دور حزب الله وإيران في الأزمة الفنزويلية
د.إبراهيم فؤاد عباس
لم يعد خافيًا أن حزب الله، الذي يتلقى التمويل والتدريب والتجهيز من إيران- له وجود مؤثر في العديد من دول أمريكا اللاتينية، خاصة فنزويلا التي يتخذ من جزيرة مارجريتا البعيدة عن الأنظار، والتي تقع قبالة سواحلها ملاذًا له، وقاعدة للانطلاق منها في ممارسة عملياته الإجرامية عبر دول المنطقة، وخاصة المثلث الحدودي، الذي يربط الأرجنتين والبرازيل والأوروغواي، والذي تقطنه جالية عربية يتجاوز عدد سكانها 300,000 نسمة ، غالبيتهم من اللبنانيين (90%)، موزَّعون في مدينتي “فوز دو إيغواسو” و”سيوداد ديل إيستي”.
أنشطة مشبوهة
ولم يعد خافيا ايضا أن وصول وتغلغل عناصر من حزب الله الى تلك المنطقة في السنوات الأخيرة الماضية انما يهدف الى ممارسة نشاطاته “الإجرامية” بعيدًا عن الأنظار، وأهمها الأنشطة المالية غير القانونية، والاتجار بالمخدرات، وغسيل الأموال، والتدريبات العسكرية التي توفرها له إيران.
ويرجع وجود حزب الله اللبناني الشيعي في فنزويلا إلى العقد الأخير من القرن الماضي، من خلال أحد عناصره، المدعو شكري حرب، الذي شكل حلقة الوصل في تهريب الكوكاكيين، عندما ذهب إلى كاراكاس واتخذ من بنما وفنزويلا محطات مهمة في عمليات تهريب الكوكايين، من كولومبيا، إلى الولايات المتحدة وغرب إفريقيا، والشرق الأوسط وأوروبا، ثم غسل عائدات عمليات التهريب تلك إلى بيزو كولومبي، أو بوليفار فنزويلي، وحيث كانت أرباح حزب الله من تلك العمليات القذرة تصل إلى 8-14 %.
وقد أدى اعتماد حزب الله على المتعاطفين معه في فنزويلا، إلى غض الجهات الأمنية الطرف عن أنشطته اللاقانونية، خاصة في ظل تقديم عناصر الحزب الرشاوى إلى موظفي الجوازات وأمن الحدود، وأيضًا في ظل حالة الفوضى التي تشهدها البلاد .
خدمات أمنية لكاراكاس
ويذكر أن رئيس فنزويلا السابق هوجو شافيز نجح في إقامة علاقات وثيقة مع إيران وفق شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية، التي أكدت أيضًا أن حزب الله يلعب دور الوسيط بين إيران وفنزويلا. كما أن إيران وحزب الله يقدمان نصائحهما الأمنية لنظام ما دورو الآيل للسقوط، وحيث لم يعد خافيًا أن إيران وحزب الله سيكونان أكبر الخاسرين إذا ما تغير هذا النظام.
وجاءت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ، وفق ما نشرته مجلة "فورين بوليسي مؤخرًا- بأن حزب الله يحتفظ بخلايا له في فنزويلا، وأن إيران تقوم بدور في التأثير على الشعب الفنزويلي لتؤكد على الدور المشبوه الذي تلعبه طهران وحزب الله في الفوضى السياسية والانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد. وما يزيد الطين بلة المساعي التي تبذلها الجهتان من أجل إطالة أمد الأزمة والعمل على تحويلها إلى حرب أهلية، لأن تحويل نظام الحكم وإمساك زعيم المعارضة خوان جوايدو رئيس الجمهورية بالوكالة ورئيس البرلمان بمقاليد السلطة يعني بداية النهاية لحزب الله في فنزويلا.
جدوى الضغوط الامريكية
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تمارس الضغوط على الرئيس الحالي نيكولاس مادورو بما في ذلك فرض المزيد من العقوبات، إلا أن استمرار تلقي مادور الدعم من روسيا والصين وإيران ، ومؤخرًا تركيا، يطيل من أمد الأزمة ويطيل من معاناة الشعب الفنزويلي الذي يهاجر المئات من مواطنيه يوميًا إلى دول الجوار بسبب الفقر والاستبداد والفساد. وكان وزير المالية الأمريكي ستيفن منوشين قد أكد في في بيان له صدر مؤخرًا على استمرار الولايات المتحدة في استخدام الأساليب الدبلوماسية والاقتصادية لدعم الرئيس الانتقالي غوايدو، مشيرا إلى أنه "مع أن العقوبات الأمريكية ليست شاملة، إلا أنها ستترك أثرا مدمرا على الاقتصاد الفنزويلي" المتدهور أصلاً.
الأزمة الفنزويلية، على هذا النحو، مرشحة لأن تصبح أزمة عالمية، وها نحن نرى الآن انقسامًا في الداخل بين جناحين من الشعب أحدهما مؤيد لمادورو والآخر معارض له، وذلك إلى جانب انقسام على المستوى العالمي حيث يؤيد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الزعيم الفنزويلي المعارض جوايدو، فيما تؤيد روسيا والصين وإيران وتركيا مادورو. ويتوقع المراقبون أن تأجيج الأزمة ممكن أن يؤدي إلى حرب أهلية، مع احتمال ضئيل للتدخل العسكري الأمريكي. لكن في كل الأحوال تتزايد التوقعات بارتفاع أسعار النفط في ظل العقوبات الأمريكية الجديدة التي تشمل القطاع النفطي حيث يبلغ انتناج فنوزيلا من النفط حوالى اثنين ونصف مليون برميل يوميًا.