الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المكان ودلالته في ديوان "مرتيليات" للشاعر أحمد هاشم الريسوني بقلم:محمد زيطان

تاريخ النشر : 2018-12-28
محمد زيطان باحث المغرب – تطوان.
موضوع الدراسة: المكان ودلالته في ديوان "مرتيليات" للشاعر أحمد هاشم الريسوني.
تمهيد:
حظي المكان في الخطاب النقدي بحظ وافر من العناية والدرس ويعود ذالك الى قيمته الفنية في الخطاب الشعري عموما، فهو ليس مجرد عنصر تأطيري وانما هو عنصر يلعب دور أساس في العمل الشعري ويتضح ذالك جليا من خلال الديوان قيد التحليل. وهو ما يجعل البعض يرى ان العمل الادبي حين يفتقد المكانية فهو يفقد خصوصيته وبالتالي اصالته، وما كان المكان لتكون له هذه الأهمية وهذا القدر من اهتمام الدارسين لولا ما يقوم بينه وبين النسيج الحكائي، عموما من اتصال وتواشيح ذالك ان المكان لا يعش منعزلا عن باقي عناصر السرد. وانما يدخل في علاقات متعددة مع المكونات الحكائية، الأخرى كالشخصيات والاحداث والرؤيات السردية وعدم النظر اليه ضمن هذه العلاقات والصلات التي يقيمها يجعل من العسير فهم الدور النصي الذي ينهض به الديوان الشعري المرتيليات ، ويحتل المكان في ديوان المرتيليات أهمية قصوى في الأدب، بسبب الإحساس العميق الذي يتملك المبدع تجاه هذا الحيز الضروري الذي " يتسع من حيز فردي يمارس فيه الفرد حياته اليومية، إلى حيز جماعي تنظمه الجماعة لتحافظ على تماسكها وتناغمها، إلى حيز قومي تحارب الدول لحمايته، إلى حيز كوني." ولعل الشاعر العربي الحديث أكثر إحساسا بالمكان بسبب ما يحس به من مظاهر التهديد التي تحيط بالمدن العربية، المتساقطة تباعا في يد الاستعمار والغزو، ونظرا للتحولات المتسارعة التي تعصف بشكل المدن وبراءتها، ثم لكون الشاعر ينسج مع المكان علاقة ألفة وحميمية تكشف عنها النسبة إلى الذات الفردية لدى أغلب الشعراء ( مدينتي وطني...).
جماليات المكان في ديوان المرتيليات للشاعر أحمد هاشم الريسوني:
إن العلاقة بالمكان تنطوي على " جوانب شتى ومعقدة تجعل من معايشتنا له عملية تُجاوز قدرتنا الواعية لتتوغل في لا شعورنا. فهناك أماكن جاذبة تساعدنا على الاستقرار، وأماكن طاردة تلفظنا. فالإنسان لا يحتاج فقط إلى مساحة فيزيقية، جغرافية يعيش فيها، ولكنه يصبو إلى رقعة يضرب فيها بجذوره وتتأصل فيها هويته، ومن ثم يأخذ البحث عن الكيان والهوية شكل الفعل على المكان لتحويله إلى مرآة ترى فيها "الأنا" صورتها." من هنا يمتزج لدى الشاعر الإحساس بالمكان الفردي والمكان الجماعي لدرجة يصعب معها التفريق بينهما أحيانا. إضافة إلى أن المكان " أصبح ينظر إليه على أنه عنصر شكلي وتشكيلي من عناصر العمل الفني".
يمكن القول أيضا إن المكان يرتبط في الشعر العربي بالفعل من جهة، والموقف من جهة ثانية، بمعنى أنه دال على ما ينجز داخله من أفعال إنسانية، ثم إنه مرآة كاشفة لما يعتري الشاعر داخله من أحاسيس وانفعالات. وتساهم اللغة، باعتبارها القناة المحولة للأشياء إلى أنساق، في كشف هذا الإدراك للمكان والإحساس به. فالشاعر احمد هاشم الريسوني استطع ان يحول المكان الى قصيدة شعرية يحاول من خلالها الاحتفاء بالمكان احتفاء بالغا، ويعش داخله اغترابه المفعم بالحنين.
ولكن المكان في ديوان المرتيليات يرتبط بالحب الذي يجمع الشاعر بالمكان والزمن وهو طالب في مدينة جامعية مرتيل ويحاول ان يطفى على المكان جمالية اكثر من اجل التعبير عن كل ما يقع في المدينة، في الاحياء والجامعة وأيضا المقاهي ولاسيما مقهى ريوالتي تعتبر في الديوان بمثابة المكتبة عند الشاعر احمد هاشم. التي كان يحظر فيها الامتحانات الجامعية وأيضا اثناء الكتابة الشعرية.
يتشكل المكان شعريا ببنائه الجمالي الجديد الى حيث لا يحضر بصورته الهندسية، او الوقيعة التسجيلية، بل يستعاد شعريا بمخيلته ذاتية تعكسه بانعكاس التجربة الشعرية للشاعر احمد هاشم ، ففي دراسة الخيال لا يوجد موضوع دون ذات، بل ان الخيال بالنسبة للمكان يلغي موضوعية الظاهرة المكانية أي كونها ظاهرة هندسية ويحل مكانها ديناميته الخاصة، وعندما يتحول الخيال شعر يلغي السببية ليحل محلها التسامي المحض.
ويستحضر الشاعر احمد هاشم الريسوني المكان شعريا بمخيلة مضاعفة ، فهو يعود الى تكوينه الأسطوري الدي يعني بناء خياليا مفتوحا، فيستعد مرتيل من بؤرة خيالية اسطورية يرسم من خلالها عمق الماضي مولدا عناقا جديدا ، فيقرأ المدينة بنيويا من خلال مكونتها المقهى ، الجامعة ...
يتضح من خلال ما سبق ذكره ان ديوان المرتيليات يستمد قيمته من طريقة حضور المكان فيه ، ذالك انه ليس مجرد إطار للأحداث وانا هو محوره ونقطته المركزية، فهو المتحكم في نسقها والمحرك لها ، وهو بالإضافة الى ذالك موضوع الخطاب ومادته، وهو ما جعل المكان أساس النسيج الإبداعي في الديوان ، بيد أن أهميته تتجلى أيضا في أثره الواضح لذلك مكونا خطابيا محوريا تدور في فلكه بقية مكونات الشعر . وقد أدى حضور المتميز لمفهوم المكان في ديوان " المرتيليات " الى النظر في دلالته المتمثلة أساسا في اعتباره أداة تعبير عن موقف من قيم العصر وأيضا الثقافة التي يعشها الطالب احمد هاشم في واقع مدينة مرتيل.
ونجد الفيلسوف هايدغر يذهب بعيداً إلى حد أنه لا يمكن فهم إنسانيتا أو استيعاب مغزاها إلاّ من خلال هذا الوجود المكاني الذي تملكه، فإذا كانت المكانية تعني الإنسان لكونه موجوداً منفتحاً على العالم، وأن انفتاحها على العالم سيكون من خلال خاصيتين جوهريتين هما الاتصالية والاتجاهية من قبيل القرب والبعد، فهي هنا تتلاشى وتجعله يختفي فالسبل التي تتصارع فيها الأشياء وفق ما نمارسه على مدار اليوم تدفعنا إلى أن نقهر البعد، ولا ينبغي أن يكون البعد مسافة مقاسيه، مثلما تصور المفكر الفرنسي ديكارت، فإذا كان لنا أن نقيم البعد فإننا نفعل ذلك على نحو تقويم نسبة بينه وبين ما يحققه الإنسان لذاته في حياته اليومية.
انطلاقاً من هذا الطرح لمارتن هايدغر يتساءل الكاتب احمد هاشم الريسوني: هل نحن مقذوفون قسراً نحو مكان ألفتنا؟ ويجيب عن التساؤل أفصح إجابة، ويستنطق الشعر المعاصر استنطاقاً ظاهرياً يكشف خلاله علاقتنا بالعالم وبالمكان وبأنفسنا. من خلال تجسيد المكان في ديوان المرتيليات.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف