الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الجمامة والصقر..!!بقلم: أ. حسين عمر دراوشة

تاريخ النشر : 2019-01-19
الجمامة والصقر ...!!!

بقلم: أ. حسين عمر دراوشة 

باحث أكاديمي فلسطيني

يعيش محمود في إحدى المدن الراقية التي تلتهم في أحشائها كثير من ألوان الحياة وأشكالها، تعرف على عادات المدينة وتقاليدها، وبدأ ينسج علاقات مع أهلها الأصليين الذين يقطنون فيها بشكل مزمن؛ فتعج المدينة بأجناس مختلفة تأمها من كل حدب وصوب، وتكثر في أجواء الصقور فتحلق على مرأى البصر وتنقض على فرائسها من طيور الجمام البري الذي يمتاز بصغر رأسه وخفة وزنه، وتُؤدي طقوس حياتها في بين أبناء الأحياء وشوارع المدينة المسالمة التي تملأ بالأشجار الخضراء أمام المنازل والبيوت وعلى حافات الطرق، لقد قُدِرَ لهذه الجمامة أن تعيش على هامش الحياة وترعى في خشائش الأرض بين أرجل البشر وتحركاتهم في الطرقات المزدحمة التي يملأها البشر وهدير السيارات وزواميرها ... ولا تأبه لذلك إنما تدس نفسها بين العربات التي تقف على قوارع الطرق لعلها تظفر بشيء من الأمن والشبع... إن الضوضاء الهمجية اعتادت عليها الجمامة التي تحبذّ الأماكن المزدحمة والمكتظة بمختلف الألوان... إنها حلت بالمكان في غفلة من الأمر ولم تراعَ تلك الليالي السوداء التي في انتظارها... لقد استنسرت البغاث يا سادتي

وما لبِث محمود أن ينظر في كل صباح ومساءَ من شرفته التي تطل على بحيرة من الماء الراكد الذي تهب منه نسمات رقيقة يتجمع حولها الخلان في حالة من الفرح والطرب، ويجلس على أريكته يتأمل صنوف الحياة وتحركات الطبيعة التي خلقها الله، فيقول في نفسه الإنسان خير بالطبيعة، ولفت نظره تلك الجمامة التي راودت مجراه وبدأت تقترب منه، فاقترب منها وأعطاها الأمان في إلقاء الطعام لها ووضعه على حافة الشرفة لكي تتناوله... فشعبت الجمامة فملأ المكان بالورس والريش الذي تتلاعب به الريح، وذلك بعدما أطعمها محمود وسد رمقها وطرد عنها عادية الجوع، ولكنّها لم تدرك هذه النعمة، فلم يقسو عليها محمود فلم يقابلها بما صنعت إنما ذهب ينظف المكان ويلاطفها بشكل حميم، لعله يملك روحاً حكيمة لها حسابتها وقيمها ومبادئها لا تقابل الإساءة بالإساءة، فاستمرت الجمامة على ذلك ومحمود بدأ صبره ينفذ... فانتظم الساعة البيولوجية لدى الجمامة التي عمم محمود صفاتها لجيرانه بأن يضعوا الطعام لها على النوافذ والشرفات، ومن أجل محمود تعاطف الأهالي والجيران مع تلك الجمامة السعيدة التي سُحقت في خدرها ولكنّ الله أكرمها بمن لا علاقة له بها ... وتستمر الحياة إلَّا أن الصقر  كان يحلق عالياً ويضرب نظراته الخاطفة كل الأماكن المحيطة ببيوت المدينة ... وكان على علم اليقين بانتظام حياة الجمامة الهادئة، فأراد أن يقلبها رأس على عقب... لكنّ طائفة الصقور الأخرى التي تنتمي لفصيلته أقام معها تحالفاً فحذرته من شن غارة عليها، بذريعة أنها ليس جمامة برية إنما هي أليفة تأكل من صنع البشر، لذلك لن يكون لحمها طازجاً... دارت الفكرة في رأس الصقر واقتنع بالكلام المطروح، وقال في نفسه إن من يعيش في الدور يختلف عمّن في البرور؛ حيثُ لا شرور...!!!

وقرر الصقر في ذات يوم بعدما اقتنص صيداً ثميناً أن يمازح الجمامة الأليفة التي ادّعت طائفة إخوانه من الصقور الأخرى أنها برية، ولكنّها بشكلها لا بمضمونها ... تحت الرغوة اللبن الصريح... فأغار عليها بحالة من الانسجام الروحي والمادي فجعل ريشها يملأ الفضاء، وهديلها يتناثر مع الهواء ... ولكنّه لم يقضِ عليها؛ لأنه أوجس خيفة في نفسه من لوم أصدقائه وحلفائه من الطوائف الأخرى ... ويبقى مزاح الصقور مع الجمائم في حدود المعقول... فأخذت الجمامة نفسها وبقيت في حالة من اليقظة؛ لأنها تعيش بين الحياة والموت... وتلك جدلية حصدتها بأفعالها الرعناء وجنتها على نفسها بتبدل أثوابها بعيداً عن تلك الأدغال...  يا لها من حماقة هوجاء ... فكم وصمت نفسها بالفخر والاعتزاز وتباهت بنفسها واغترت بصنيعها في هذه الحياة... تلك شهادة مجروحة عمياء... إنها جمامة غير مألوفة في أسراب الطيور المقيمة التي تعي سير الحياة ونهجها في تلك المدينة الفاضلة...!!!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف