الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

السترات الصفراء تصنع التاريخ بقلم:عمر حلمي الغول

تاريخ النشر : 2018-12-12
السترات الصفراء تصنع التاريخ بقلم:عمر حلمي الغول
نبض الحياة 

السترات الصفراء تصنع التاريخ

عمر حلمي الغول 

دخلت فرنسا مرحلة نوعية جديدة من التناقضات الداخلية التناحرية بين الطبقات الوسطى والعمال والفئات والشرائح الإجتماعية الفقيرة خصوصا والنظام السياسي منذ ال17 من تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي مع نزول اصحاب السترات الصفراء إلى الشوارع لتطالب بالغاء رفع أسعار الوقود، ثم تدحرجت المطالب إلى رفع مستوى الدخل، ووصلت السبت الماضي (8/12/ 2018) الذروة بالمطالبة برحيل الرئيس ماكرون، والخروج من الإتحاد الأوروبي، وهناك مؤشرات بأن يضحي الرئيس الفرنسي برئيس الوزراء إدوار فيليب.  

ظاهرة السترات الصفراء حسب متابعات المختصون بدأت في مايو/ أيار الماضي حين قامت مجموعات فرنسية من تيارات ومشارب مختلفة بتهيئة وإعداد وتسخين الشارع الفرنسي عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وتتميز هذة الظاهرة بإفتقادها لرأس محرك أساسي، ولا ترتبط بأي صلة مع الأحزاب التقليدية الكبيرة، وهي أقرب لحركة الخمس نجوم في ايطاليا، وبوديموس في أسبانيا، التي تمكنت من إستلام الحكومات في بلدانها، وهو ما يخيف الأحزاب الفرنسية. ويمكن تشبيهها بحركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "إلى الأمام" بالمعنى النسبي، التي شكلها في نيسان/ إبريل 2016 عشية الإنتخابات الفرنسية السابقة، التي جرت في مايو/ ايار 2017. لكنها أكثر تماثلا مع الحركتين الإيطالية والأسبانية، مع ان النواة الصلبة (التي لم تكشف عن هويتها حتى الآن) من خلال توجهاتها شبه المعلنة والمعلنة أكثر إدراكا لمطالبها الإجتماعية والإقتصادية وبالتالي السياسية. 

وتبدى ذلك في أحد الشعارات الرئيسية للإحتجاجات الفرنسية، التي دونت على علم فرنسي بالكتابة على ألوان العلم الثلاثة تواريخ الثورات والإحتجاجات الرئيسية في بلاد الغال للربط بينها: 1789، و1968، و2018. إلآ انها ظاهرة إجتماعية متميزة/ وبخصال وسمات خاصة لا تتشابه مع ما سبقها من أحداث. لإن لكل تاريخ ملامحه الخاصة، وتحديدا ما يجري الآن على الأرض لا يوجد وجه شبه مع ما سبقه من أحداث في فرنسا لجهة التالي: اولا غياب الرأس القيادي، الذي يمكن ان تتفاوض معه الرئاسة والحكومة، وهو ما يزيد الأمور تعقيدا؛ ثانيا عدم ربطها بفكر أو أيديولوجية محددة. كما حصل مثلا في الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر، وهي لا تشبه بالضرورة إحتجاجات الحركة الطلابية في 1968، التي تلازمت مع نضال السود في أميركا للمطالبة بالمساواة، وإلغاء العنصرية، وايضا مع الكفاح التحرري للثورة الفيتنامية، وحركات التحرر العالمية؛ ثالثا لم تأخذ الطابع الطبقي في الصراع مع حكم ماكرون، وهي حركة منسابة وهلامية تحاول تحشيد كل الشارع الفرنسي بتلاوينة وشرائحة وطبقاته المختلفة؛ رابعا لا تشبه تماما ما يسمى ب"ثورات الربيع العربي" 2011 إلآ من زاويتين: إعتماد مواقع التواصل الإجتماعي لإستقطاب الشارع الفرنسي، والدعوة لإسقاط النظام، لكنها تختلف من زاوية رفضها تدخل قوى أجنبية في مسار نضالاتها، أضف إلى انها تستهدف بشعاراتها العولمة وخاصة الأميركية، وينادي قطاع من أنصارها والمنخرطين فيها بتغيير قواعد العولمة، ووضع ضوابط لحركة رأس المال العالمي، وكبح جماح قوانين السوق والحد من إنعكاساتها على مسار حياة المجتمع، وإعادة الإعتبار لدور الدولة في الرقابة على الإقتصاد والسوق، وكف يد عالم الخصخصة المنفلت من عقاله في استباحة مصير الشعوب والدول، وبموازاة ذلك عدم إقتصار رفع الحواحز أمام المال والسلع، بل يفترض ان تشمل ايضا فتح ابواب الحرية امام الناس جميعا في التنقل والسفر والعمل والهجرة، ودعم الشعوب والدول الفقيرة من خلال تعزيز فرص التنمية في بلدانها، والأخذ بيدها لبلوغ التحول الديمقراطي الحقيقي، وتعزيز التعاون بين الدول الكبيرة والصغيرة على أرضية التكامل. 

ما يجري في فرنسا بالمعنى العلمي للكلمة ثورة إجتماعية، ولكن بملامح وشروط التطور، الذي تشهده البشرية في عصر ثورة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات. غير أن هذة الثورة تحتاج إلى روافع لنضالها، وأبرز هذة الروافع يتمثل بضرورة وجود قيادة للتعبير عن مصالح المحتجين، بالإضافة لبرنامج محدد المعالم، رغم أهمية ما ورد أعلاه من نقاط برنامجية استراتيجية، لكنها لم تتبلور في برنامج كفاحي واحد وجامع، ومعلن رسميا، وايضا إمكانية تحشيد القوى الإجتماعية المحتجة عليه عبر التوافق فيما بينها. 

ما تقدم لا يشكل سوى القراءة الأولى لحدث عظيم، قد يكون له تداعيات إستراتيجية في كفاح الشعوب الأوروبية خصوصا وشعوب العالم عموما ضد طغم رأس المال المالي، والعولمة الأميركية المتوحشة ، ويفتح الأفق نحو تحولات نوعية غير مسبوقة في مسار التاريخ العالمي. لا سيما وأن فرنسا بما لها من تجارب عظيمة في تاريخ الثورات الإجتماعية، يمكن ان تعود للإمساك بقرون التاريخ مجددا من خلال النتائج المتوقعة لإحتجاجاتها المتعاظمة. والمستقبل المنظور يملك الجواب القاطع للفرنسيين والأوروبيين والعالم.

[email protected]

[email protected]           
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف