زلنا حتى يومنا هذا وسنبقى (على الاقل في المستقبل القريب) نتجرع مرارتها, وخصوصا في فلسطين التي تكبدت (وما زالت) افدح الاثمان لهذه اللعنة وتبعاتها, وفيما بعد اكتوى بنارها (وما زال) ايضا عدد من دول المنطقة كالعراق وليبيا وسوريا واليمن وغيرها, ودائما الولايات المتحدة هي وراء هذه اللعنة.
فنزويلا التي لا يتجاوز عدد سكانها الثلاثين مليون نسمة تصنف اليوم كرابع أكبر منتج للنفط في العالم، واحد أكبر مصدّري النفط الخام في العالم وهي عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط " أوبك".
للمفارقة، فنزويلا هي ثاني أكبر مصدر للبترول للولايات المتحدة، إلا أن الاخيرة لها حسابات اخرى تفوق بكثير ابعاد التبادل التجاري الدولي والتقليدي، وظهرت تلك الحسابات جليا في تصريح ادلى به جون بولتون مستشار الامن القومي الامريكي لوسائل اعلام محلية في الاول من شهر فبراير الجاري قال فيه: "ان فنزويلا لديها أكبر احتياطيات نفطية في العالم وان اتاحة الفرصة للشركات النفطية الامريكية لاستثمارها سيكون له اثر كبير على الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة ".
بالفعل، إن فنزويلا تمتلك أكبر احتياطيات نفطية في العالم تقدر بأكثر من 300 مليار برميل تزيد قيمتها الاجمالية عن 15 تريليون دولار وهذا رقم يسيل له اللعاب، وهنا بيت القصيد، نعم هذا هو السبب الحقيقي وراء ما يجري الان هناك في كراكاس.
بالطبع هناك اسباب اخرى تسوقها الولايات المتحدة لتبرير تدخلها الاستفزازي والسافر في فنزويلا منها: علاقات فنزويلا الخاصة بالأنظمة الاشتراكية في دول امريكا اللاتينية المناوئة للسياسات الامريكية وتناضل ضد الهيمنة الرأسمالية الامريكية على القارة الجنوبية مثل كوبا وبوليفيا وغيرها، بالاضافة الى مواقف فنزويلا المعارضة بقوة للسياسات الامريكية في العالم وخصوصا في الشرق الاوسط, وبالاخص موقف فنزويلا الملفت حول ثورات الربيع العربي التي بدأت في عام 2011، حيث كانت تعتبرها "مؤامرات" حاكتها امريكا وحلفاؤها من الدول الغربية للاستيلاء على ثروات تلك البلدان.
دخلت الازمة الفنزويلية شهرها الثاني قبل حوالي اسبوع بدون ان يلوح في الافق بوادر حل منطقي لهذه الازمة وسط انحسار اعلامي ملموس عن هذه الازمة الخطيرة, على الرغم من التصعيد السياسي الذي شهدته هذه الازمة نتيجة دخول روسيا على الخط وتوجيهها تهديدات مباشرا وصريحا للولايات المتحدة الامريكية عبر نائب وزير خارجيتها سيرجي ريبكوف في حديث له لوكالة سبوتنيك يوم الخميس 07/02/2019 قال فيه: " التدخل العسكري واستخدام القوة المفترض في فنزويلا سيؤدي إلى إراقة دماء وإلى عواقب وخيمة ستمتد أيضا إلى خارج فنزويلا, نحذر بشكل جدي للغاية من هذا النوع من الأفكار المغامرة في حال كانت موجودة لدى السياسيين المسؤولين في الغرب", كما جاء في بيان صادر عن الخارجية الروسية اثر مكالمة هاتفية اجراها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع نظيره الامريكي مايك بومبيو يوم الاربعاء 13/02/2019 حذره خلالها من مغبة تدخل الولايات المتحدة باي شكل من الاشكال في الشأن الداخلي لفنزويلا بما في ذلك التدخل العسكري.
وعزز هذا الموقف الروسي الصلب المناهض للتدخل الامريكي في فنزويلا (وخصوصا عسكريا كما هدد عدة مسؤولون كبار في البيت الابيض منهم الرئيس دونالد ترامب ومستشاره للأمن القومي جون بولتون) التصريح الملفت للرئيس فلاديمير بوتين في رسالته السنوية إلى الجمعية الفدرالية يوم الأربعاء 20/02/2019 والتي حملت تهديدات مبطنة، وقال فيه " على الولايات المتحدة ان تتخلي عن وهم تحقيق أي تفوق في الجانب العسكري على حساب روسيا" بحسب رأي عدد كبير من المراقبين, فيما قرأ أخرون تصريحا الرئيس الروسي في سياق مناوشات متوقعة بعد اقدام الرئيس ترامب في الثاني من شهر شباط فبراير الجاري على الانسحاب من معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى والتي وقعها قبل اكثر من ثلاثة عقود كلا من الرئيس الامريكي رونالد ريغان ونظيره الروسي حينها ميخائيل غورباتشوف.
وفي السياق نفسه, كان الخبير العسكري الروسي ألكسندر بويكو أقل دبلوماسية من الرئيس بوتين والوزير لافروف بمراحل, فقال "غواصتنا النووية الغير مأهولة تستطيع إغراق القارة الامريكية بكاملها في ثوان معدودة" واضاف الخبير الروسي في مقال له نشرته مجلة في "كومسومولسكايا برافدا في السادس من شهر اذار مارس من العام الماضي: " نحن نرصد جيدا جميع الانظمة الدفاعية الامريكية بما فيها منظومة الدرع الصاروخي والتي تنشرها الولايات المتحدة في اراضيها وخصوصا في كاليفورنيا والاسكا وفي اوروبا (اسبانيا ورومانيا وغيرها) وتنشرها في كل من اليابان وكوريا الجنوبية في شرق آسيا, هذا بالإضافة الى انها تنشرها كذلك على متن سفنها البحرية في المحيط الاطلسي والهندي بهدف مواجهة الصواريخ الروسية التي تحمل اسلحة نووية".
يتابع: "نعم روسيا لديها اسلحة نووية منذ 73 عاما وهذا ليس جديدا، لكن الجديد في الامر ان روسيا اليوم طورت اسلحة حديثة عالية الفاعلية تعتمد على تقنية متطورة جدا، لدينا جيل من الصواريخ ما بعد صوتية (أي اسرع من الصوت) ولا مدى لها أي تسطيع الوصول الى أي بقعة في العالم والصاروخ الواحد منها له القدرة على حمل عدة رؤوس نووية وغير قابلة للاعتراض وعدد كبير منها محمول على غواصات روسية نووية غير مأهولة تجوب اعماق البحار والمحيطات في حركة مستمرة ودائمة "
من جهته إيغور كوروتشينكو، رئيس تحرير مجلة "الدفاع الوطني الروسي والذي يشغل ايضا منصب مدير المركز الروسي لتحليل تجارة الأسلحة العالمية كتب مقال مثيرا حول نفس الموضوع قائلا: "التقنية العسكرية الروسية الجديدة تحول المنظومات الدفاعية الامريكية الى مجرد كومة من الحديد الصدئ بلا قيمة, لا تقوى على التعامل مع سلاحنا الجديد", وختم المسؤول الروسي مقاله الخطير بقوله: "لو فكرت الولايات المتحدة وحلفاءها في الاعتداء الجدي على روسيا ولو للحظات قليلة، فان انظمة الدفاع الصاروخي المنتشرة في الفضاء ستكون قادرة فقط على النقل المباشر بالألوان لتلك اللحظات التي ستكون الاخيرة للوجود الامريكي" .
هذا المقال الغير مسبوق الذي يصدر عن مسؤول روسي رفيع يذكر بتصريح ناري ادلى بها الرئيس فلاديمير بوتين في مقابلة مع المخرج اوليفر ستون بثتها قناة شوتايم الفضائية في منتصف حزيران يونيو 2017 أجاب ردا على سؤال "هل تعتقد ان الولايات المتحدة ستنتصر على روسيا في حال حصول حرب ساخنة بينهما" قائلا: "أعتقد أنه لن يبقى أحد هناك على قيد الحياة".
وفي تصريح اشد أكثر خطورة للرئيس الروسي أدلى به لمحطة إن بي اس الامريكية في الثاني من شهر اذار مارس العام الماضي ردا على سؤال للمحطة "متى تستخدم روسيا السلاح النووي" فأجاب بويتن فورا بلا تردد: "في حالتين: أولا: عند حدوث هجوم نووي على روسيا , ثانيا: عند حدوث هجوم تقليدي ولكن يهدد وجود الدولة الروسية, وتابع بويتن متمتما: "لينتهي العالم, وما فائدة بقاء العالم بدون روسيا".


د. سمير مسلم الددا
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف