وهم
في ذلك الطقس القارس، انتظرتْ طويلاً أيَّ وسيلة نقل تُقِلها إلى بيتها بعد يومٍ شاقٍّ في العمل.
وعندما وصل باص النقل الداخلي، هرولتْ نحوه لا ترى منه سوى الباب الآلي الذي تنفسَتِ الصعداء عندما رأته يُفتحْ... وحالما صعدتْ وأمسكت بأحد القضبان الحديدية لتسند نفسها به من مطبّات الطريق، رفعتْ نظرها لتراه واقفاً يبعد عنها نحو ثلاثة أمتار فقط، ويحدّق بها بطريقة ملفتة لنظر باقي الركّاب...
لم تأبه لنظرات الآخرين...فقد توسعت حدقتها كما حاله، وبادرتْ من فورها بمناجاته :
-كيف حالك؟؟ لقد اشتقت إليك..
-ها أنا أمثل أمامك لا تنقصني قطعة من جسدي، إلا أن قلبي قد انفطر على غيابكِ
-لم تتغير.. أنت كما أنت، أما أنا فقد جار عليَّ زماني وبتُّ جسداً بلا روح..
-لم أكن أعلم أنك تزدادين جمالاً كلما كبرتي... روحك الطيبة تتجسّد أمامي الآن برصاص عينيكِ
-كفّ عن قول هذا... فكلامك يربكني
-أستطيع رؤية ارتباكك فوجنتاكِ تضيئان احمراراً، اقتربي مني ولا تكترثي لأحد
تقتربُ منه لاترى أمامها سوى عينيه... تمثُل أمامه فيقترب ليقبّل رأسها، تغمض عينيها تشعر بكل ذرّة حنينٍ تكمنُ في دفء شفتيه،
ثم تفتحهما وابتسامتها البريئة ترتسم على وجهها... فترى رجلاً في الخمسينات من عمره يحدّق بها ويبتسم لها بطريقة قذرة.. تنظر حولها مرتبكة خائفة كأنها هبطتْ لتوها من كوكبٍ آخر... تبحث عنه يمنةً ويسرة، فلا ترى إلا أعينٌ تكاد تأكل وجهها.
تصرخ بالسائق كي يتوقف وينزلها...
وتنزل لاتعرف من هي وأين هي وماذا جرى!!!
لتكتشف بعد دقائق.. أنّ بيتها أصبح ورائها ويجب أن تستقلّ باص الإياب...!!
#إباء_محاميد
في ذلك الطقس القارس، انتظرتْ طويلاً أيَّ وسيلة نقل تُقِلها إلى بيتها بعد يومٍ شاقٍّ في العمل.
وعندما وصل باص النقل الداخلي، هرولتْ نحوه لا ترى منه سوى الباب الآلي الذي تنفسَتِ الصعداء عندما رأته يُفتحْ... وحالما صعدتْ وأمسكت بأحد القضبان الحديدية لتسند نفسها به من مطبّات الطريق، رفعتْ نظرها لتراه واقفاً يبعد عنها نحو ثلاثة أمتار فقط، ويحدّق بها بطريقة ملفتة لنظر باقي الركّاب...
لم تأبه لنظرات الآخرين...فقد توسعت حدقتها كما حاله، وبادرتْ من فورها بمناجاته :
-كيف حالك؟؟ لقد اشتقت إليك..
-ها أنا أمثل أمامك لا تنقصني قطعة من جسدي، إلا أن قلبي قد انفطر على غيابكِ
-لم تتغير.. أنت كما أنت، أما أنا فقد جار عليَّ زماني وبتُّ جسداً بلا روح..
-لم أكن أعلم أنك تزدادين جمالاً كلما كبرتي... روحك الطيبة تتجسّد أمامي الآن برصاص عينيكِ
-كفّ عن قول هذا... فكلامك يربكني
-أستطيع رؤية ارتباكك فوجنتاكِ تضيئان احمراراً، اقتربي مني ولا تكترثي لأحد
تقتربُ منه لاترى أمامها سوى عينيه... تمثُل أمامه فيقترب ليقبّل رأسها، تغمض عينيها تشعر بكل ذرّة حنينٍ تكمنُ في دفء شفتيه،
ثم تفتحهما وابتسامتها البريئة ترتسم على وجهها... فترى رجلاً في الخمسينات من عمره يحدّق بها ويبتسم لها بطريقة قذرة.. تنظر حولها مرتبكة خائفة كأنها هبطتْ لتوها من كوكبٍ آخر... تبحث عنه يمنةً ويسرة، فلا ترى إلا أعينٌ تكاد تأكل وجهها.
تصرخ بالسائق كي يتوقف وينزلها...
وتنزل لاتعرف من هي وأين هي وماذا جرى!!!
لتكتشف بعد دقائق.. أنّ بيتها أصبح ورائها ويجب أن تستقلّ باص الإياب...!!
#إباء_محاميد