الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

شواهد "الوحدانيـــة" في الإنجيل بقلم:محمد عبد الشافي القُوصِي

تاريخ النشر : 2019-02-03
شواهد "الوحدانيـــة" في الإنجيل بقلم:محمد عبد الشافي القُوصِي
شواهد "الوحدانيـــة" في الإنجيل

    محمد عبد الشافي القُوصِي (لندن)؛

E: [email protected]

عندما جاء (المسيح) عليه السلام- دعا إلى ما دعا به إخوانه مِن الأنبياء السابقين؛ دعا إلى توحيد الله وتنزيههِ عن الشريك أوْ الشبيه، فقد جاء في الإنجيل: "إنه مكتوب للربّ إلهك تسجد وإيَّاه وحده تعبد" (متى: الإصحاح الرابع).

   وجاء فيه (في هذه الحياة الأبدية؛ لابدَّ أنْ يعرفوكَ بوصفِكَ الإله الحق الوحيد..) (يوحنا: 17).

وفيه أيضاً: (أُولى الوصايا هي اسمع يا إسرائيل: الربُّ إلهنا ربٌّ واحد، وأنْ تحبُّوا الربَّ إلهكم بكل قلوبكم، وبكل أرواحكم، وبكل فكركم، وبكل قواكم، هذه هي الوصية الأولى. فردَّ عليه الكاتب أيها السيّد لقد تكلَّمتَ بالحق، فالربُّ واحد وليس هناك مِن إلهٍ غيره) (مرقص 12: 29-32).

     وفي رسالة بولس إلى الرومانيين: "حتى لا يكون سوى إلهٍ واحدٍ فوق الجميع". (يوحنا 5/27).

ولوْ نظرنا إلى مذهب (بولس الساموسي) نجده يتلخص في الإقرار بأنَّ هناك إلهاً واحداً موصوفاً بالحكمة والرحمة، والمسيح هو يسوع رجل بَشَر مثل كل البشر تلقَّى الحكمة الإلهية.

وقد دعَّم بولس تعاليمه بسلسلة من البراهين التوراتية، منها: "الربّ إلهك إلهٌ واحد".

هكذا أخبرتْ الرسالاتُ السماوية كلها بوحدانية الله، وتنزيههِ عن الشريك أوْ الشبيه له في أسمائه وصفاته وأفعاله، فلا ينبغي لأحدٍ أن يتجرأ على ذات الله، وينسب إليه ما لا يليق بكماله وسلطانه وعلوّ شأنه، كما فعل مشركو الأُمَم السابقة، وكما ادَّعى بابا الفاتيكان السابق "بيندكت السادس عشر Benedictxvi 16 بأنَّ‏ "‏التوحيد‏ يعدّ تجميداً لفاعلية العقل"!

لقد شاطر "البابا" عبدة الأصنام الذين كانوا يؤمنون بأنَّ الله الواحد هو خالِق العالم، وأنَّ أصنامهم مجرد وسائل يتوسلون بها إلى الله: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ[الزمر :38]. أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر :3].

ليتَ "البابا" قبل أن يُهاجِم عقيدة (التوحيد Monotheism) ويدافِع عن خُرافة (التثليث The rule of Thirds) كلَّفَ نفسه، واطلع على ما جاء في دائرة المعارف الكاثوليكيةCatholic Encyclopedia  الموجودة بمقرِّه؛ إذْ تقول في المجلد 14 ط1967: "إنَّ نظرية التثليث التي صاغها المسيحيون بعد أكثر من 400 سنة من مولد المسيح؛ خلقتْ لدينا أزمةً بعيدة الأثر، وإنَّ المدافعين عن التثليث، يُقدِّمون صورة مهزوزة".   

وتقول دائرة المعارف ذاتها في عبارة واضحة: "لمْ تستقر نظرية التثليث "إله واحد في ثلاثة أشخاص" استقراراً قوياً في حياة المسيحية وفي العقيدة قبل نهاية القرن الرابع الميلادي، ولمْ يعرف الآباءُ الرسل قبل ذلك شيئاً يشبه مِن قريب أوْ بعيد هذه الفكرة أوْ هذه النظرية".

مِن هنا نرى؛ أن نظرية (التثليث) لم تكن في عهد سيدنا عيسى، ولا قام بالدعوة إليها، ولا أثر لها في الكتاب المقدس، وهي غريبة عن فكر وتصوُّر المسيحيين الأوائل، بلْ أُقحِمتْ على العقيدة المسيحية بعد القرن الرابع الميلادي.

لذلك؛ نجد فكرة (التثليث) ضعيفة للغاية، ولا يقبلها العقل، ولا تتفق مع المنطق، ويلفظها أيُّ إنسان عاقل، ولا تتمشَّى مع نظرية التوحيد، والجمع بينهما فضيحة عقلية.

  وقد أدرك هذه الحقيقة أساقفة الثالوث أنفسهم وأحبار وفلاسفة المسيحية -كما يقول الدكتور/ مجدي مرجان -وهو شمّاس سابق- فهم رغم اضطرارهم بحكم الظروف إلى الدفاع عن عقيدة الثالوث، ومحاولة تبريرها للعامة والبسطاء، فإنهم يشعرون في أعماقهم بمجافاتها للعقل والمنطق، وببعدها عن الحق والصواب، ولذلك نجد هؤلاء الأحبار والفلاسفة كثيراً ما يعترفون بهذا الواقع رغم كافة الظروف، بعضهم يعترف في صراحة، والبعض يقرر في وجل؛ مستجيبين لصرخات قلوبهم التي فُطِرَتْ على التوحيد، فلمْ تستطِع استساغة التثليث. 

فمثلاً؛ يقول القس توفيق جيد في كتاب "سر الأزل": "إنَّ الثالوث سِر يصعب فهمه وإدراكه، وإنَّ مَن يحاول إدراك سر الثالوث؛ كمن يحاول وضع مياه المحيط في كفه ...".

ويقول القمص/ باسيليوس إسحق في كتاب "الحق": إنَّ هذا التعليم عن التثليث فوق إدراكنا...".

أمَّا الأستاذ/ يس منصور في "رسالة التثليث والتوحيد" بعد شرحه المستفيض لعقيدة الثالوث؛ فإنه يقرر أنَّ "من الصعب أن نحاول فهم هذا الأمر بعقولنا".

ثمَّ يأتي الأستاذ/ عوض سمعان في كتاب "الله ذاته ونوع وحدانيته" فيقول أيضاً في صراحة: "إننا لا ننكِر أنَّ التثليث يفوق العقل والإدراك، وقد حاول كثيرون من رجال الفلسفة توضيح إعلانات الكتاب المقدس عن ذات الله، أوْ بالحريّ عن ثالوث وحدانيته فلم يستطيعوا إلى ذلك سبيلا، لأنهم انحرفوا عن أقواله واعتمدوا على عقولهم وحدها..". 

والأمر يدعو للحيرة -كما يقول د. مرجان-: "ترى إذا كان الفلاسفة والأحبار قد عجزوا عن فهم هذا الثالوث؛ فمن يا ترى يستطيع فهمه؟ وما هو موقف البسطاء والعامة إذا ما حاولوا الفهم؟ وإذا لم نستطع إدراك عقائدنا الدينية بعقولنا وأفهامنا ... فبماذا يا ترى يمكننا إدراكها؟ هل يطلب منا دعاة الثالوث أن نتخلَّى عن عقولنا ونُسلِّم بالثالوث؟! وإذا كنا جميعاً نحن وهم لا ندرك هذا الثالوث، فكيف يمكن لأيٍّ منا أنْ يتبعه أوْ يسير عليه"؟!

يقول القس بوطر "صاحب رسالة الأصول والفروع" بعد أن استعرض عقيدة الثالوث، وشعر بمبلغ ما هي عليه من غموض وإبهام: "قد فهمنا ذلك على قدر طاقة عقولنا، ونرجو أن نفهمه أكثر جلاءً في المستقبل، حين ينكشف لنا الحجاب عن كل ما في السماوات والأرض".

      فالقس "بوطر" يربط رغبته في تفهم عقيدة الثالوث برجاء مستحيل التحقيق؛ وهو أن يعطيه الله معرفة كافة أسرار السماوات والأرض، وهو العلم اللامتناهي الذي يختص به الله وحده"!! 

   يقول الدكتور/ مجدي مرجانفي كتابه (الله واحد أمْ ثالوث): "إنَّ دعوة الثالوث وكافة ما ألصقه الغاوون والمارقون بهذه الرسالة السماوية العظيمة من أباطيل وترهات، لا صلة لها بالمسيحية ولا برسالة السيد المسيح، فالمسيحية ورسولها العظيم بريئان من كل ما ألصقه هؤلاء الشاردون.

   إنَّ المسيحية الحقَّة، وإنَّ التوحيد الخالص اهتدى إليه الكثيرون من المسيحيين سواء في ذلك العباقرة أوْ العوام، الفلاسفة أوْ رجال الدين، هؤلاء المسيحيون الموحِّدون عرفوا المسيحية الحقّة، وأعلنوها على الملأ في صراحة، ولاقوا في سبيلها الأخطار والأهوال وذاقوا العنت والعذاب!

  فهذا (آريوس) يقرر أنَّ "الله وحده هو الإله الحقيقي الواجب الوجود، أمَّا الابن والروح القدس فهما كائنات من خلْق الله"، فيُحْكَمُ عليه بالكفر والهرطقة، ويقرروا قتله مع مشايعيه! 

كما أعلن (أوريجانوس) أنَّ "الله روح لا يدركه الفهم، وهو أعلى مِن أن تكون أوصافه شبيهة بإنسان، وأنَّ الله لا يتجزأ ولا يُحَد ولا يُحصَر". فيُحكَمُ عليه بالحرمان وتُحرَق كتبه، ثم يُطرَد مع أتباعه!

والفيلسوف المسيحي (ترتليان) يعلن في سنة 220م "أننا بريئون من الذين ابتدعوا مسيحية رواقية أوْ أفلاطونية أوْ جدلية، بعد المسيح والإنجيل لسنا بحاجة إلى شيء". 

 والأسقف (نسطور) يُنكِر ألوهية المسيح، ويقرر "أنه إنسان كسائر الناس مملوء بالنعمة والبركة". 

ويشايعه في هذا الرأي الفيلسوفان (توليستوي، ورينان). والأسقفان (سابليوس وبولس الشمشاطي).

ثم يأتي الأسقف (مقدونيوس) فينكِر ألوهية الروح القدس أيضاً. وفي إسبانيا يجهر المُصلِح الكبير (سرفتيوس) بوحدانية الله، وإنكار الثالوث، فيقرروا إحراقه حياً سنة 1553.

وفي بولونيا نادى (سوسينس) بوحدانية الله، وبشرية المسيح، مقرراً أنَّ الإله لا يحلُّ في البشر. وقد تفرع عن عقيدته (مذهب الموحِّدين) الذين قاموا يدْعون إلى تطهير المسيحية من أدران الوثنية وجهالة التجسيد، ولاقى أنصار هذا المذهب من الاضطهاد والتعذيب ما اضطرهم إلى هجر وطنهم، وظل العذاب يلاحقهم في مختلف البلاد، وأينما حلّوا !  

فلمْ يخلُ مكان من عشَّاق الحقيقة، ولمْ يخلُ زمان من دعاة التوحيد، الذين جاهدوا في سبيله، وضحَّوا من أجله بكل عزيز، حتى دفعوا حياتهم ثمناً لإظهار الحقيقة". 

إنَّ دعاة الثالوث؛ يخالفون وصايا الكتاب (المقدس) بلْ وينسِفونها من أساسها، فقد كان اعتقاد عيسى "ع" في الله مُماثلاً تماماً لمن سبقه من أنبياء بني إسرائيل الذين نادوا بوحدة الخالق، ولمْ يعرفوا الثالوث. لقد ذكر سيدنا عيسى ما قاله الأنبياء من قبله عندما قال (أُولى الوصايا هي اسمع يا إسرائيل: الربُّ إلهنا ربٌّ واحد، وأنْ تحبُّوا الربَّ إلهكم بكل قلوبكم، وبكل أرواحكم، وبكل فكركم، وبكل قواكم، هذه هي الوصية الأولى. فردَّ عليه الكاتبُ: أيها السيّد لقد تكلَّمتَ بالحق، فالربُّ واحد وليس هناك مِن إلهٍ غيره) مرقص (الاصحاح12: 29-32).

وبالتالي نستطيع أنْ نقول: إنَّ عيسى -عليه السلام- كان يعتقد في إلهٍ واحدٍ، كما هو واضح أيضاً في عبارته التالية: (ثم قال عيسى له: فلتعلم يا شيطان أنه مكتوب أنكَ سوف تسجد للربّ إلهك، وأنكَ سوف تعبده وحده). 

ولا نجد أصلاً لادعاء الألوهية إطلاقاً عند المسيح، إنما وصف نفسه بالرسول، ففي (الإصحاح17 من إنجيل يوحنا) نجده يقول: (في هذه الحياة الأبدية لابدَّ أنْ يعرفوكَ بوصفِكَ الإله الحق الوحيد. وأنَّ يسوع المسيح هو الرسول الذي أرسلته).

    وفي هذه الكلمات التي قالها عيسى "ع" –حسب ما وردت في يوحنا- تُبرهِن على ما يلي:

أنَّ هناك إلهاً واحداً، وأنَّ عيسى لمْ يدَّعِ الألوهية، ولمْ يعرف قط التثليث، وذلك من قوله (إنكَ أنتَ الإله الحق الوحيد). وقد وصف عيسى نفسه بالرسول (يسوع المسيح الرسول الذي أرسلته). 

وفي رسالة بولس إلى أهل أفَسوس (إصحاح4 فقرة6) يقول (الله واحد وهو أب الجميع وهو فوق كل شيء وفيكم جميعاً).

وهذا الفهم الصحيح هو الذي عليه سائر العقلاء في مختلف العصور والأزمنة، فمثلاً نجد الفيلسوف الألماني/ جوته Goethe يؤكد على دعوة المسيح (ع) إلى الوحدانية، ويستنكر على أولئك الذين خالفوا رسالته وبدلوا تعاليمه، فيقول: "ويسوع كان طاهر الشعور، فلم يفكِّر إلاَّ في الله الواحد الأحد. فمن جعل منه إلهاً؛ فقد أساء إليه، وخالف رسالته". 

بلْ إنَّ الإنجيل أكدَّ أنَّ المسيح سيتبرأ يوم القيامة مِمَّن ألَّهوه وعبدوه، ففي (إنجيل متى 7:21-23) "ليس كل مَن يقول ياربّ يدخل ملكوت السماوات، بلْ الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة، حينئذ أقول لهم: إني لمْ أعرفكم قط، اذهبوا عني يا فاعلي الإثم". 

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف