الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مصلوبة على رصيف الانتظار بقلم:السيد الهبيان

تاريخ النشر : 2018-12-03
مصلوبة على رصيف الانتظار
================
لملم الليل حكايا النهار .. طواها فى حناياه بمجرد أن انتهى منها.. ولم يترك لها غير حكاية الانتظار التى تجهل نهايتها..من جديد استسلمت للقلق..تركته يفترسها كما تعودت كلما اختلت بنفسها.. لكنها بمحاولة يائسة منها فكرت بالهروب منه وتشبثت بالأحلام ..ثم أخذت ترسمها كما تريد.
نمصل لها زوجها مادا ذراعيه وهو يندفع نحوها ثم يحتضنها بشدة..قتلنحم به وهى تموج بوجهها على وجهه..تاركة دموع عينيها تغسله.
ـــ مايبكيك؟.
ـــ كنت قلقة عليك.
زاد من احتضانه لها واسترسل بصوته الحنون :
ـــ كان ذلك مايؤرقنى .
ـــ لم أتركك تغيبين عنى لحظة واحدة.
توقفت عن عناقه ..بينما طلت يداها قابضة على ذراعيه ثم مالت إلى الوراء بامتداد طول ذراعيها.. وأخذت تتأمله..بدت وكانها تقيس طوله وهى تمسح قامته بنظرات صاعدة وهابطة ..زغرد فى سمعها صوته:
ـــ ما زلت كما أنا شيئا كما ترين.
توقفت عيناها على وجهه..بينماارتسمت ابتسامتها التى يحبها منها على شفتيها:
ـــ وستظل إنشاء الله.
ثم حررت ذراعيه من قبضة يديها.. وتركت يديها تصعد إلى كتفيه تتلمسه بود للحظات..ثم هبطت بهما إلى كفيه.. تداخلت أصابعها فى أصابعه:
ــــ يداك باردتان.
ــــ أدفئيهما أنت.
ألقت برأسها على صدره واحتضنته:
ــــ ضمنى إليك أكثر.
تأوهت من لذة اعتصاره لها..ثم أغمضت عينيها واستسلمت لأحلامهاأكثر.. فتركتها تمضى بها وتقتل اشتياقها إليه..همس إليها:
ـــ كثيرا ما تعرضت للقتل؟.
امتزجت كلماتها بالألم:
ـــ كان ذلك ما يقلقنى .
استراحت تحته تماما ..وتركته يمسح وجهها بشفتيه..تساءل مستفسرا:
ـــ ماذا كنت ستافعلين لو لم أعد إليك؟.
أقلقها نعيق البوم وهى فى لحظات الاستثارة:
ـــ دعنا مما أبغضه.
ـــ ألم يكن من المتوقع قتلى ؟.
ـــ أرجوك كف عن الكلام الشؤم.
ـــ أعنى...ز..
مدت يدها إلى شفتيه لتمنعه عن استرسال فى حكاية القتل التى ترعبها.. امتد ذراعها بأقصى طوله .. لكن يدها لم تستقر على شىء .
انتبهت من أحلامها لتجد يدها مرفوعة فى الهواء..أخذت تحدق فيها وهى جامدة كما هى بضع لحظات..ثم تركتها تتهاوى بتخاذل على صدرها.. وعلى بصيص الضوء الخافت أخذت تطوف بعينيها فى زوايا الحجرة..بدا لها كل شىء تكسوه الكآبة.. حدة الصمت حولها زادت من إحساسها بالخوف.. وأخذت الأفكار السوداء ترتع فى مخيلتها ..فتسولت النوم لتهرب منها..لكنها لاحقتها فى أحلامها ., فهبت من نومها مذعورة .. وظلت مستسلمة لبحر الأرق حتى آخر الليل.
ــ4ــ
فى الصباح وهى فى الطريق إلى عملها .. التهمت عناوين الصحف بعينيها..اختلستها من ايدى الناس قبل أن تصل إلى بائع الجرائد..وجدتها تشير كلها إلى استمرار القتال رغم الإعلان عن توقفه..بقيت علامات الاستفهام حول مصير زوجها كما هى.. وبمجرد أن اشترت الصحيفة أخذت تمسح أخبار القتال بعينيها ..لكنها افتقدت فيها ما يبدد الخوف عن نفسها..فواصلت طريقها تثقلها جبال الهموم التى تحملها.
ـــ5ــ
التقت بامرأة ترتدى السواد..ممسكة بيد طفلة صغيرة..وتمشى بخطوات متخاذلة.. بدت لها مثل ورقة خريفية صفراء..وعندما حدقت فيها جيدا ..اكتشفت أنها رأتها من قبل فى مكان ما.. حاولت أن تتذكر لكن ذاكرتها خانتها ولم تسعغها..لكنها بعد أن مرت بها تماثلت لها وهى واقفة على رصيف القطار تودع زوجها مثلما كانت تفعل هى ..يومها رافقتها إلى خارج المحطة بعد قيام القطار ..وتبادلامعا همومهما..عرفت أنها زوجة لازالت فى شهر العسل.. فأسرعت وراءها واستوقفتها.. واجهتها بنظرات متسائلة..وهى تحاول أن تتذكرها..ساعدنها على التذكر:
ــ تقابلنا فى محطة السكة الحديد.
واجهتها بنظرات استفهام..أجابنها بما أسعغنها به ذاكرتها..إلى أن استعادت اللقاء البعيد الذى جمع بينهما على رصيف القطار..تقاطرت الدموع من عينيها.. وبصوت هده الحزن تمتمت:
ـــ لم يعد زوجى .
ثم أضافت وهى نلملم آثار الدموع فى عينيها:
ـــ وعرفت أنه قتل.
سقطت دموع الخوف من عينيها دون أن تدرى وهى تمد يدها لتعزيتها ..سألتها:
ـــ ألم تصلك أخبار عن زوجك؟.
ـــ من مدة لاأعرف شيئا عنه.
ـــ ألا تعرفين أى من زملائه؟.
ــ أعرف.
ــ حاولى الاتصال بأحد منهم؟.
ـــ حاولت.
ثم أضافت:
ـــ لم أتلق أية إجابة تطمئنى.
ثم أضافت:
ـــ الجميع أجمعوا على أنهم لم يروه من فترة طويلة.
ــ ومن أدرانى أنه عاد.
واستمرارا لنصيحة زميلة الانتظار..حاولت أن تتجاهل هواجس الحزن بالاستغراق فى عملها ..وحققت رغبتها المترددة فى الاتصال بأحد زملاء زوجها .. بعد أن اشتدت عليها وطأة معرفة مصيره..الذى استوطن دائرة الاحتمال..البقاء المرجو..وأمنية العودة ..وتضاعفت حيرتها بين الاحتمالين..مما جعلها نرفع صسماعة التليفون بيد مرتخية وتباطأت إصبع اليد الثانية وهى تتضغط على الأرقام..فتدفق الرنين المتقطع إلى أذنيها دون أن يتوقف..فلملمت خيباتها المتكررة.. وجمعت أغراضها..وغادرت مكانها.
ـــ 6 ـــ
دونما تحديد تتكاثر علامات الاستفهام تفرخها لحظات زمن الانتظار المتطاول دائما..والذى يبدو كانه يرغب فى عدم التخلى عن صفة الملل الابدية التى تلازمه.. وصارت تطلق عليه بآلية من بين الشفاه باعتياد استقرت عليه.. كاية كلمة سهلة الداول,, تتردد بلا ملل .. ستراه قادما تجاهها يشق الزحام الذى يملا الرصيف بخليط من الناس الذين سيلفظهم القطار والذين اتوا لاستقبالهم ابدا لن تضل وجهه الذى تعرفه من بين ملايين الوجوه وسيشرق بينها بعد غيابه الطويل.. ستراه قادما تجاهها يشق الزحام الذى يملا الرصيف بخليط من الناس الذين سيلفظهم القطار والذين اتوا لاستقبالهم .. ابدا لن تضل وجهه الذى تعرفه من بين ملايين الوجوه ستجده مغسولا بماء المطر وتبدو ثيابه كانه استحم بها سيسرع باحتضان كفها بكفيه فى بشدة.. كانهما يستبدلان ذلك بالعناق الذى من المستحيل ان يتم وسط الجميع الحاشد ثم تهطل العذوبة من فمه وهو يهمس بشوقه لها..ولهفته إليها. قبل ان يصطحبها ألى خارج المحطة...لكنها افتقدت وصول القطار الذى تنتظره.. والآتى برجلها الذى يغيب عنها منذ شهور..فذهبت لتفتفسر عن سبب عدم وصوله..أجابها المسئول عن حركة القطارات فى محطة السكة الحديد:
ـــ لااعرف.
سألته بتخذل:
ـــ كيف لاتعرف وأنت أكبر مسئول فى المحطة؟ا.
فحاول الايترك لها فرصة فى الجدال .. فأجابها :
ـــ العلم عند الله.
بدت له أنهالم تتقبل إحابته لها..فواجهها بحدة:
ـــ اريدين ان اقسم لك بانى لااعرف؟,
سألته:
ـــ وما العمل اذن؟.
أجابها بآلية:
ـــ عليك بالانتظار.
ـــ إلى متى؟.
أجابها وهو ينصرف عنها:
ـــ لا أدرى.
الاستفسار العادى منها.. ظنه المسئول بداية لجدال لن يتوقف.. الا بعد ان يصبه الإرهاق كالعادة.. من كثرة مواجهته به طوال ساعات عمله..
ثم انشغل عنها بتدوين بيانات فى اوراق امامه.
ـــ 7 ـــ
فى المساء عندما رغبت فى النوم..غطست فى السرير البارد وشدت الغطاء عليها حتى اختفت تحته تماما.. توالت اللحظات دون ان تستشعر بالدفء الهارب منها تكومت على نفسها اكثر..لتقلل من برودة الفراش..لكنها ظلت تفتقد الدفء.. أطلت بوجهها من تحت الغطاء .. اوضح لها ضوء الغرفة الخافت الكآبة الكاسية كل شىء من محتويات الحجرة .. إحساسها بالخوف واخذت الافكار السوداء ترتع فى مخيلتها ..تسولت النوم لتهرب منها.. لكن الارق حال بينها وبين ما تريد وجمع لها فى الليل حكايات النهار..فتماثلت لها..لتلق عليها نظرة أحيرة.. قبل ان يطويها فى ثناياه..فاغتسلت بشلالات حزنها الصامت الذى يسكن أعماقها..فمنحت للذكريات حرية فى تخيلها.
ــ 8 ــ
تمشى فى الطريق بنظرات قلقة تتطلع إلى الوجوه والأشياء التى تراها حولها .. ثم تمضغ لهاث اللهفة على مصير الحلم الذى تعيشه فى زمن الياس يبدو لها مثل شىء مهزوز ويتراءى لها بين شفتى رجل واعد ..يحقق ما يبدو مستحيلا لها .. تمشى فى الطريق بنظرات قلقة ..تتطلع إلى الوجوه والأشياء التى حولها .. ثم تمضغ لهاث اللهفة على مصير الحلم الذى تعيه فى زمن الياس..يبدو لها مثل شىء مهزوز ..وتترقب الخلاص منه على رجل تنتظر أن يبدو.. يستبدل الحزن الذى تعيشه بفرح محرومة منه.. لكن نعيش القلق وسط غابة لاوجود للهدوء فيها.. ولاتستطيع الخروج من حصارها..رغم محاولاتها المتكررة فى الخلاص منه..وتفرخ تساؤلاتها ظنونا كثيرة..حول موعد احتضار زمن الانتظار.
***************

السيد الهبيان
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف