" ليلــة زفافـي " قصة قصيرة.
________
أعرف أن الفوبيا من الأماكن المرتفعة قد تصيب الكثيرين بالرعب الشديد
أما أنا فالأمر مختلف
أشعر بالفوبيا عندما أذهب إلى صالة أفراح , صاعقة تضرب نافوخي
بصلافة , صالة الأفراح النموذج الأمثل للتيار الكهربائي المنقطع عن دماغي . الموسيقى الصاخبة , فستان العروس الذي يزرع ياسمينة صغيرة في كف الفراق ,
وصوت صباح يصدح كعادته كل مرة
" علشان ما هية سن سبعتعشر قال يعني خلاص , تزعل ويّايّا لو أبوسها قدام الناس "
البكاء يحتاج إلى سترات واقية , دموع أم العروس تنهمر بغزارة وأنا من سوء حظي
أدخل الصالة عند هذا المقطع بالذات , أصافح العروس , أرتجف
, لاأعرف تفسيراً واحداً لهذه الرعشة التي تجتاحني , أندمج مع الكلمات
أشعر بنفسي خفيفاً كريشة وثقيلا ً مثل بوابة حديدية , أتحرّك كأنني مشدوداً بعربة حصان والأدهى من ذلك أن يقول لي أحدهم
_ تعال ارقص مع العروس .
لا أعرف ما معنى هذه المجاملة ولا كيف أطلب النجدة ؟
_ ما بعرفش أرقص , هو كل فرح ما فيش الا أنا ..
أضغط على أسناني مكملاً بصوت منخفض
_يا عمي حلّو عني ..انتو ماخذين عني فكرة غلط .أنا بخجل والله بخجل .
تردد العروس الحلوة برجاء قائلة
_ خالو عشان خاطري ..
ربما لأنني أتذكر يوم زفافي كرهت الأفراح , أتذكر هذا اليوم المتُهم بالقتل ,
أتذكره جيدا ً .
في ليلة زفافي .. لم أعاين الأغاني التي ستناسبني في هذا اليوم الرائع,
اختياري للأغاني سيكون مذهلاً لو فعلت ذلك , لن تكون هنالك
موسيقى مزعجة ولا أغاني ركيكة ..
للأسف فوجئت بأن المشرفة على الأغاني تعمل في البوليس السياسي
أجل , طلبتُ منها بعض الأغاني الرومانسية وليس كل هذا الكم الهائل من الحزن,
لكنها تحفظ دون أن تفهم , تفتح الأغاني بصرامة ضابط , تعتقد أنها بذلك
تلبي رغبتي , تمزج القهوة مع البوظة وتتركتي طوال الوقت أرتشف الحسرة والتجهم وأحتسي المرارة المُرخّصة من وزارة الصحة أيضا ً, اختارت لي كل أغاني ايهاب توفيق
" , ملهمش في الطيب , الأيام الحلوة , والمصيبة الكبرى " تترجى فيّا "
انتزعتُ القداحة من جيبي , كافئتني السيجارة بالتغلب على القليل من الملل والتوتر,
وضعت كل طاقتي رهينة للإختناق , حاولت عبثاً أن أقنع نفسي بأنه لا يوجد
سبعة شهداء في المدينة بينما أبي يضرب بعكازه أرضية القاعة قائلاً بنبرة حادة
_ أوقفوا الفرح , إن غضب الله سيحل علينا حتماً .
لكنني أجيد التحليق والخروج من المأزق بسلاسة ,قررت ُ أن أرقص ,
هذا هو النصر الذي وعدتهم به منذ سنوات لكنّ صالة المنزل أصغر من كف اليد
وأكبر من الغصّة في الحلق , نزلت من على الكوشة ,
أمسكتْ أمي وحماتي يدي ّوكأن شرطيّان كانا في انتظاري ,
الأهل , الأقارب والجيران يراقبون المشهد , في عين كل واحدة منهن آلة حادة
وأنا مجرد بقعة دم صغيرة , أستدير , أنعطف يميناً ويساراً وبعد مشاورات ومماطلة من ذراعي ّ المقوّسين كعجلة القيادة أرقص , , المكان ضيق ,أستعير ابتسامة العروس ولم أخذلها بإبتسامة مماثلة , أسرق أصابعها من بين الزحام , نرقص سويا ً, أحاول الخروج من جو الكآبة قائلاً لها بكل عذوبة
_ عيونِك!
تتساءل برقة _ اشمعنا !
وكالمنشار صوت ايهاب توفيق يقطع الحوار " حب حب مين , حلم هو فين , شوق , شوق لمين ما اتقولشي ليّا "
أمي تقف في منتصف الزغرودة وتصرخ
_ ولكو مين حاطط ها الأغاني اللي بتسم البدن..
أستمر في الرقص وكأنني بحاجة للحصول على مجموع علامات تؤهلني لأن
أكون عريساً متفوقا ً, يرتطم كفي بالأسماء والمقاعد , المنزل لا يصلح
لألعاب الفيديو ولا حتى لمرور التنهيدة , المكان يصلح فقط لآلة التصوير
آلة التصوير التي كانت تحتج بشدة ولكن لم يسمعها أحد .
______________________
________
أعرف أن الفوبيا من الأماكن المرتفعة قد تصيب الكثيرين بالرعب الشديد
أما أنا فالأمر مختلف
أشعر بالفوبيا عندما أذهب إلى صالة أفراح , صاعقة تضرب نافوخي
بصلافة , صالة الأفراح النموذج الأمثل للتيار الكهربائي المنقطع عن دماغي . الموسيقى الصاخبة , فستان العروس الذي يزرع ياسمينة صغيرة في كف الفراق ,
وصوت صباح يصدح كعادته كل مرة
" علشان ما هية سن سبعتعشر قال يعني خلاص , تزعل ويّايّا لو أبوسها قدام الناس "
البكاء يحتاج إلى سترات واقية , دموع أم العروس تنهمر بغزارة وأنا من سوء حظي
أدخل الصالة عند هذا المقطع بالذات , أصافح العروس , أرتجف
, لاأعرف تفسيراً واحداً لهذه الرعشة التي تجتاحني , أندمج مع الكلمات
أشعر بنفسي خفيفاً كريشة وثقيلا ً مثل بوابة حديدية , أتحرّك كأنني مشدوداً بعربة حصان والأدهى من ذلك أن يقول لي أحدهم
_ تعال ارقص مع العروس .
لا أعرف ما معنى هذه المجاملة ولا كيف أطلب النجدة ؟
_ ما بعرفش أرقص , هو كل فرح ما فيش الا أنا ..
أضغط على أسناني مكملاً بصوت منخفض
_يا عمي حلّو عني ..انتو ماخذين عني فكرة غلط .أنا بخجل والله بخجل .
تردد العروس الحلوة برجاء قائلة
_ خالو عشان خاطري ..
ربما لأنني أتذكر يوم زفافي كرهت الأفراح , أتذكر هذا اليوم المتُهم بالقتل ,
أتذكره جيدا ً .
في ليلة زفافي .. لم أعاين الأغاني التي ستناسبني في هذا اليوم الرائع,
اختياري للأغاني سيكون مذهلاً لو فعلت ذلك , لن تكون هنالك
موسيقى مزعجة ولا أغاني ركيكة ..
للأسف فوجئت بأن المشرفة على الأغاني تعمل في البوليس السياسي
أجل , طلبتُ منها بعض الأغاني الرومانسية وليس كل هذا الكم الهائل من الحزن,
لكنها تحفظ دون أن تفهم , تفتح الأغاني بصرامة ضابط , تعتقد أنها بذلك
تلبي رغبتي , تمزج القهوة مع البوظة وتتركتي طوال الوقت أرتشف الحسرة والتجهم وأحتسي المرارة المُرخّصة من وزارة الصحة أيضا ً, اختارت لي كل أغاني ايهاب توفيق
" , ملهمش في الطيب , الأيام الحلوة , والمصيبة الكبرى " تترجى فيّا "
انتزعتُ القداحة من جيبي , كافئتني السيجارة بالتغلب على القليل من الملل والتوتر,
وضعت كل طاقتي رهينة للإختناق , حاولت عبثاً أن أقنع نفسي بأنه لا يوجد
سبعة شهداء في المدينة بينما أبي يضرب بعكازه أرضية القاعة قائلاً بنبرة حادة
_ أوقفوا الفرح , إن غضب الله سيحل علينا حتماً .
لكنني أجيد التحليق والخروج من المأزق بسلاسة ,قررت ُ أن أرقص ,
هذا هو النصر الذي وعدتهم به منذ سنوات لكنّ صالة المنزل أصغر من كف اليد
وأكبر من الغصّة في الحلق , نزلت من على الكوشة ,
أمسكتْ أمي وحماتي يدي ّوكأن شرطيّان كانا في انتظاري ,
الأهل , الأقارب والجيران يراقبون المشهد , في عين كل واحدة منهن آلة حادة
وأنا مجرد بقعة دم صغيرة , أستدير , أنعطف يميناً ويساراً وبعد مشاورات ومماطلة من ذراعي ّ المقوّسين كعجلة القيادة أرقص , , المكان ضيق ,أستعير ابتسامة العروس ولم أخذلها بإبتسامة مماثلة , أسرق أصابعها من بين الزحام , نرقص سويا ً, أحاول الخروج من جو الكآبة قائلاً لها بكل عذوبة
_ عيونِك!
تتساءل برقة _ اشمعنا !
وكالمنشار صوت ايهاب توفيق يقطع الحوار " حب حب مين , حلم هو فين , شوق , شوق لمين ما اتقولشي ليّا "
أمي تقف في منتصف الزغرودة وتصرخ
_ ولكو مين حاطط ها الأغاني اللي بتسم البدن..
أستمر في الرقص وكأنني بحاجة للحصول على مجموع علامات تؤهلني لأن
أكون عريساً متفوقا ً, يرتطم كفي بالأسماء والمقاعد , المنزل لا يصلح
لألعاب الفيديو ولا حتى لمرور التنهيدة , المكان يصلح فقط لآلة التصوير
آلة التصوير التي كانت تحتج بشدة ولكن لم يسمعها أحد .
______________________