الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في قصيدة "كن لها" للشاعر سليمان دغش بقلم:رائد الحواري

تاريخ النشر : 2019-02-20
كن لها
سليمان دغش
في هذه القصيدة يقدم لنا الشاعر "سليمان دغش" صورة الليل الهادئ والحبيبة ومشاعره تجاههما، فيصور لنا هذا الموقف متناولا المكان والأجواء التي تلازمه، مستخدما لغة مطلقة البياض، فنفرح بها كما نفرح بالصور الشعرية التي يقدمها، يفتتح القصيدة:
"عندما يَسقُطُ الليلُ أسوَدَ ما بَينَ جَفنَيْكِ
مُستَسلِماً للنُّعاسِ الشَّهِيِّ على هُدُبٍ كَحَّلَ الليْلَ ذاتَ مَساءٍ طَويلٍ
كَنايٍ تمادى على شَفَةِ المُستَحيلِ "
يصف أجواء الليل مع الحبيبة: "يستيقظ، جفنيك، أسود، مستسلما، للنعاس، هدب، كحل، الشهي، طويل، كناي، تمادى، شفة" أفكار هادئة وناعمة وممتعة، لكن الشاعر يضع ستار شفاف أمام الصورة، بحيث لا يظهر لنا المشهد كصورة فتوغرافية، وهنا تكمن جمالية المشهد، فمن خلال "يستيقظ الليل، مستسلما للنعاس الشهي، كناي تمادى" يخرجنا من حالة الصورة العادية/الفتوغرافية إلى الصور متخلية إلى عالم آخر، يمكن لخيال أن يذهب معها وبها إلى ما هو اعمق وأبعد من (صورة في الاطار).
وإذا ما توقفنا عند الصورة نجدها متواصلة ومتلاحقة (صورة ممتدة)، بحيث لا يمكننا تجزئتها، وهذا التواصل والتكامل فيها يشير إلى تماهي الشاعر معها، وهذا ما جعله يقدمها بشكل متصل ومتواصل دون فواصل أو قواطع.
"تَئِنُّ الكَواكِبُ عارِيَةً في سناها البَهِيِّ وتهمي
إلى ليلِ عينيكِ كيْ تَستَحِمَّ على عُريِها الأبَديِّ وَتَهجَعُ
مِثلَ النوارِسِ في ظِلِّ جَفنيْكِ، كأنَّ السَّماءَ اصطَفَتكِ سماءً على الأرضِ
أجمَلَ منها فَهل أحَدٌ ذات يومٍ رأى الليلَ شالَ حريرٍ على كَتِفَيها!؟"
حالة التماهي مع الموقف "الليل والحبيبة" تجعل المقطع يأخذ هذا الامتداد، ينقلنا الشاعر إلى علاقة الجمال بجسد، فهي علاقة بعيدة عن الفحش والسفور، ويكتفي باستخدام: "تئن الكواكب عارية، كي تستحم على عريها، رأى الليل شال الحرير على كتفيها" اعتقد أن مثل هذه المشاهد توحي بعلاقة جسدية جمالية، بحيث لا يمكننا أن نقول عنها: أنها متعلقة بالجسد، بل أن الحالة الجمالية هي التي تغلب على الجسد وتغلفه، كما أن الجسد هنا لا يأخذ الصفة الجنسية، بقدر الصفة الجمالية، فالجمال الكامن فيه كاف لجعل الشاعر يتغنى به ويجعله يهيم فيه.
ورغم أن الحديث يدر عن جسد الحبيب، إلا أن الشاعر قدمه لنا على أنه جسد مترع بالجمال، لهذا يحاول أن يتوحد/ينصهر به، وهنا يأخذنا إلى علاقة روحية/صوفية أكثر منها علاقة جسدية/جنسية.
إذن يتجاوز الشاعر مادية الجسد لينقلنا إلى حالة روحية صافية تصل إلى حالة النبوية والقدسية:
"وكَيفَ أصَدِّقُ أنَّ المساءَ البَهيَّ تَجلّى إلهاً وأسرى إليها؟"
فهنا لم يعد مكان للمادة، فقد انتقلت/تحولت إلى علاقة روحية ليس للجسد/للجنس مكان له.
يقدمنا الشاعر من حالة القدسية فيبدأ في التجلي وتعظيم ذاك الجمال:
"أيا امرأةً تَوَّجَتها السَّماءُ وصيفَتَها واستقالتْ لتَغفو على كَتِفَيها "
لقد مُونحت الحبيبة صفة القدسية، لهذا نجده يمجدها ويعظمها بهذا الصور.
"إذا هَفهَفَ الليلُ شالَ سوادٍ على شَعرِها وَتَسابَقَتِ النَّجَماتُ
سُقوطاً أنيقاً على قَدَمَيْها"
صورة خارقة تتجاوز العقل إلى عالم الأسطورة، وكأننا أمام الربة "عشتار" التي تتحكم بالكون ويخضع لها البشر، لكن الخضوع هنا ليس من منطلق القوة والسيطرة الفوقية، بل هو ناتج عن الجمال والأثر الذي يتركه على المشاهد، بمعنى أن مكانة/سيطرة الحبيبة لم تأتي من خلال الترهيب، بل من خلال انبعاث الجمال وأثره.
يقدمنا الشاعر من الصور الممتدة والمتواصلة:
"وللشَّمسِ حيرَتُها بينَ بُرعُمِ لوزٍ تَفَتَّحَ كُلَّ صباحٍ
على طَفحِ سُرَّتِها المُشتَهاةِ كَشَهدٍ مُصَفّى
وبَينَ زنابِقَ عشرٍ تُضيءُ على شَمعَدانِ أصابِعِها"
رغم أن الظرف ليل، إلا أن جمال الحبيبة استطاع أن يقلبه إلى شمس وضياء، ويتبعه "برعم الوز، وهنا تكمن عبقرية الشاعر، فهو يتناول جمال الجسد، متجاوزا ماديته الجنسية، ثم ينقلنا إلى حالة التماهي معه، ليصل إلى حالة التقديس، وبعدها يتم قلب الظرف/الحال من لليل إلى صياح وضياء، ومثل هذا التحول لا يمكن أن يتم دون جمال جسد الحبيبة.
وعظمة في هذا الجسد أنه مثير ويثير التساؤل، بمعنى أنه يجعل الشاعر يفكر:
"أيُّ سِرٍّ بِها؟ كَيْفَ تَختَزِلُ الكَونَ في نَظرَةٍ
وَتُخَبّئُ في شَعرِها الغَجَرِيِّ عوالمَ ليلٍ تهادى طويلاً
لِيَغفو ملاكاً على كَتِفَيها"
تكمن أهمية هذه الصورة في السؤال الذي جاء على لسان الشاعر، وفي الصورة التي جعلت الكون يختبئ في شعرها، كل هذا يأتي ليكتمل المشهد ب"ملاك" ويغفوا على كتفيها، فهل نحن امام امرأة عادية؟، أم أن هناك امرأة مقدسة؟.
خاتمة القصيدة جاءت ممتدة ومتواصلة، وتجمل كل الصفات والأثر الذي جاء عن الحبيبة:
"لستُ أدري وبي حيرَةُ المُتَصَوِّفِ حينَ يرى اللهَ في مرايا التَّجَلّي
فيسأَلُ : هلْ في المرايا سوايَ أنا!؟
قُلتُ لي في المَرايا:
هيَ الآنَ فيكَ بكُلِّ أنوثَةِ حَوّاءَ خُذها كما شِئتَ فيكَ وكُنْ أنتَ فيها
على سدرَةِ المنتهى
كُنْ لهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا"
"الحيرة/عدم المعرفة" تشير إلى حالة التحرك والبحث، وهذه الحالة تصيب فقط الاشخاص المفكرين، المتأملين، الباحثين عن الكمال، فنجد "لست أدري" وعدم الدراية تأخذ الشاعر على مرحلة البحث والهيام في الحبيبة من جديد، ليجدها متوحدة به ومعه، وتكتمل الصورة في "سدرة المنهى" فقد وصلا معا إلى الذروة، إلى الغاية، التوحد والتماهي في الجنة.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف