الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحركة في قصة "يوم طويل" باسمة العنزي بقلم رائد محمد الحواري

تاريخ النشر : 2018-12-17
الحركة في قصة
"يوم طويل"
باسمة العنزي
النص الجيد هو الذي يمتعنا، والنص المتألق هو الذي يستوقفنا، في هذه القصة سنجد تراجع في الحركة، فهي تبدأ بوتيرة عالية، لكنها تخبو شيئا فشيئا حتى تصل إلى حالة السكون، لكن هذا السكون مؤقت، فهو كالبذرة التي تحتاج للماء لتنهض/لتثور/تتمرد على واقعها ـ وهذا ما كان فعلا في القصة من خلال الاغتسال ـ وهذا ما يستوقفنا في قصة "يوم طويل".
قبل البدء بالحركة هناك ظروف محيطة تجعل القاصة تتحرك وبسرعة فما هي هذه الظروف الدافعة للتحرك السريع؟، الجو الساخن/الحار الذي يجعل النفس في حالة ضيق وتوتر:
" كنت حفيدة أخرى للشمس التي لا تعرف الرحمة" فهنا تعطينا القاصة فكرة عن المحيط الطبيعي غير المناسب، والذي يشكل حالة ضغط عليها.
وهذا الحر الساخر نجده مؤثرا سلبيا عليها حتى بعد أن تخبو حركتها: "تحتك ركبتاي بذرات الأسفلت الخشنة، تكويني هذه الظهيرة بأشعة الشمس العمودية على ظهري والظمأ" إذن الشمس وحرها يشكلان حالة ضغط على القاصة أثناء وبعد الحركة/الركض.
الدافع الآخر للحركة هو الحرب الأهلية، والتي تتحدث عنها أخت القاصة بطريقة غير مباشرة: "من الأفضل أن تنسي الموضوع بأكمله فاختلافكما أعمق اختلاف تاريخي من أجله قامت حروب، ولا يمكن فعل شيء تجاهه، والمشكلة تتجاوز موافقة والديك، إنه مجتمع صغير ولن يختلط فيه الزيت بالماء مهما فعلت" الجميل في هذا القول أنه يشير إلى حالة حرب/حالة نزاع ابدي، لكن قدم بصوت آخر، صوت أخت القاصة، وهو لم يأتي بصورة مباشرة، بل بطريقة الاشارة العابرة، وما على المتلقي إلا أن يتوقف عنده.
ومن المؤشرات على حالة الحرب الأهلية هذا المشهد: "على حائط المدرسة في الجهة المقابلة شعارات وعبارات حديثة غاضبة لم تكن موجودة قبل شهر" فهنا الحديث يدور عن شعرات مناهضة للآخر، وهي بالتأكيد تؤكد حالة النزاع/الحرب الأهلية.
ومن أثر الحرب الأهلية هذا المشهد: "الغبار استوطن المنزل، مقابض الأبواب، الأدراج، طاولة الطعام، خزائن المطبخ" فمثل هذا التفاصيل بالتأكيد تعطينا حالة الهجرة للبيوت وللمكان، لهذا نجده مكان خال إلا من الغبار والسكون.
إذا كان هذا حال المكان، فكيف هو حال الإنسان أثناء الحرب؟:
"ـ ألو ... الرقم الذي طلبته خاطئ
قالت لي السيدة الأولى ... صوتها كان حزين
ـ كلا يا عزيزتي ولا وقت لدي لتبادل أحاديث هاتفية
قال لي الثاني، كان خائفا" إذن حصار القاصة كان مزدوج، من المكان ومن الإنسان، لهذا كان عليها أن تتحرك وبسرعة، لكن حركتها السريعة لم تدوم طويلا، لهذا وجدت نفسها في دائرة مغلقة، بعد أن أصابها التعب وفعل الحر والشمس فيها ما فعل.
وهذا الاغتراب المزدوج "المكان والإنسان" وصفته لنا القاصة عندما قالت: "أفتح باب المنزل أتوجه نحو منزل الجيران، أطرق بابهم، لا أحد؟
المنزل الثاني أطرق الباب بقوة لا أحد!
المنزل الثالث أطرق الباب بعنف، لا أحد!!
المدينة خالية، سيارات واقفة بلا ركاب" وهنا نجد الحركة متصاعدة على النقيض مما سنتناوله لاحقا، لكن فكرة طرق الأبواب تؤكد على حالة الغربة في المكان وخوائه من الإنسان.
هناك مؤشرات أخرى على حالة السواد والألم التي تثقل كاهل القصة، فالحشرات والحيوانات غالبا ما تأتي لتشير إلى حالة السواد والغضب عن السارد، وفي هذه القصة نجد هذه الحشرات في أكثر من موضع: و"وحدها الصراصير تتحرك في جميع الاتجاهات" "وبيوت العناكب انتشرت في الزوايا" "وحتى النمل الذي كنا نشتكي من مشاركته لنا غرفتنا اختفى" كل هذا يؤكد على أن حالة السواد هي الحاضرة في أحداث القصة، لهذا وجدنا أكثر من حشرة وفي موضع سليبي تناولتها القاصة.

الحركة تقسم إلى مرحلتين، المرحلة الأولى التي تمثل ردة فعل/انعكاس للواقع الحار والحارق، فكان بهذه الوصف: "... كما انسلخت ركبتي واكتسحني الظمأ، طويل الليلة الماضية وأنا أركض بكل طاقتي، ثم تحول الركض إلى مشي حذر ثم زحف هلع" حالة الركض تشير إلى وقوع شيء كبير وعظيم، لها ركضت القاصة كل "الليلة الماضية" ولم تتوقف حركتها/الهارب من المكان بل استمرت في المشي ـ هو أقل سرعة من الركض ـ وبعد أن تعب، اخذت في الزحف، إلى أن أصابها الإرهاق بحيث لم تقدر أو تستطيع التقدم بالمطلق.
وهي لا تكتفي بهذا الحديث عن حركتها/هروبها، بل تفصله لنا فتقول عنه: " استنزف هروبي طاقتي، تكومت على حافة الرصيف أراقب الرصيف المواجه"
وتصف حالتها بعد أن أصابها الإرهاق فنقول: "تحتك ركبتاي بذرات الأسفلت الخشنة، تكويني هذه الظهيرة بأشعة الشمس العمودية على ظهري والظمأ" في الحالة الثانية نجد صورة الضحية، التي لا تقوى على الحركة أو التحرر من واقعها، فتبدو وكأنها اسيرة مكبلة بالقيود، فيكف ستكون حركتها بعد أن وصلت إلى حالة الإرهاق واليأس، حالة الحصار؟:
قبل تناول الحركة الثانية نشير إلى فعل سبق الحركة الثانية والتي تتمثل بالاغتسال، الاغتسال، دائما يعطنا فكرة التحول من حالة إلى حالة جديدة، متقدمة عن الحالة الأولى، فالاغتسال هو الذي حول الوحش "أنكيدو" إلى إنسان، وهو عنصر أساسي في الدخول إلى الديانة المسيحة، وهو شرط من شورط الطهارة في الإسلام، القاصة تقدم لنا الاغتسال بهذا الشكل:
"أقف تحت قطرات الماء تطير جسدي من الجراثيم العالقة به، الماء ينحدر أسود لونه، الماء الساخن يمر على جوارحي فيوقظها، يمر على رأسي جارفا معه التراب والشعر المتساقطـ، يمر على وجهي يذكرني بالعطش الذي لامزني هناك" الماء هنا يمثل حالة خلق جديدة للقاصة، فهو يطهرها، ويزيل التراب والشعر المتساقط عنها، لكن في ذات الوقت يعيدها إلى حالتها الأولى، حالة اليأس والإرهاق والألم، فنجد حرارة الماء الساخن تذكرها بالألم وحالة العطش، فالاغتسال هنا يأخذ بعدين، بعد الخلق الجديد، وبعد إحياء واستيقاظ الألم القديم، وهذا الأمر ـ تقديم الاغتسال بهاتين الحالتين ـ لم يسبق لي أن قرأت نصا أدبيا يتحدث بهاتين الحالتين، الخلق الجديد، وبعث الألم القديم.

"عدت إلى النزل أخرجت علبة السم الأبيض حوطت المخارج والمنافذ بكميات كبيرة منه، حكمت إغلاق البواليع، كنست أجنحة الصراصير قرب المدخل. أترقب عودتهم جميعا .. كما لو أنني أنتظر المطر" وفحالة الحصار أدت إلى خلق الثورة، فرغم السكون والإرهاق الذي وجدناه في بداية الأحداث، إلا أنه تحول إلى ثورة/تمرد، وهنا ذروة الحركة والسرعة.
القصة موجودة من الصفحة 43 – 48، لكن لا يوجد أسم الكتاب أو المجموعة التي اقتطعت منه.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف