الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

موسيقى القدر..بقلم:عبد الجبار الحمدي

تاريخ النشر : 2018-12-10
موسيقى القدر.. للقاص والكاتب/ عبد الجبار الحمدي

( الجزء الاول )

هائمة على وجهها بعد ان سرقت محفظتها من باطن حقيبتها اليدوية التي ما ان استلمت المبلغ عن قلادتها التي تعتز بها وتحبها كونها الشئ الثمين الذي تملكه.. كان بانتظارها ذلك اللص الذي قفز امامها فجأة، اسقطها وحقيبة يدها.. ثم انطلق هاربا وهي تلملم بقية حاجتها التي ما ان ادركت انه قد سرقها حتى اخذت تبكي منطلقة مبتعدة عن مكانها حيث ترى العالم المحيط بها لم يحرك ساكنا ليدافع عنها.. وصلت الجسر الذي تعبره في كل يوم للذهاب لإعطاء الدرس في العزف على البيانو الى احد التلاميذ الذين كانت تربطها و والدته علاقة صداقة قديمة .. هو ذاك مصدر رزقها بعد ان اصيبت بإنهيار عصبي نتيجة سوء علاقتها بصديقها الحميم جيم و والد طفلتها الراحلة ساندي، التي فقدتها نتيجة تصرف أرعن من صديقها المدمن كحوليا الذي لا يفتأ عن العراك معها وضربها امام ابنتها مع تقريعها.. احتملته طويلا عبئه.. علاته الكثيرة حرصا على بقاء ابنتهما بين كنفيهما.. حتى تلك اللحظة التي فارقت ساندي الحياة حين اصطدم بإحدى الأشجار الضخمة وهو يقود عجلته تحت تأثير الكحول، تلك الحادثة اودت بحياة الخيط الرفيع الذي يربطها معه.. فما ان افاقت مما اصابها من مرض تركته دون رجعة، لتعيش وحيدة وحزنها على نور الحياة الذي اطفأته الاقدار على يد اب ارعن والى الابد..

كانت مذهولة بما حدث لها!! تتسائل لم الحياة عنيدة وصعبة معها؟! تجبرها متعمدة الى اقتناء التعاسة كمن يبحث عن انتيكة قديمة يحاول ان يزين بها غرفته البائسة المظلمة دون التمتع بها او الانتفاع منها.. التعاسة هي النافذة التي مدت يدها الاقدار عبرها لتخطف أمل حياتها.. نزلت دموعها وهي تتكأ إلى سياج الجسر الذي شارفت على نهايته للوصول حيث بيت السيدة كاري وابنها مات ذو الاحد عشر عاما.. توقفت قليلا لتمسح دموع عينيها، وأذا بعجلة تسير ببطء وصوت ينادي مادي ..مادي توقفي قليلا ارجوك إنه أنا توم ألا تعرفيني؟ نظرت الى مصدر الصوت دون ان تعيل اهمية له، تابعت سيرها بخطى مسرعة قليلا، عاود توم يصيح توقفي قليلا، لا تخافي .. بخفة شديدة اوقف عجلته ونزل منها مسرعا حتى توقف أمامها.. يا إلهي!! كم انت جميلة؟ بل لا زلت بنفس الضياء وإن بهت قليلا نتيجة ضوء النهار، لكن مادي المشرقة بالحياة إنها الفتاة التي انقذت حياتي في مرة من المرات لا زالت مضيئة.. إنه أنا توم.. اعني تراش لعلك تتذكريني بهذا لاسم الذي اُطلق عليّ حين كنا نتشارك المدرسة الثانوية نفسها والكلية، كَوني كنت اعمل في جمع النفايات ليلا حتى افي مصاريف دراستي... ألا تتذكريني

تمهلت عن تسارع خطواتها، كأنها تريد ان تربط حديثه بشريط ذكرياتها لتعيده من جاروره الذي قبعت فيها كل ايام حياتها الجميلة تلك.. بهتت وهي تقول: أوه !!! اجل تراش عذرا توم لقد تذكرتك يا إلهي!! كم تغيرت!؟ كيف حالك؟؟

توم: اني على ما يرام بل بخير جدا.. أنتِ كيف هو حالك؟ وما هي اخبارك؟؟

مادي: الشكر لله انا بخير ايضا شكرا لسؤالك..

توم: اوه لقد انسيتني سبب منادتي عليك واللحاق بك، خذي هاته محفظتك التي سرقت منك عنوة، صدفة غريبة كانت، رأيتك.. فاردت ان اسلم عليك لكني تأخرت في ركن سيارتي فشاهدت ما حدث لك، كنت قد وقعتِ سارعت انا في الجري وراء اللص الذي امسكت به على بعد شارعين من مكان الحادث، وحين عدت وجدتك قد ذهبت، غير ان احدهم اشار لي بوجهتك التي عرفت انها ستكون باتجاه الجسر وهكذا .. اقصد ها أنا ذا، خذي تفضلي ارجو ان لا يكون شيئ منقوص بها تَفقديها..

لم تسنح لها لحظات الذهول!!! من النظر، بل كانت في صعقة مما حدث وغرابة الموقف .. حتى سمعته مرة اخرى يردد نفس الكلام فقالت:

مادي: لا .. لا اظن ان شيئا قد فقد منها وهي تنظر بحرج الى ما في داخلها، فهي لم تكن تحوي سوى المبلغ القليل لقلادتها.. شكري لجهدك وتعبك، لكنها لحظة جميلة أن التقيك وتقدم لي هذه المساعدة، إني بحاجة الى ما بداخلها فهو سيقيني انهاء حاجاتي الملحة..

توم: لا تقولي ذلك مادي فأنا سعيد بلقاءك كما يسرني دعوتك على الغداء هذا إذا لم يكن لديك مانع او ارتباط

مادي: لوهلة مستغربة بما تراه وتعيشه من موقف لم يكن بخلدها او حساباتها، تراش ذلك الشاب الذي لولاها لكان قد تلقى اللطمات تلو اللطمات ممن كان يعترضه دوما واطلق عليه هذا اللقب، انه صديقها الحميم جيم قاتل ابنتهما بإدمانه..لكنها تدخلت في الوقت المناسب وانقذته من الكمين الذي كان قد اعده لمعاقبته وتطاوله عليه في تلك الليلة سمعته يقول توم انه سيحفظ جميلها سيرده يوما ما.. واظنه قد رده اليوم بإسترداده محفظة نقودي.. تلعثمت وقالت له..اعتذر توم لكن لدي درس في البيانو الآن وهذا يستغرق قرابة الساعة والنصف تقريبا، اظنك لست متفرغا كما ارى انك رجل صاحب عمل فهيئتك تدل على ذلك..

توم: إنها حكاية طويلة سأحكيها لك بعد قبولك دعوتي ..هاك هذا هو كارت عملي فيه هاتفي الخاص، سأنتظر مكالمتك متى ما انتهيتي فقط دقِ عليّ سارد على اتصالك، ارجوك لا ترفضي طلبي فأنا مدين لك بالكثير.. هيا اقبلي دعوتي وهو يمسك بيدها مبتسما بعنفوان الحياة التي يعيش، لم تستطع ان ترفض طلبه ، كما انها ربما هي محاولة في تغيير اجواء قاتمة اتخمتها كما التفكير والانعزال عن الآخرين والانطواء بين حاجات ساندي ومرضها.. هزت رأسها بالأيجاب نعم قبلت دعوتك.. سأتصل بك

مرت الوقت عليه صعبا أما هي فكان قد غطى مساحات درس البيانو الذي انهته وهي راغبة بدعوة توم..

توم: يا لها من مصادفة غريبة بأن ألتقيك بهذا الشكل.. مردفا ارجو ان يعجبك هذا المكان، إنه المكان المفضل عندي، فأنا غالبا ما اتناول الغداء فيه، وفي كثير من الاحيان آتي لتناول العشاء أيضا كونه مريح وهاديء حيث يطل على شاطئ البحر الذي اعشق نسيمه ليلا كثيرا، ربما جنون حين اخبرك بأني استلقي على الرمال هناك في ذلك المكان بين الصخور لساعات اسامر النجوم والقمر احيانا..

مادي: حقيقة اني خجلة منك، وبنفس الوقت مسرورة كونك ساعدتني في استراد محفظتي ودعوتك لي، لكن توم هلا اخبرتني ما هو نوع عملك ؟

توم: ألم تقرأي صفتي في كارت التعريف إني مدير شركة لتدوير النفايات، شركة ليست كبيرة وليست صغيرة في نفس الوقت، بل هي ذات قوام ولها رواج في عالمها الذي لا يعرف بواطنه الكثير، فكما علمتِ اني كنت عاملا صغيرا جدا، لكن ومن خلال دراستي واندماجي كعامل مع الشركة التي اعمل بها ثم تخرجي بإدارة الاعمال، عملت بعدها مع مالكها على تطوير كيفية الادارة ووضعت آلية عمل وطرق يمكنها ان تعطي عوائد مادية كبيرة ومنافسة للشركات الاخرى، عمن خلال تقديم عطاءات وخلافه من مسميات تقنية وفنية.. شاءت الاقدار ان احظى بقبول صاحب الشركة الى جانب قلب ابنته الجميلة سارة، لا اطيل ارتبطت بها وعشنا لاعوام عشر سعيدة جدا دون ان يكون بيننا اطفال لاسباب صحية بها، إنها تحب الاطفال الى حد الجنون، حتى انها فاتحتني بتبني احد الاطفال ليملئ حياتنا ويكملها سعادة، لم اعارض رغم أني على يقين ان السعادة لا يمكنها ان تستمر والى الابد، فتحققت امنيتها عندما حظينا بساندي الجميلة ..

مادي: شهقت حين سمعت الاسم!!! ماذا!! ساندي اهذا هو اسمها؟

توم: نعم ساندي وما المشكلة في ذلك؟

مادي: لا ابدا انه مثل اسم ابنتي الراحلة الصغيرة يا للمصادفة الغريبة..

توم: انا آسف جدا مادي، لم اكن اعلم عن خلفية حياتك اعذريني ارجوك

مادي: لا ابدا لم تكن تعلم توم ، إنها قصة طويلة لا مجال لذكرها الآن ، هيا اكمل حكايتك..

توم: كما قلت لك لا يمكن للسعادة ان تستمر، فقد اخذت مني سارة وشريكِ في العمل وصاحب الشركة الاساس السيد متلوك في حادث عرضي، وها انا ومنذ قرابة العامين اعيش مع ساندي في بيت جميل جدا واحظى بحياة لطيفة، تفضلي مادي كلي لقد اشغلتك بقصتي إنه طعام جميل ولذيذ ستحبينه بالتأكيد..

مادي: شكرا توم جميل ان اراك واسمع بأنك قد حظيت بحياة رغيدة واضبت على نيلها بجهد كبير لاشك، إني سعيدة من اجلك..

توم: شكرا لك، والآن اخبريني عن قصتك وما حكاية رحيل ابنتك ساندي اكانت مريضة ؟؟

مادي: روت قصتها على مضض وبمرارة، تذوقها توم خلال دموعها وغصتها التي تروي احداثها بفقدانها غاليتها ساندي..حتى قالت .. تلك قصتي واعتذر عن تعكير طعم غداءك والمكان الذي تحب

توم: ابدا مادي اني اشعر بمرارة ما تمرين به، فأنا ايضا فقدت من احب فجأة، كأن يد القدر قد باغتتنا معا وخطفت ما نحب .. على اية حال، سعيد ومسرور بلقاؤك، ارجو ان تبقي على اتصال معي فأنت صديقتي الرائعة بكل شيء..
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف