
رؤساء قسمات برتبة أمناء عامون للأفالان
من المضحكات المبكيات، ومن مفارقات القدر و نوائبه، هو تحول رؤساء القسمات الأفالانية أو أمنائها إلى أصحاب الحلّ والعقد فيها، يتحكمون فيها وكأنها ملكية شخصية لهم، بل يمكننا القول بأن معظمهم كأمين قسمة عين أزال بسطيف، أو أمين عام قسمة حيدرة بالعاصمة أو غيرهم، باتوا يتصرفون مع المناضلين فيها، أو حتى مع مقراتها، كأنهم أمناء عامون للحزب وليس لتلك القسمات، فيعينون من يشاءون من أقاربهم وأصحابهم والمقربين منهم في مناصب المسؤولية القيادية فيها، ويعطونهم امتيازات ليست من حقهم، أو يضعون أسمائهم في المراكز الأولى في قوائم الترشيحات للانتخابات البلدية أو الولائية، وعادة ما يكون لهم صدر البيت دائماً لهم، حتىَّ وإن كانوا من أسوء الناس خلقاً وتاريخهم النضالي أسود وغير مشرف، وهناك منهم من قام بتحويل تلك القسمات إلى مجرد سجلات تجارية، ووسيلة لعقد الصفقات مع المسئولين من نواب وسيناتورات، ووزراء وغيرهم، وخاصة أولئك المنخرطين في تلك القسمات، وخاصة تلك التي تتبع لمحفظة الجزائر الكبرى إدارياً.
والشيء الأخر الذي يجب ذكره والإشارة إليه، هو أن القسمات والتي هي الوعاء النضالي للحزب، قد تم إفراغها عمداً من محتواها، وذلك بإبعاد وتهميش وإقصاء خيرة المناضلين والمناضلات، المعروف عنهم الاستقامة والنزاهة، لصالح أولئك المنحرفين والفاسدين والمنحطين، و بعد رحيل السًّيد عبد العزيز بلخادم من الأمانة العامة لحزب جبهة التحرير الوطني، عن طريق مؤامرة دنيئة ومكشوفة، انتشرت ظاهرة كانت غريبة عن الحزب و محصورة في نطاق ضيق جداً، وهي ظاهرة السَّماح للمناضلين الجوالين أو مناضلي أحزاب المعارضة الناقمة والكاره للأفالان، بالانخراط في تلك القسمات، حتى صاروا الكثرة الكاثرة فيها في الكثير منها، وخاصة منهم أصحاب المال الفاسد الذين أصبحوا حالياً قيادات مهمة في الحزب، يشار إليها بالبنان، وتتحكم في رقاب أبناء الحزب الذين تربوا وترعرعوا فيه.
ولابتزاز المناضلين الشرفاء يلجأ رؤساء قسمات حزب جبهة التحرير الوطني، إلى مساومتهم ببطاقاتهم النضالية، التي هي حقُّ لهم مكفول لهم قانوناً وفق النظام الداخلي، والتي يجب أن تجدد كل سنة، ولكن رؤساء قسمات ، يجددونها فقط لحاشيتهم داخل القسمة، أماَ من يخالفهم في السيًّاسة والرأي، أو يبدي رغبته في الترشح ضدَّ رغبتهم، فإنهم يعمدون إلى استغلالها كوسيلة ضغط عليهم، لإجبارهم على الامتثال لهم في كل ما يطلبونه منهم، وخاصة تزكيتهم مستقبلاً كما جري حاليا ليكونوا مندوبين في لمؤتمر الاستثنائي للحزب، لانتخاب أمين عام جديد له.
وبالرغم من التعليمات الصارمة التي أعطاها المنسق الوطني للحزب حالياً معاذ بوشارب، بضرورة منح كل المناضلين بطاقات انخراط قبل موعد عقد المؤتمر الاستثنائي للحزب، ولكن لا حياة لمن تنادي وخاصة في قسمة حيدرة، التي يلجأ أمينها العام في كل مرة، إلى عملية إقصاء كل من يحس بأنهم يشكلون خطراً عليه وعلى منصبه، ويمنعهم من الحصول عليها، في ظلًّ غياب سلطة رقابية صارمة داخل الحزب، لإيقاف تلك الممارسات المشينة والبغيضة، والتي دفعت الكثير من أبنائه وكوادره إلى التفكير في مغادرته وبدون رجعة هذه المرة وبصفة قطعية ونهائية.
عميرة أيسر_كاتب جزائري