الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

معشوق السنجق (14)بقلم:محمد يوسف محمد المحمودي

تاريخ النشر : 2019-02-17
معشوق السنجق (14)بقلم:محمد يوسف محمد المحمودي
معشوق السنجق (14)

محمد يوسف محمد المحمودي

مترجم وصحفي حر

[email protected]

 بدافعٍ من غضبها، بادرت علا دون ترددٍ إلى نشر حالة سريعةٍ عبر صفحتها الفيسبوكية التي تعلم متابعة يوسف لها وكتبت دون ترددٍ: "ارحل." تفاجأت بعض صديقاتها بالمنشور، وتعددت طرائق فهمهن له حسب قراءة كل واحدةٍ منهن؛ فتعددت التعليقات. كتبت إحداهن:"ارحل يعني امشي يا للي ما تفهمش"، وكتبت أخرى: "أخيرًا نطق الصنم! أعلمت الآن أنه رئيسٌ لا يستحق البقاء؟"، لكن أميمة زميلة علا ويوسف في العمل رأت في كلمتها هذه تمردًا على يوسف؛ من منطلق قراءتها لمنشورات علا السابقة التي كانت تلمح فيها له، وتخبره فيها بقدر حبها له؛ ما دفعها إلى سؤالها: "هل حدث بينكما شيء؟" عندها أرادت علا الرد بكلماتٍ ناريةٍ تكيل فيها السباب والشتائم لصاحبها، لكنها آثرت السلامة بعد تروٍ وتفكر، فانتهت إلى كتابة ردٍ تراجيدي تعرض فيها حقها في الغضب وتبين أسباب تحاملها عليه: "لقد تآمر علي مع المتآمرين وأراد أن يطعنني اليوم.. شلت يمينه هو ومن معه." فتبسمت أميمة من قولها، ورأت أن الحكمة تقتضي تأجيل الحديث معها حتى تلتقيها وتستعلم منها بشكلٍ أكثر عن سبب غضبها والمشكلة التي تواجهها في علاقتها العاطفية التي كانت تشيد بها من قبل.

كان محمد يشعر برغبةٍ عارمة في التقرب من علا، لكن سنجق كانت تلاحقه وتباغته بين الحين والحين بتدخلٍ مباغت لتجر طائره وتعيده إلى مكتبه. احتال محمد على سنجق ودبر لاحتلال أرضٍ يراها خصبة لاستصلاحها والإقامة فيها حينًا لينعم بقطوفٍ دانيةٍ من الحنان والعطف والاحتواء، وهو ما تصوره موفورًا بين يدي علا التي يرى في عينيها ما لا يراه غيره. كيف يفكر هكذا؟ وما الذي غيره؟ يبدو أن حديث أحمد أمامه عن مفاتن تلك المرأة وسيرته الأولى معها وأحوال عشقها المجنونة قد أفسد فكره وجعله متطلعًا إلى معاينة ذلك بنفسه. لكن، بينما كان محمد جالسًا يخطط بعض أموره ويرتب أولوياته، دخلت عليه سنجق بكوبٍ من الشاي كانت قد أعدته له، فتوقف عما كان يفعل ونظر إليها بعينيه العسليتين وسألها بنبرةٍ هادئة:

أهذا لي؟

أجابته بعينيها: نعم..

تبسم ونظر إلى عينيها بشغفه المعهود وهو يسألها:

إذن.. كيف حالك اليوم؟

لم يكن يشغله السؤال عن حالها قدر صرفها إلى حيث يريد من فتح باب الحوار أمامها حتى تصارحه وتطمئن له وتسرد أسرارها الخفية حتى ينعم عقله براحةٍ مأمولة من الهواجس والظنون.

أجابت سنجق ببسمةٍ خفيفةٍ وقالت: حالي كحالك، لكني لست نائمة مثلك.

عندها تعجب محمد من قولها، وقرر أن يحملها على ما تكره.. ماذا تكره؟ تكره سرد القصص والحكايات البعيدة عن عالمها، وإن كانت تقبلها من محمد لأنها تحب نبرة صوته وحديثه بأي حال..

كنت نائمًا بين يديه (شيخي)، فضحك زملائي وأيقظتني أصوات ضحكاتهم، فانتبه إلى حالي واستدعاني إليه بصوته القرآني الدافئ قائلًا: يا محمد اذهب الآن ونم وعد إلي مستيقظًا يوم غد. ففركت عيني، واعتدلت ثم ابتسمت، وقلت: حكايتك المسلية عن أبيك أنامتني، لكن ائذن لي بمعرفة ما حدث يوم وفاته.
قال: في جوف ليل شتاء مطير، كان أبي المريض يريد أفيونًا، فقصدت تاجره البعيد.

تنهد الشيخ تنهيدة أسفٍ على ما أورثته له السنين من ذكريات، ثم أردف قاىلًا:

" مشيت حافيًا في الوحل وفي أذني تتعالى هتافات مستقبلي النحاس باشا في القرية التي قصدتها لجلب أفيون أبي، فقد كنت أخشى أن يموت محرومًا منه.. "


عندها، قاطعناه جميعًا بصوتٍ واحد: "ما الأفيون؟"

فأجاب الشيخ وهو يبتسم: "الأفيون شيءٌ يذهب الألم ويجدد النشاط."

عدها أعاد الشيخ سرد تفاصيل معاناته في السير خمسة كيلومترات حافيًا في الوحل ليحضر لأبيه حاجته ويخبرنا كيف كان بره!

ومما بقي من كلمات الشيخ:

"أخذت شيئًا من الأفيون الذي اشتريته لأبي وأنا في طريق عودتي وكان مرًا علقمًا، واقتطعت من القطعة التي اشتريتها جزءًا في جيبي، ولما رأيت أبي فرحًا بعدما تناوله قلت له، معي معي أكثر. هل تريد المزيد، فأجابني لا لا.. اقتنعت نفسي ورضيت وبعدها مات."

تعجبنا جميعًا من حال ميتٍ يطلب الأفيون: مات!

"لم أحزن عليه لأني كنت بارًا به.

المهم... تراودني هذه القصة بين حينٍ وآخر، وتحديدًا عندما يحدثني أحد عن تعاطي السادات له أو عن بر الوالدين.


عندها تعجبت سنجق من قصة محمد وسألته بلهفة: هل تعاطيت الأفيون؟

"لا..والله لا أعرف لونه ولا شكله أصلًا..

ضحكت وهي تقول: إذن هو عشقك لسرد قصصك القديمة!

فبادلها الضحكة وقال: والجديدة أيضًا.

هل من جديد

نعم.. نعم

ضحكت وبادلته نعم بإطالةٍ ومرح.

 آ 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف