الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

السواد في قصيدة "قلبي والشتاء" أسامة مصاروة بقلم رائد محمد الحواري

تاريخ النشر : 2018-12-27
السواد في قصيدة
"قلبي والشتاء"
أسامة مصاروة
اعتقد أننا في المنطقة العربية نعاني على أكثر من صعيد، الشخصي والنفسي، والاجتماعي والاقتصادي، والوطني والقومي، حتى أن لغتنا أخذت طابع السواد الذي يغلب على الكثير من الألفاظ التي نستخدمها، ولم يقتصر السواد أو القسوة أو الألم على المواضيع الصعبة فحسب، بل نجدها طال المواضيع الحب والفرح، حتى أننا لا نحسن استخدام التعبير المناسب للحب، فنقول على سبيل المثل: "أحبك حتى الموت"، فذا التعبير قاسي ومؤلم في ذات الوقت، فكيف يجمع القائل بين الحب والموت، ولماذا لم يستخدم مثل: "أحبك مثل الحياة"؟، إلا يبدو هذا أجمل ومتناسق بين فكرة الحب والحياة، لكن اعتقد أن الحالة العربية تحديدا تعاني من قرون من ختالة القهر والظلم، ما جعل استخدام الألفاظ السوداء مسألة عادية وعابرة، وتعد حالة طبيعية ولا تثير أية تساؤلات.
كما أن هناك عقدة "الشتاء" في هذا المجتمع، فهو رمز الموت والشدة، وإذا عدنا إلى الأدب الفلسطيني تحديدا، سنجد أن غابية الأبطال في الأعمال الأدبية كانوا يموتون في فصل الشتاء، وهذا أيضا ناتج عن سوء الطرق وصعوبة التنقل في فصل الشتاء، وعدم صالحة المسكن في حماية ساكنيه من المطر والبرد.
عنوان القصيدة "قلبي والشتاء" يشير إلى حالة شخصية عند الشاعر، وهو يتحدث عن نفسه في زمن قاس، الشتاء، فالعنوان يوحي إلى حالة القسوة والمعاناة الشخصية عند الشاعر، من هنا نجد الفكرة والألفاظ متوحدة مع هذا السواد:
"هاجمَ القرُّ سريري
في شتاءٍ زمهريري
ببروقٍ ورعودِ
لا تُبالي بِوجودي
وَغِطائي غيرُ مُجْدِ
فحبيبي ليسَ عندي
ما تبقى بعدَ صدّي
غيرُ أحزاني وَسُهدي
ما تبقى بعدّ هجري
غيرُ أشواقي وَقهري
وشتائي ما شتائي
عادَ كي يحْيي بلائي
وَعذابي وشقائي"
فاتحة القصيدة كالعنوان تعطينا فكرة أولية عن فحوى القصيدة، من هنا نجد "هجم" والذي يخدم فكرة القسوة والشدة معا، كما اننا نجد الفاظ: "القر، شتاء، زمهرير، برق، رعد، لا، غير، ليس، صدي، احزان، هجري، قهري، بلائي، عذابي، شقائي" كل هذا يجعلنا نتأكد أن هناك حالة ألم يعاني منها الشاعر، لهذا نجده يركز على ياء المتكلم، واعتقد أنه أراد بهذه الياء أن يجذب اهتمام المتلقي للقصيدة، لأن الحديث الشخصي غالبا ما يثير اهتمام القارئ/المتلقي.
الدافع لهذا السواد والمبرر لوجوده نجده بهذه الأبيات:
"من حنينٍ للِّقاءِ
ضوءُ قنديلي الصغيرِ
باهتٌ مثلَ مصيري
أينَ مني حبُّ عمري
أينَ مني وصلُ بدري"
فهنا لغة بيضاء وناصعة، فهناك "القنديل، الصغير، حب، عمري، وصل، بدري" وإذا ما اضفنا الصورة الجميلة:
"ضوءُ قنديلي الصغيرِ
باهتٌ مثلَ مصيري"
إلى تلك الألفاظ البيضاء نستطيع أن نتفهم حجم الألم الذي يعانيه الشاعر.
بعد هذه المقاطع البيضاء يعود بنا الشاعر إل عالم الألم والقسوة:
"فرياحُ الهجرِ تعْوي
في فؤادي وَتُدَوّي
وثلوجُ الصدِّ تهْوي
فوقَ رأسي بِغُلُوِّ
شجراتي باكْتِئابِ
من رياحٍ باضطرابِ
وسوادٍ في السحابِ
مثلَ سدٍّ أو حجابِ
يحجبُ البدرَ البعيدا
بدرَ أيامي الوحيدا"
إذا ما قارنا فاتحة القصيدة بهذه الأبيات، سنجدها اكثر سوادا وقتامة، وكأن البياض ـ المفقود ـ الذي ذكره الشاعر آنفا، أثاره نفسيا، فلا يمكن أن يتساوى الفرح بالحزن، من هنا نجد تصاعد في لغة السواد، من خلال: "الريح، الهجر، تعوي، تدوي، الصد، تهوي، باكتئاب، باضطراب، سواد، سد، حجاب، البعيد، الوحيد" فالسواد يتصاعد ويتفاقم، فهنا نجد ذروة القسوة والألم عند الشاعر، وإذا ما توقفنا عند ستخدم الياء التي كانت تشير إلى الأنا في البداية، واستخدامها في بعض الكلمات هنا، يمكننا أن نتأكد على أن الشاعر يتحدث بألم شخصي، لهذا نجد ـ في العقل الباطن ـ تمتهى في استخدام حرف الياء.
واعتقد أنه هنا فرغ ما فيه من انفعال، فقد ارتاح بعض الشيء، لهذا لا بد أن تكون الابيات التالية أقل وأخف حدة من هذه:
"قبل أنْ صرتُ شريدا
قبلَ أن صارَ عنيدا
لا يبالي باحتراقي
أو بوجدي واشْتِياقي
أو بدمعٍ في المآقي
بل بصدّ وافتراقِ
زمْجرَ الإعصارُ فوقي
إنّما ليسَ كشوْقي
يا تُرى هلْ لحبيبي
أيُّ علمٍ بلهيبي
لِمَ يزدادُ ابْتِعادا
وَجفاءً وَعِنادا"
اعتقد أن ذكر الحبيب الذي أصبح "عنيد، ولا يبالي" يشير إلى حالة العتب، والتعب غالبا ما يشير إلى الأحبة، بمعنى أن الشاعر ما زال يميل ويحن إلى الحبيب، وهذا ما نعكس على الألفاظ فهناك "بوجدي، واشتياقي، بدمع، افتراق، لحبيبي" فهذه الالفاظ تشير إلى حالة الحزن وليس إلى حالة الألم، لهذا جاء مضمون الابيات ـ إذا ما استثنينا البيت الذي جاء فيه (زمجر الاعصار) ـ أقل حده من تلك السابقة.

اضطراب الشاعر حاضر في القصيدة، لهذا نجد الانفعال ظاهر في الألفاظ والمضمون، فبعد الهدوء ـ النسبي ـ نجده يتوتر من جديد، وبعد العاصة تخف حدة الألم وهكذا:
"أيُّ عُذرٍ للْغيابِ
أيّ فخرٍ باغترابي
عصفَ الوجدُ وثارا
وغدا في القلبِ نارا
جنَّ وِجْداني وَحارا
إذْ رأى الغدرَ نهارا
في عراءِ البيتِ نامتْ
تينةٌ كالنصبِ قامتْ"
تركيز الشاعر على حرفي "العين والغين" يشير إلى حالة الاحتقان التي يعانيها، فهناك : "عذر، غياب، اغترابي، عصف، الغدر، عراء" وكأن الشاعر أسير لأحرف بعينها، بمعنى أنه فقد لغته وقاموسه اللغوي، لهذا نجد حرفه محددة.
اعتقد كان يمكن للشاعر أن ينهي القصيدة عند ما سبق، لأن الفكرة وصلت لنا، إن كان من خلال المعنى الذي تحمله الأبيات، او من خلال الألفاظ التي استخدمها، او من خلال الكلمات والحروف، فهناك تحول كبير في القصيدة جاء في بقية الابيات، وكأن الشاعر بعد أن أفرغ لنا ما في نفسه من احتقان شعر بشيء من الهدوء، وسكنت نفسه، لهذا نجد تحول في لغة الشاعر وفي حدة القصيدة:
"كلَّ عامٍ في الشتاءِ
بعدَ شمسٍ وصفاءِ
كانتِ الأوراقُ تنمو
مثلَ قلبي ثمَّ تزهو
كنتِ مثلي في الغرامِ
مثلَ حبّي وَهيامي
كنتِ عنوانَ الصفاءِ
كنتِ رمزًا للنّقاءِ
نبعَ حبٍّ وحنانِ"
وإذا ما قارنا هذا الأبيات مع ما سبقها، سنجد أنفسنا أمام قصيدة أخرى، غير تلك التي بدأت بحدة وقسوة، فهنا يتمحور الحديث عن حالة من الحنين للحبيب المفقود/الغائب، لهذا نجد "الشمس، الصفاء، الأوراقـ تنمو، قلبي، تزهو، الغرام، حبي، هيامي، عنوان، الصفاء، رمزا، للنقاء، نبع، حب، حنان، فنحن امام لغة جديدة ومضمون جديد، هادئ ومتزن، وبعيدا عن الانفعال والتوتر، لهذا نجد الطبيعة وما فيها من جمال حاضر في الأبيات، لكنه صرعان ما يعود إلى لغة الألم فيقول:

" لا لقهرٍ أو هوانِ
فجأةً يا ناسُ خلفي
لاحَ بدرٌ مثلَ طيفِ
صُوَرٌ مرّت أمامي
كشريطٍ في المنامِ
يا لعشقٍ ضاعَ مني
يا لحبٍّ تاهَ عني
هل هوانا كانَ حقّا
أمْ خداعًا ليسَ صدْقا
غيرُ ذكرى ما تبقى
لفؤادٍ ذابَ شوْقا
جرَفَ الشوقُ فؤادي
ومشى معْ سيلِ وادي
كلّما ازدادَ ابْتِعادي
ماتَ بالعنْدِ ودادي" ولا أدري لماذا أعادنا الشاعر إلى حالة الألم، هل هو تماهي مع الألم الذي بدأت به القصيدة، بحيث أمسى اسير لهذا الألم؟ أم أنه وقع ـ كشاعر ـ في قدسية القصيدة بحيث لم يرد، لم يرغب في (شطب/محو) ما كتبه من ابيات، فجعل هذا الابيات ضمن القصيدة، رغم عدم إضافتها شيء إلى مضمون أو جمالية القصيدة؟
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف