الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة نقدية في قصيدة الدكتورة نجاح إبراهيم مَرايا الشَّام بقلم:أيمن دراوشة

تاريخ النشر : 2019-01-20
قراءة نقدية في قصيدة الدكتورة نجاح إبراهيم مَرايا الشَّام بقلم:أيمن دراوشة
مَرايا الشَّام

من ديوان عاصفة الجمال للشاعرة الروائية نجاح إبراهيم

قراءة – أيمن دراوشة

ارتفاع باللغة من المستوى العادي الإفهامي إلى المستوى التأثيري الساحر

شُلَّ أَلفَ مَرَّةٍ دَمِي

كيف طاوعني قلبُ القمرِ

لأجزَّ ضوأهُ

في رابِعةِ الهُيامِ؟

ولنصفيَ الجَميل

أُخبِّئُ عن غيرةٍ أوَّارَهُ

وأُسْكِتُ لهاثَ الغمام؛

يداي كانتا غابتين

من عُشبٍ وخبزٍ

لعصافير الكلام

أغوتني فتنة السحر

فاستبدلتُ الزَّيتَ

والقناديلَ

وغيمَ صدري

وفرحَ العينين

لأُواريَ مدائنَ عشقٍ

شَبَّت من أَعنابٍ وجمرِ..

إِرثٌ من الوَقدِ

مهما أطفأتُهُ

أوقدتْه مَرايا الشَّام

قراءة – أيمن دراوشة

شعر – د. نجاح إبراهيم

مرايا الشام هي إحدى قصائد الشاعرة نجاح إبراهيم التي ضمها ديوانها "عاصفة الجمال" دار السكرية – 2018 ، وهي من الشعر الحر التي برعت فيه نجاح إبراهيم، فشكل ديوانها "عاصفة الجمال" براعة فائقة في استخدام الصور الرمزية، ومن العنوان الألق المختلف نجد أن كلمة العاصفة قد استخدمت لغير ما وضعت له، والارتباط واضح بين العاصفة والجمال، فكان الديوان بكامله مرآة صادقة للبحث عن هوية الشاعرة ومقياسا صحيحًا للترتيب العادل، وعنوان القصيدة التي نحن في صدد قراءتها وعنوان الديوان هما دلالة كلية على أبعاد عميقة تحوي معانٍ شاملة.

مرايا الشام هي الكلمات التي تختصر التفاصيل وتجمع الأشتات، وهي البداية والنهاية، وجوهر القصيدة.

المرايا هي الانعكاسات الأولى على عتبة الحرية ذات المضمون العميق.

الشام هي الانفعال العاصف الشديد، وهي التمرد والإبداع والبطولة والجمال، وهي الفعل والبناء والتركيب والصياغة الجديدة.

شُلَّ أَلفَ مَرَّةٍ دَمِي

كيف طاوعني قلبُ القمرِ

لأجزَّ ضوأهُ

في رابِعةِ الهُيامِ؟

كان هيميروس يستلهم ربات الشعر في جبل الأولمب ليكتب ملحمته، وكان الشعر عند العرب يرتبط بالشيطان، وأسطورة وادي عبقر في الجزيرة العربية.

لكن الإلهام عند شاعرتنا ليست من الخيال الطائر، وإنما معاناة وتجربة.

من الشام ومرايا الشام تغرف الشاعرة مادتها العصية، التي شكلت منها قالبًا جماليًا، وتكتب بها أشعارها لترسم من خلالها درب المسيرة وخطة المستقبل، فقلب القمر ورابعة هي جماله الملهم، ورابعة الهيام هي حروفها المتوهجة التي تحدد لها معالم هذا الهيام.

ولنصفيَ الجَميل

أُخبِّئُ عن غيرةٍ أوَّارَهُ

وأُسْكِتُ لهاثَ الغمام؛

إنَّ الشعر لينفذ عبر الواقع ليبلغ الأغوار ويرتاد الآفاق، ورؤية الشاعرة كلية شمولية      يوضحها قولها "لهاث الغمام" على سبيل الاستعارة المكنية. وهي السحابة التي لا تعرف الاستقرار ولا الثبات، وإنما هي حياة دائمة التخطي والتجاوز بحثًا عن الكلي والنهائي.

يداي كانتا غابتين

من عُشبٍ وخبزٍ

لعصافير الكلام

أغوتني فتنة السحر

فاستبدلتُ الزَّيتَ

والقناديلَ

وغيمَ صدري

وفرحَ العينين

لأُواريَ مدائنَ عشقٍ

شَبَّت من أَعنابٍ وجمرِ..

إِرثٌ من الوَقدِ

مهما أطفأتُهُ

أوقدتْه مَرايا الشَّام

الرؤيا تنير التجربة، وتجربة الشاعرة صادقة لا تفرق بين الذاتي والموضوعي، فكلمة تجربة تعني قضية شعرية، وقضية الشاعرة كفرد هي قضية الجماعة ككل، وعندما تكتمل الرؤيا وتنضج التجربة يصبح الشاعر هو مركز الثقل والعنصر الأساس في العملية.

فالمرايا – الرؤيا – تمتد حدودها في الصدر والعينين، وتوقدها بعبق جراها المرايا.

الوطن معاناة حقيقية وغوص في بحار الأسى والحزن لإشعال نار الجرح الذي أوقدته بسمة الأمل، ونورا للهدى وسراجًا منيرًا في دجى الطريق.

مدائن العشق التي دارتها الشاعرة عن العينين ربما بسبب غربة أو هجرة قصرية تشب ولن تنطفئ فمرايا الشام ستوقدها ليعلن انتهاء ليل الظلام وطلوع فجر الضياء.

للشام وجه نظير تتجاوز المرايا فيها الوضوح والنقاء والإخلاص والصفاء والجمال، تقرأها الشاعرة في رح الأطفال، والمرايا بكل عذابها هي لذة وسعادة في أفئدة من اغترب عنها.

لقد جاءت لغة القصيدة عميقة تحتاج وقفات متأنية حتى نكتشف أسرارها الجميلة – فاللفظة بمثابة الحجر في البناء اللغوي العام للقصيدة، وكل لفظة عند نجاح إبراهيم تحمل دلالات، وتنطوي على معان، وتتكامل في النهاية لتعطي معنى شموليًا ودلالات كلية.

المرايا هي الانعكاسات ووليدة الرؤيا، الأعناب والجمر هما المعاناة، واستبدال الزيت والقناديل هو الميلاد الجديد.

تعدو اللفظة عند نجاح إبراهيم بما يشبه الأسطورة في قدرتها على بث الانفعالات التي لا تنتهي لتتحول كل لفظة إلى رمز في حد ذاته، ومن هنا يأتي عمق اللغة وثرائها، فاللفظة المشحونة بطاقة شعرية، النامية المتحركة داخليًا تبلغ درجة الاستقلال الشخصي لتصبح رمزًا جديدًا، ومصدرً خصبًا لا ينفذ.

إن التشكيل اللغوي يقضي على ما يسمى بعقلانية اللغة أو منطقية العلاقات اللغوية لتقيم الشاعرة بدلًا منها لغة لا عقلانية تقوم على جمع مالا يجتمع، وصياغة تعابير يقصد منها الإيحاء والتصوير والتفجير.

فللقمر قلب وللهيام رابعة والغمام يلهث والمرايا توقد، وقد كان للفعل عنصر أساس في بناء القصيدة اللغوي فقد ساد أكثر مقاطعها، فهو الذي يقوم ببناء الصور والأجزاء وله دلالة بارزة في تأدية المعنى المقصود، فهو يقيم علاقة تحولية بين ماض وحاضر ومستقبل.

 شُلَّ – لأجزَّ – أُخبِّئ – وأُسْكِتُ – أغوتني - فاستبدلتُ - أُواريَ-  أوقدتْه...

الرمز والصورة: التجربة الشعرية الناضجة المكتملة هي التجربة الإنسانية من المستوى الراقي، والشعر الباقي هو الذي يخترق الحدث محولا إياه إلى رمز مثلما يرى الشاعر أدونيس.

والرمز هو الأداة الفنية التي تنقد الشعر من الوصف المباشر والوصف الخطابي والتقريرية الممقوتة والانفعالات المهووسة والأفكار المجردة، وهو المعبر عن الوجود الآخر للمادة قبل أن تسقط في التحديد والجمود والعقم.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف