الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في قصيدة للشّاعر التّونسي المكّي الهمّامي بقلم:مادونا عسكر

تاريخ النشر : 2018-12-20
السّؤال في مواجهة الوحدة والشّكّ.

قراءة في قصيدة للشّاعر التّونسي المكّي الهمّامي.


مادونا عسكر/ لبنان

- النّصّ:


مفردٌ، كَإِلَهٍ يحاصِرُهُ البَردُ في عَرْشِه
مفردٌ، كمُصادفةٍ. مفردٌ
مفردٌ، وشريد...
لي شُكوكُ، وأسئلةٌ صعبةٌ، وهزائمُ
مُرعبةٌ. هذه ثروتي، في الوجود.
وأعرفُ: خاتِمتي أن أعود،
إلى ظُلمَةِ القَوْقَعَة !

- القراءة:

"اللّغة ابتكرت كلمة "الوحدة" لوصف ألم أن تكون وحيداً وابتكرت كلمة "العزلة" لتصف شرف أن تكون وحيداً. (بول تيليش). والشّاعر المكّي الهمامي يتخبّط بين ألم الوحدة وشرف العزلة في في ما يشبه كتابة سيرة ذاتيّة تختصر الألم، ألم الشّاعر. ولئن كان الشّعر ينبع من الألم والتّجربة والاختبار ويصبّ في هيكليّة الجمال، ابتنى الشّاعر سيرته الذّاتيّة في عالم شعريّ. فنبتت بين السّطور رؤيته الفلسفيّة، وتجربته، واختباره الشّخصيّ مع ألم الوحدة، وقراره الوجوديّ بالانتهاء إلى شرف العزلة.
يحدّد لفظ (مفرد) الّذي يتكرّر أربع مرّات في القصيدة تقييم الشّاعر لذاته أوّلاً وموقعه من العالم ثانياً. ولعلّ هذا اللّفظ يترادف في القصيدة ومعنى الوحدة والتّفرّد والانعزال.

(مفردٌ، كَإِلَهٍ يحاصِرُهُ البَردُ في عَرْشِه)

تتجلّى المعاني متناقضة متنافرة في هذا البيت لترسم صورة عن عمق الألم في قلب الشّاعر. وكأنّي به يعبّر عن فقد لقدرة أو سلطة أو عجز (إله يحاصره البرد). وليس الشّاعر بصدد تأليه ذاته بل يأخذنا معنى لفظ (كإله) إلى أبعاد سلطويّة يتفرّد بها الشّاعر وحده ما لبثت أن تجمّدت (يحاصره البرد في عرشه). وما دلالة العرش إلّا رمز لخصوصيّة القدرة والسّلطة. ويقحم الشّاعر (البرد) ليكثّف معنى الألم، ألم الوحدة لينتقل المعنى من تفرّد كينونة الشّاعر إلى المعنى المراد منه الوحدة المؤلمة. ويتعمّق الألم ويتصاعد ليتماثل مع عدم الفهم الحقيقيّ لهذا الألم، أو التّأمّل بصمت له (مفردٌ، كمُصادفةٍ). وإن دلّت المصادفة على أمر عرضيّ تبيّن للقارئ تفرّد الشّاعر في ألمه الّذي يعتبره خاصّاً جدّاً أو لا مثيل له. ما جعله شريداً عن نفسه لا مأوى له. (مفردٌ// مفردٌ، وشريد...). فبقدر ما يشعر الشّاعر بالوحدة يغترب عن ذاته.
ترتبط السّطور الثّلاثة الأولى ببعضها لتشكّل بنية الشّاعر النّفسيّة المتخاصمة مع الواقع لتؤدّي إلى استفهام وجوديّ وحاجة لإدراك هذا الواقع، فيطرح ضمناً إشكاليّة كيف ولماذا. (لي شُكوكُ، وأسئلةٌ صعبةٌ) والصّعوبة تكمن في عدم القدرة على استيعاب وتفسير الواقع من جهة، وكيفيّة التّعامل معه من جهة أخرى. لكن يبدو أنّ هذه الشّكوك والأسئلة متجذّرة في الشّاعر، تحرّك صراع العقل مع الواقع الوجوديّ وتتلاقى مع الهزائم الّتي يصفها الشّاعر بالمرعبة. فيخرج المعنى عن إطار الواقع الآنيّ ليمتدّ إلى زمن يعرفه الشّاعر وحده ويتأمّله ويترافق معه. ما دلّت عليه عبارة (هذه ثروتي، في الوجود). فذاكرة الشّاعر مترعة بالاختبارات المؤلمة الّتي أدّت إلى الوحدة ونتجت عنها في آن لتشكّل غنىً على المستوى المعرفيّ والفلسفيّ، قد لا ينتشل الشّاعر من وحدته لكنّه يمنحه شرف العزلة.

وأعرفُ: خاتِمتي أن أعود،
إلى ظُلمَةِ القَوْقَعَة !

النّتيجة الحتميّة للألم الّذي يسبقه مخاض عسير فيخلص إلى الاختلاء بالّذات والعزلة عن المحيط لإمكانيّة رؤيته من زاوية أخرى تمكّن الشّاعر من الإجابة على الأسئلة الصّعبة وتلمّس الحقيقة لإزالة الشّكوك. لكنّ الخاتمة تشبه البداية أو عودة إلى نقطة الصّفر، فالشّاعر يدور في فلك التّساؤل الوجودي الّذي قدر لا يفضي بالضّرورة إلى إجابات واضحة. وقد يؤدّي إلى مزيد من التّساؤلات والاستفهامات. ولعلّ ظلمة القوقعة دلّت ضمناً على عدم تصالح الشّاعر مع الواقع والنّفور منه ليتصادق مع العزلة وإن كانت مظلمة. وكأنّي به يقول مع إليف شفاق: "ولقد آمنتُ مُبكّرًا بحقيقة إنسانيّة واحدة شهدتُ رفض اﻵخرين لها دونَ جدوى: الوحدةُ جُزءٌ مُلازمٌ لكينونة اﻹنسان."

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف