الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كيان البحر الأحمر وخليج عدن بقلم: أ.د. عبد الكاظم العبودي

تاريخ النشر : 2018-12-16
كيان البحر الأحمر وخليج عدن مشروع عربي واعد ينتظر توسيعه إفريقيا...ولكن ماذا بعد ذلك؟ ا.د. عبد الكاظم العبودي

الأمين العام للجبهة الوطنية العراقية

خطوة عملية هامة فاجأت الأوساط الإعلامية والسياسية، وحتى الكثير من الدوائر الدبلوماسية في العالم، رغم أنها  كانت متوقعة منذ عام، [إشارة إلى الاجتماع الذي عقد بالقاهرة في11 و12 ديسمبر/كانون الأول 2017]، حيث أقدمت  حكومة المملكة العربية السعودية ، وبتعاون مع دول عربية متشاطئة على البحر للتشاور حول هذا المشروع الذي أعلنته وزارة الخارجية السعودية، ببيان رسمي يوم الأربعاء 12/12/2018 مشيرة إلى: ( أنه تم الاتفاق على أهمية إنشاء كيان يضم الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، بهدف التنسيق والتعاون ودراسة السبل الكفيلة بتحقيق ذلك في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية). وكما يبدو من البيان أن نواة المشروع سبعة دول عربية مطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، وهي السعودية ومصر والسودان وجيبوتي واليمن والصومال والأردن، بانتظار تعاون نظائرها من الدول الإفريقية الأخرى كأثيوبيا واريتريا.متجاهلا تماما وجود الكيان الصهيوني المطل على ضفة البحر الأحمر الشمالية عبر خليج العقبة ومضايق تيران ووجود المنفذ البحري الجنوبي للكيان الصهيوني بوجود ميناء إيلات. وتلك المضايق وخليج العقبة وقضايا العبور من خلالها كانت يومها مسببات الشرارة الأولى التي قادت إلى حرب 1967 مع إسرائيل.

ورغم ألإعلان من أن هذه المبادرة قد خطت خطوتها الأولى، دون التوصل بعد إلى اتفاق نهائي، لكن هناك مؤشرات واعدة عن استكمالها في ( تشكيل فريق خبراء لبحث الجهود كافة ومناقشة أعمال الفريق في اللقاء القريب في القاهرة).

وبهذا الصدد أيضا أعلنت السعودية عن مشروعات عملاقة واعدة ستقام على البحر الأحمر، منها منطقة اقتصادية بتكلفة 500 مليار دولار، بالشراكة مع مصر والأردن، بالإضافة إلى إنشاء مناطق سياحية فاخرة، وذلك في إطار مساعيها لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط.

 ومن المتوقع أن يجتمع فريق من الخبراء قريبا في القاهرة لإجراء محادثات فنية، وقد تبين من الأخبار المتسربة حتى الآن، عدم حضور إريتريا،  التي لها جزر في البحر الأحمر ولها ساحل يمتد لمسافة 1150 كيلومترا، كما لم تشارك إثيوبيا ، التي لا تطل على أي منافذ بحرية على البحر الأحمر ، لكنها تعد الدولة الإفريقية الأكبر، من حيث عدد السكان في منطقة ساحل القرن الأفريقي.

وكان الملك سلمان بن عبد العزيز، قد استقبل وزراء الخارجية المشاركين في الاجتماع، حيث تناول الحديث معهم عن آفاق التعاون بين الدول، ودور إقامة الكيان في تعزيز الأمن والاستقرار والتجارة والاستثمار في المنطقة.

ورغم كل التوقعات المتفائلة لدى البعض بتوصيف مثل هذا الاتفاق بأنه تحالف أمني وعسكري يصل تشبيهه بــ (حلف ناتو عربي) ، لكن ذلك التفاؤل لا يمنع من التفكير في الاحتمالات القادمة،  من ردود أفعال دول أخرى ، خاصة  ما سيواجهه مثل هذا الاتفاق من قبل دولة الكيان الصهيوني القائم في فلسطين المحتلة منذ 1948،  لكونه أحد الدول التي ترتبط  حيويا بالبحر الأحمر عبر خليج العقبة وميناء ايلات الإسرائيلي فان استبعاد الكيان الصهيوني وقطع أصابع إيران الصفوية سيحرك الكثير من الفتن القادمة والمنتظرة،  نظرا لأهمية هذا الممر المائي البحري الذي يتحكم بعصب التجارة العالمية والطاقة في العالم. وبوجود هذا البحر بين قارتين ، وتشمل منطقة البحر الأحمر أيضا  على مضيق باب المندب الذي يمر من خلاله ما يقدر بنحو 3.2 ملايين برميل نفط يوميا إلى أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، وخلال السنوات الأخيرة أصبح هذا الممر المائي هدفا للقراصنة والمقاتلين الحوثيين باليمن وقبلها تحركت أصابع ومصالح جهات دولية مختلفة تدخلا بما يسمى بالقرصنة الصومالية التي ادعت وجود قراصنة صوماليون كانوا يستهدفون فرض إتاوات بمهاجمة سفن النفط العملاقة المارة عبر خليج عدن والبحر العربي مرورا إلى البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب .

والمعروف أن كلا من إيران وإسرائيل  قد خططتا  مبكرا ومنذ عقود للسيطرة على المضايق والممرات البحرية وخاصة السيطرة على المنفذ الجنوبي للبحر الأحمر عند  مضيق باب المندب وتحالفت إسرائيل بشكل خاص مع النظام الاريتري وشجعت على إثارة المشاكل بين الدول العربية والإفريقية هناك وكذلك تسللت إيران إلى ضفتي البحر الأحمر خاصة بعد ظهور التمرد الحوثي وتسلطه على دولة اليمن وتقسيمها  .

 لقد عملت  هاتان الدولتان منذ زمن على تمزيق الموقف العربي على ضفاف هذا البحر العربي الأحمر، وخاصة في دفع الحوثيين للسيطرة على ميناء الحديدة وموانئ يمنية أخرى والتلويح بمنع الملاحة في خليج عدن والبحر الأحمر بتسليح إيراني لمليشياتها هناك .

إن عودة  جمهورية مصر العربية  للعب دور هام في هذا الشأن بدا واضحا ، وبدعم سعودي واضح قد تكلل أخيرا بنجاح الخطوة الأولى التي أعلن عنها نهاية هذا الأسبوع،  لذلك استضافت مصر الاجتماع الأول للدول العربية - الأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر يومي 11 و12 ديسمبر 2017، وسوف تستضيف الاجتماع القادم لهذه الدول قريبا في القاهرة،  لاستكمال المناقشات المتعلقة بالجوانب الفنية واللوجستية ، وبإعلان المملكة العربية السعودية رسميا، الأربعاء، 12/12/2018  بعد عام من ذلك التاريخ للاجتماع الأول عن اتفاق لتأسيس (كيان البحر الأحمر وخليج عدن) تكون حكومة المملكة العربية السعودية قد وعت أهمية تعزيز الأمن والاستثمار والتنمية في الدول المشاطئة للبحر الأحمر، خاصة بعد حل المشكلة اليمنية نهائيا، وانتظار نتائج المفاوضات الجارية الآن في السويد بإشراف الأمم المتحدة، وتدخل أطراف دولية واسعة،  والعمل على إنهاء الخلافات الخليجية مع قطر، وما تركته تلك الخلافات الخليجية ذاتها من استغلال دول من خارج الإقليم للتدخل بصيغ عدة في شؤون المنطقة ومنها إيران وتركيا مما يؤدي نحو اهتزاز الأوضاع في جنوب الجزيرة العربية والخليج العربي، كما يستوجب تصفية بقية الخلافات القائمة مع بقية دول الساحل الإفريقي، التي لازالت ترث تركة عميقة من  المشاكل العالقة بالموقف من سدود إثيوبيا على منابع نهر النيل، والوضع في الصومال وتعقد القضية الاريترية ، والخلاف المصري السوداني حول قضية حلايب وغيرها، وكلها لازالت قضايا قابلة للاشتعال في مناطق ساخنة، وباتت مخترقة من قبل إيران وإسرائيل، سواء تمت بتدخلات مشتركة ومنسقة أو كلا على انفراد، ولا يستبعد وجود تنسيق خفي ومتكامل بينهما.

وعلى نفس المنوال وردت تصريحات مشجعة لعدد من مثلي الدول العربية المنضمة لهذا الاتفاق كالأردن والصومال. كما أن تصريحات وزير الخارجية السعودية الجبير لم تخف تلك التدخلات الاجنبية التي تحاول العبث في امن المنطقة من دون ذكرها بالاسم،  بقوله  ( ....هذا الكيان سيساهم في إيجاد تناغم في التنمية بين دولنا في هذه المنطقة الحساسة، وبالتالي يساهم في منع أي قوى خارجية في أن تستطيع أن تلعب دوراً سلبياً في هذه المنطقة الحساسة).

إن هذا المشروع لا يمكن عزله عن نيات مستقبلية  قد تبدو لدى البعض أنها متباينة الأهداف، وقد تسعى إليها أطراف عديدة تبعا لمصالحها وتطورات تحالفها وإراداتها السياسية الدولية والإقليمية،  ومنها يأتي ضمن عدة تسويات دولية وإقليمية يتم تنفيذها في هذه المنطقة الملتهبة من العالم، ، والتي يعبر من خلالها 13% من إجمالي التجارة العالمية. وان لم يتبين الموقف من إسرائيل ومستقبلها من مثل هذا المشروع،  وكذلك اريتريا،  فان السؤال المشروع طرحه منذ البداية يبقى مفتوحا:  كيف يتم التعامل مع هذين الطرفين خاصة،  وكذلك لا يمكن استبعاد إثيوبيا أيضا.

يرى عدنان مصطفى ، الباحث في شأن القرن الإفريقي ( ...   أن الاتفاق شهد غياب دولتين مؤثرتين في أمن البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وهما إريتريا المطلة مباشرة على البحر الأحمر، وإثيوبيا صاحبة التأثير الأكبر في منطقة القرن الأفريقي، رغم أنها لا تطل على سواحل البحر الهام، وهو ما يمثل أزمة يمكن أن تشهدها هذه المنطقة الساخنة إذا ما لجأت الدول الأخرى من أصحاب المصالح بالبحر الأحمر، مثل تركيا وإيران وقطر، لتشكيل كيان مواز يضم إريتريا وإثيوبيا).

ولا يخفي خبراء مختصون بالأمن القومي والإقليمي العربي والإفريقي إلى أن تبني السعودية لمشروع الكيان الجديد يأتي ضمن عدة تحركات سابقة لحماية الأمن بالبحر الأحمر، ضد التهديدات الإيرانية، كما أنه يأتي كخطوة استباقية، في حال التوصل لأي تسويات لإنهاء الأزمة اليمنية الراهنة وأية أزمات مستقبلية أخرى. ولا شك أن المملكة العربية السعودية هي رائدة المشروع وممولته ماليا،  وسيكون عليها تحمل أعباء تكاليف تسليحه؛ لكونه مشروعا امنيا،  قبل أن يكون مشروعا اقتصاديا أو استثماريا مستقبليا ،  وستستفيد  المملكة من تحالفها وتنسيقها مع دولتين عربيتين أساسيتين هامتين متواجدتين على الجانب الإفريقي  من البحر الأحمر، هما السودان ومصر،  تقابلانها على الضفة الغربية للبحر الأحمر على امتداد ألوف الكيلومترات،  ويتضح ( أنه يبدو قد تم الاتفاق على تولي السعودية الإنفاق على القوة العسكرية المقترحة التي سوف تقوم بحماية التجارة المارة بالبحر الأحمر، على أن تقوم مصر بمسؤولية التنفيذ)، كما جاء في بعض التسريبات الإخبارية والسياسية.

وحسب تأكيدات  عبد المعز الشرقاوي الخبير بشؤون الأمن القومي ، ( أن تشكيل هذا الكيان الهدف الأساسي منه أمني وليس اقتصاديا،)  وكما جاء في بيان الخارجية السعودية، ومن خلال المشاركين بالاجتماع الذي سبق إعلان تأسيس الكيان، يرى الشرقاوي: ( ...   أن هناك خطوات بدأتها مصر والسعودية استبقت الإعلان عن هذا الكيان، منها المفاوضات التي رعتها الرياض في أيلول/ سبتمبر الماضي بين إثيوبيا وإريتريا، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، ومفوض الاتحاد الأفريقي، ووزير خارجية الإمارات؛ لتثبيت المصالحة بين البلدين من جانب، والضغط عليها لوقف التعاون مع تركيا وقطر وإيران من جانب آخر).

في جميع التعليقات السياسية، وغير السياسية،  يلاحظ الصمت الإسرائيلي وموقفه من هذا المشروع،  رغم انضمام الأردن،  وهو دولة عربية متجاورة مع الكيان الصهيوني، وليس لهما سوى المنافذ البحرية على خليج العقبة بمينائي العقبة وايلات، والتي لا تخفي الأوساط الإسرائيلية نيتها فتح قناة تربط  البحر الأحمر نحو البحر الأبيض المتوسط ،  قناة  مائية توازي أهمية قناة السويس يتم حفرها عبر النقب ستتحكم بها الإرادة الإسرائيلية وحدها.

وعلى الصعيد المصري، يضيف الشرقاوي: ( ...  أن التدريبات العسكرية التي تجريها القوات المسلحة المصرية مع نظيرتها الأردنية، تحت عنوان "مناورات العقبة"، تصب في هذا الإطار، وكذلك التحركات البحرية المصرية المتواصلة في البحر الأحمر، تحت غطاء العملية العسكرية سيناء 2018.). وبسكوت الجانب الإسرائيلي، وبعدم الإفصاح العلني، عن موقف الولايات المتحدة من تحالف مثل هذا فان الشرقاوي يذهب بعيدا عن الإفصاح بمسائل ذات أهمية بالإشارة إلى : (...إن الكيان الجديد يعد بديلا للناتو العربي الذي تم طرحه أكثر من مرة، لمواجهة إيران وحماية الخليج العربي، كما أنه يعكس الرغبة المصرية بالمشاركة في تحالف إقليمي، ليس موجها بشكل مباشر ضد إيران، ويحظى بدعم أمريكي وإسرائيلي، وهو ما يتحقق في الكيان الجديد، الذي تتبناه السعودية ومن ورائها الإمارات، اللتان تعتبران ساحل القرن الأفريقي امتدادا لأمنهما القومي، وتعملان بكل جهد لعدم وجود سيطرة بديلة لهما في هذه المنطقة الهامة).
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف