الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الاستهلال بقلم: الحبيب خميس بوخريص

تاريخ النشر : 2019-02-16
الاستهلال بقلم: الحبيب خميس بوخريص
الاســــتهلال

إنّ الله سبحانه وتعالى أكرم الإنسان وفضّله على كثير من خلقه تفضيلا، وأسبغ عليه النعم التي لن يحصيها إذا عدّها، نحمده جلّ في علاه على نعمه وكرمه.  فسبحان من خلق الإنسان وعلّمه البيان، وجعل له اللسان ليعبّر بما يفيض الله عليه من علم ومعرفة. قال تعالى: ﴿َمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا﴾ الأسراء 85.

وقال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ يونس31. 

من أسماء الله الحسنى( المدبّر)، والتدبير من الله تعالى هو التوفيق بين أوائل الأمور ومبادِئها وأدبارها وعواقِبِها، فهو سبحانه وتعالى يجعل المقدمات تُؤدِّي ما يجب من الغايات.

إنّ الذي يُعطي الإنسان الشيء المناسب في الوقت المناسب وبِالكم المناسب، هو الله جلّ جلاله، يُؤتِي الملك من يشاء من عباده وينزعه ممن يشاء، ويرزق من يشاء بغير حساب، ويُؤتي الحكمة من يشاء، فالله سبحانه وتعالى بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وهو الكريم المنّان ذو الفضل العظيم. 

إنّ الله سبحانه وتعالى يُدبِّر أمر عِباده فيهديهم إليه، ويرشدهم ويُبيّن لهم سُبُل القرب منه ونيل رضاه إذا سعوا وجاهدوا أنفسهم، قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ﴾  العنكبوت69، وأعظم الجهاد جهاد النفس، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الدنيا، ومن يفعل ذلك يَهْدِهِ الله سُبَل القرب منه سبحانه وتعالى، فمن افتقر إلى الله كان الله معه، ومن اعتزّ بنفسه تخلّ الله عنه. قال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ الصف5، أي فلمّا عدلوا وجاروا عن قصد السبيل أزاغ الله قلوبهم، أي أمال الله قلوبهم عنه. 

ومن الناس من يفيض عليهم المولى سبحانه وتعالى من جُوده وكرمه فيجتبيهم إليه ويقرّبهم منه، قال تعالى: ﴿يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾ الشورى13. ومن الناس من يبذل المجهود ويجاهد نفسه فيهديه الله السبيل إليه ويُكرمه. 

ومن نعم الله وكرمه عليَّ- بعد نعمة الإسلام- أن جعلني سببًا في نفع الناس، ودفع أذى الشياطين عنهم بإذنه سبحانه وتعالى، وقد يعتقد بعض الناس أنّ بعض الأمور تأتي صُدفة، ولكن الأمر ليس كذلك، فالله سبحانه وتعالى إذا أراد استخدام عبدٍ هيّأ له الأسباب، ومدّه بها وأعانه وسدّده، فالله هو المدبّر ومسّبب الأسباب، فإنني لم أتوقع يوما ما أن أكون معالجا وراقيًا شرعيّا للأمراض الروحانية، والتي تظهر أعراضها المادية العضوية والنفسية على الإنسان، ولكن أسبابها روحانية "أرواح خبيثة"، لا يتم دحرها وإبعادها إلا بالقرآن الكريم والأدعية النبوية، بتوفيق وتسديد من الله سبحانه وتعالى، وبما يمدّه لعبده من ألطاف وأرواح علوية شريفة طاهرة يتم استنزالها بالذكر وقراءة القرآن، يدفع بها الله تعالى الأرواح الخبيثة فيزول أثرها على الإنسان فيتماثل للشفاء. 

قال ابن القيم رحمه الله -كتاب الطب النبوي ص31- : (... فإن الأرواح الشيطانية تتمكن من فعلها بصاحب هذه العوارض مالا تتمكن من غيره، مالم يدفعها دافع أقوى من هذه الأسباب من الذكر والدعاء والابتهال والتضرع والصدقة وقراءة القرآن، فإنه يُستنزل لذلك من الأرواح الملكية ما يقهر هذه الأرواح الخبيثة، ويُبطل شرّها ويدفع تأثيرها، وقد جرَّبنا - نحن وغيرنا - هذا مرارًا لا يُحصيها إلا الله، ورأينا لاستنزال هذه الأرواح الطيّبة واستجلاب قُربها تأثيرًا عظيمًا في تقوية الطبيعة ودفع المواد الرديئة) اهـ.

كانت البداية مع أختي التي كانت تعاني منذ سنوات عديدة من مشاكل صحية، ولم يرزقها الله الذرّية، وهي متزوجة منذ أربعين سنة. كانت دائما تشتكي من الصداع وآلام المفاصل وخاصة الظهر، إضافة إلى القلق واضطراب النوم، وقد سعت في حياتها للعلاج، وكانت تأمل أن يرزقها الله الولد، ولم تفقد الأمل، والأطبّاء أفادوا بسلامتها طبيًا، فاتجَهت للعلاج الروحاني ولكن لم يأذن الله في الشفاء، ووصلت إلى السن التي لا تقدر المرأة فيها على الإنجاب. طلبت مني يوما أن أرقيها لاشتداد ألم الصداع وشعورها بالخمول والقلق، وعدم القدرة على الذهاب إلى خلوة المسجد الذي كانت تحفظ فيه القرآن الكريم، حيث يسّر الله لها حفــظ  أجـزاء من القــرآن الكـريم، ولقد اتضّـح بعد قـــراءتي عليها وفي الجلسـة الأولى وأنـا أقـرأ فـــــاتحة الكتاب، صرخ وقال: دعني وشأني .. فكانت المفاجأة لي ...! لم يكن لي أي معرفة في التعامل مع الجان، فارتبت ومن ثم تمالكت نفسي ، وبدأت الحوار معه، فنهرته طالبا منه الخروج من الجسد طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.                                                                                                                                        قال: لا ..لا... لن أخرج.

فلت: من أنت.

 أجابني : أنا ابراهيم ... لن أخرج فأنا معها من أربعين سنة.

قلت: ما ديانتك.  

 قال: أنا مسلم ...

قلت: ما سبب دخولك للجسد.

قال: السحر ومن تاريخ زواجها .. وذكر لي اسم الساحر والمرأة التي سعت لسحرها "وهي متوفية". 

بكى كثيرا وصرخ، ولم يرض الخروج بحجة أنها العشرة الطويلة ولا يستطيع المفارقة، وكان من ضمن كلامه أنه كان سببًا في عدم حفظها لسورة - يس - . (وقد سألت أختي بعد الجلسة عن ذلك فقالت إنها حاولت حفظها ولم تستطع)، وكان ذلك سببًا في خروجه حيث قرأتها عليه، فتأثّر كثيرا وأبدى رغبته في الخروج من الجسد، وكان ذلك بفضل الله سبحانه تعالى، استغرقت الجلسة حوالي الساعتين، نهضت أختي متعبة بعد إغماءة خفيفة، واستغربت بعد أن نظرت إلى الساعة الحائطية فوجدت الوقت متأخرا، فقالت: هل استغرقت كل هذا الوقت في قراءة القرآن؟ أخبرناها بأنها بخير إن شاء الله وستكون أمورها على ما يرام، عاودنا معها جلستي رقية شرعية، لم يحضر خلالها العارض وزالت آثار المرض وتماثلت بفضل الله تعالى للشفاء.

 كانت هذه الحالة الأولى التي باشرت فيها الرقية الشرعية ووفقني الله تعالى، وخرجت منها بدرس في العلاج الروحاني ومن جان وهو (سورة يس) حيث كان لها تأثير بالغ عليه وهو الذي دلّني عليها ...

 سمع الأهل بما حصل وانتشر الخبر بين أفراد الأسرة فكانوا بين مُصدِّقٍ ومُستغرب ..! وبَدَأَتْ الحالات تتوالى والتوفيق من الله سبحانه وتعالى، فكّرت في رفض من يأتيني للإسترقاء، وسألت عن ذلك فنصحوني بعدم رد من يطلب الرقية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل" ، فأحسست بثقل المهمة وأنه لابد لي من الاطلاع على ما ورد عن الرقية الشرعية، فبدأت في البحث عن الأحاديث الصحيحة للنبيّ صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء حتى تكون لي حصيلة معرفية معقولة عن الرقية، ويكون لي سندٌ شرعيٍّ صحيحٌ لما أفعله، إضافة لذلك فإنّ جلسات الرقية مناخ جيد ومناسب للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وتوجيه الناس إلى الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتذكيرهم بأسباب القرب من الله لنيل محبته وولايته للفوز بالدارين الأولى والآخرة، ويلزم الإنسان لأداء هذه المهمة أن يكون مُلِمًّا بدرجة معقولة بأمور دينه، وقبل ذلك كله أن يكون حاله دالًّا على مقاله، ليصل كلامه إلى القلوب ويُؤثِّر فيها.

ومنهجنا في الرقية هو قراءة آيات من القرآن الكريم والأذكار النبوية، ومن خلال الجلسة الأولى بفضل الله تعالى يتّضح الأمر، فمن كان مرضه بسبب روحاني سوف يُفصِح العارض المسبب للمرض عن نفسه، فيؤمر بالخروج من جسد المريض، أو تظهر الأعراض الدالة عن المرض الروحاني (رعشة في الأطراف، تشنجات، آلام في المفاصل، تثاؤب، حرارة، عرق، برودة، آلام في المعدة، صداع ...الخ) ، يُنصح المريض باتِّباع البرنامج العلاجي حيث يستخدم زيت الزيتون دهنًا، وشُربًا على الريق في الصباح، والشرب من الماء المرقي، والمداومة على الأذكار والاستماع إلى سور القرآن الكريم، مع المحافظة على الصلوات في أوقاتها والمداومة على الأذكار والتسابيح النبويّة، والإكثار من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويتم المتابعة بجلسات الرقية حتى زوال أعراض المرض. 

 لا أتكلم كثيرا في تشخيص المرض، لأنّ الأمراض الروحانية (عين، حسد، سحر، مس) سببها أرواح خبيثة تدفعها أرواح علوية طاهرة يتم استنزالها بإذن الله تعالى بقراءة القرآن والأذكار النبوية - كما قال ابن القيم رحمه الله -، ودليل نجاح العلاج والامتثال للشفاء هو زوال أعراض المرض، وقد تم علاج العديد من الحالات بفضل الله تعالى وتماثلت للشفاء، سنذكر بعضها لاحقا. 

لقد نصحني أحد الأخوة بأن أُدوِّن كل ما جمعته عن الرقية في كتاب لما في ذلك من فائدة عامة، مع ذكر بعض الحالات التي تم علاجها حتى يكون الكلام بالحقائق والبراهين، فجمعت ما هو مدوِّن لديّ وأضفت إليه بتسديد من الله تعالى وتوفيق، واعتمدت في ذلك على القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة للنبي صلى الله عليه وسلم وما ورد عن العلماء، واعتبر ما قمت به بحثًا متواضعًا أفادني، ونرجو من الله تعالى أن يكون فيه الفائدة والنفع لغيري. 

لم أتكلم في هذا الكتاب عن أعراض الأمراض الروحانية لتشابهها، ولأنّ معظم الأمراض يمكن أن يكون سببها روحانيًّا، فإن لم تظهر علامات المرض الروحاني أثناء جلسات الرقية يُنصح المريض بالاتجاه إلى الطبيب المختص.  

وأود القول بأنني لست مختصًّا في العلوم الشرعية ولا أملك إجازة في ذلك، حيث أنني مهندس طيران  متقاعد، ومتحصل على بكالوريوس إدارة أعمال، ولكنني مؤمن بالله تعالى وبما جاء به رسوله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، ولقد تعلمنا من الدراسة الجامعية ومن ممارستنا للعمل المهني طرق البحث والتدوين، ولقد أعددت في هذا البحث ما اعتبره منهاجًا لي، وهو ليس لي، إنما هو القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة للنبي صلى الله عليه وسلم، وأقوال العلماء الذين لهم مؤهلات الشرح والتأويل، وكتبت ما استطعت، فإن أحسنت فهو توفيق من ربي، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان.

وأما كوني معالجًا وراقيًا شرعيًّا فهو مهمة صعبة أقامني الله تعالى فيها، ووفّقني وسدّدني وليس لي من الأمر شيء، وإنما الأمر أمره والتوفيق والسداد منه لا من غيره، سبحانه وتعالى جلّ في عُلاه، والصلاة والسلام على خير خلقه ومصطفاه النبيّ الأُمِيّ سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن ولاه، والحمد لله رب العالمين.

الحبيب خميس بوخريص. [email protected]  

مقدمة كتابه " طِبُّ القُلُوبِ وَالأَبْدَانِ - الرُّقْيَةُ الشَّرعيّة .. تَرَقٍّ وَارْتِقَاء". 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف