الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

معشوق السنجق 10 بقلم:محمد يوسف محمد المحمودي

تاريخ النشر : 2019-01-14
معشوق السنجق 10  بقلم:محمد يوسف محمد المحمودي
معشوق السنجق (10)

محمد يوسف محمد المحمودي

مترجم وصحفي حر

[email protected]

في  طريقه إلى مكتبه، التفت محمد إلى مكتب سنجق ونظر إليها وهي منشغلة في هاتفها كعادته، وتهمس في حديثها همسًا، فتبسم في نفسه وقال صوته الداخلي: "هذه المرأة الثورجية لا تكف عن شغلي بها وبحالها.. ترى من تكلم؟ وماذا تقول؟.. لكنه نسي فيما يبدو أمرها بالأمس وصفح عنها بعد أن التقت عيناها بعينيه، فعاد يقول: "من أين لهاتين العينين الرائعتين الفاتنتين هذا السحر وذاك البريق؟.. ابتسم وأقبل عليها يغني بينه وبين نفسه: "اشتقت إليك فعلمني ألا أشتاق." 

وما أن رأته سنجق يقترب منها حتى هرعت إلى الباب توصده في وجهه، فاعترضها، ثم سألها:  ما بك أيتها المجنونة؟ قالت له: لا أريد أن أرى وجهك يا رجل. فضحك ثم قال لها: "والله تكذبين يا امرأة." وفي هذه الأثناء ظهر أمام محمد رجلٌ غريبٌ عن المؤسسة، فبدأ يستحضر ملامحه، وما أن تحققت المطابقة بين رأسه ورأس هذا السائق الذي حمل سنجق بالأمس، نظر محمد إلى سنجق وتحقق من نظراتها لهذا الرجل الذي مال عليها وهي جالسة وظل يتوعدها بما لا يسمع ويعاتبها على ما لا يفهمه من التمتمة التي غلبت على حديثه. فقال له: "ماذا تريد يا رجل؟" فنظر إليه وقال له ثمة أمر خاص وسأمضي بعد إتمامه. ظن محمد أن هذا الذي يحدث سنجق أحد أقربائها الغاضبين منها، خصوصًا وأن هيئتها كانت توحي بأنها المذنبة المقصرة وأن موقفها سيءٍ وخطأها عظيم. وما أن انصرف الرجل، نظر محمد إلى عيني سنجق المغرورقة بالدموع وقال لها: "من هذا؟ هل هو أخوك أم قريبٌ منك؟" أشارت إليه أن كف عن الكلام فكف وتركها وانصرف، وهو مهموم بحيرةٍ تضاف إلى رصيد همومه الحائرة في علاقته بسنجق. 

 في هذه الأثناء، كان صوت يوسف يعلو كما لو كان في سجالٍ كلامي حاد، ومن كلمات يوسف التي نفذت إلى أذن محمد: "لقد تغيرت قواعد اللعبة، فمن يريد المشاركة بهمةٍ وإيجابية فأهلًا به، ومن كان يهوى التبعية والدونية والسلبية فليعلم أنه كمن كان خائنًا مندسًا وسببًا لانتكاستنا فلا نصيب له من حصاد.."

(لا نصيب لنا نحن من حصاد، ودعك من مادية الفكرة وهيا ابتسم لهم وقل شيئًا لا يعين الشيطان عليهم)، هذه كلمات قالها محمد بصوتٍ مرتفع وهو يخاطب يوسف أثناء مروره في الطابق الثاني في الناحية المطلة على ساحة السجال التي يقف يوسف ومن يحدثهم، ثم وقف ليرى ردة فعل يوسف ومن معه؛ فلحقت به سنجق تريد أن تخرجه من حالة غضبه وحيرته، لكنها لا تدري كيف تفعل ذلك. وقفت من بعيدٍ تنظر إليه، وقامت بسعالٍ مصطنع لتلفت نظره إليه، فاستدار برقبته ووجه عينيه بما عنده من أسئلة إلى عيني سنجق. ثم عاد لماهيته واعتدل في مشيته وانصرف. 

في تلك الأثناء، كانت إيمان غير مهتمةٍ بمن حولها من ولا منجذبة إلى حديث زميلاتها عن قواعد العشق الأربعين، وكيف تكون المرأة عاشقة مثالية ومعشوقة نموذجية. كان همها في هذا الوقت هو أحمد الذي لم يتفاعل مع رسالتها ولم يقرأها حتى هذه اللحظة. وهنا بدأت تفكر في إرسال رسالةٍ أخرى لها عن طريق نافذةٍ إلكترونية أخرى. 

لم يكد محمد يستعد عينيه من عيني رفيقته، حتى لمحته عينا إيمان التي أعجبها فيه إعراضه عنها وثقله غير المعهود في الرجال المحيطين بها. كيف لا ينظر إلي ولا يلتفت لهذا العطر الذي أضعه والمكياج الذي أحسنه ضبطه؟ لم تكن تعلم أن نكزات عقله تذكره الآن بسلسلة المكالمات الهاتفية السرية التي تشغله وتثير غضبه.. سنجق دائمًا مريبة.. لقد بهت لون وجهي من تغيراته الدائمة بين غضبٍ، وغيرة وانفعالات ضيقٍ وحيرة. يا ربي! ما هذا الذي يحدث لي؟ لا أطيق فراق هذه المرأة، ولا أنعم في حبها بيومٍ واحدٍ من الطمأنينة والهدوء. 

وما أن هاجت نفس محمد، حتى عزل نفسه عن المحيطين به، وبدأ يصعد سلمه نحو مكتبه القصي في الدور العلوي.. يريد خلوةً لدقائق معدودة تؤهله لإنجاز عمله والقيام بما عليه من واجبات كان قد كتبها على ورقة يضعها في يده ويذكر بها نفسه بين حينٍ وآخر. المهمة الأولى اليوم هي عمل محاضرٍ واجتماعات تمهيدية لتشكيل لجان تنفيذية تقوم بإدارة برنامجٍ تدريبي يعكف على تأهيل العاملين وإكسابهم المعرفة اللازمة للاستعانة بالتكنولوجيا في  إدارة أعمال المؤسسة. وهنا بدأ يفكر في اللجنة التنفيذية العليا والأفراد المرشحين لتولى مقاليد الإدارة والمتابعة والتقييم. من يساعدني في ذلك؟ 

وبينما هو صاعدٌ سلم المبنى إلى المكان الذي يقصده، بلغت أذن محمدٍ اليمنى - لضعف أذنه اليسرى بسبب صفعةٍ عمريةٍ وجهها له أبوه يوم وشى عليه عنده بالباطل واشٍ؛ أخبره أن محمدًا يستحم في ترعةٍ نيليةٍ واسعة – كلماتٍ من حوارٍ عاطفيٍ ساخن بين "يوسف" و"علا". علا التي ظنها خرساء من كثرة صمتها وانغلاقها على حالها وعزوفها عن الكلام في كل أحوال عملها المكتبي. كانت "علا" امرأةً طويلة أنيقة وتحسن ارتداء النقاب بطريقةٍ تكسبها وقاراً وحشمة، لكن طريقة ارتدائها ملابسها ورائحة عطرها كانتا سببًا في لفت أنظار الكثيرين من العاملين الزائفين الذين لا يشغلهم من العمل إلا الحديث مع زملائهم عن لبس فلان وفلانة وعلاقة فلان بفلانة. 

كانت المؤسسة ناجحة بفضل جهود ثلاثة أو أربعة رجال، وكان باقي العاملين مثل الديكور الموضوع في مكانٍ، وليتهم كانوا يجملونه. لقد زادوا المكان قبحًا وحسدًا وبغضًا  بعادات التحديق والتشديق والتدقيق في كل شاردةٍ وواردة وأحاديث الغيبة والنميمة.

كسرت ضحكة "علا" حالة الصدمة التي كان يعيشها محمد، بعدما حسم قلبه ظنه أن من يحبها لا تخلص له ولا تصون عهده. وبعدما فرغت "علا" من ضحكتها، سمع محمدٌ يوسفَ يرشق علا بأسهمٍ قاتلةٍ ينال منها ما يرديها ويحول دون شفائها منه. وهنا سأل محمدٌ نفسه: "هل يخرج كل هذا من يوسف الخجول الذي ظننته يومًا لن يصول في مراتع النساء ولن يجول؟" 

ثم.. أليس هذا يوسف الذي حدثه عن إخلاصه لزوجته التي تزوجها بعد سنواتٍ من الحب والشقاء؟ وهنا، أجاب محمد نفسه: "لعله خيال!" ما هذا الذي تفعله يا غبي؟ انصرف وامض لخيبة أملك واقض ما أنت قاضٍ. لحقت "سنجق" بمحمد، وكأنها عرفت مكانه، فجلست على مسافةٍ منه وأخرجت سواكها تستاك به وهي تفكر في حجةٍ وجيهةٍ تسوقها له؛ حتى لا تخسره ولا تكسره. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف