الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قصتي مع الأديبة الفلسطينية "هدى حنا" بقلم: فادي سلايمة

تاريخ النشر : 2019-02-04
قصتي مع الأديبة الفلسطينية "هدى حنا" بقلم: فادي سلايمة
قصتي مع الأديبة الفلسطينية «هدى حنا»

 ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ الروائية الكبيرة ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ هدى ﺣﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﻟﻴﺪ قرية ﺍﻟﺮﺍﻣﺔ ﻗﻀﺎﺀ ﻋﻜﺎ ﻋﺎﻡ 1922، عضو ﻓﻲ ﺍﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺼﺤﻔﻴﻴﻦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ، ﻭﺍﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﻦ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﺛﻢ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺎﺕ ﻟﻨﺪﻥ، ﻭﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻋﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.

 ﻛﺘﺒﻬﺎ:
1 - ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﻼﺟﺊ ـ ﺭﻭﺍﻳﺔ 1951: ﻛﺘﺒﺖ ﺇﺑّﺎﻥ ﺃﺣﺪﺍﺙ نكبة فلسطين عام 1948، ﻣﻦ ﺭﻭﺍﺋﻊ ﻣﺎ ﻛُﺘﺐ «ﺑﺎﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻳﺸﺔ» ﻓﻲ ﺗﻮﺛﻴﻖ ﻣﺠﺮﻳﺎﺕ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ.
2 - ﻋﺎﺋﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ـ ﺭﻭﺍﻳﺔ 2002.
3 - ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻣﻮﺕ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ـ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﺼﺼﻴﺔ 2005.

 سمحت لي الظروف ان ألتقي بالكاتبة الروائية الكبيرة هدى حنا أول مرة في أمسية أدبية أقامها اتحاد الكتاب والصحفيبن الفلسطينيين في دمشق عام 2005. وكانت الأديبة هدى حنا أكبر الحاضرين سناً فهي من مواليد فلسطين عام 1922، بينما كنت أنا أصغر الحاضرين سناً، بل كنت آنذاك أصغر كاتب فلسطيني عضو في اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.

 أذكر من بين المظاهر السلبية التي كانت سائدة في الاتحاد أن بعض الكتاب الكبار كانوا يسعون دائماً لتحطيم معنويات الكتاب الصغار حديثي العهد، فيقومون مثلاً بإحراجهم بالأسئلة أمام الجمهور أو يشجعونهم للوقوف على المنصة ومن بعدها ينهالون عليهم بسيلٍ من الانتقادات اللاذعة المثبطة.

 أولئك الفخورين بأنانيتهم اللابسين ثوب المثالية ومن جماعة «الكل يخطيء إلا أنا !!». ﻳﻄﺎﻟﻌﻚ احدهم، ﻣﺪﻋﻴﺎَ ﺍﻟﺘﻔﻮﻕ ﻋﻠﻴﻚ، ﺑﺎﻟﺬﻛﺎﺀ ﻭﺍﻟﺤﻨﻜﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، ﻣﻔﺠﺮاً ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪه فيك ﻓﻀﻴﺤﺔ أدبية، ﺃﻭ خطأ جسيماً، متبجحاً ﺑﻜﻠﻤﺎﺕ ﻟﻴﺴﺖ بعربية ﻭﻻ ﺃﻋﺠﻤﻴﺔ ﻭﻻ ﺣﺘﻰ كنعانية ﺃﻭ ﺳريانية، وتراه هو نفسه ﻟﻐﺘﻪ ﺭﻛﻴﻜﺔ ﻭﻗﻠﻤﻪ ﻣﻜﺴﻮﺭ ﻭﻟﺴﺎﻧﻪ ﻣﻘﺼﻮﺹ.

 تحدث أحد الأساتذة عن «النقد الأدبي»، ونتيجة الملل الذي أصاب الحضور أراد أن ينتقد الجمهور، فإذ به يقول: «إني أرى وجوهاً جديدة لا نسمع لها صوتاً .. وحان سؤالها!»، وأحسب أنه كان يتيّمن بقول الحجاج بن يوسف الثقفي الشهير: «إني أرى رؤوساً قد أينعت .. وحان قطافها!». لقد بدأ فعلاً بسؤال الوجوه الجديدة من الكتاب الصغار حديثي العهد من اليمين إلى اليسار .. رأساً رأساً .. معذرة .. بل شخصاً شخصاً .. وبسبب انسحاب البعض من أقراني، لم يستغرق الأمر سوى دقائق معدودة حتى جاء دوري وقد عزَّ علي الهرب.

 كان ذلك تحدياً شخصياً بالنسبة لي، رغم أن توجهي في الكتابة عن فلسطين لم يكن أدبياً بقدر ما كان تاريخياً وتوثيقياً، (فأنا لا أكتب عادةً شعراً ولا نثراً، وإنما أكتب تاريخ الأجداد، وتاريخ الأجداد ليس من خيالات عقلي أو من بنات أفكاري، بل وقائع تستند إلى مصادر شفهية أو كتابية).

 في هذه الدقائق القليلة جاءني شيطان الشعر، فتذكرت قول الشاعر:
ﺇﻧﻲ ﻭﻛﻞ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ .. ﺷﻴﻄﺎﻧﻪ ﺃﻧﺜﻰ ﻭﺷﻴﻄﺎﻧﻲ ﺫﻛﺮ
ﻓﻤﺎ ﺭﺁﻧﻲ ﺷﺎﻋﺮ ﺇﻻ ﺍﺳﺘﺘﺮ .. ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻋﺎﻳﻦ ﺍﻟﻘﻤﺮ

 فتركبت الكلمات في عقلي مثل لمح البصر، ولما سألني المحاضر وانتظر، قلت له وأنا أطيل النظر:

عذراً يا سيدي ..
فإني لا أحسن قول الشعر ..
وفوح العطر ..
ونثر الدرر ..
فجمال الأدب يا سيدي ..
يخطف البصر ..
ويخرق الجدار ..
ويبكي المطر ..
فأين أنا من وصف الشمس ؟!
بل أين أنا من وصف القمر ؟!
وأين أنا من وصف الورد ..
والياسمين وكل الزهر ؟!
عذراً مرة أخرى يا سيدي ..
واغفر لي ذنبي ..
فلست ممن يحسنون ..
تحريك الحجر!

 سكت المحاضر، وصرخ أحد الحاضرين: «أَكُلّ هذه الدرر ولا تستطيع نثر الدرر !!»، أما السيدة هدى حنا فرأيتها تبتسم صامتة، وعندما انتهت المحاضرة قامت إلى المكتبة، لتهديني روايتين من تأليفها وقد كتبت على كليهما:

 (إهداء إلى الأستاذ فادي سلايمة المحترم مع المودة .. في 13/9/2005 هدى حنا)

 كان هذا أول وآخر عهدي بها .. علمتُ فيما بعد أن ﺍﻟﻤﻮﺕ غيّب ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻫﺪﻯ ﺣﻨﺎ في دمشق بعد عمر طويل ناهز التسعين قضته في النضال من أجل قضيتها الفلسطينية، وتوفيت بعد أن ﻛﺘﺒﺖ ﺭﻭﺍﻳﺘﻬﺎ الثالثة والأخيرة «ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻣﻮﺕ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ» .. غابت هدى حنا وبقيت أعمالها حاضرة بيننا .. وذاكرةً لا تموت.

فادي سلايمة
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف