الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في رواية" لا يهزمني سواي" لرولا خالد غانم بقلم:إبراهيم موسى النحَّاس

تاريخ النشر : 2018-12-25
((الاحتلال المزدوج ...المرأة بين تحرير فلسطين و هضم الرجل لحقوقها ))

قراءة في رواية" لا يهزمني سواي" لرولا خالد غانم

كتب إبراهيم موسى النحَّاس:

        في روايتها الجديدة " لا يهزمني سواي" تقدّم لنا الروائية رولا غانم رؤية  تقوم على الفكر الثّوري, ثورة ضد الاحتلال الصهيوني لوطننا العظيم فلسطين , مع ثورة ضدّ قمع الرجل للمرأة و هضم حقوقها في المجتمع الذكوري الشرقي, لتكون الرواية إعلان عن ضرورة انتصار الحق بالتّخلص من الاحتلالين معًا, فتصف لنا جانب من مأساة الشعب الفلسطيني في سياق حديثها عن مدينة " طولكرم" فتقول في ص11: "مدينة طولكرم، تلك المدينة التي تمدّد أضلاعها على السّاحل الفلسطيني، وتبتعد عن شاطئ البحر الأبيض المتوسط نحو خمسة عشر كيلو مترا، هذا السّاحل الذي حرم الاحتلال الإسرائيلي شعب فلسطين من التمتّع به، كما حرمه الاستجمام او الاصطياف أو حتى بثه شكواه، حقا إنّ إسرائيل الآن تحتلّ أجمل بقاع الأرض".                                          
     كما نجد الحديث عن الحواجز و معاناة الفلسطينيين معها في ص 23-24 حين تقول: "كانت صابرين تشعر بالفرح حينما تقرّر أمّها زيارة بيت جدّها في القدس، رغم المعاناة الكبيرة التي كنّ يواجهنها منذ مغادرة مدينة طولكرم، حتى الوصول لمدينة القدس، ففي فلسطين عليك ألّا تحدّد موعدا مع أحد خارج المدينة، لأنّك ربما تستغرق ساعات على الحواجز، وربما تتعرّض للإهانة والتفتيش والاستفزاز من قبل قوّات الاحتلال، أمام هذا الواقع عليك أن تتحلّى بالصّبر، خصوصا عندما تصل حاجز قلنديا، وهو أكبر الحواجز العسكرية التي أوجدها الاحتلال عقب الانتفاضة الثانية التي انطلقت منذ عام 2000 ويقع بين القدس ورام الله، ومحاط بأسلاك شائكة وحواجز إلكترونية، وكاميرات تراقب حركة الفلسطينيين عند الدخول والخروج، هذا الحاجز الذي يسعى إلى تقطيع أوصال الفلسطينيين، وإلى عزل مدينة القدس عن شقيقاتها".

     كذلك وصف الممارسات الإسرائيلية البشعة من خلال الحديث عن " سجن الجلمة " الذي سُجِن فيه"علاء" ابن عم ط وجدي " زوج أخت بطلة الرواية, فتقول في ص71: "سجن الجلمة حسب ما سمعت، يحتوي على غرف سرية تحت الأرض، تدعى الزنازين، وكل زنزانة عبارة عن غرفة صغيرة مترين في مترين، فيها طاقة صغيرة بتسمح للشمس في الدخول، يتخلل هذي المساحة الصغيرة حمام، مع حنفية ماء تستخدم للشرب، والمكان لا يحتوي إلا على فرشة رائحتها كريهة، ويثير في الأسير الاشمئزاز والرعب والشعور بالوحدة، انعدام النظافة والحرمان من الوسائل التي تعمل على اغتيال العقل، ووسائل التحقيق والتعذيب النفسي تتخطى كل الأعراف والقوانين الدولية، بل تتخطى حدود الخيال في إذلالها للأسير".كل هذا يعكس مدى حب وانتماء الكاتبة لوطنها فلسطين و رفضها للاحتلال الصهيوني الغاشم بممارساته القمعية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل, ذلك الانتماء لدى الكاتبة الذي دفعها أيضًا لتسمية إحدى الشخصيات الروائية داخل روايتها باسم " فلسطين " و هي اخت بطلة الرواية التي عانت كثيرًا مثلها.                                                                                                        
       كما تناولت الكاتبة الأزمة السورية في سياق الأحداث من خلال الحديث عن سبب حزن " سارة" التي أعجب بها " وجدي" زوج "علياء" شقيقة بطلة الرواية, فتقول في95-96: "مسحة الحزن التي كانت تعلو جبينها، بسبب الحرب التي تدور رحاها ولا تزال في بلدها سوريا، تلك الحرب الغامضة التي  انطلقت من ثورة عفوية شعبية غايتها كما كان يبدو إجراء بعض الاصلاحات السياسية في بلد جميل معظم سكانه مدنيون مسالمون، ما كانوا يدركون خطورة ما اطلقوه من هتافات هزّت عروش الأنظمة وخلفت وراءها حالة من الفزع على شكل  الدولة المترهل القائم في بلادنا.. مما جعل العالم يتحالف ضد هذا الشعب و يحول بلده الى خراب أو يكاد يسويه بمجمله في الأرض. لكن هذه الغاية و لسوء حظها وحظ  بلدها تحولت الى مصيبة لم تترك أحدًا من السوريين خارج دائرة الحزن و الألم و التهجير و الفقر و الاعتقال والاغتصاب والرّعب، وكانت قد سمعت مؤخرا بأن هناك عصابات قد تجوهرت في  أطراف  هذه اللعنة، واشتغلت بتجارة البشر و أعضائهم أيضًا".

        تناولت الرواية أيضا نقدا لسلبيات التفكير في واقعنا الاجتماعي العربي تجاه المرأة, لتواجه الرواية النوع الثاني من الاحتلال, وهو احتلال الرجل لحقوق المرأة و حقها في الحياة السعيدة الكريمة, فتنتقد هذا الفكر الذي يولد بمولد المرأة حيث يتم تفضيل الذكور على البنات, فتقول في سياق حديثها عن" سهاد" أم " صابرين " بطلة الرواية في ص14: "لم تكن سهاد تنجب سوى البنات، ممّا جعل لحماتها الحق ّفي أن تلقّبها بأمّ البنات، وتحمّلها الذّنب لعدم إنجابها الصبيان، وتلحّ عليها بالإنجاب حتى يأتي الصبي، فمن سيحمل اسم أبيه إن لم يأت؟؟! كانت تردّد دوما:" البنات مش محسوبات" حتى البطلة نفسها" صابرين " لا تكمل تعليمها الجامعي و تتزوج من إبراهيم الذي شعرت بالصدمة معه بسبب قسوته فتكون نار بيت أبيها أهون من جنة إبراهيم زوجها فتقول في ص49: "دخلت صابرين قفصا لكنه ليس من ذهب، كلّ طلعة بإذن مسبق، وكلّ ضحكة وكلمة بحساب، لم تكتشف طباع إبراهيم إلّا بعد الزّواج، لم تتوقّع أن يكون بهذه القسوة، أدركت مع الأيّام أنّ نار أهلها أهون من جنّة زوجها. لكن الزّواج حسب عليها، ويجب أن تتكيّف معه، رغم كلّ الصعوبات التي كانت تواجهها. مع الأيّام ازدادت قيود زوجها، فمنعها من زيارة صديقاتها والأقارب، لم يسمح لها إلّا بزيارة أهله مرّة كلّ أسبوعين، وأهلها مرّة كلّ شهر، عدا عن فرضه الحجاب الكامل عليها، و إغلاقه المحكم للنوافذ و السّتائر و الأبواب".

        و مع تدرّج الصراع و عرض مآسي الشخصيات النسائية في المجتمع الذكوري يأتي الحل في النهاية من خلال تمرد صابرين عل الحياة مع زوجها إبراهيم و تركها لبيته و ترك الأولاد له و الخلع منه مع الاعتماد على نفسها بالعمل و استقلاليتها بحياتها, و كأنَّ استقلاليه البطلة صابرين من سُلطة زوجها إبراهيم رمز لتحرير فلسطين من سُلطة الاحتلال الصهيوني البغيض, خصوصًا أنَّ الكاتبة عرضت في نهاية الرواية لقضية العدل الإلهي, فنجد سعادة صابرين بحياتها الجديدة, كما نجد وجدي زوج أختها علياء يحرمه الله من الإنجاب من سارة, و أم وجدي الظالمة لعلياء تصاب بالسرطان, و خلود زوجة الأب الظالمة للبنات يتم تطليقها بسبب كل أفعالها في حق الأسرة هي و أخوها الفاسق رضوان.

       و على المستوى الفنيّ نجد براعة الكاتبة في وصف الشخصيات, حيث جمع الوصف بين الوصف الخارجي الظاهري و ربطه بالحالة النفسية للشخصية من الداخل بل وصل الأمر لربط هذا الوصف أحيانا بقضية الاحتلال الصهيوني, مثل وصفها لشخصية" صابرين" بطلة الرواية في ص 7-8حين تقول: "صحيحٌ أنَّ عينيها كانتا عسليّتين، لكن المياه التي سبحت بهما  حولّتهما إلى بحيرة أشبه بمصيف للألم، كما أنّ شفتيها تحوّلتا من كرزيّتي الّلون إلى شفتين زرقاوين تكاد تتخثّر فيهما الدّماء لشدّة ما تضغط بأسنانها عليهما، كلّما غصّت بألم  تسلّل وسط حديثها، وهي بين الفينة والأخرى تعصم مقبض يدها ثم تفرده وتضعه تحت ذقنها لتسند رأسها بها، ربما يرجع ذلك لأنّها تشعر بثقل الأحداث التي تميل برأسها  إلى الأدنى، كما تشعرك وهي تقبض على خصلة من شعرها الكستنائي المنسدل على كتفيها، ثم تفلتها بأنّها  تعاني اضطرابا من نوع ما, يا لذاك العنق المحاط  بتلك القلادة الفضيّة المثقلة بخارطة فلسطين، ولهاتيّن الأذنين بقرطيهما المتعلقين بأرنبتيهما كما لو أنّهما نجمتان متعلقتان بوميض من نور عكس مرآته على هذا المكان الذي اعتم لشدّة هموم من فيه، مع أنّه مقهى ثقافي في شارع الإرسال في مدينة رام الله، في أطرافه جموع توزعت هنا وهناك بهمهمات وأصوات تدوي كدويّ النحل، تشغلها معاناة رواتب موظفي "غزّة" التي صارت حديث، المتشدّد والمعتدل والمتسيّب أيضًا".

     حتى اللغة المجازية التي قامت على التشبيه ربطت الكاتبة بعض صورها البلاغية مع قضية فلسطين و الاحتلال الإسرائيلي لها , و لنقرأ معًا تلك الصورة في ص21-22حين تقول: "كان لكلماتها وقع خاص، ينعش روحها، ربّما كانت هي سبب تفوّق البنات في المدارس، فمنذ بداية الثانوية العامّة ( التّوجيهي)، وهي تدلّل صابرين كطفلة صغيرة، تمنحها الحبّ، تحفّزها وتخبرها بأنّها تتنبّأ بأن تصبح طبيبة متخصّصة في طبّ الأورام الخبيثة، ربّما لأنّها فقدت زوجها وابنها الوحيد بسبب هذا المرض اللعين، الذي يهاجم الجسد و يحتلّه كما الاحتلال الصّهيوني يحتلّ فلسطين، دون مقدّمات وسابق إنذار، و دون حقّ، يحطّم الجسد و يتوغّل فيه بلا رحمة".

        الجمع بين ما هو روائي أدبي و ما هو وثائقي, حيث يتم توثيق الأخير في نسيج الرواية و أحداثها لخدمة فكرة الانتماء للوطن, مثل حديثها عن دوَّار الشهيد ثابت لحظة عودة صابرين في العطلة من الجامعة إلى مدينة طولكرمحيث تقول فيص31-32: "وصلت  صابرين مدينة طولكرم، بعد منتصف النهار، توقّف بها السّائق عند دوّار الشهيد ثابت ثابت، الذي سميّ على اسم الدكتور ثابت ثابت الذي اغتالته قوّات الاحتلال الإسرائيلي، بتاريخ 31/12/2000 أمام منزله في الحيّ الجنوبي من المدينة، وأطلقت عليه الرصاص من مسافة 300 متر، فاستشهد على الفور، ونقل إلى مشفى طولكرم وهو مخضّب بدمائه الزكيّة، ليحمل المستشفى اسمه فيما بعد، وكذلك الدوّار، الذي يقع في أول المدينة، تخليدا لذكراه العطرة،  ذكرى إنسان مناضل صاحب موقف وطني، ورؤية وطنية رائعة".

       ملمح فني آخر داخل الرّواية يعكس لنا صورة الكاتبة المثقّفة من خلال التناص الأقرب إلى الاستشهاد بأعمال سابقة للتأكيد على رؤية الكاتبة, مثل الحديث عن رواية" عائد إلى حيفا لغسان كنفاني في سياق حديث البطلة عن حنان الخادمة منيرة فتقول في ص22-23: "كانت الشغّالة منيرة تحرم نفسها من الذّهاب لبيت شقيقها في فترة إجازاتها، لتوفّر للبنات المناخ المناسب، كي يتفوّقن وأمهنّ تكتفي بمجرد سؤال عن أحوال دراستهن، على ما يبدو فعلا أنّ الأمّ التي تربي، وليست التي تنجب،  ففي رواية (عائد إلى حيفا) لغسّان كنفاني، عندما عاد سعيد وزوجته صفية  إلى حيفا، وتوصلا لابنهما(خلدوندوف) الذي تركاه غصبا، وهو رضيع، رفض أن يعود معهما، واعترف بميريام أمّه اليهودية التي قامت بتربيته، وتنكّر لوالدته الحقيقيّة، قالت صابرين في قرارة نفسها".
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف