#مُتيم_في_المخيم بقلم #أزهر_اللويزي
في ليلة ليلاء شديدة البرودة عاتية الرياح ، دخل الشاب الأنيق رابح إبن 22 ربيعآ مخيم المدرج جنوب الموصل وسط ظروف إنسانية قاسية مؤلمة .
أخذت الأفكار تحاصره ، فقد ترك وراءه ذكرياته ، بيته ، أحلامه ، وهو الآن في مخيم ، شعر بالإمتعاض لأن سقف طموحاته هبط إلى مستوى الحصول على خيمة صغيرة تسترهم وتلم شتاتهم .
وبينما كان يسبح في أفكاره كانت قناة العراقية الفضائية تلاحقه من أجل رصد معاناتهم وتوثيق حالة البؤس والضياع الذي طالهم في فترة داعش المظلمة .
أصرَّ على أن لا يجري مقابلة تلفزيونية ، لأن مظهره لا يسمح بذلك : لحية طويلة مبعثرة وملابس بالية يعلوها الغبار ، وهو المعروف بأناقته وعطره الفواح ، صمد من أجل أن لا يقبّح تلك الصورة الجميلة التي رُسمت عنه في الأذهان لذا بقي وفيّآ لها .
وضع القدر رابح في قاطع يسكنه لفيف من الناس ، لا تربطه بهم قرابة ، وبدأ يتكيف مع الوضع الطارئ الجديد ، فاعتبره ولادة جديدة ، كيف لا وقد سلم من بطش داعش ونجا من سهام المعركة ، حمد الله على ذلك الحال رغم قساوته وضراوته .
إنقضى الأسبوع الأول سريعاً وقد حصل على معونات من منظمات دولية ومحلية غطّت حاجاتهم الضرورية فتنفّس الصعداء وارتفع منسوب الأمل .
وفي صباح يوم مشرق جميل جلس على قارعة الطريق وبدأ يصنّف الناس إلى : ذهب وتراب ، فقر وغنى ، فخامة وإنحطاط ، نسور وحمائم ...
شعر بالملل والضجر فأخذ يترجّل في المخيم ، فجأة وضعته المصادفة أمام فتاة حسناء كحلاء أنيقة رقيقة تُدعى نجلاء ، كانت تقضم بسكويتاً فشعر أنها تقضم قلبه ، أنّى له أن يقاوم سحرها وكحلها ؟
تبادلا النظرات فأنقدحت شرارة الإعجاب وإذا بالقلوب تنتفض وتنبض ، فيخترقها شعاع الحب بلا إستئذان .
حب سريع ومفاجئ وخاطف كالبرق لم تسبقه مقدمات ، جعل من جحيم معاناته فردوسآ ، فردد مع نفسه هذا ما أحتاجه بشدّة .
وعندما أعلنت وزارة التربية والتعليم عن فتح باب الإمتحانات الجامعية لنازحي نينوى في مدينة كركوك ، سارع إلى هناك وشرع في المذاكرة بعزيمة وإصرار .
وصلته رسالة من نجلاء على الهاتف :
ذبنا اشتياقاً لمن نهوى ولا خبرٌ .. .. يُحيي القلوبَ ولا صبرٌ يداوينا
لمعت عيناه وهو يقرأ ما هيّج أشواقه ونكأ جرحه فتدفق هرمون الحب (الأوكسيتوسين) ، وصار كصقر جريح عليه أن يكابد مهمتين شاقتين في آنٍ واحد ، بلوغ قمة الجبل (النجاح) من جهة وأن لا يخسر حمامته من جهة أخرى .
أجابها رابح بإحساس مماثل :
كيف أمحوكِ من أوراق ذاكرتي .. وأنتِ في القلب مثل النقش في الحجرِ
أنا أحبكِ يا من تسكنين دمي .. إن كنتِ في الصين أو كنتِ في القمرِ
ففيك شيء من المجهول أدخله .. وفيك شيء من التاريخ والقدرِ
هما يدركان أن البعد والعقبات ضرورية لتوهج الحب وإضرام ناره في قلبيهما فيتجدد عناق الأرواح ويصبح الخيال والحقيقة شيئآ واحدآ .
أنهى رابح الإمتحانات الجامعية بنجاح باهر وقفل سريعآ إلى بيته الجديد (الخيمة) وتجدد اللقاء بينهما وكان العفاف حاضرآ في كل مشهد ، فيا بختهما !
ومن هدايا القدر منح فرصة العمل في منظمة DRC فأصبح يتقاضى أجرآ ، فضلآ عن تقديم المساعدة للنازحين والمشردين والمنكوبين وبذلك إستعاد نشوة النجاح الرائعة التي دائمآ ما تكون حاضرة معه .
وما زالت الحياة مستمرة ، فالحب مستمر وعامر ومتجدد فضلآ عن الرسائل المتبادلة .
صمت العالم من حولهما وبقيا لوحدهما يتهامسان !
#أزهر_اللويزي
في ليلة ليلاء شديدة البرودة عاتية الرياح ، دخل الشاب الأنيق رابح إبن 22 ربيعآ مخيم المدرج جنوب الموصل وسط ظروف إنسانية قاسية مؤلمة .
أخذت الأفكار تحاصره ، فقد ترك وراءه ذكرياته ، بيته ، أحلامه ، وهو الآن في مخيم ، شعر بالإمتعاض لأن سقف طموحاته هبط إلى مستوى الحصول على خيمة صغيرة تسترهم وتلم شتاتهم .
وبينما كان يسبح في أفكاره كانت قناة العراقية الفضائية تلاحقه من أجل رصد معاناتهم وتوثيق حالة البؤس والضياع الذي طالهم في فترة داعش المظلمة .
أصرَّ على أن لا يجري مقابلة تلفزيونية ، لأن مظهره لا يسمح بذلك : لحية طويلة مبعثرة وملابس بالية يعلوها الغبار ، وهو المعروف بأناقته وعطره الفواح ، صمد من أجل أن لا يقبّح تلك الصورة الجميلة التي رُسمت عنه في الأذهان لذا بقي وفيّآ لها .
وضع القدر رابح في قاطع يسكنه لفيف من الناس ، لا تربطه بهم قرابة ، وبدأ يتكيف مع الوضع الطارئ الجديد ، فاعتبره ولادة جديدة ، كيف لا وقد سلم من بطش داعش ونجا من سهام المعركة ، حمد الله على ذلك الحال رغم قساوته وضراوته .
إنقضى الأسبوع الأول سريعاً وقد حصل على معونات من منظمات دولية ومحلية غطّت حاجاتهم الضرورية فتنفّس الصعداء وارتفع منسوب الأمل .
وفي صباح يوم مشرق جميل جلس على قارعة الطريق وبدأ يصنّف الناس إلى : ذهب وتراب ، فقر وغنى ، فخامة وإنحطاط ، نسور وحمائم ...
شعر بالملل والضجر فأخذ يترجّل في المخيم ، فجأة وضعته المصادفة أمام فتاة حسناء كحلاء أنيقة رقيقة تُدعى نجلاء ، كانت تقضم بسكويتاً فشعر أنها تقضم قلبه ، أنّى له أن يقاوم سحرها وكحلها ؟
تبادلا النظرات فأنقدحت شرارة الإعجاب وإذا بالقلوب تنتفض وتنبض ، فيخترقها شعاع الحب بلا إستئذان .
حب سريع ومفاجئ وخاطف كالبرق لم تسبقه مقدمات ، جعل من جحيم معاناته فردوسآ ، فردد مع نفسه هذا ما أحتاجه بشدّة .
وعندما أعلنت وزارة التربية والتعليم عن فتح باب الإمتحانات الجامعية لنازحي نينوى في مدينة كركوك ، سارع إلى هناك وشرع في المذاكرة بعزيمة وإصرار .
وصلته رسالة من نجلاء على الهاتف :
ذبنا اشتياقاً لمن نهوى ولا خبرٌ .. .. يُحيي القلوبَ ولا صبرٌ يداوينا
لمعت عيناه وهو يقرأ ما هيّج أشواقه ونكأ جرحه فتدفق هرمون الحب (الأوكسيتوسين) ، وصار كصقر جريح عليه أن يكابد مهمتين شاقتين في آنٍ واحد ، بلوغ قمة الجبل (النجاح) من جهة وأن لا يخسر حمامته من جهة أخرى .
أجابها رابح بإحساس مماثل :
كيف أمحوكِ من أوراق ذاكرتي .. وأنتِ في القلب مثل النقش في الحجرِ
أنا أحبكِ يا من تسكنين دمي .. إن كنتِ في الصين أو كنتِ في القمرِ
ففيك شيء من المجهول أدخله .. وفيك شيء من التاريخ والقدرِ
هما يدركان أن البعد والعقبات ضرورية لتوهج الحب وإضرام ناره في قلبيهما فيتجدد عناق الأرواح ويصبح الخيال والحقيقة شيئآ واحدآ .
أنهى رابح الإمتحانات الجامعية بنجاح باهر وقفل سريعآ إلى بيته الجديد (الخيمة) وتجدد اللقاء بينهما وكان العفاف حاضرآ في كل مشهد ، فيا بختهما !
ومن هدايا القدر منح فرصة العمل في منظمة DRC فأصبح يتقاضى أجرآ ، فضلآ عن تقديم المساعدة للنازحين والمشردين والمنكوبين وبذلك إستعاد نشوة النجاح الرائعة التي دائمآ ما تكون حاضرة معه .
وما زالت الحياة مستمرة ، فالحب مستمر وعامر ومتجدد فضلآ عن الرسائل المتبادلة .
صمت العالم من حولهما وبقيا لوحدهما يتهامسان !
#أزهر_اللويزي