الأخبار
محمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداً
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المودودي من المخابرات البريطانية إلى التآمر على "ذو الفقار بوتو".. بقلم: السيد شبل

تاريخ النشر : 2019-01-20
أبو الأعلى المودودي من المخابرات البريطانية إلى التآمر على "ذو الفقار بوتو".. وبينهما رجعية وتبرير للإقطاع

السيد شبل

أبو الأعلى المودودي، بحسب المفكر سمير أمين في كتابه "مذكراتي"، كان متابع لرجال المخابرات البريطانية في كتاباته الأصولية والنافية لفكرة المواطنة والتطور..، لدرجة أنه نسخ عنهم فقرات بعينها حرفًا بحرف، وكانت المخابرات الإنجليزية تستهدف من ذلك تخريب الحركة الوطنية الهندية، وشطب التعايش بين الهندوس والمسلمين.. إلخ، وهو السيناريو الذي انتهى بسلخ باكستان عن الهند في 1947، ثم خوض حروب استنزافية بين البلدين، كان فيها المودودي محرّضًا، معتبرًا أن الحرب واجب جهادي مقدس. علمًا بأنه حتى اليوم يوجد في الهند حوالي 172 مليون مسلم = 14% من عموم السكان، أي عدد معتبر، وربما قريب من عدد المسلمين في باكستان!.

بعيدًا عمّا ذكره أمين، فإن ما نعرفه من المودودي، هو رجعيته المفرطة المتمثلة في أشياء مثل:

- معاداته للفنون والموسيقى والسينما والمسرح.

- هدمه لإمكانية تأسيس مجتمع مستقر انطلاقًا من رفضه فكرة المواطنة والمساواة بين أفراد الشعب بصرف النظر عن موروثات أو معتقدات كل فرد الدينية، لذا هاجم المودودي "جواهر لال نهرو" واعتبره عدو للدين لأنه يسعى لدمج المسلمين مع الهندوس، ويعارض التقسيم على أساس الدين!، فبحسب المودودي، ليس من حق غير المسلم تولي منصب في إدارة شؤون البلد، وليس متاح أمامه التصويت في الانتخابات الرئاسية أو في انتخابات النواب المسلمين، ذلك مع ملاحظة أن ثمة جدل آخر يورطنا فيه منهج المودودي، يتعلق بتحديد من هو المسلم ؟، فهو، مثلًا، لا يعتبر أن الطائفة الأحمدية من المسلمين، من هذا الباب شجع على أعمال العنف ضدهم في لاهور بعام 1953، وهي ما أدت لتخريب عام ومقتل 200 على الأقل من أتباع هذه الطائفة، وقد حكم عليه بالاعدام بسبب هذا التحريض، لكن الحكم خُفف نتيجة ضغط واسع وتم الإفراج عنه بعد عامين، كما أدان المودودي تعيين الأحمدي "ظفر الله خان" وزيرًا للخارجية (ثمة اتهامات وطنية مبررة لهذه الطائفة نظرًا لدعم الاحتلال البريطاني لها، ورضاه عنها بسبب إعلانها عدم شرعية قتاله، لكن هناك فارق بين أن يكون الموقف الرافض منطلق من أرضية معنية بالمصالح المعاشية والمعقولة للشعب، وبين مواقف تتأسس على أفكار غيبيّة، وتكون إشارة لانطلاق قطار يستسهل التكفير، ويتابع في التفتيت، ويبث خطاب كراهية.. إلى ما لا نهاية).

- اعتراضه على عمل المرأة أو توليها منصب قيادي كبير عام أو تشريعي، ودعوته إلى حصر وجودها داخل المنزل إلا للضرورة القصوى وحينها تخرج مُغطاة بالكامل، وتعصبه لمسألة الفصل التام بين الجنسين، وعندما تم سؤاله عن تنظيم الأسرة، بغرض أن يتمتع الأطفال بحياة أرغد وتغذية أفضل، قال أن المعاناة والمحنة أشياء مطلوبة (!)، رافضًا تنظيم النسل.

.... إلى آخر هذا الصنف من المواقف.

لكن هناك جانب آخر مهم ومنسي بسيرة المودودي، وهو شراسته في الهجوم على الاشتراكية، لدرجة أنه رفض خطوة إصلاحية طبيعية جرت في معظم البلدان بالخمسينيات، وهي الإصلاح الزراعي، وتعديل نمط الملكيّة، فرغم الفقر الظاهر في باكستان، عارض المودودي "ياقات علي خان" رئيس الوزراء ومساعيه للإصلاح الزراعي، وأيّد الإقطاع، وبرر له مستخدمًا تفاسير تتوافق مع هواه للنصوص الدينية، وحارب أي موقف داعي لتغيير هذا النمط الإقطاعي السيء، والذي هو صناعة بشرية أساسًا ونتاج مراحل قديمة كان فيها الحاكم يهب الأراضي لمن يشاء من معاونيه وحاشيته أو حتى المُرفهين عنه، أو نتاج تدخلات استعمارية خارجية، أو امتداد لزمن كان يضع فيه القوي يده على الأرض حسب هواه.. وتماشيًا مع ذلك كان مناهض لحقوق العمال، أو على الأقل، محذرًا من الداعين لها، رافضًا أن يكون المجتمع ملتزمًا بتوفير العمل، لأن هذا يستلزم هيمنة شاملة على موارد البلاد، وهو ما لا يجوز برأيه!.

وكان المودودي يعتقد بأن المجتمع سيتم إصلاحه عبر دعوة الأثرياء للالتزام بالفضيلة وحسن الخلق!، وبهذا نكون قد رسمنا، بحسب المودودي، الطريق الثالث الذي يحل كل مشكلات الرأسمالية والاشتراكية معًا!.ومن المعلوم أن جماعة الإخونج في مصر كان لها نهج قريب أو مماثل لما سبق، واصطدم الهضيبي مرشد الجماعة مع ثورة يوليو بخصوص أمور كتلك.

** المودوي تستقبله نيويورك للعلاج .. وذو الفقار بوتو خصم البيت الأبيض تستقبله المشنقة **

في 22 سبتمبر 1979، وبعد فترة علاج لائقة، توفى أبو الأعلى المودودي بمشفى في مدينة بافلو غرب ولاية نيويورك الأمريكية - نعم الأمريكية - !، بعد أن كان قد سلّم في 1972 قيادة الجماعة الإسلامية، التي أسسها في 1941، لـ" ميان طفيل محمد".

"طفيل" بدوره هو خال الجنرال محمد ضياء الحق، الذي كان قد انقلب في 5 يوليو عام 1977، بدعم وتأييد وفتاوى من المودودي، على القائد السياسي الوحيد الذي يمكن النظر إليه بعين التقدير في باكستان، وهو ذو الفقار علي بوتو (الذي حكم كرئيس ثم رئيس وزراء بداية من ديسمبر 1971 وحتى الانقلاب)، وعُرف "بوتو" بميوله الاشتراكية، ونهجه الداعم للتصنيع والتعليم والحصول على السلاح النووي، ومحاولاته نزع فتيل التوتر مع الهند، وسياساته التي حاولت التنفس خارج المظلة الأمريكية، وقد دعم "بوتو" العرب في معركة أكتوبر 73، وتبنى سياسة عدم الانحياز، واقترب من السوفييت والصين الشعبية وصنع علاقات مع كوريا الشمالية وفيتنام وليبيا وسورية..، فأثار استياء الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.. وحصل الانقلاب ضده، ثم إعدامه بعد محكمة هزلية في 4 إبريل 1979.

وبحسب محللين وساسة فهناك اعتقاد على نطاق واسع بأن أعمال الشغب والانقلاب ضد بوتو، وهي الأمور التي ساهمت فيها الجماعة الإسلامية المودوديّة، قد تمت بتدبير من وكالة الاستخبارات المركزية بسبب مخاوف البيت الأبيض من سياسات بوتو الاشتراكية التي كان ينظر إليها على أنها متعاطفة مع الاتحاد السوفياتي (شهادة وزير العدل الأمريكي السابق / رامزي كلارك في صحيفة "نيويورك تايمز" حول تشابه ظروف الإطاحة بذو الفقار بوتو مع ظروف الإطاحة بالسلفادور الليندي في تشيلي).

ويعتبر الجنرال ضياء الحق، شبيه بأنور السادات في مصر، وسيقوم، بحسب مصادر صحفية عربية، بتعيين طفيل (خليفة المودودي) كوزير إعلام، وسيبذل كل جهده لدعم الخطة الأمريكية في أفغانستان بالثمانينيات، وحشد المقاتلين للحرب مع السوفييت!، وستلعب الجماعة الإسلامية المودودية دور الذراع الأيدولوجي والسياسي لنظامه، وإن كان ثمة احتكاكات قد وقعت بين الطرفين ضمن الإطار المفهوم للصراع على النفوذ.

وقد تلقت الجماعة الإسلامية في باكستان، وأبو الأعلى المودودي، دعمًا بشكل عام من السعودية، وأثناء الصراع مع "ذو الفقار بوتو"، وكان الدعم السعودي للمودودي برعاية فيصل آل سعود، الذي بذل كل جهده بالتعاون مع واشنطن لإجهاض مشروع الصعود العربي بقيادة جمال عبد الناصر.. ثم تابع حكام السعودية على ذات خط فيصل في دعم المودودي وجماعته. ومن المعلوم أن المودودي كان أحد زعماء جامعة المدينة المنورة في السعودية، كما صار في 1963 عضوًا مؤسسًا في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي (منظمة يقع مقرها مكة)، ولاحقًا أصبح هو أول من حاز على جائزة فيصل عام 1979!. ومن المناسب هنا لفت الأنظار إلى أن النظام الحاكم في باكستان كان سندًا عسكريًا للنظام السعودي في حربه التي شنها بالستينيات ضد الثورة اليمنية المدعومة من عبدالناصر، وكانت باكستان بدعمها للنظام السعودي وكذلك الأدرني، تطمع بالمال من جهة، وتؤكد من جهة أخرى على موقعها في الصف الغربي الأنجلوساكسوني، وهو صف واضح منذ أن كانت عضوًا في حلف بغداد الاستعماري المُؤسس عام 1955.. ولا يعني ما سبق أن الأمور بين السلطة الباكستانية بتلك الفترة من الخمسينيات والستينيات، وبين المودودي كانت على وفاق مطلق، فقد حاولت السلطة كبح الجماعة الإسلامية عدد من المرات، وذلك للحفاظ على حدِ ما من الطابع المدني والحديث للدولة، ولخفض التوترات الطائفية التي تتسبب فيها تلك الجماعة، لكن التحالف كان يشتد في إطار الصراع مع الهند، كما حصل بالحرب التي حظيت برعاية أمريكية وبدأت في أغسطس 1965 تحت حكم أيوب خان، وهو الرئيس الذي انتهى حكمه لاحقًا في 1969 بعد غضب شعبي واسع لأسباب اجتماعية ووطنية، وكان "بوتو" أحد أهم محرضيه.

بشكل عام يتنفس إرث المودودي إلى اليوم عبر أفكار الحاكميّة، التي ملأ بها كتبه، خاصة «المصطلحات الأربعة في القرآن» الذي صدر عام 1941، وهي الأفكار التي كانت هي المُلهم الأساسي لأفكار سيد قطب التي كتبها بالستينيات، وهي الأفكار التي تلاقحت مع المنهج الوهابي، لينتج عنها سائر الحركات السلفية الجهادية، وآخر نسخها "داعش"، كما تملك جماعة المودودي روابط قوية بالحركات المتطرفة في باكستان، ومنها "حركة تطبيق الشريعة (تحريك)" و"طالبان باكستان". والمودودي هو جزء من نسيج الإخوان العام، وقد أثر كثيرًا في عبد الله عزام، وأثّر عزّام به في أسامة بن لادن خلال الحرب الأفغانية، كما كانت أفكاره خلف تنظيمات سورية المتطرفة من الستينيات وصاعدًا، حيث كان له تأثير كبير على مروان حديد وسعيد حوى، وهو أيضًا المصدر الذي نهلت منه الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد في مصر، كما كان له إسهام كبير عام فيما سمي بالصحوة الإسلامية، ويكفي أن نشير إلى أن من ضمن تلامذته مجموعة الطاجيكي الأفغاني/ برهان الدين رباني (مؤسس الجمعية الإسلامية عام 1972 – والذي اتصل مباشرة بإخوان مصر أثناء حصوله على ماجستير بالفلسلفة الإسلامية من الأزهر بنهاية الستينيات – والذي كان من أوائل مترجمي كتب سيد قطب للفارسية) وهذه المجموعة أساءت لأفغانستان كثيرًا في تاريخها الحديث عندما بثّت أفكارًا رجعية تخريبية وحاولت التآمر على أول رئيس جمهورية في أفغانستان "محمد داوود خان" بخريف 1974، ثم عندما قاتلت بالتحالف مع المخابرات الأمريكية في الثمانينيات، ثم عندما انقسمت على نفسها ودخلت في حرب أهلية مريرة بعد وصولها للحكم لأربع سنوات منذ 92 وحتى أطاحت بها طالبان، ثم عندما كانت حليفة للجيوش الغربية وهي تقصف أفغانستان في 2001، ودخلت كابول بفضلها، كما كان للمودودي تأثير في "الصحوة الساداتيّة في مصر"، لدرجة أن عبد المنعم أبو الفتوح قال في كتاب "شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية" أن تسمية الجماعة السلفية المدعومة حكوميًا والتي كان ينشط فيها بالجامعة في السبعينيات، باسم الجماعة الإسلامية، "كان محاولة لتقليد المودودي أو بتأثر منه"، لكن اللافت هنا أن "أبو الفتوح" يذكر أيضًا أن جماعات السبعينيات استمدت زخمها أو ارتبطت بتيار طلابي "إسلامي" عالمي في الخارج كان محوره في "آخن" بألمانيا الغربية حينها (!)، حيث انعقد فيها بعام 1969 المؤتمر التأسيسي الأول لـ(رابطة الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية)، وقرّب هذا الاتحاد بين الحركة الإسلاموية في باكستان وأندونيسيا والعالم العربي وأوروبا (!!)، وتولت المنظمة طباعة كتب سيد قطب وعبد القادر عودة وحسن البنا وأبو الأعلى المودوي.. وهذه واقعة صريحة لكيفية توظيف عواصم غربية لهذا التيار.
--
ملاحظة:
= بينظير بوتو لم تكن تشبه أبيها ذو الفقار في أفكاره الاشتراكية والمعارضة لواشنطن

* نُشر المقال في مجلة طلقة تنوير عدد يناير 2019

* مصادر:
- باكستان / الفصل الثالث: آسيا بين الرأسمالية المنتصرة والمأزق / كتاب مذكراتي.. سمير أمين
- قصة باكستان مع الأمريكيين.. كمال خلف الطويل
- من نيويورك إلى كابول.. حسنين هيكل
- الإسلام السياسي في خدمة الإمبريالية.. سمير أمين
- الإسلام السياسي من عام الجماعة إلى حكم الجماعة.. محمد الدمرداش العقالي
- الإسلام في سوريا // محاولة في تحديد الأصولية.. مقالين لمحمد سيد رصاص
- أبو الأعلى المودودي، الجماعة الإسلامية // ذو الفقار علي بوتو.. ويكيبديا إنجليزي.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف