الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عن الرواية الأولى بقلم:د. محمد عبدالله القواسمة

تاريخ النشر : 2019-01-06
عن الرواية الأولى
د. محمد عبدالله القواسمة
تحظى الرواية الأولى بأهمية كبيرة للروائي والناقد على حد سواء. وهي عند الروائي جزء مهم من تاريخه الشخصي؛ هي بداية لولعه ودخوله معترك الكتابة الروائية. فلن ينسى فرحه الطفولي، وقد وضع لمساته الأخيرة على منجزه البكر، الذي سيكون محور إبداعه فيما بعد، والخطوة الأولى التي يتوقف عليها ما سيخطو من خطوات. إنه يتذكر الأوراق التي مزقها، والأقلام التي أتلفها، والساعات الطوال التي أنفقها وهو يحرر الأفكار، ويصور الأمكنة والأزمنة، ويبني شخصيات هذا الفضاء الرحب. ثم لن ينسى القلق الذي لازمه وهو ينتظر ردود الفعل على ما صنع. هل استطاع عمله أن ينتشر بين الناس ويؤثر فيهم؟ لقد أنجز عملًا عظيمًا بل بنى عالمًا توخى من خلاله تغيير ما في الواقع. مخاوف وآمال وطموحات يعقدها الروائي على روايته الأولى.
في اعتراف الروائي الجزائري الطيب السائح الذي ورد في كتاب هيثم حسين " حكاية الرواية الأولى " الذي صدر عن دار قنديل في دبي عام 2017 والذي شارك فيه عدد من الروائيين والروائيات العرب في الحديث عن روايتهم الأولى يبين السائح بأن روايته الأولى "زمن النمرود" التي نشرتها المؤسسة الوطنية للكتاب عام 1985 هي التي حددت رؤيته للكتابة الروائية، والتأمل في مفهوم الالتزام قبل أن يكتب روايته الثانية.
والرواية الأولى ذات أهمية كبيرة للناقد فمن خلالها يتبين له موقعها من الأعمال الروائية الأولى التي كتبها الروائيون الآخرون، ومعرفة الجذور الفكرية التي يستند إليها الروائي في رواياته القادمة. لا نبالغ إذا قلنا إن الناقد الحصيف من خلال قراءة الرواية الأولى يستطيع التنبؤ بما سيكون عليه صاحبها هذا الروائي المبتدئ في مقبل الأيام. كما يستطيع أن يتنبأ بالأفكار والأساليب التي سيتبعها الروائي في رواياته التالية، فهي لن تخرج عن كونها تنويعًا أو تعميقًا لما تجسد في روايته الأولى.
وإذا كانت الرواية الأولى مهمة للروائي وللناقد فإنها ذات أهمية كبيرة للتراث الأدبي للبلد الذي ينتمي إليه الروائي. لهذا فإن المتاحف والمكتبات الوطنية تحرس على اقتناء الروايات الأولى؛ فهي جزء مهم من التاريخ الثقافي الوطني لتلك البلاد. فلا عجب أن فرح الباحثون والأدباء العرب فرحًا غامرًا عندما عثروا على نسخة "الوارث" الرواية الأولى لخليل بيدس التي صدرت عام 1920 فإن لها أهمية كبيرة ليس لفهم أعمال خليل بيدس فقط بل لفهم الرواية الفلسطينية وتطورها أيضًا. لقد فُقدت نسخها من المكتبات العربية العامة والخاصة لكن المحزن في الأمر أن النسخة الوحيدة منها وجدت في المكتبة العبرية في القدس المحتلة.
في بعض الأحيان قد تكون الرواية الأولى الرواية البارزة من بين روايات صاحبها، وهي التي تُخلّد اسمه فكأنه لم يكتب غيرها؛ لأنها تحمل عنصر التجديد الذي لا يستطيع الروائي أن يتخطاه. مثلما رأينا رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" التي كتبها الطيب صالح، وكانت السبب الأول في شهرته حتى عُد عبقري الرواية العربية مع أنه كتب روايات أخرى، هي: "عرس الزين"، و"مريود" و"ضو البيت (بندر شاه)، و"دومة ود حامد"، و"منسي".
كما قد تكون الرواية الأولى هي الرواية الأخيرة عند بعض الروائيين، وهي سبب شهرتهم، مثل: رواية تيسير سبول "أنت مثل اليوم"، ورواية بيدرو بارامو للروائي المكسيكي خوان رولفو. التي قرأها ماركيز مرتين، وقال عنها إنها فتحت له الباب نحو الواقعية السحرية، ورواية "الحارس في حقل الشوفان" للكاتب الأمريكي ج. د سالنجر التي تعد أنموذجًا لكتابات الغاضبين. وقد أعجب بها جيل الرفض في أمريكا حتى رفع هؤلاء شعار بطلها وراويها "كلنا هولدن كولفيلد"، وكذلك رواية "مقتل طائر مغرد" للكاتبة الأمريكية هاربر لي التي صرحت بأنها لن تكتب غيرها لأنها لا تستطيع أن تكتب أفضل منها. وقد حصلت الرواية على جائزة بوليترز.
لا يغيب عنا أن نشير إلى أن الرواية الأولى قد تعاني من صعوبة في قبولها سواء من الناشرين أم من القراء. إنها تحتاج إلى ناشر جريء، وإلى ناقد ذكي يبرز قيمتها بعد نشرها. يذكر الشاعر والروائي والمترجم التونسي محمد علي اليوسفي، كما ورد في كتاب هيثم حسين السابق الذكر، بأن روايته الأولى "توقيت البنكا" رفضت نشرها دار توبقال المغربية لأسباب مادية، ونشرت بعد فوزها بجائزة مجلة الناقد التي كانت تصدر عن دار الريس في لندن. ثم توالت رواياته بعد ذلك.
والخلاصة إن الرواية الأولى قد تكون هي الرواية المهمة لا في تاريخ صاحبها فقط بل أيضًا في التاريخ الثقافي العالمي، كما رواية "دون كيشوت" لسيرفانتيس، أو في التاريخ الثقافي العربي كما رواية "زينب "لمحمد حسين هيكل، أو في التاريخ الثقافي المحلي الأردني، كما رواية "الفتاة الأرمنية في قصر يلدز" لعقيل أبي الشعر، أو في الثقافي المحلي الفلسطيني كما رواية "الحارث" لخليل بيدس.
الرواية الأولى ذات أهمية كبيرة تستحق الاهتمام والاحتفاء بها؛ لأنها تحمل تباشير ولادة جديدة.
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف