الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تصور! ترجمة:محمد يوسف محمد المحمودي

تاريخ النشر : 2019-01-14
تصور! ترجمة:محمد يوسف محمد المحمودي
تصور!

مقالة تقوم على فكرة كتاب (Consider) لـ كريستي أسيفيدو

ترجمةٌ بتصرف

محمد يوسف محمد المحمودي


مقدمة

يحلم الناس بالمستقبل؛ آملين أن يحققوا فيه ما عجزوا عن إدراكه اليوم، ويتمنى بعضهم أن لو كانت حياتهم قائمةً في ذلك المستقبل؛ ظنًا منهم أنه قد يحصلون على حظِ أوفر من الفرص، ويتجنبون المزيد من التهديدات والمخاطر؛ مستفيدين من التيسيرات والمزايا التي طالما سمعوا عنها وتاقت أنفسهم إليها. لكن، هل كل المستقبل خير؟ بالطبع لا. من هذا المنطلق، يعرض لنا هذا الكتاب قصةً من الخيال العلمي، تبدأ بألكسندرا التي تخرج مع حبيبها دومينيك في فسحة بالقطار، لكن ثم شيء غريب يصدم الجميع: اعتراض كائن هولوجرام غامض طريق القطار، وبعدها يرى الناس ممرًا يخترق الكرة الأرضية، وكائنات هولوجرامية (Holograms) تحذر جميع سكان الأرض بحتمية الرحيل قبل تدمير الأرض بارتطام مذنبٍ بها بعد أشهر.

فرضيات الحياة

·        تواجهنا في الحياة فرضيات كثيرة، نؤمن بصحة بعضها ونصدقه، ونستبعد حدوث بعضها الآخر ونكذبه، وعلى أساس التصديق والتكذيب ننطلق في حياتنا ونمضي في أعمالنا بسلوكيات وممارسات تتناسب مع واقعنا والتحديات التي تواجهنا، أو التحديات التي نراها محتملة في المستقبل. فهل ندفع عن عقولنا هموم التفكير في المستحيلات أو المعضلات التي لا تتصورها عقولنا ولا يصل إليها خيالنا؟

·        كانت ألكسندرا لوكاس البالغة من العمر 17 عامًا تعيش حياةً محفوفةً بالقلق، وكأن حياتها أبت إلا أن تضيف لها همومًا ومشاغل جديدة، على أساس أن مشاغلها الحالية غير كافي، فجأة تظهر كائنات هولوجرامية (Holograms) تنذر بنهاية العالم، بعد حدوث انفجار كبير يحدث خلل في حركة الحياة، ويوقف القطار الذي تستقله، لتدرك حينها أن ثمة انفجارًا صخمًا أحدث فتحة كبيرة في الأرض، قالت عنه شخصيات الهولوجرام إنه منفذ آمن للخروج من الأرض قبل دمارها والدخول إلى عالمٍ أكثر أمانًا.

·        ولأنها لم تكن متأكدة من صحة الفرضية التي روجت لها هذه الكائنات الهولوجرامية، وجدت ألكسندرا نفسها مضطرة للتفكير فيما هو خير لها ولأصدقائها، ولأسرتها، وعما إذا كانت ستبقى أم سترحل، وحتمية اتخاذ القرار الصائب للتعامل مع هذا الموقف.

العالم الموازي والمستقبل المجهول

·        عرضت الكائنات الهولوجرامية على الناس فرصةً للنجاة والمرور من المنفذ المؤدي إلى العالم الموازي قبل انهيار الأرض، وفي هذا بعض من ملامح الواقع الذي نعيشه؛ بما نستشعره من تهديدات بيئية مستقبلية لكوكبنا، أو ربما يكون الأمر أشبه بعالمين مختلفين متجسدين في الحاضر الذي نحياه والمستقبل الذي ننتظره، وكون المستقبل هو العالم البديل أو الموازي الذي نفر إليه ونخشى من المجهول فيه.

·        تتشابه مخاوف وصراعات وتطلعات الشخصيات الموجودة في القصة، مع تلك المخاووف والصراعات والتطلعات التي نراها في عالمنا اليوم، بدايةً من صدمة الانفجار الأول، بعدما ظن البعض أنه هجوم إرهابي، حتى تبين الأمر، وانقسم الناس بين معجلٍ بالرحيل، وخائف يخشى ترك الكوكب الذي ألف الحياة فيه، ويرى أن بقاءه مخاطرة قد ينجو منها إذا كذب المنذرون، وقد يهلك فيها إذا حدث ما أنذور به، وبدأ الجميع يحسبون حساباتهم ويقيسون الأمور بموازين المكسب والخسارة.

·        هروبًا من الصور البشعة العالقة في ذهنها، توسمت ألكسندرا في دومينيك الذي تحبه شيئًا من الدعم والمناصرة، ومع تزايد الضغوط عليهما، من فراق للتعلم والدراسة كانا يخشيانه، إلى قطارٍ علقا فيه ونفاد الهواء النقي، بدأ تفكير كل منهما في نفسه، وهذا ما انعكس في اختلاف رؤية كل منهما للواقع بعد ذلك، وتفكير دومينيك في الخروج وعدم الانتظار لحين حسن ألكسندرا أمر نفسها، واتخاذ قرارها الأخير بالبقاء أو الرحيل.   

التفكير تحت ضغط 

·        يتأثر تفكير الإنسان بالمحيط الذي يعيش فيه، والظروف المحيطة به، وكلما كان الإنسان أكثر قدرة على التفكير تحت ضغط، والاستعداد للتغييرات المحتملة، كان أكثر قدرةً على استيعاب المتغيرات، ومواجهة التحديات بعزمٍ وثبات.

·        إذا أتيحت لك فرصة الهروب من دمارٍ محتمل لهذا الكوكب من خلال ممر لعالمٍ آخر، هل كنت ستسلكه؟ كان هذا هو الخيار المقدم للمقيمين للأرض، وعليهم أن يحسموا أمرهم.  

·        قدمت القصة ألكسندرا شخصية حقيقية نستشعر أوضاعها، ونعيش مأساتها، ونشاركها همومها ومخاوفها، وبدأ الصراع بين اليوتوبيا والواقع، هل الواقع هو الأفضل أم أن اليوتوبيا المجهولة الملاح أسوأ من الواقع الذي نحياه.

·        كان الإغراء المتمثل في عيش حياة أفضل في عالمٍ أفضل مصحوبًا بتدهور وانحطاط السلوك الإنساني، بعدما ظهرت فرضية زوال الأرض كأفضل طريقة لدمج القضايا الأخلاقية المعقدة والقضايا الفلسفية العميقة في مغامرة حافة بالتطورات السريعة والتغيرات المتلاحقة.

بناء علاقات قوية

·        نحتاج إلى بناء العلاقات القوية، وعدم المخاطرة بعلاقاتنا مع الآخرين في كل الأوقات. وعلى هذا الأساس، يحرص الناجحون والوجهاء على تكوين علاقات قوية وناجحة، والانفتاح على كل الفرص المتاحة لتنمية شبكة العلاقات والأصدقاء.

·        كان أساس اختيار ألكسندرا لحبيبها دومينيك قائمًا على ما يتمتع به من ذكاء، وما يوليه لها من اهتمام، ورعاية، وتفاهم، وكان دومينيك متيمًا بحب ألكسندرا، ملتزمًا معها منذ أن كان طالباً في المدرسة الثانوية.

·        رغم ذلك، طغت الأوهام والأمراض العقلية على الكثيرين نتيجة نوبات القلق والاضطرابات التي عايشها الجميع، وبدا جميع من القصة يتصرفون مع ما يجري بشكلٍ واقعي جدًا، وكان دومينيك يقول إن الحب يجب أن يعالج القلق، وإن فشل في ذلك فلا جدوى منه.

·        كان والد ألكسندرا في حاجة لمساعدة نفسية على تجاوز ما يمر به من اضطرابات نفسية، وقد حرصت ألكسندرا على معالجته وطمأنته، متفهمةً ما عايشه في حياته في معاركٍ حقيقية حيث قضى الناس، وتمزقت أجسامهم أشلاءً وتبعثرت، وفقد الأصدقاء، كانت حياة أبيها أكثر ضغطًا واضطرابًا وأدى إلى دخوله في نوبات قلق، وهذا ما جعله يتباهى بصموده وعدم انجراره مع من سبقوا إلى قمة الممر المؤدي للعالم الموازي.

·        ينبغي أن نحافظ على أرضية مشتركة ومبادئ عامة تربطنا بالمقربين، وتوحد بين مصائرنا واتجاهاتنا على أساس نفس الاتجاهات والمبادئ، والحذر من الفرقة أو التخلي عمن يثقون بنا وقت المخاطر، لأن هذا سلوك الفاشلين الذين يؤثرون في غيرهم، ويخذلونهم وقت الحاجة إليهم.

مستقبل التكنولوجيا

·        علينا أن نفكر في التقدم المرتقب في تكنولوجيا المستقبل، ونستعد للتعايش معه، ويمكننا تفسير بعض الظواهر الموجودة في القصة على أنها استشراف لمستقبل قد يكون مبهرًا للكثيرين، وغير قابلًا للتصور أو للتخيل بما يحمله من حلول وتقنيات تفوق حدود العقل والمنطق.

·        ربما يكون المنقذ لنا من المخاطر المستقبلية أناس عندهم من العلم ما يستعصى علينا استيعابه وفهمه، ولا يتأتى لنا إدراك صدقه، أو إثبات صحة فرضيته. وعلى هذا الأساس كانت كائنات الهولوجرام تقوم بوظيفة بعض من نراهم في المستقبل، ويحدثوننا عن ارتفاع متوسط أعمار الناس إلى 250 عامًا، وعدم وجود حروب، أو كوارث طبيعية وأمراض.

·        ظهر والد ألكس، رمزًا للمشككين في وجود الهولوجرام، وهو ما يعكس انصراف الكثيرين عن التصديق بوجود أي مقدمات تؤدي إلى نتائج غير مرغوبة، أو تقترن بمستقبل مظلم أو اختيارات صعبة، وكانت حجة الرجل أنه ما من سبب منطقي يدعو إلى الاقتناع بأن الأرض مهددة بالزوال والدمار بعد مضي أشهر فقط، لكن ذلك التفسير تجاهل ما تقدر عليه الأمم المتحدة من إطلاق للصواريخ، أو تفجير قنبلة نووية، وربما أسوأ من ذلك بكثير.

قضايا تستحق التأمل

·        ثمة نقاط كثيرة تستحق التأمل والنظر؛ منها ما نحمله معنا إلى المستقبل، أو إلى العالم الموازي، وما نبقيه ونتخلى عنه في الحاضر أو في هذا الكوكب الذي نعيش فيه.

·        ما هي الإجراءات الواجب اتباعها مع إشكاليات السجون المكتظة، ومؤسسات ووكالات جمع بطاقات الائتمان وجماعات الكراهية العاكفة على امتطاء عالم ضحاياها. كيف يعيد المجتمع تقييم قيمه، وما فائدة المال، والمدارس، والوظائف، عندما لا يكون هناك مستقبل؟

·        قد نرى منظريي المؤامرة، والمنكرين، والأصوليين يهاجمون فكرة الهجرة، بالإضافة إلى إمكانية حدوث حالات انتحار، لكن يظل المغامرون كثيرين، وتتوافد جموع الخائفين من البقاء على محاور المرور من العالم الذي يعيشون فيه إلى العالم الآمن.

·        يتحول تركيز الناس في ذلك الوقت، وها هي ألكس تغير زاوية تفكيرها من اتخاذ قرارات تتعلق بالكلية التي تنوي الدراسة بها، ومقدار رغبتها في الذهاب مع دومينيك، إلى مطالبته بالبقاء معها على الأرض، وتفكيرها في صعوبة الذهاب معه إلى هذا العالم الموازي.

الدروس المستفادة

·        يجعلنا البلاء نتحلى بالواقعية، دون التزام الحزن، ونتجمل بالحكمة، دون اختلاق الأعذار والتسليم بعدم قدرتنا على الحل. ومن ثم، نتعلم من أي بلاء أو محنة دروس وعبر كثيرة، ونجد أنفسنا في كل مراحل البلاء أصفياء، أنقياء، نحرص على الانضباط والتحلي بالصبر.

·        لا يعفينا الشك من التفكير فيما هو محتمل، ولابد من الإعداد الجيد لكل السيناريوهات المحتملة، حتى وإن ظن البعض استحالة حدوثها، لأن أحداث الحاضر كانت مستحيلةً في الماضي. وعلى هذا الأساس، نرى صناع القرار يفكرون في المستقبل من زوايا عديدة، ويعدون البرامج والخطط والقرارات اللازمة لمواجهة التحديات البيئية، والاقتصادية، والسياسية وغيرها.

·        التروي مطلوب والحذر واجب، لكننا نحتاج إلى التخلص من التردد والقلق والقضاء على أسبابهما. أيضًا، يجب علينا أن ننظر إلى أولئك الواثقين من أنفسهم والقادرين على مواجهة التحديات، ونعتمد على أسباب قوتهم لنحصد المزيد من الامتيازات لنحول المحن إلى منح.

·        يكسبنا التأمل امتيازات كثيرة؛ أبرزها فهم الأمور، ومعالجة القصور، والاستفادة من المواهب، وتوظيفها لمواجهة التحديات، وايجاد الحلول المناسبة للأزمات الراهنة، والمستقبلية، لأن الأفكار تتغير مع تغير الأحوال، والأوقات والأوضاع، وربما نفهم في الغد ما فشلنا في إدراكه اليوم.

خاتمة

·        تحرص هذه الرواية على إثراء فرص التأمل وتوقع كل السيناريوهات التقليدية وغير التقليدية، والبحث عن حلول عملية، وبأقل قدرٍ ممكن من الخسائر. وعلى غرار ما حدث في الرواية، نرى بعض المؤسسات والشركات تعد خطط وبرامج تستعد بها للقادم، وتقضي أيامًا وشهورًا في بحث الحلول الخاصة ببعض مشكلاتها الطارئة، ثم تفاجئها أمور تخرجها عن دائرة التركيز، وتصرفها عن الأرض التي كانت أعدتها لتقيم عليها أسس تقدمها ونجاحها، وهنا يكمن الحل في عدم استبعاد المستحيلات، وإعداد العدة للتصرف بحكمة وواقعية وفاعلية مهما كانت المستجدات والتطورات.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف