المثوى : في الدلالـــة والجذور
في غيبة ثقافتنا العربية الصحيحة وقلّة إتقاننا لقواعد لغتنا ودلالاتها، ومع اختلاط الألسن وتفشّي الجهل بلغتنــا وأصــــول الاشتقاق فيهـا، صرنــــا نسمع العجائب ، حتى من أناسٍ نتوقــع منهـم الفصاحة فإذا بهم أجهل الجاهلين .
محدث مثل الشيخ الألباني رحمه الله ، يعلن أنّ كلمة (مثوى) ومعناهــــا دار المقام والمكث الطويل لا يجوز أن تستخدم إلا لجهنم ، فهي مثوى الكافرين حصرا ، ومن استخدمها لغير هذا التوظيف اللغوي الجذوري فقد خرج من الملّــة بزعمــــــه .
ويضيف بأنّ من قال عن القبر أنه المثوى الأخيــر فقد ارتكب الكفر اللفظي ، وهو مبالغة وهراء (السلسلة الصحيحة ج6 ص182) . ويستدلّ بالآيات الكريمــة :
- في آل عمران : (..... ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين) 151 .
- في سورة النحل: ( فلبئس مثوى المتكبرين) 29 .
- في العنكبوت : (أليس في جهنم مثوى للكافرين) 68 .
- في الزمر : (الآية نفسها32).............. وهكذا في تسع آيات .
وأقول إنّ الشيخ فاته أن يقرأدلالات الكلمة( اسم المكان أو المصدر) جذوريا . وهي من الثلاثـــــي ( ث و ي) .
(المـثــوى) :المَثْوَى مصدر ثَوَيْت أَثْوِي ثَواءً ومَثْوىً .
الثَّواءُ: طولُ المُقام، ثَوَى يَثْوي ثَواءً وثَوَيْتُ بالمكان وثَوَيْته ثَواءً وثُوِيّاً مثل مَضَى يَمْضِي مَضاءً ومُضِيّاً؛ الأَخيرة عن سيبويه، وأَثْوَيْت به: أَطلت الإقامة به.وأَثْوَيْته أَنا وثَوَّيْته؛ الأَخيرة عن كراع: أَلزمته الثَّواء فيه أي المكث .
وثَوَى بالمكان: نزل فيه ومكث طويلاً ، وبه سُمِّي المنزل مَثْوىً.
والمَثْوى الموضع الذي يُقام فيه، وجمعه المَثاوِي.ويقال للغريب إذا لزم بلدة: هو ثاويها.وأَثْواني الرجل: أَضافَني. يقال: أَنْزَلَني الرجل فأَثْواني ثَواءً حَسَناً.
ومَثْوَى الرجل: منزله. وأم مثواه زوجه . وجاء في مقاييس ابن فارس ، الثلاثي (ثوي ) :
الثاء والواو والياء كلمةٌ واحدة صحيحة تدلُّ على الإقامة. يقال :ثَـوَى يثْـوِي فهــو ثاوٍ. واستشهد ببيتٍ من المعلقة اليشكرية :
آذَنَتْنَــــــا بِبَيْنهـــــا أسماءُ *** رُبَّ ثـــاوٍ يُمَلّ ُمنه الثَّــــواءُ
وفي التنزيل العزيز: ((قال النارُ مثواكم)) سورة الأنعام 128؛ قال أَبـــو علي الفارسي ( ت 377 هـ ): المَثْوى عندي في الآيــــة اسم للمصدر دون المكان لحصــول الحــــــال في الكلام مُعْمَلاً فيها، أَلا ترى أَنه لا يخلــــو من أَن يكون موضعاً أَو مصدراً؟ فلا يجوز أَن يكون موضعاً لأَن اسم الموضع لا يعمل عمل الفعل لأَنه لا معنى للفعل فيه، فإذا لم يكن موضعـــــاً ثبت أَنه مصدر، والمعنى النار ذات إقامتكم أَي النّـــــــار إقامتكم فيها خالدين أَي هم أَهل أَن يقيموا فيها ويَثْوُوا خالدين. قال ثعلب: وفي الحديث عن عمر، رضي الله عنه: أَصْلِحُـــــوا مَثاوِيَكُم وأَخِيفُوا الهَوامَّ قبل أَن تُخِيفَكُمْ ولا تُلِثُّوا بدَار مَعْجَزةٍ؛ قال: المَثاوي هنا المَنازل جمع مَثْوىً، والهَوامّ الحيّــــــــات والعقارب، ولا تُلِثُّوا أَي لا تقيمـــوا، والمَعْجَزَة والمَعْجِزَة العـجـز.
وقوله تعالى: ((إنه ربي أَحْسَنَ مَثْوايَ)) سورة يوسف 23؛ أَي إنه تَوَلاَّني في طول مُقامي. وفي هذا ردّ صريح على خطل الألباني وجهله بالعربية ، وأنا شخصيا لا ألومــهُ فهو ألباني من جذور غير عربية ، ولكني ألومُ من يتعصب له ويصفّق له مهما قال ومهما زعـم .
أحسن مثواي : زيَّن مكــان إقامتي وجمّــله واهتمَّ بي وأكرمني ، وبالطبـــــــع فالمثوى هو مكان المكث الطويل فهو يصلح للإقامة الدنيوية وللأخروية فــي الجنة أو النار ، والله أعلم .
ومن الإعجاز التصويري البلاغي في القرآن الكريم جاءت ( مأوى) لتصف مــــــآل أهل النار وأهل الجنة معا ً في حين جاءت (مثوى) لأهل النار فقط ، والسبب يكمن في الآية التالية :
((فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ))سورة محمد 19.وبما إن المتقلب يعني التحرك وهو عكس (المثوى ) والتي تعني الاعتقال والحبس بلا حركة في مكان واحـــــد جاءت كلمة (مثوى ) حصراً مع أهل النار ولم تأتِ مع أهل الجنة.
وهذا يثبت إن اصحاب النار ماكثون فيها بلا حراك وبلا حركة وبلا خروج وبلا شفاعة ايضاً !!وهذا هو السرّ الجذوري وليس ما زعمه الألباني خرصا واعتباطا .
ومثل هذا يُقال عمن حصر لفظة المطر في العذاب بلا علم ولا فقه ، هذا والله أعلم.
في غيبة ثقافتنا العربية الصحيحة وقلّة إتقاننا لقواعد لغتنا ودلالاتها، ومع اختلاط الألسن وتفشّي الجهل بلغتنــا وأصــــول الاشتقاق فيهـا، صرنــــا نسمع العجائب ، حتى من أناسٍ نتوقــع منهـم الفصاحة فإذا بهم أجهل الجاهلين .
محدث مثل الشيخ الألباني رحمه الله ، يعلن أنّ كلمة (مثوى) ومعناهــــا دار المقام والمكث الطويل لا يجوز أن تستخدم إلا لجهنم ، فهي مثوى الكافرين حصرا ، ومن استخدمها لغير هذا التوظيف اللغوي الجذوري فقد خرج من الملّــة بزعمــــــه .
ويضيف بأنّ من قال عن القبر أنه المثوى الأخيــر فقد ارتكب الكفر اللفظي ، وهو مبالغة وهراء (السلسلة الصحيحة ج6 ص182) . ويستدلّ بالآيات الكريمــة :
- في آل عمران : (..... ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين) 151 .
- في سورة النحل: ( فلبئس مثوى المتكبرين) 29 .
- في العنكبوت : (أليس في جهنم مثوى للكافرين) 68 .
- في الزمر : (الآية نفسها32).............. وهكذا في تسع آيات .
وأقول إنّ الشيخ فاته أن يقرأدلالات الكلمة( اسم المكان أو المصدر) جذوريا . وهي من الثلاثـــــي ( ث و ي) .
(المـثــوى) :المَثْوَى مصدر ثَوَيْت أَثْوِي ثَواءً ومَثْوىً .
الثَّواءُ: طولُ المُقام، ثَوَى يَثْوي ثَواءً وثَوَيْتُ بالمكان وثَوَيْته ثَواءً وثُوِيّاً مثل مَضَى يَمْضِي مَضاءً ومُضِيّاً؛ الأَخيرة عن سيبويه، وأَثْوَيْت به: أَطلت الإقامة به.وأَثْوَيْته أَنا وثَوَّيْته؛ الأَخيرة عن كراع: أَلزمته الثَّواء فيه أي المكث .
وثَوَى بالمكان: نزل فيه ومكث طويلاً ، وبه سُمِّي المنزل مَثْوىً.
والمَثْوى الموضع الذي يُقام فيه، وجمعه المَثاوِي.ويقال للغريب إذا لزم بلدة: هو ثاويها.وأَثْواني الرجل: أَضافَني. يقال: أَنْزَلَني الرجل فأَثْواني ثَواءً حَسَناً.
ومَثْوَى الرجل: منزله. وأم مثواه زوجه . وجاء في مقاييس ابن فارس ، الثلاثي (ثوي ) :
الثاء والواو والياء كلمةٌ واحدة صحيحة تدلُّ على الإقامة. يقال :ثَـوَى يثْـوِي فهــو ثاوٍ. واستشهد ببيتٍ من المعلقة اليشكرية :
آذَنَتْنَــــــا بِبَيْنهـــــا أسماءُ *** رُبَّ ثـــاوٍ يُمَلّ ُمنه الثَّــــواءُ
وفي التنزيل العزيز: ((قال النارُ مثواكم)) سورة الأنعام 128؛ قال أَبـــو علي الفارسي ( ت 377 هـ ): المَثْوى عندي في الآيــــة اسم للمصدر دون المكان لحصــول الحــــــال في الكلام مُعْمَلاً فيها، أَلا ترى أَنه لا يخلــــو من أَن يكون موضعاً أَو مصدراً؟ فلا يجوز أَن يكون موضعاً لأَن اسم الموضع لا يعمل عمل الفعل لأَنه لا معنى للفعل فيه، فإذا لم يكن موضعـــــاً ثبت أَنه مصدر، والمعنى النار ذات إقامتكم أَي النّـــــــار إقامتكم فيها خالدين أَي هم أَهل أَن يقيموا فيها ويَثْوُوا خالدين. قال ثعلب: وفي الحديث عن عمر، رضي الله عنه: أَصْلِحُـــــوا مَثاوِيَكُم وأَخِيفُوا الهَوامَّ قبل أَن تُخِيفَكُمْ ولا تُلِثُّوا بدَار مَعْجَزةٍ؛ قال: المَثاوي هنا المَنازل جمع مَثْوىً، والهَوامّ الحيّــــــــات والعقارب، ولا تُلِثُّوا أَي لا تقيمـــوا، والمَعْجَزَة والمَعْجِزَة العـجـز.
وقوله تعالى: ((إنه ربي أَحْسَنَ مَثْوايَ)) سورة يوسف 23؛ أَي إنه تَوَلاَّني في طول مُقامي. وفي هذا ردّ صريح على خطل الألباني وجهله بالعربية ، وأنا شخصيا لا ألومــهُ فهو ألباني من جذور غير عربية ، ولكني ألومُ من يتعصب له ويصفّق له مهما قال ومهما زعـم .
أحسن مثواي : زيَّن مكــان إقامتي وجمّــله واهتمَّ بي وأكرمني ، وبالطبـــــــع فالمثوى هو مكان المكث الطويل فهو يصلح للإقامة الدنيوية وللأخروية فــي الجنة أو النار ، والله أعلم .
ومن الإعجاز التصويري البلاغي في القرآن الكريم جاءت ( مأوى) لتصف مــــــآل أهل النار وأهل الجنة معا ً في حين جاءت (مثوى) لأهل النار فقط ، والسبب يكمن في الآية التالية :
((فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ))سورة محمد 19.وبما إن المتقلب يعني التحرك وهو عكس (المثوى ) والتي تعني الاعتقال والحبس بلا حركة في مكان واحـــــد جاءت كلمة (مثوى ) حصراً مع أهل النار ولم تأتِ مع أهل الجنة.
وهذا يثبت إن اصحاب النار ماكثون فيها بلا حراك وبلا حركة وبلا خروج وبلا شفاعة ايضاً !!وهذا هو السرّ الجذوري وليس ما زعمه الألباني خرصا واعتباطا .
ومثل هذا يُقال عمن حصر لفظة المطر في العذاب بلا علم ولا فقه ، هذا والله أعلم.