الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ما لم يحدث من قبل

تاريخ النشر : 2018-12-13
ما لم يحدث من قبل
ما لم يحدث من قبل

عبد الغني سلامة

2018-12-12

لم يحدث في تاريخ الصراعات أن سمح عدو ما بإدخال رواتب ومخصصات لأعضاء الجهة التي تقاتله.. قد يتفق الطرفان المتقاتلان على هدنة، أو على إدخال مواد إغاثية ومساعدات إنسانية، أما رواتب لجنود ومنتسبين لمنظمة معادية، فهذه سابقة حصلت لأول مرة، حين سمحت إسرائيل بدخول الأموال القطرية لحركة حماس، لاسيما أنها تصنفها منظمة «إرهابية»، وتسعى مع حليفتها أميركا لإدانتها رسميا في الأمم المتحدة! ألا يدل ذلك على أن إسرائيل وقطر تبذلان وسعهما لإدامة الانقسام، وإبقاء غزة منفصلة عن الضفة؟ والغريب أيضا أن إدخال الأموال جاء مشروطا بحصول إسرائيل على تواقيع وبصمات من سيتقاضون رواتبهم!

سيقول البعض، إن أموال السلطة تأتي عبر إسرائيل، وهذا غير دقيق تماما؛ فالسلطة تعتمد في موازنتها على أموال الضرائب الفلسطينية، والمساعدات العربية، ومساعدات الدول المانحة، وتنظَّم هذه العملية بموجب بروتوكول باريس، باعتبار أن الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) وقعا على اتفاقية أوسلو.. وهي أموال تصرف على عموم الشعب، وليست حكرا لأتباع تنظيم معين. 

ولم يحدث من قبل أن تدخل سفير دولة عربية في الشأن الداخلي الفلسطيني، وتصرف كما لو أنه المندوب السامي؛ يجتمع بقادة الفصائل، ويوبخهم، ويأمرهم بالهدوء، كما يفعل العمادي. 

ومنذ انطلاقة الثورة، لم يحدث لجموع شعبنا أن تحولت إلى طوابير من الناس المقهورين، ينتظرون فتات مخصصات، ومساعدات غذائية وعينية، كما لو أنهم متسولون، كما يحدث في غزة الآن.

سبق لشعبنا أن رفع صورا لقادة وزعماء عرب (عبد الناصر، صدام، حسن نصر الله)، وكان هذا بسبب مقارعتهم لإسرائيل (بغض النظر عن سلبياتهم)، اليوم، تُرفع في أهم ميدان في غزة صور حمد، وتميم، وأردوغان.. مع أنهم يقيمون علاقات علنية ممتازة مع إسرائيل. 

ولم يحدث سابقا أن صارت القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني جزءاً من لعبة المحاور الإقليمية، فقد قاتلت فصائل منظمة التحرير بكل بسالة للحفاظ على القرار الوطني المستقل، ولجعل فلسطين أعلى وأسمى من الخلافات الإقليمية، وبمنأى عن محاورها.. اليوم، لدول عدة كلمتها الفصل فيما يخص القضية، وتحديدا فيما يتعلق بمستقبل وواقع قطاع غزة. 

وسبق لـ»فتح» أن شهدت انشقاقا داخليا (1983)، تقاتل فيه الإخوة، وهذا شيء مؤسف حقا.. لكنها كانت معركة للدفاع عن القرار الوطني المستقل، أُجبرت «فتح» على خوضها ضد أنظمة الوصاية.. ولم تؤثر على وحدانية الموقف الفلسطيني، ولا على وحدانية تمثيل منظمة التحرير، ولم تترافق مع عمليات سجن، وتعذيب، وسحل، وإلقاء الناس عن أسطح العمارات، ودق مسامير في أقدامهم، وتفتيت ركبهم وتحويلهم إلى «ذوي احتياجات خاصة».. ما قامت به «حماس» هو شق للإجماع الفلسطيني، والاستحواذ على جزء من الجغرافيا الفلسطينية، وتقسيم ما بقي من الوطن.

منذ الخمسينيات، وحتى قبل عشر سنوات، كان الهم الوطني والسياسي هما الشغل الشاغل للأغلبية الساحقة من الشباب الفلسطيني، فكل شاب تقريبا كان يجد نفسه منتظما أو مقربا من حزب ما، أو فصيل معين.. اليوم، معظم الشباب تائهون، وغير مبالين، وقد فقدوا ثقتهم بكل التنظيمات، وصاروا مشغولين بمشاريعهم وعوالمهم الخاصة.. والانقسام أحد الأسباب.

ولم يحدث من قبل أن صار حلم الشباب الفلسطيني الهجرة إلى الخارج، حتى لو ركبوا البحر، وهم على يقين بأن البحر ابتلع مئات من قبلهم.. من الذي أوصلهم إلى هذه الحالة؟

ولم يحدث من قبل، أن قام شرطي فلسطيني بقمع تظاهرة شعبية سلمية، سواء كانت ذات مطالب سياسية معارضة، أو مطالب مدنية حقوقية.. كما جرى في السنوات الأخيرة في مدن الضفة الغربية، وفي قطاع غزة، على حد سواء..  

ولم يحدث للقضية الفلسطينية أن تراجعت إلى هذا المستوى؛ حتى باتت آخر بند يتم نقاشه على الأجندة الدولية.

في الواقع، أسباب وعوامل كثيرة ومتداخلة ساهمت في إيصال القضية الفلسطينية إلى هذا المستوى.. ومن الظلم تحميل كامل المسؤولية لطرف واحد، أو لشخص بعينه.. ثم تبرئة البقية.. هذا النهج غير علمي، وغير صحيح، بل ويؤدي إلى مزيد من الكوارث والتراجع.. الجميع يتحمل المسؤولية، إلا من أراد التنصل منها، وإلقاءها على غيره.. وهذا ما يحصل حاليا، للأسف الشديد.

لنترك جانبا تأثير العوامل الخارجية (إسرائيل وتجبرها، أميركا وانحيازها التام، تواطؤ المجتمع الدولي، الضعف العربي...) هذه كلها موجودة، ومهمة.. ولكن، هنالك عامل في غاية الأهمية والخطورة، هو العامل الذاتي، أي الأداء الفلسطيني العام، على جميع المستويات القيادية والرسمية والحزبية والفصائلية والشعبية. 

اتفاقية أوسلو (وهي الجهة الأسهل للاتهام، والمفضلة عند الكثيرين) بالرغم من كل نواقصها وسلبياتها كان من الممكن أن تتخذ مسارا آخر مختلفا كليا، كان ممكنا أن تفضي إلى دولة، أو على الأقل ألا تؤدي إلى كل هذه الكوارث.. لو كان أداؤنا كفلسطينيين أفضل، وأذكى، وأكثر إخلاصا.

لو أن «فتح» قدمت نموذجا صالحا للحكم، لما حصل ما حصل في انتخابات 2006.. وما تبع ذلك من مصائب.

لو أن الشعب كله انخرط في مقاومة شعبية كما فعل في الانتفاضة الأولى، لما قدمنا كل هذه التضحيات والخسائر، والتي جاءت بنتائج متواضعة جدا.. ولو أن المقاومة المسلحة كانت تتم بتناغم وانسجام مع العمل السياسي، وضمن رؤية واضحة، لحققنا منجزات عظيمة تتناسب مع تلك التضحيات العظيمة.

لو أن «حماس» اتحدت مع «فتح»، واعترفت بمنظمة التحرير، وكفت عن محاولات إلغائها ووراثتها، لو فعلت ذلك من البداية لكنا في وضع مختلف كليا.. لما حصل الاقتتال الداخلي، ولما حصل الانقسام.

باختصار، لم يسبق لثورة في العالم أن انتصرت وهي برأسين، وقيادتين، وبرنامجين... اقرؤوا التاريخ، ستجدون عشرات الأمثلة. 

وبوضوح أكثر.. «فتح» لديها برنامج تحرر وطني فلسطيني.. و»حماس» لديها برنامج مكرس لتنفيذ أجندة الإخوان المسلمين، وبرنامج الإسلام السياسي.. وهذا جوهر الخلاف، وجوهر المشكلة.. 

للفصيلين الكبيرين (فتح وحماس) تضحيات كبيرة، وأخطاء كبيرة.. والخطيئة الأكبر استمرار الانقسام.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف