الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الابداع والابتكار والتفكير غير التقليدي .. تأثير ذلك علي النمو الاقتصادي بقلم: د.عادل عامر

تاريخ النشر : 2018-12-15
الابداع والابتكار والتفكير غير التقليدي .. تأثير ذلك علي النمو الاقتصادي  بقلم: د.عادل عامر
الابداع والابتكار والتفكير غير التقليدي .. تأثير ذلك علي النمو الاقتصادي

الدكتور عادل عامر

يمثلُ الابتكارُ وَالإبداعُ إحدَى الضروراتِ الأساسيةِ فِي إدارةِ الأعمالِ وَالمؤسساتِ، إذْ أنَّ الزمانَ فِي تصاعدٍ، والحاجاتُ والطموحاتُ هِيَ بالطرقِ - عَلَى اختلافِ أنماطِهَا وأنواعِهَا - الأخرَى فِي نموٍ واتساعٍ، فلاَ يعدُّ كافيًا أوْ حتَّى مرضيًا أداء الأعمالِ فِي المؤسساتِ الروتينيةِ التقليديةِ؛ لأنَّ الاستمرارَ بِهَا يؤدِّي إمَّا إلَى الوقوفِ، وَهُوَ بالتالِي تراجعٌ عنِ الركبِ المتسارعِ فِي المضِي إلَى الأمامِ أوِ الفشلِ.

لذلكَ فإنَّ المؤسساتِ الناجحةَ ومنْ أجلِ ضمانِ بقائِهَا واستمرارِهَا قوية مؤثرة يجبُ أنْ لاَ تقف عند حدِّ الكفاءةِ، بمعنَى أنْ تقتنعَ بالقيامِ بأعمالِهَا بطريقةٍ صحيحةٍ أوْ تؤدِّي وظيفتهَا الملقاة عَلَى عاتقِهَا بأمانةٍ وَإخلاصٍ، عَلَى الرغمِ منْ أهميةِ هَذَا الشعورِ وسموهِ، وَإنَّمَا يجبُ أنْ يكونَ طموحُهَا أبعدَ منْ ذلكَ، فترمِي ببصرِهَا إلَى الأبعد وبآمالِهَا إلَى الأسمَى حتَّى تكون متألقةً أفكارًا وأداءً وأهدافًا،

وبتعبيرٍ آخرَ: حتَّى تكون مؤسسةً خلاّقةً مبدعةً، ويصبحُ الابتكارُ والإبداعُ والتجديدُ هِيَ السمات المميزة لأدائِهَا وخدماتِهَا. لقد امتدت أذرع المعرفة إلى جميع مفردات الأنشطة الاقتصادية إلى السلع وإلى الخدمات وإلى كل مفردة من مفردات سلسلة التجارة والأعمال بدءاً بالبحوث والتطوير والإنتاج وانتهاءً بالتسويق والتوزيع .

وازداد حجم توظيف المعرفة في جل الأنشطة الاقتصادية مع زيادة هيمنتها وسلطتها على أنشطتها المختلفة إن أهم الخصائص الذي يتصف بها عصر المعرفة تكمن في الدور الفاعل والجوهري الذي تلعبه المعرفة باعتبارها عاملاً حاسماً في عملية الإنتاج وتأثيرها الكبير في الخبرات , والقدرة على التعلم , والتنظيم , والابتكار في المنظومة الاقتصادية والكوادر العاملة في بيئتها , واعتبارها أحد مدخلات السلع وزيادة الحاجة إليها لدى الكوادر العاملة في الاقتصاد والإنتاج على السواء .

إن أهم الخصائص التي يتسم بها اقتصاد المعرفة إن إحدى الخصائص المميزة للاقتصاد المرتكز على المعرفة وجود طلب كبير في سوق العمل على اليد العاملة التي تمتلك مهارات تقنية عالية والتي تتمتع بدورها بدخول مالية مغرية , ويزداد دخل هذه الشريحة كلما ارتفعت وتنوعت مؤهلاتهم وكفاءاتهم , في المقابل هناك بطالة في فئات العاملين الذين لا يتمتعون بالمهارات العالية وتناقص في دخولهم .

إن الاقتصاد المرتكز على المعرفة يستند مبدئياً إلى توظيف الأفكار والمعارف بدلاً من توظيف القدرات الفيزيائية , وتطبيق التقنيات المتقدمة بدلاً من تحويل المواد الأولية أو استغلال العمالة الرخيصة . وبات على العاملين التنقيب عن مهارات جديدة لسد الحاجات الجديدة للوظيفة .

تتطلب الأعمال في الصناعات التقليدية من العاملين تعلم كيفية أداء المهام الروتينية , والتي تبقى دون تغيير مع مرور الزمن , أما في ميدان اقتصاد المعرفة فإن سرعة التغيرات التي تعانيها منظومة الصناعة والأعمال باتت تحتم على العاملين التنقيب عن مهارات جديدة لسد الحاجات الجديدة للوظيفة .

بدأ الإنتاج العلمي والتطبيقات التي تنجم عن توظيفه على أرض الواقع الميداني يكتسب أهمية متزايدة في ظل البنى الاقتصادية التي ترتكز إلى المعرفة , فأصبحت المنظومة العلمية مسؤولة عن جملة من الأنشطة الجوهرية التي ترتبط بصورة مباشرة مع أنساق المعرفة بشتى مستوياتها

ولقد كشفت الدراسات عن أن الإبداع والابتكار وتوليد تقنية المعرفة ذات أثر موجب وحقيقي على النمو الاقتصادي ونمو الإنتاجية . علاوة على ذلك فإن للإبداع فوائد جمة نذكر منها :

-يعتبر عامل أساسي في زيادة الإنتاج والمنتجات وزيادة الاستثمارات وتوفير فرص عمل جديدة وفتح أسواق جديدة .

-تدعيم القدرة التنافسية .

-تحقيق عوائد أفضل .

-تحقيق التنمية الاقتصادية .

ويشير Nonaha , 1998)) إلى أن الشركات اليابانية مثل Honda – Canon – Matsushita – Sharp ....قد حققت نجاحاً كبيراً وأصبحت ذات شهرة بسبب قدرتها على الاستجابة السريعة للتغيرات الطارئة وحاجات الزبائن , وتطوير منتجات جديدة , والسيطرة على التكنولوجيا الناشئة . ويضيف أن سر نجاح هذه المنظمات هو المدخل الفريد الذي اتبعته تلك المنظمات لإدارة توليد المعرفة .

أنواع الإبداع :

1-الاختراع الجديد : يتمثل في استخدام بعض أو كل من نماذج الإبداع ( المنطق و ربط الأفكار مع بعضها لتقديم شيء جديد , حل المشكلة , الاجتماع الحر ) , وذلك لتقديم اختراع جديد في منتج جديد , نظرية جديدة .

2-ربط الأفكار من أجل إنتاج شيء جديد : ويتم ذلك عن طريق محاولة ربط أكثر من مجال للعلم مع بعض أو أكثر من معلومات قد تبدو غير مترابطة مع بعض للحصول على شيء جديد .

3-امتداد أو توسيع الاختراع الموجود : التفكير بتطوير اختراع موجود أو اكتشاف تم أو بمحاولة استخدامه في مجال جديد أو إضافة بعض الاختراعات له بزيادة مجالات استخدامه .

4-الازدواج : يتمثل في السعي لاستخدام نفس الأفكار الجديدة أو الاختراعات الجديدة التي قدمت بواسطة أفراد أو منظمات , وقد يكون ذلك بشيء قليل من التعديل .

5-خليط من الطرق السابقة : غالباً ما يستخدم خليط من الأنواع الأربعة السابقة , ففي نفس المنظمة قد يتم الاختراع أو تقديم أفكار جديدة , ونفس الفكرة يمكن استخدامها في مجال جديد , أو يمكن ربطها مع فكرة أخرى بعد فترة من الزمن حتى يتم الوصول إلى اختراع جديد .

تصنيف الإبداع :

-الإبداع الأساسي : عبارة عن فكرة إبداعية جديدة تؤدي إلى الثورة في التفكير ويقوم هذا الإبداع على الأبحاث والعلم والمعرفة .

-الإبداع التطبيقي : وهو الذي يؤدي إلى التطبيق الفعلي والعملي للإبداع الأساسي , وعادة ما يكون مرتكزاً على الصناعة كأجهزة الكمبيوتر .

-الإبداع الاشتقاقي : إنتاج منتج جديد أو تقديم خدمة يتم اشتقاقها من الإبداع التطبيقي , فهو تعديلات صغيرة على المنتج أو الخدمة .

-إبداع التغيير : يؤدي إلى إحداث تغييرات طفيفة على المنتجات والخدمات الناتجة عن الإبداع الاشتقاقي .

-الإبداع البنائي : يتمثل في إيجاد مستخدم جديد لنفس التكنولوجيا القائمة ويتميز بكونه يخلق الكثير من فرص العمل الجديدة ويفتح أسواق جديدة .

-الإبداع الارتقائي : ( التطويري ) إحداث تغيرات طفيفة نسبياً في المنتج أو الخدمة الموجودة . -الإبداع الجذري : يقوم على أسس هندسية وعملية جديدة . ومن ثم فهو يقوم على نماذج جديدة ويتطلب عناصر جديدة وتقنيات مختلفة إضافة إلى أنظمة جديدة .

ونحن نرى أن الإبداع في المؤسسة يأخذ كل من الشكلين المترابطين التاليين :

-إبداع إداري : يتعلق بطرائق الإدارة وفيه يعمل المدير والأفراد على وضع سياسات واستراتيجيات لتسيير أعمال المنظمة بشكل أمثل .

-إبداع تقني : يتعلق بالجوانب الفنية والتشغيلية والتسويقية كالتركيز على منتجات جديدة والتميز في تقديمها .

عوائق الإبداع : من الواضح أن كل عمل يواجه صعوبات كثيرة تعيقه حتى يولد وحتى ينمو ويتكامل, وعليه أن يتجاوز الكثير من ذلك بروح الصبر والتحدي . وكلما كان العمل أكثر نفعاً وأعمق أثراً خصوصاً إذا تجاوز المألوف فإن الصعوبات التي ستواجه أكثر أيضاً حيث أن الابتكار يمثل أحد أشكال التغيير للأفضل , لذا فإن صعوباته ومعرقلاته أمس , والأفراد الذين يواجهونه أكثر وأقوى . لذلك يلاحظ أن الكثير من الأفراد المبدعين والمبتكرين لا يجدون أحياناً مجالات جيدة تلبي طموحاتهم وتنسجم مع أفكارهم كما قد لا يجدون صدوراً رحبة تستوعبهم وتستثمر طاقاتهم فيعيشون في عزلة وهم بين زملائهم , وهذه مأساة حقيقية تعود عليهم وعلى المؤسسات التي ينتمون إليها بالضرر

ومن هنا ينبغي أن نبحث في بعض معوقات الإبداع التي تسبب فقدان العناصر المبدعة وهي :

1-المعوقات النفسية .

2-المعوقات الذهنية .

3-المعوقات البيئية من داخل الأسرة والمدرسة .

4-المعوقات البيئية الخارجية ( المؤسسة والمجتمع ) ونظراً لأن هذا العنصر موضع اهتمامنا فإننا نشير إلى أهم مكوناته كما يلي :

-جو الإدارة الرديء .

-التضييق الإداري .

- إدارة المشروع السيئة .

- التقويم والضغط النفسي .

- عدم كفاية المصادر والموارد .

- الضغط الزمني وقيود الوقت .

- التركيز على المحافظة على الوضع القائم .

- المنافسة المضرة بالمصلحة العامة .

- قيام البعض بالنقد والتجريح والمعارضة والهجوم على الأفكار الجديدة .

- عدم وجود أنظمة جيدة لاكتشاف المبدعين .

- تراكم التخلف الحضاري للأمة على مدار السنين .

- الجو السياسي العام الذي يحد من الإبداع ( الدكتاتورية تقتل الإبداع ) .

- عدم وجود المكافآت الملائمة .

- طريقة تقسيم العمل الجامدة .

- السياسات والخطوات النمطية .

- الرقابة الدقيقة والتنظيم الرسمي .

- عدم وجود تسهيلات وعدم وجود حوافز .

- طريقة اتخاذ القرارات في المنظمة بشكل بيروقراطي .

- أهداف المنظمة غير طموحة .

عناصر الإبداع في المؤسسات الرائدة :

يقولون إن التطور المستمر والبقاء في القمة معادلة تقوم على :

الفكر المطلع + الأساليب المبدعة + الإدارة الخلاقة ولكي تكون المؤسسة في القمة لا بد أن تكون لها منهجية علمية بحيث تتخذ من العلوم الجديدة وتكنولوجيا المعلومات ومن اختمار التجارب وتوسيع الأفكار وارتقاء الأهداف والطموحات والقدرات البشرية الهائلة أسساً استراتيجية للوصول إلى أفضل وضع للبقاء والاستمرار . أي أن تكون المؤسسة خلاقة ومبدعة , وهذا يتطلب دوماً توفير عناصر الإبداع أو عناصر الإبداع الأساسية وهي :

- التخطيط الاستراتيجي .

- التفكير الاستراتيجي .

- بناء ثقافة الأفراد والمؤسسة وفق معايير إنسانية رفيعة .

لقد تغيرت طبيعة المنافسة من المنافسة على الأصول المادية إلى المنافسة على الأصول المعرفية .

إن التفاوت والتباين Disparity في إنتاج المعرفة لكل فرد بين الدول المتقدمة والدول النامية هو أعظم من التفاوت في الدخل , ومن أجل النجاح في اقتصاد المعرفة يجب على الدول تشجيع نمو الإبداع .

في شركة سامسونج 50 ألف باحث . أي ما يساوي مجموع عدد الباحثين في دولة كمصر في كل المجالات , وضعف عدد الباحثين في الأردن , و4 أضعاف عدد الباحثين في السعودية .

عدد العاملين في شركة سامسونج يبلغ أكثر من 344 ألف شخص . أرباحها عام 2010 فقط فاقت 220 مليار دولار أي ضعف الدخل القومي لدول عربية كاملة كقطر والكويت والمغرب والعراق

الإبداع في مؤسساتنا:

إن المبدعين في المجالات الإدارية دوماً غير مرغوب فيهم في عالمنا العربي لأن في إبداعهم تهديداً لمراكز ومناصب كثير من المديرين , وأصبح الصوت المسموع هو صوت السلطة وليس صوت الإبداع والمبدعين , فهؤلاء غير مرغوب بهم إلا لتدعيم مصالح هؤلاء المديرين . لذلك فإن تطبيق مفاهيم الإبداع يحتاج إلى الإصلاح والتغيير .

أما العراقيل أمام المبدعين في المنظمات العربية هي :

- مقاومة الجهات الإدارية المسؤولة وعدم رغبتها في التغيير الإبداعي .

- التطبيق الحرفي للقوانين والحديدية في الروتين الإداري .

- عدم تمتع القادة الإداريين بمؤهلات قيادية وإدارية جيدة .

- القيم الاجتماعية و تقييم الإبداع على أساس السن .

- الظروف المعيشية فالكثير من المبدعين لا يحصلون على العيش الكريم .

إن 70% من إنتاج المعرفة يتم في الدول المتقدمة . و ثمة أسباب تجعل من الإبداع والابتكار في العالم العربي متدني منها :

- انخفاض مستوى التعليم

- انخفاض مستوى البحث والتطوير

- غلبة الطابع الروتيني

- ضعف المخصصات المالية

- هجرة الأدمغة

- البطالة

إن 48% من أصحاب المنشآت الخاصة يفضلون تشغيل عمال عاديين و21,5% يفضلون خريجي التعليم الفني والمهني . وبذلك لا يوجد سوق عمل لخريجي الجامعات في هذا القطاع إلا في حدود ضيقة , وذلك لافتقار الكثافة التكنولوجية وانعدام عنصر البحث العلمي والتطور التكنولوجي في هذه القطاعات الوطنية , وهذا يعني ضعف بيئة ممارسة السلوك الإبداعي .

إن 97% من الباحثين يعملون في القطاع العام . إن هذا الضعف على مستوى الترابط بين البحث ونظام الإنتاج يفسر تواضع عائد البحث على التنمية بمفردات البراءات العلمية والتكنولوجية وتثمينها في الإنتاج الصناعي ومسارات التطور عموماً . وهذا الأمر ضروري لتحسين نسبة الصادرات عالية التكنولوجيا التي لا تتجاوز في أفضل الحالات 12% من مجموع الصادرات , مقابل متوسط عالمي 20% . كما أنه ضروري لتوفير مجالات جديدة لتشغيل خريجي الجامعات والرفع من إنتاجية العمالة التي لا تتجاوز 0,7% مقابل 5,3% في شرق أسيا .

الإبداع المصرفي :

إن مفهوم الإبداع المصرفي لا يختلف عن المفهوم العام للإبداع , وهو تقديم خدمات مصرفية مبتكرة وجديدة, والتألق في تقديم الخدمات الحالية , ويمكن للإبداع المصرفي أن يتجسد في تكوين مزيج مناسب من الخدمات المصرفية تلبي احتياجات العملاء وتجعلهم أكثر التصاقاً بهذا البنك .

وهو يعني بل ويتطلب البحث المتواصل عن تطوير المنتجات المصرفية بشكل يحقق فوائد كبيرة للعملاء , ويجعل المؤسسة المصرفية متميزة لدى هؤلاء العملاء .

إن الحديث عن الإبداع يقترن بالطبع بمعرفة قيمة الوقت والاهتمام بعنصر الزمن , ولهذا فإن السرعة في تقديم الخدمة المصرفية , والسرعة في الاستجابة لتطلعات العملاء يحقق للمؤسسة المصرفية عنصر الإبداع .

إن الإبداع في العمل المصرفي سواء في إنتاج وتقديم الخدمة المصرفية أو في تسويقها وتوزيعها وحتى في تسعيرها , هو من المقومات الأساسية لبقاء البنك واستمراره , وهو المدخل الأساسي في المنافسة المتصاعدة في السوق المصرفي . ويؤكد العديد من الباحثين بأن الإبداع المصرفي يجب أن يتم بمستوى يوازي التحدي القائم لأن عدم وصوله إلى هذا المستوى يفقد الإبداع محتواه وأهدافه ويعجز عن إنجاز ما هو مطلوب . ونحن نرى أن البنك المبدع هو ذلك البنك الذي يطور خدماته بشكل أسرع وأكبر من البنوك المنافسة له , وأكثر استجابة لحاجات العملاء .

لقد استطاع بنك ويلز فارجو Wills Varjo Bank أن يستخدم المدونات وأدوات التواصل الاجتماعي كاستراتيجيه للحفاظ على عملائه , كما قرر بنك دويتشه Deutsche Bankأن يدخل مجال التواصل الاجتماعي مستخدماً أسلوب الفيديو الافتراضي . كما حققت البنوك الأسيوية ميزة إستراتيجية من خلال نقل قاعدة العملاء لتتجاوب بشكل سريع مع احتياجات السوق الناشئة .

يبلغ عدد غير المتعاملين مع البنوك ما يقارب ( 4 ) مليارات أي أكثر من ثلثي سكان العالم المنخفضة والمتوسطة الدخل , فهؤلاء هم الغالبية الهائلة من المحرومين من الخدمات اليوم . قرر بنك أمريكا Bank of America مؤخراً إغلاق 10% من شبكته في الولايات المتحدة الأمريكية مشيراً إلى تغير أفضليات العملاء نحو القنوات الجديدة مثل الانترنت والهاتف الجوال . Wall Street Journal Market Watch 28 July 2009 . وأن 80% من خطوط الاتصالات الجديدة تتم في الأسواق الصاعدة من قبل عملاء منخفضي الدخل في الغالب , وقد نشأت الخدمات المصرفية بدون فروع بنكية بوصفها منهجاً جديداً من شأنه التعجيل بجذب الجميع للمشاركة في الانتفاع بهذه الخدمات المالية .

في الفلبين كان 26% من مستخدمي نظام الخدمات المالية عبر الهاتف الجوال يعيشون على أقل من 5 دولار في اليوم (Ivatory and Pichens 2006)

وهنا نشير بأن محمد يونس قد حصل على جائزة نوبل للسلام من الجمعية الأكاديمية السويدية مناصفة مع مصرف غرامين Grameen Bank الذي يرأسه . والسبب كان إبداعياً , عندما أسس مصرفاً للقروض الصغيرة عام 1938 وله الآن 1176 فرعاً ويعمل فيه 11777 شخص ولديه 2,5 مليون من العملاء و ولقد منح 3,7 بليون دولار سدد منها 3,4 بليون دولار أي نسبة التحصيل 98% استثمرت القروض في مشروعات صغيرة على سبيل المثال قروض لتعليم أبناء الفقراء .

العوامل المساعدة على الإبداع المصرفي :

إن ثمة مقومات وعوامل تساعد على الإبداع المصرفي منها :

أ‌- دعم الإدارة العليا .

ب‌- الاهتمام بالبحوث والدراسات والتطوير .

ج‌- وضع الأفكار غير التقليدية موضع التطبيق .

متطلبات الإبداع المصرفي :

إن امتلاك المصارف للميزة التنافسية في عالم اليوم يتطلب الاعتماد على التميز والابتكار والإبداع والتجديد , وعلى المصارف الاهتمام بـ :

1- متطلبات إدارية وتنظيميه

– اقتناع الإدارة العليا للمنظمة – تهيئة البيئة التنظيمية – التنسيق والتكامل والتفاعل بين الإدارات المهتمة بالأنشطة الابتكارية – العلاقة المتبادلة بين الأفراد والمدير الأعلى .

2- متطلبات خاصة بالمعلومات التسويقية وخاصة المعلومات المرتدة .

3- تضافر رأس المال البشري ورأس المال التقني .

4- متطلبات مالية من أجل تمويل الأفكار والمشروعات الإبداعية .

القوى الدافعة للإبداع المصرفي :

لم يعد الإبداع المؤسسي ترفاً بل أصبح عنصراً رئيساً للاستمرار لأن الحاجة باتت ملحة للتغيير وإعادة صياغة أدوات العمل لضمان تحقيق أفضل نتيجة . كما أصبح الإبداع مدخلاً رئيسياً للمنافسة وأحد المقاييس للحكم على نجاح المصارف وبقاءها واستمرارها وثمة قوى دافعة لٌلإبداع المصرفي مثل :

- التحديات والمنافسة

- التغير المستمر في بيئة الأعمال .

وهنا نشير إلى أن التكنولوجيا المالية محرك رئيس للإبداع والتنافسية في المصارف . إن نمو وعي البنوك بتطوير بيئتها التكنولوجية يزيد من إنتاجيتها بنحو 30% من حيث استقطابها للعملاء الجدد في إشارة قوية على تنامي قاعدة العمل البنكي بأنظمة الدفع والتحصيل الالكترونية الجديدة .

وتجدر الإشارة إلى ضرورة التطور في تسويق الخدمات المصرفية والتركيز على العملاء وتصنيفهم في مجموعات متجانسة , ويجب أن لا تقتصر دراسة سوق الخدمات المصرفية على الاحتياجات الحالية , بل يجب التنبؤ أيضاً باحتياجات العملاء في المستقبل والعمل على جذب عملاء جدد الأمر الذي لا يمكن تحقيقه بدون استخدام نظام معلومات متكامل في الإدارة المصرفية . إن الإبداع المصرفي يستند إلى تقديم خدمات مصرفية بدون فروع مصرفية مدفوعاً ببعض القوى مثل :

-تغيرات الخصائص الديموغرافية - بما في ذلك دخول عدد أكبر من المستهلكين الشباب إلى السوق , والقدرة الأكبر على الحركة والانتقال داخل البلدان على الأقل – ستكون عوامل مواتية لتبني الخدمات المقدمة بدون فروع مصرفية .

-ستلعب الحكومات النشطة في المستقبل دوراً أكبر كجهات منظمة للقطاع المالي , وجهات مقدمة لشبكات الأمان الاجتماعي , ومتيحه أو مشجعة لانتشار الحسابات البنكية والبنية الأساسية المالية منخفضة التكلفة ومن شأن ذلك الدور المتوسع أن يساعد على الاشتمال المالي . -على الرغم من الشواغل الأمنية بشأن جرائم النقد تظل دافعاً لتبني قنوات المعاملات الالكترونية , إلا أن ارتفاع معدل الجرائم الالكترونية سيؤثر على ثقة المستهلك ويضع قدرة الجهات – المقدمة للخدمات المالية – في مجال إدارة المخاطر على المحك .

-من شأن تصفح الانترنت بواسطة الهواتف الجوالة أن يقلل من تكاليف المعاملات المالية , ويمكن أطرافاً فاعلة جديدة من تقديم الخدمات المالية .

-سيكون للأزمات المالية المستقبلية آثاراً غير مباشرة على الخدمات المصرفية المقدمة بدون فروع بنكية عن طريق تعزيز دور الحكومة وازدياد التضخم .

تشبه هذه القوى الرياح المضادة في الاتجاه والرياح الموافقة للاتجاه التي تؤثر على رحلة طويلة المسافة . فربما غيرت اتجاهها , وربما تسببت في بعض الأحيان في رحلة شديدة الاضطراب , وعلى الرغم من كونها غير مرئية إلا أنها موجودة على الدوام وتؤثر على سرعة الرحلة وراحتها ..

فوائد إعادة هندسة العمليات المصرفية :

إن الحديث عن الإبداع المصرفي بعيداً عن إعادة هندسة العمليات المصرفية أمر غير ذي فائدة

وتشير الدراسات إلى وجود آثار وفوائد لإعادة هندسة العمليات المصرفية أهمها :

-تقليل أعباء القيام بالأعمال الروتينية المتكررة والتي تتطلب كادراً كبيراً من الموظفين , الأمر الذي يؤدي إلى تخفيض الوقت اللازم لإنجاز هذه الأعمال إضافة إلى ارتفاع جودة الخدمات المصرفية .

-توفير أفضل الطرق وأشكال التعامل الجيد مع المراجعين من خلال تبسيط الإجراءات وزيادة سرعة ودقة إنجاز المعاملات وسهولة حفظها وتسجيلها حسب دوائر وأقسام المصرف .

-هناك طرق عدة لخفض التكلفة التشغيلية في المصارف , ولكن أفضلها هي من خلال الإبداع والتكنولوجيا . إن تكلفة الخدمة المصرفية عن طريق الانترنت هي فقط 15% من تكلفتها عن طريق العنصر البشري , ويفضل العملاء الخدمة عن طريق الانترنت لسهولتها ولتوفير الوقت . ولهذا نجد أن ثمة نمو في الانفاق على تقنية المعلومات المصرفية من أجل خفض التكاليف التشغيلية ولقد ازداد هذا الانفاق بنسبة 7% في الإمارات العربية المتحدة .

متطلبات إعادة هندسة العمليات المصرفية :

-فرق العمل Work Teams إنشاء عدة فرق وكل فريق يختص بإعادة هندسة مجموعة من الأعمال المتصلة أو المتشابهة مع بعضها البعض .

-بناء المنظمات الشبكية Building Networked Organization ذات المستويات الإدارية الأقل وعدد الموظفين الأقل تساعد في السرعة في اتخاذ القرارات .

-التفويض ومنح السلطات Empowerment لأن هذا الشيء يسمح بإطلاق وتطور واستخدام مهارات العاملين .

-تعزيز العمل التعاوني Empowerment of collaborative Work تشكيل فريقاً قادراً على تنفيذ الأعمال بشكل أسرع .

-استحداث فرص وظيفية جديدة Opening New Employment Opportunities مثل إلغاء وظائف قائمة وإحداث وظائف جديدة يتطلبها إعادة الهندسة .

وقد تكون التغيرات هذه مؤلمة في بعض الأحيان , غير أن الدواء الشافي غالباً ما يكون مراً .

-الاهتمام بالأمور التالية :

أ‌-يجب أن تحظى إعادة هندسة العمليات المصرفية باقتناع الإدارة العليا للمصرف وتأييد كافة العاملين في المصرف .

ب‌-يجب أن تتفق جهود إعادة الهندسة مع المفاهيم السائدة في البيئة الاجتماعية .

ج- يجب أن تنسجم إعادة الهندسة مع التغير في الثقافة التنظيمية , وتغيير المسؤوليات لدعم عمليات تنفيذ الأنشطة الجديدة وإزالة كافة العوائق التي تواجه التغيير .

د- تحديد المدة الزمنية لتنفيذ إعادة الهندسة .

ه- تأمين الاتصالات الفعالة بين مختلف المستويات الإدارية وأصحاب المصالح في المصرف وخارجه

إن قدرة الإدارة المصرفية وفاعليتها تعتمد إلى حد كبير على إدارة التراكم المعرفي المتاح بين أيديها والذي توفره نظم المعلومات الموجودة في المصرف .

ولعل المرحلة الحالية التي يمر بها الجهاز المصرفي جديرة بأن تدرك الإدارة في المصارف والمؤسسات المالية طبيعة ومعطيات هذه المرحلة والتفاعل بين قواها المختلفة ومدى تأثير ذلك على عملية صنع القرار الإداري . إن امتلاك المعرفة والقدرة على حسن توظيفها يعتبران محورين أساسيين في الإدارة الاستراتيجية في البنوك .

-الإبداع يقدم قوة دافعة هامة لتنمية السوق المالية , فالسوق المالية في الصين أقل نمواً من حيث العمق والنطاق , وإذا قمنا ببساطة بنسخ بعض التدابير التي تتخذها الدول الغربية لمواجهة الأزمة المالية تخفيض خطى الإبداع المالي قد تواجه مخاطر غير متوقعة .

- إذا لم نسرع في الإبداع ونتمكن من إطلاق المزيد من عجلات التمويل والاستثمار فلن نعجز فقط عن تلبية مختلف الاحتياجات المتزايدة للخدمات المالية من الاقتصاد الحقيقي , بل ستتراكم المزيد والمزيد من المخاطر الائتمانية على القطاع المصرفي , وذلك سيقوض من استقرار أعمال القطاع المصرفي والتنمية المستدامة لكل الاقتصاد على المدى الطويل .

-أصول القروض للمصارف الصينية تنقصها السيولة وغير قابلة للتداول نظراً لعدم توفر سوق إقراض من الدرجة الثانية نتيجة لنقص الإبداع المالي . .

واقع الإبداع المصرفي في الدول العربية :

إن العالم العربي بما فيه سورية لم يوظف موارد سخية لتنمية هامش الإبداع في تقديم الخدمات ولخلق المنتجات والحلول المصرفية , ويفتقر القطاع المصرفي إلى بيئة إبداعية تسهم في تطوير الصناعة المصرفية . كما أن قوانين الحوكمة التي تخص مجالس الإدارة ربما هي بحاجة إلى المراجعة فعلى سبيل المثال تخضع العديد من مجالس إدارات المصارف إلى سيطرة مباشرة من عدد من العائلات التجارية . ما يضع هذا القطاع رغم حساسيته الشديدة على الاقتصاديات المحلية عرضة لتغليب المصالح على حساب الاقتصاد , ويوفر أرضية خصبة لانعدام فرص المنافسة العادلة . وأهم ملامح العمل المصرفي في الدول العربية :

-خدمات مصرفية متوسطة الجودة , وهي متباينة فتراها في دول الخليج العربي جيدة ومتطورة وتراها في دول أخرى متدنية .

- عدم توفر الخدمات المصرفية خارج الفروع .

- خدمات الصراف الآلي غير متاحة على مدار الساعة كما هو مقدر لها أن تكون .

- غياب الخدمات المصرفية الالكترونية .

- محدودية وعدم تعدد وتنوع الخدمات المصرفية .

- ارتفاع الضمانات بالقياس لحجم الائتمان الممنوح .

- ارتفاع تكلفة العمليات المصرفية خارج الفرع الذي أودع به العميل لعدم وجود شبكة ربط بين فروع المصرف

- تعذر العمليات المصرفية في نفس البنك ( فقد تجد أنك تتمكن من سحب راتبك الشهري من خلال الصراف الآلي ولا يمكنك سحبه من الفرع التقليدي ) .

- ضعف المخصصات المالية للإبداع .

- معاناة المبدعين في عملهم داخل المؤسسات المصرفية .

- انخفاض مستوى البحث والتطوير .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف