الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في ذكرى انطلاقتها.. حماس إذ تطفئ نور الله؟ بقلم: ماجد هديب

تاريخ النشر : 2018-12-15
في ذكرى انطلاقتها.. حماس اذ تطفئ نور الله؟

بقلم: ماجد هديب

هي حماس، تلك التي كانت وما زالت تتشدق بشعارات المقاومة والاستناد في تلك المقاومة على الإسلام ردا  وكما كانت تقول في بيانات انطلاقتها على كل من يريد ان يطفئ  نور الله  بتحقيق السلام على قاعدة الاعتراف بحق إسرائيل بدولة ووجود ، فهل يمكن القول بان حماس ما زالت تتمسك فعلا بمحاربة كل من يريد ان يطفى نور الله  وذلك لرفضها كل ما جاء من اشتراطات على الفلسطينيين بحماية إسرائيل كدولة ووجود ؟،ام انها خلعت ومن خلال استجدائها الأخير للتهدئة ثوب المقاومة  كما كانت قد خلعت من قبله العباءة الإسلامية  عبر وثيقتها عام 2016  وذلك بتخليها عن الارتباط بالإخوان المسلمين ،ولما جاء في بنود هذه الوثيقة  أيضا من الاعتراف ضمنيا بدولة إسرائيل ،ومن ان الصراع مع الصهاينة اصبح  صراع حدود  بعد ان كان  في ميثاق انطلاقتهم صراع وجود؟،  ام ان الحديث ما زال مبكرا على حسم اذا ما كانت حركة حماس ترفض الاعتراف بإسرائيل فعلا ،والفصل أيضا اذا ما كانت ومن حيث لا تدري قد أصبحت و بفعل ما يمرر اليها من أموال عبر معابر الأعداء وبالتنسيق معهم من اجل الابقاء على حكمها لقطاع غزة في خانة من يطفئون نور الله .                                                           
        بداية اعترف بان مقالي هذا لا يدخل في اطار النقد والتقييم ،كما اني لا اهدف في هذا المقال لا الفضيحة ولا حتى النصيحة ،وانما اظهار الحقائق وتعرية المواقف  ، لان النقد والنصيحة والتقييم  عادة ما  توجه لأفكار كانت وما زالت لتحقيق اهداف انية واستراتيجية متفق عليها في اطار الكل الوطني خدمة لمشروع تم التوافق عليه، وليس لأفكار الصدام والاستئصال ،حيث اثبتت الاحداث والوقائع بان حركة حماس كانت قد دخلت الانتخابات  تلبية لرغبة غربية  وليس على قاعدة تداول السلطة في اطار الاتفاق والتوافق السياسي ،وهذا ما كان  قادة حماس قد اعترفوا به مؤخرا لقول الكثير منهم "بانه ما كان لهذه لحركة ان تدخل اللعبة السياسية دون طلب مباشر من كل من  اميركا ،سويسرا ،النرويج ، بالإضافة الي المانيا وذلك كمقدمة للاعتراف بها "،وعليه فان مثل  هذه القيادة لا تستحق منا النقد ،ولا حتى التقييم ،مع احترامنا وتقديرنا لما قامت به قاعدة تلك الحركة من نضال وتضحيات ،وان اقل ما تستحقه منا هذه القيادة هو تعرية المواقف لما جلبته لنا من حروب وأزمات ودفع الشعب الى مربع البحث عن توفير أدنى مقومات معيشته في ظل الاذلال والاحتلال بعد ان كان في مربع يد تبني وأخرى تقاوم في ظل ما كانت توفره السلطة له من امن معيشي وحياة  كريمة  .                                                                                                            
كثيرة هي المواقف التي تحتاج الى تعرية ،كما هي كثيرة تلك التناقضات فيما بين اقوال قيادة حركة حماس مع افعالهم وهي لا تعد ولا تحصى ، ولذلك سنكتفي بالتعرض لتلك المواقف والتناقضات من خلال بعض العناوين الهامة التي كانت حماس قد اتخذتها ذريعة وغطاء لما قامت به من انقلاب واستمرار سيطرة أجهزتها على قطاع غزة، ومن بينها  العلاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية، وكذلك علاقاتها العربية والدولية ،وكيف كانت تنظر حماس الى تلك العلاقات ،والى اين وصلت  في ظل ما تتبناه من ايديولوجيات اثبت الزمن والمتغيرات عقمها ، كما اثبتت الاحداث عدم جدوى محاولات تطبيقها وفقا لعمقها وامتداداتها في اطار ما كان يطرحه الامام  حسن البنا  بعيدا عن مفهوم الدولة الوطنية ،فهي ومنذ انطلاقتها في حالة تصادم وتناقض بمفاهيم الدولة والحرية وحقوق الانسان   .                                                                                                        
صحيح بان حركة حماس ووفقا لما جاء في اقوال قيادتها ،لم تمنح الفرصة ولا الوقت، ولا حتى الامكانات التي منحت للآخرين  ،الا ان من يتحمل ذلك هي حركة حماس نفسها وليس الاخرين، وذلك  لما اتسمت به الحركة من ضيق افق في استراتيجياتها وبرامجها وسلوكياتها التي استندت في محاولات تطبيقها على برامج الصدام والاستئصال ،حيث كانت قد رفضت الاعتراف بمنظمة التحرير وكل ما وقعت عليه ايضا ،كما اعتقدت بان دخولها الانتخابات والنجاح بتشكيل الحكومة يعطيها الحق بإنهاء كل ما سبق من قانون واتفاقات وأجهزة امنية ،مع الحق بتشكيل السياسات الاستراتيجية والأجهزة الأمنية وفقا لرؤية الاخوان المسلمين، ودون ان تفكر للحظة بانه ما كان لها ان تدخل الانتخابات التشريعية دون موافقة أمريكية وإسرائيلية ، وهذا ما تداركته مؤخرا ولذلك وضعت نفسها في اطار التنافس مع منظمة التحرير الفلسطينية لتقديم كل ما كانت تعتبره تنازل وانبطاح وذلك من اجل الإبقاء على سيطرتها على قطاع غزة وانتزاعها صفة تمثيل الشعب الفلسطيني .                                                               
وهنا اود ان اطرح بعضا من التساؤلات دون الإجابة عليها، حيث ساترك ذلك للمواطن الفلسطيني من خلال ما يعيشه من وقائع، وما تمر به حركة حماس أيضا من تناقض بالمواقف وتغيير بالاستراتيجيات واستحداث البرامج، ليس من خلال بعض ما تمارسه أجهزة تلك الحركة الأمنية والسياسية والإعلامية من سلوكيات فقط، وانما من حيث برامجها وعلاقاتها بمحيطها الإقليمي والدولي وتناقض ما جاء في ميثاقها من مصطلحات ومفردات ومن بين تلك الأسئلة وعلى سبيل المثال وليس الحصر:                                                     

 ما هي النقاط الخلافية الان فيما بين حركة حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية ؟،وهل تتطلع حركة حماس لان تكون تلك العلاقة تكاملية فيما بينهما من خلال الاتفاق على قواسم مشتركة وفقا لاستراتيجية متفق عليها، ام انها علاقة صدام ومحاولات استئصال؟، وهل علاقتها بالمحيط الإقليمي وخاصة مع دول الجوار هي علاقة صحية، ام انها علاقة تناقض اتسمت بالفترة الأخيرة بعلاقة المد والجزر وفقا لما تقتضيه مصالح تلك الدول، وليس وفقا لما تقتضيه مصالح الشعب الفلسطيني وقضيته؟ ،وما هي العلاقة التي تطمح حركة حماس الى اقامتها مع دول الغرب ،فهل يمكن لها ان تعمل على إقامة تحالف غربي لدعمها فيما تتبناه من برنامج المقاومة؟، ام ان سعيها لإقامة تلك العلاقات لا يخرج عن نطاق مساعدتها ومساندتها في صراعها مع منظمة التحرير الفلسطينية حول شرعية تمثيل الشعب الفلسطيني؟ ، وهل استطاعت حركة حماس فعلا ان تعمل على تحسين حياة ومعيشة الشعب الفلسطيني وقامت على دعم مقومات صموده وفقا لما جاء في الدستور والنظام الأساسي ووفقا لما جاء ايضا في برنامجها الانتخابي ،ام انها استطاعت ان تدفع الشعب الى مربع الذل والمهانة لتمرير مشاريع مشبوهة بعد ان كان في مربع البناء والدولة وفي ظل مقومات الامن الوطني الداخلية منها والخارجية وعلى كافة مستوياتها ومن بين ذلك الامن المعيشي والوظيفي .                                 
كثيرة هي تلك الأسئلة التي يجب الإجابة عليها من اجل الاستقراء الصحيح لواقع حركة حماس لمقارنتها بالواقع الفلسطيني ودون التطرق لأية أسئلة فلسفية تتعلق بما جاء في استراتيجيات تلك الحركة وبرامجها، وما في تلك البرامج والاستراتيجيات من تناقض بالمفاهيم من حيث مفهومها مثلا للدولة الوطنية  والحرية وحقوق الانسان ،الا اننا سنستقرئ معا هنا بعض العناوين الرئيسية خاصة ما يتعلق منها بعلاقات حركة حماس، وفي مقدمة تلك العلاقات هي العلاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية .                                                                       
العلاقة مع منظمة التحرير                                                                                                     
وفقا لما جاء في بياناتها ،فان حركة حماس كانت وما زالت ومنذ انطلاقتها تعتبر منظمة التحرير خصما سياسيا وليس بمثابة الدولة المعنوية للشعب الفلسطيني ،حيث اعتقدت بان اتجاه منظمة التحرير نحو عملية السلام في اطار قرارات الشرعية الدولية هي فرصة ذهبية بالنسبة اليها لإنهاء تلك الدولة المعنوية واسقاط تمثيل قيادتها للشعب الفلسطيني وفقا لما جاء ضمنيا في أديباتها وبرامجها "بان شرعية القيادة تأتي في ظلّ حركة تنطلق داخل الأراضي المحتلة مستندة إلى إرث الحركة الإسلامي الطويل والعميق في الواقع الفلسطيني مع رفض هذه الحركة لتسوية مع العدو، والدعوة للجهاد من أجل تحرير فلسطين من البحر إلى النهر".                                                                                                                              
كانت حركة حماس ومنذ تشكيل قيادتها السياسية عام 1989 قد سعت لان تكون بديلا عن منظمة التحرير فجرت اتصالات ولقاءات مع سفراء بريطانيا، ألمانيا، إيطاليا والنرويج، ومع المستشار السياسي ايضا في السفارة الأمريكية بعمان، فماذا يمكن لنا ان نسمي تلك الاتصالات من حركة تدعي المقاومة والجهاد في بداية الانتفاضة وقبل ان تطرح تلك الانتفاضة أي برنامج سياسي؟. ألا يؤكد ذلك بان خلاف حركة حماس مع المنظمة ليس خلافا سياسيا لان تلك الاتصالات التي قامت بها حركة حماس كانت قد سبقت أوسلو بسنوات ؟ ،ولماذا ومنذ ذلك الحين نحاول ان نتعامى عن حقيقة وهي بان حركة حماس ومنذ انطلاقتها تنتهج سياسة الاحلال والاستئصال والاعاقة،  فماذا يمكن لنا نسمي  ما تقدمه حركة حماس من تنازلات واستعدادها لتنفيذ ما تتطلبه دول الغرب من التزام الهدوء والاستقرار مع تأكيدها بالتراجع عما جاء في ميثاق انطلاقتها من تحرير كامل للتراب الوطني، ومن ابتعاد أيضا وكما جاء في ميثاقها الأخير  عن المفردات المعادية للسامية، والمصطلحات الإسلامية في الوقت الذي لم تتراجع فيه عن اول اعلان لعدائها لمنظمة التحرير الذي قالت فيه "يوم ان تتبنى منظمة التحرير ًالاسلام كمنهج حياة وليست العلمانية فنحن جنودها".                                                   

 هل هذا التراجع الذي قامت به حركة حماس من حيث تخليها عن المفردات السامية في ظل الاعتراف الضمني بدولة إسرائيل جهاد ومقاومة في الوقت الذي تعتقد فيه بان الانضواء تحت لواء منظمة التحرير يعيق تلك المقاومة ويسئ لذلك الجهاد؟                                                                                                  
 العلاقات مع الدول العربية والإسلامية والعالم 

في رؤيتها للعلاقة مع محيطها العربي والإسلامي والعالم، فان حماس ووفقا لما جاء في أديباتها تؤكد بان تلك العلاقات يجب ان تستند إلى رؤية استراتيجية للعمل السياسي من اجل تحرير كامل التراب الوطني، فهل ذلك ووقفا لما مرت وما زالت تمر به حركة حماس في علاقاتها  يثبت صحة ما تطرحه من شعارات وما تطلقه من تصريحات، ام ان علاقات هذه الحركة تعارضت  وما زالت تتعارض مع المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني وقضيته ،ومع كل ما جاء أيضا في ميثاق  انطلاقتها؟.                                                                      
في سياق علاقاتها السياسية، حرصت حركة حماس دائماً على ان تكون صاحبة حضور على حساب منظمة التحرير، حتى لو كان هذا الحضور ما يؤثر على استقلالية قرارها وانتمائها للشعب الفلسطيني من خلال التبعية والخضوع لأطراف إقليمية ودولية ،وهذا ما دعاها في بعض الأحيان لان تمارس عملا عسكريا خارج الأراضي المحتلة كما جرى في سوريا ومصر من اجل إعادة الرئيس مرسي صاحب الامتداد والعمق لدولة الاخوان ،وهذا ينفي ما جاء في تأكيد الحركة من الالتزام  بسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، حيث كانت محكمة مصرية قد اعتبرت حماس منظمة إرهابية ، وهذا هو حالها تقريبا مع بقية الدول العربية باستثناء قطر التي لنا علي العلاقة معها مأخذ كثيرة .                                                                                  
اما فيما يخص العلاقة مع اميركا ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا فعادة ما تسعى الدول لإقامة علاقات فيما بينها ،وهذا ما تسعي اليه ايضا قيادة حركات التحرر في العالم من اجل كسب ود وتعاطف تلك الدول ودعمها لمواجهة دولة الاحتلال ،وهذا ما كانت منظمة التحرير الفلسطينية قد قامت به باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ،ولكن ان تسعى حركة حماس الى إقامة علاقات مع اميركا ودول الاتحاد الأوروبي فهذا ما يثير التساؤلات، فهل يمكن القول بان ما تسعى اليه حركة حماس من تلك العلاقة هي من اجل استمالة تلك الدول لجانب ما تطرحه من شعارات تحرير فلسطين كل فلسطين في الوقت الذي ما كان لهذه الدول ان تعترف بالحقوق الأدنى للشعب الفلسطيني لولا ما قامت به منظمة التحرير من تضحيات ودبلوماسية؟.                                                                                                      
ان محاولات حماس إقامة تلك العلاقات واستجدائها لا يدخل في اطار دعم الشعب الفلسطيني في مقاومته ضد المحتل، ولا حتى  مساندة ما تطالب به منظمة التحرير الفلسطينية وتعزيز موقفها في الأمم المتحدة ،لأنها لو كانت تهدف الى ذلك لسارعت الى الوفاق والاتفاق في اطار منظمة التحرير وهو ذلك الاطار الوطني المعترف به عربيا ودوليا ، وانما كل ما تسعى اليه حركة حماس ومن خلال استجداء تلك العلاقة  ان تجعل من نفسها بديلا عن المنظمة والسلطة ولذلك كانت قد دخلت الانتخابات تحقيقا لرغبة تلك الدول اعتقادا منها بان ذلك ما يؤهلها لان تكون بديلا وهذا ما قاله ضمنيا  القيادي في حماس أسامة حمدان وذلك اثناء عرضه لعلاقات الحركة الدولية "وفي سنة 1998، ومع بداية الاستعداد لمفاوضات "الحل النهائي"، تلقت حماس رسالة من ألمانيا حملها كبير مستشاري رئيس وزرائها آنذاك، تهدف إلى حثّ الحركة على دعم جهود التسوية، وتعد بإعطاء الحركة دوراً في المفاوضات وفي إدارة شؤون السلطة، ودوراً في "الحل النهائي" ،وهذا ما أدى الى تطوير تلك العلاقات مع بداية تقديم تلك الحركة تنازل عن الاستراتيجيات والبرامج .                                                        

حماس وتغيير الاستراتيجيات والبرامج  

لقد فشلت حركة حماس ومنذ البداية رغم ما جاء في وثيقتها الجديدة من تراجع وتنازل ، ورغم محاولاتها الانسلاخ أيضا عن امتداداتها الفكرية المرتبطة بالإخوان المسلمين ان تقدم نفسها كحركة وطنية شاملة ، ولكن هذا لا يعني بانها قد فشلت بأن تكون لاعبا قويا ومؤثرا في المنطقة، حيث كانت حماس تعتبر ان مبدأ التسوية السياسية يعني الاقرار بكل الادعاءات اليهودية ، الدينية  منها والتاريخية ،وهذا ما اكدت على رفضه في ميثاق انطلاقتها ،وما اكدت عليه تباعا "بان فلسطين من البحر إلى النهر أرض وقف لا تنازل عنها أبدا"، الا ان ما جاء عقب ذلك من أفعال نسف كل ما سبقه من اقوال، حيث باتت مطالب الحركة اقل بكثير مما طالبت به منظمة التحرير ،وذلك من اجل الاعتراف بها كطرف رئيسي في الصراع ، حيث بدأت سلسلة التنازلات او التغييرات في برامجها واستراتيجياتها في انتفاضة عام 2000  التي اعتبرتها مدخلا ليس لتحقيق اهداف الشعب الفلسطيني، وانما من اجل تثبيت وجودها ،من خلال انهاء نفوذ منظمة التحرير والسلطة داخل الأراضي الفلسطيني والعمل على تنامي الغضب الغربي على قيادة منظمة التحرير وهذا ما نجحت به حركة حماس مؤقتا وذلك عندما أعلنت العديد من الدول الغربية وإسرائيل في اوج الانتفاضة ونتيجة لعدم سيطرتها على عمليات حركة حماس داخل إسرائيل  بان منظمة التحرير ونتيجة لعدم ضبط مكان ونوع العمليات لم تعد ذي صلة بعملية السلام.                                                                                          
لقد استطاعت حركة حماس اذا استغلال الانتفاضة الثانية لتعزيز علاقاتها، ليس من اجل فلسطين، وانما من اجل الحركة نفسها، ولذلك سعت الى تعزيز أوراق قوتها من اجل تقديم أوراق اعتمادها كحركة قادرة على قيادة الشعب الفلسطيني بعد ما قامت به من مبادرات سياسية ومنها تهدئة سنة 2003، وفكرة الهدنة والتهدئة سنة 2005، وإعلان مشاركتها في انتخابات المجلس التشريعي ، وتوقيعها في الدوحة على "اتفاق القاهرة" الذي تتعهد فيه  التخلي عن الكفاح المسلح وذلك من خلال تبنيها المقاومة السلمية للاحتلال الاسرائيلي لإقامه دولة فلسطينية على حدود عام 1967،   وهذا ما اعادت التأكيد عليه  في مايو/أيار 2017  ،حيث أصدرت حماس وثيقتها التي تقبل بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وهذا ما ينفي مبررات قبولها لمبدأ الدولتين رضوخا للتوافق الوطني ،فلو كان هذا الرضوخ من اجل التوافق فقط ،وليس من اجل ان تكون بديلة، لما كان لها حاجة في ان تسعى لتعديل ما جاء في ميثاقها لتسويق نفسها كبديل ولذلك تراجعت رسميا عن ارتباطها بحركة الاخوان المسلمين وفقا لما تقتضيه ظروف المرحلة التي تسعى حماس بان تكون لاعبا مهما فيها، كما رفضت ورغم كل المحاولات ان تكون التهدئة الأخيرة وفق اتفاق وطني شامل ،حيث اصرت بان تكون هي العنوان بتوقيع تلك التهدئة .                                                                                                     
الامتداد والعمق وفقا لما جاء في بياناتها                                                                                     
من المعلوم ،ووفقا لما جاء في ميثاقها، بان حركة حماس هي احد فروع تنظيم الاخوان المسلمين ،وهذا ما  اكدت عليه  في مهرجان حاشد عام 2008 من خلال ما أقدم عليه القيادي فيها عبد الفتاح دخان من مطالبته للجماهير بإدلاء يمين الولاء والسمع والطاعة لحركة الاخوان المسلمين العالمية .وهنا  وبعيدا عن شرح فلسفة التناقض بين ما جاء في هذا القسم ،وما بين مفهوم  الدولة الوطنية ،وبعيدا أيضا عن اثبات صحة ما تطرحه حركة فتح من ضرورة الابتعاد عن الأيديولوجيات او التبعية والوصاية والاحتواء ،لما في تلك التبعية والوصاية والاحتواء من التفاف على واقع الشعب الفلسطيني وتطلعاته ،فان حركة حماس أعلنت بذلك ولائها وتبعيتها لتنظيم الإخوان المسلمين ومنحته الوصاية على الشعب الفلسطيني ، فهل حركة الاخوان المسلمين العالمية حركة تحرر وطني ؟،وهل ما تطرحه تلك الحركة العالمية من برامج هي مستمدة من واقع الشعب الفلسطيني وتطلعاته؟،ام ان ذلك الولاء وكذلك القسم هو من دفع حركة حماس الى الانقلاب على واقع الشعب الفلسطيني عام 2007 واعاق تنفيذ تطلعاته ترسيخا لقيم ومفاهيم تتناقض مع مفهوم الفلسطينيين بالتحرر وبناء الدولة الوطنية ؟ .                                                                                                                        
صحيح بان حركة حماس لم تصمد طويلا في الاخلاص على ما اقسمت عليه وأعلنت الولاء اليه ،وهذا هو ديدن الاخوان ،حيث سرعان ما أعلنت تخليها عن ارتباطها بالإخوان المسلمين اضطرارا وليس اختيارا ،حيث لم يكن هذا التخلي من اجل الشعب الفلسطيني ،وانما جاء من اجل تقديم أوراق اعتمادها لدى دول العالم الغربي ولكن دون ان تتخلى عن ذلك الانقلاب الذي قامت به في غزة من اجل الاخوان المسلمين والذي جاء كمحاولة منهم لبناء نموذج لدولة الاخوان فيها، ولذلك فان حركة حماس كانت وما زالت تعتبر ان ما قامت به ليس انقلابا  ،وانما تنفيذا  لما صدر عن مجلس شورى الاخوان من قرارات بهذا الشأن ،حتى وان كانت تلك القرارات تتعارض مع القانون الفلسطيني ،وحتى اذا ما كان تنفيذها أيضا يعد بمثابة الجريمة التي توجب تقديم مرتكبيها لنيل عقاب ما ارتكبوا ومن بين ذلك جريمة الانقلاب  .                                                                         
كانت حركة حماس وما زالت تعتقد ورغم تحللها اضطرارا من العلاقة مع الاخوان بان الشورى ملزمة، ولذلك جاء التزامها بكل ما صدر عن مجلس الشورى ،سواء كان  لتحديد مستقبل حماس، وحتى ما يتعلق منها بتحديد مستقبل القضية الفلسطينية ،ومن هنا كان التعارض فيما بين حركة حماس مع السلطة والمنظمة وجاء الانقلاب كنتيجة حتمية لهذا التعارض ،ولان حركة حماس هي الأخرى تشترط البيعة لأعضائها وعليه يلتزم كافة أعضائها بالتبعية لها مهما اتخذت من قرارات ومهما تعارضت تلك القرارات مع الوطنية الفلسطينية ومهما خالفت القانون الأساسي فان الانقلاب قد تم تثبيته بفعل التعارض بين ما صدر عن الاخوان المسلمين وما جاء في مشروعهم وبين مشروع الدولة الوطنية وليس بفعل ما يحاولون تقديمه من مبررات  لسيل الدم  .                                                                                  
مبررات الانقلاب

للانقلاب مقدمات اتقنت حماس ايجادها منذ عام 1996 وذلك وفقا لما اوضحناه في مقالات سابقة وخاصة “الأصولية وانعكاساتها على مناطق السلطة " ، ومن هنا يمكن القول، بل ونجزم أيضا  ،بان هذا الانقلاب لم يكن اضطرارا كما يدعي قادة حركة حماس ،ولعل ما بدا يظهر مؤخرا من تناقض في اقوال تلك القيادات ما يؤكد بان الانقلاب الذي قامت به حماس كان اختيارا لا اضطرارا ،ففي الوقت الذي نجد البعض منهم قد ارجع أسباب الانقلاب انه نتيجة صدام ما بين برنامجين ، نجد ان البعض الاخر لم يتناول ماهية البرنامجين لان ذلك الصدام لم يعد موجودا لتطابق البرامج وخاصة في الآونة الأخيرة ،الا انه  واي كانت تلك المبررات في حينه ،وبعيدا أيضا عما اوضحناه في مقالات عديدة حول افتراء حركة حماس على فتح والسلطة وما كانت تجهز له ومنذ لحظة تشكيل السلطة ،فان ما قامت به من أفعال بعد كل تلك التبريرات ينسف كل ما حاولوا تقديمه فانكشف بذلك اللثام عن وجوه بعض اللئام في قيادة حماس السياسية وخاصة بعد الانتخابات التي كانت دخلتها عام 2006 بعد ان امتنعت عنها عام 1996 لتنفيذ الانقلاب كمقدمة لهم من اجل تأسيس نموذج لدولة الاخوان المسلحة على غرار ما قامت عليه فيما بعد بعض الميليشيات في دول ما يسمى الربيع العربي. .                                                                                                       
ان ما قامت به حركة حماس من انقلاب جاء وفقا  لنظرية حسن البنا ،ولم يكن للمبررات التي اطلقوها اية علاقة بما اقدموا عليه ،بل ان  كل ما اطلقوه من مبررات كان بمثابة المقدمات المشروعة لتطبيق تلك النظرية  التي ترى ووفقا لما جاء به المرشد الأول للإخوان المسلمين  بانه "لا يجوز الفصل بين السلطات الثلاث ،بل هو تعاون واسناد وتكامل ،  وبان المعارضة ملزمة بالتعاون والخضوع للسلطة التنفيذية "ولذلك فان حركة  حماس وخاصة بعد تشكيل الحكومة العاشرة برئاسة السيد إسماعيل هنية رات بالمعارضة  الفلسطينية ما نهى عنه حسن البنا وحذر منه في نظريته ، فما كان منها الا ان اتخذت قرار  القضاء على تلك المعارضة مع وجوب انهاء السلطة الوطنية الفلسطينية .                                                                                       
لا يمكن لحركة حماس ان تعلن ان ما قامت به كان لحماية نموذج حكم الاخوان ، ولا يمكن أيضا ان تعلن بانها استغلت رغبة الغرب في إشراكها بالحكم والمفاوضات من اجل تحقيق ذلك النموذج، وانما كانت وما زالت تعلن ان دخولها تلك الانتخابات البرلمانية جاء لمنع مسلسل المفاوضات والتنازلات، الا ان الاحداث التي أعقبت ذلك اكدت صحة ما افترضناه قبيل الانقلاب وبعده من خلال ما جاء في مقالنا الأصولية وانعكاساتها ومن خلال "الانقلاب لماذا وكيف والى اين؟، والذي أوضحت في جميعها حتمية انقلاب قادم من اجل تعطيل عملية السلام وذلك لتحيق مصالح متبادلة، فحماس تعمل على تقديم نفسها وتعزيز وجودها واوراق قوتها ،في الوقت الذي تتملص فيه إسرائيل من استحقاقات عملية السلام ،فيما تنحصر المصلحة العربية من هذا الانقلاب في حفظ ما تبقى من ماء وجوه الأنظمة العربية بعد رفض مبادرة السلام العربية وتخلي الإدارة الامريكية عن وعوداتها التي أطلقتها لهم بتحقيق السلام  قبيل حرب الخليج الأولى والثانية .                                                        

من خلال ما سبق ،فان حركة حماس ورغم  ما قامت به من بناء للمقاومة وتنامي قوتها ،فإنها لم تقدم للقضية الفلسطينية شيئا  وذلك على الرغم من مرور واحد وثلاثين عاما على انطلاقتها ،كما انها ورغم سيطرتها الكاملة على قطاع غزة اثنا عشر عاما  ،فإنها لم تنجح  أيضا في تقديم ادنى مقومات الحياة للشعب الفلسطيني  ،بل ان كل ما قدمته ومن حيث لا تدري هي خدمات مجانية لإسرائيل  جراء ما قامت به من انقسام وانقلاب وتراجع للقضية وتخلف الشعب واعادته في حياته الا الخلف لعقود. .                                                         
لقد اثبتت حركة حماس بانها حركة  تصادم واستئصال ،ليس لما جاء في افكارها من تناقض فقط  وصدام ،وانما بما مارسته  أيضا على الأرض من أفعال وسلوكيات، ومن تحول أيضا من حركة مقاومة الى سلطة مدنية مع  تقديم حرصها الكامل واستعدادها التخلي  عن كل  أشكال المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك المقاومة اللاعنفية من خلال وقف مسيرات العودة وما كان يرافقها من وسائل قتالية بسيطة وهذا ما وضعها  في وَضع مماثل بل واقل مما تقوم به السلطة الفلسطينية  ، فادا ما كانت السلطة  ملتزمة بالتَّنسيق الأمنيّ مع الاحتلال وفقا لاتفاقية أوسلو وصولا الى الدولة الفلسطينية فان حماس يبدو انها التزمت بدلك من خلال الوفود المصرية ومن خلال  السفير القطري  أيضا وصولا لتعزيز اركان حكمها والا ما كان لهذا الاحتلال  ان يدخل الأموال وفقا لتفاهمات فيما بينهما حول الية صرفها  ،فهل  ذلك كافيا للرد على من يدافعون عن حماس ويبررون لها ما قامت به من انقلاب  .                                                         

ونحن على أبواب الذكرى الحادية والثلاثون لانطلاقة حركة حماس ،وفي ظل ما تشهده الضفة والقدس من تهويد ، وفي ظل ما يعانيه الشعب الفلسطيني ايضا  في قطاع غزة من تيه وضياع ،فان على حركة حماس ان تثبت بانها حركة وطنية فلسطينية لا امتداد لها ،ولا وصاية عليها ، وليس لها من أطماع في تثبيت وجودها كحكم في غزة ، فإما ان تعلن ومن خلال مهرجان انطلاقتها استعدادها لتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه من خلال اعلان حكومة استقلال وصولا للدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967،واما الإعلان عن تشكيل حكومة مقاومة  في غزة لتحرير فلسطين كل فلسطين مع تخليها الكامل عن كل ما جاء في اتفاقية أوسلو من افرازات مع استعدادها الكامل لتوفير مقومات صمود شعبنا  ،والا فان كل ما سيصدر عنها دون ذلك هو مجرد تساوق مع كل ما تطرحه الدول الغربية وما تهدف اليه إسرائيل وخاصة ما يتعلق منها بشروط الرباعية التي كانت حماس قد اعتبرتها بمثابة محاولات لإطفاء نور الله ،فهل تعلن حركة حماس في مهرجان انطلاقتها عذا استعدادها للوحدة والاتفاق في اطار منظمة التحرير بعد ان اثبتت الاحداث والوقائع ان لا خلاف فيما بينهما من سياسات؟، ام انها ستعلن رفضها لكل المشاريع الاستسلامية وتشكيل حكومة مقاومة؟، او انها ستذهب  وهذا هو الأرجح وفقا لتاريخ الحركة وما رافق  وجودها من وقائع واحداث باتجاه اعلان استعدادها للتعاطي مع كل ما تطرحه الدول الغربية وإسرائيل بما يمكنها العمل على تحسين حياة الشعب الفلسطيني  وحاجاته الإنسانية بعيدا عن حقوقه السياسية وبهذا الإعلان تكون حماس قد أعلنت صراحة  بانها أصبحت في خانة هؤلاء الذين كانت قد وصفتهم يوما بانهم  يطفئون نور الله .                                                                                  

كاتب وصحفي فلسطيني                                                                                                      
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف