الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الميــزان.. والاتّــزان بقلم: الحبيب خميس بوخريص

تاريخ النشر : 2019-01-31
الميــزان.. والاتّــزان بقلم: الحبيب خميس بوخريص
*المِيــزَانُ .. والاتـّـزَانُ*

قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ الحديد 25.

قال تعالى:﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا
فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾ الرحمن 7- 9.

قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ﴾ الشورى 17.

الميزان هو معرفة وزن الشيء، وقيمته مقارنة بشيء آخر معروف القيمة والوزن، والناس اخترعوا آلة لذلك وسموها "الميزان"، ذات كفتين، إذا اعتدلتا تساوى الشيئين في الوزن والقيمة، وتحقق "الاعتدال" بتساوي الكفتين.

والله سبحانه وتعالى خلق الكون بميزان وجعله متَّزِنًا، وخلق الإنسان بفطرته متَّزِنًا، ويختل اتزانه مع تقدمه في السن إذا لم يلتزم النهج الصحيح الرباني، ولقد ميَّز الله تعالى الإنسان بالعقل على سائر مخلوقاته، وبَيَّن له الخير والشر، والحق والباطل، والحلال والحرام، ووضح له النهج القويم الذي إذا انحرف
عنه اختل اتزانه، واعتل جسمه وتأثرت معيشته، وأرسل الله تعالى الأنبياء والرسل- عليهم الصلاة والسلام - إلى الناس، وأوحى إليهم الشرائع وبَيَّنها لهم، وحثّهم على اتباعها، وكان الإسلام خاتمة الأديان وآخر الرسالات من الله سبحانه وتعالى، وسيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والرسل –
صلوات الله عليهم وسلامه -.

هناك معايير سنَّتها لنا شريعتنا السمحاء، وبَيَّنها الله تعالى في كتابه العزيز (القرآن الكريم)، وجاءتنا في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، إذا سار عليها الإنسان كان متّزناً جسدياً، صحيحاً مُعافَى، وإذا اختل الميزان خرج عن الاعتدال، واعتلت الصحة النفسية والجسدية، وأثَّرت في مزاولته للعبادات والطاعات، وهذا مُبتغى الشيطان الذي يسعى بالوسوسة وغواية الإنسان، لإبعاده عن طاعة الله تعالى.

- عَنْ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِن
بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِه) رواه الترمذي.

أشار النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى عدة حقائق، فقد شبّه النبي صلى الله عليه وسلم المعدة بالوعاء، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنّ ملء هذا الوعاء بكثرة الأكل شرٌّ على الإنسان، ونَصَحَ بالاكتفاء من الطعام على قدر الاحتياج، وقسّم النبي صلى الله عليه وسلم المعدة إلى ثلاثة أجزاء، وأخبر
أنّ أكبر كمية من الطعام والشراب يمكن أن يتناولها المرء عند الحاجة الملحّة هو مقدار ما يملأ ثلثي حجم المعدة، وأخبر صلى الله عليه وسلم أنّ ترك ثلث حجم المعدة خاليًا من الطعام والشراب ضروري لنَفَس الإنسان.

فامتلاء البطن من الطعام والشراب مُضِرٌّ للقلب والبدن، ويُؤثر في صحة الإنسان النفسية والجسدية، فيكون غيرَ متَّزنٍ.

والكلام كذلك له ميزان، فالمؤمن المتّزن التقي لا يتكلم إلا بما يرضي الله سبحانه وتعالى، فهو صادقٌ في أقواله وأفعاله، فقد قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين﴾ التوبة 119.

- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
قَالَ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أوْ لِيَصْمُتْ) رواه البخاري.

- عن بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ رضي الله عنه صَاحِبَ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال :سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ) رواه الترمذي .

إنّ للصدق والقول السديد (الموزون) آثارا حميدة، وهو دليل على رجحان العقل، وحُسن السيرة ونقاء السريرة، وثمراته صلاح الأعمال، وغفران الذنوب.

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ الأحزاب 70- 71. والفوز العظيم يتأتَّى بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ولقد بَيَّن الله سبحانه وتعالى أنّ الملائكة والأنبياء عليهم السلام وعباد الله الصالحين يتقربون إلى الله تعالى بحبّه، ويرجون رحمته ويخافون عذابه، فهم في مقام حبّهم لله تعالى في مقامٍ (موزون): أي بين الرجاء والخوف، وذلك لكمال عبوديتهم لله تعالى وإجلالهم وتعظيمهم إيّاه.

قال تعالى: ﴿أولئك الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا﴾ الإسراء 57.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره : (قال سهل بن عبد الله: الرجاء والخوف زمانان على الإنسان، فإذا استويا استقامت أحواله، وإن رجح أحدهما بطل الآخر) اهـ.

وفي تفسير ابن كثير رحمه الله: (لا تتم العبادة إلا بالخوف والرجاء، فبالخوف ينكف عن المناهي وبالرجاء ينبعث على الطاعات) اهـ.

إنّ الله سبحانه وتعالى يسجد له خاضعًا منقادًا مَن في السموات من الملائكة، ومَن في الأرض من المخلوقات والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب، ولله يسجد طاعةً واختيارًا كثيرٌ من الناس وهم المؤمنون، وكثيرٌ من الناس حقَّ عليه العذاب المهين، وأي إنسان يُهِنه الله، فليس له أحد يُكرمه، والله يفعل
في خلقه ما يشاء وفق حكمته.

إنّ الله سبحانه وتعالى جعل الإنسان مُخيّرا في تسبيح الله والسجود له، فإذا اختار الإنسان أن يكون مُسبِّحاً ساجداً لله تعالى، فإنه يكون بذلك متناغمًا منسجمًا مع مخلوقات الله في السماوات والأرض الخاضعة المنقادة المسبحة الساجدة لله تعالى.

هذا الإنسان بفعله ذلك يكون متّزناً مع الكون، وإن لم يفعل كان نشازاً مخالفاً لمخلوقات الله تعالى المسبحة، فيعيش منبوذاً بين مخلوقات الله تعالى "إن صح التعبير".

قال تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ الإسراء 44.


قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾ الحج 18.

قال تعالى:﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾سبأ 10.

قال بن كثير رحمه الله في تفسيره: (يخبر تعالى عما أنعم به على عبده ورسوله داود صلوات الله وسلامه عليه، مما آتاه من الفضل المبين، وجمع له بين النبوة والملك المتمكن، والجنود ذوي العدد والعدد، وما أعطاه ومنحه من الصوت العظيم، الذي كان إذا سبّح به تُسبّح معه الجبال الراسيات، الصم الشامخات، وتقف له
الطيور السارحات، والغاديات والرائحات، وتجاوبه بأنواع اللغات. وفي الصحيح أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع صوت أبي موسى الأشعري رضي الله عنه يقرأ من الليل، فوقف فاستمع لقراءته، ثم قال:" لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل
داود") اهـ.

اللّهم صلّ وسلّم على من أرسلته رحمةً للعالمين سيّدنا محمد الصادق الأمين وعلى آله في كلِّ وقتٍ وحين.

الحبيب خميس بوخريص

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف