الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

"مقاصد الشريعة الإسلامية" عند الأستاذ علال الفاسي (ت 1974 م) و "الدكتور أحمد بوعود"

تاريخ النشر : 2018-11-22
"مقاصد الشريعة الإسلامية"
عند الأستاذ علال الفاسي (ت 1974 م) و "الدكتور أحمد بوعود" .
مقدمة :
تعرف مقاصد الشريعة بتعريفات كثيرة ، لعل من أبرزها ، تعريف العلامة محمد الطاهر ابن عاشور ـ رحمه الله ـ الذي عرف المقاصد بما يلي : "مقاصد التشريع العامة هي المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة ، فيدخل في هدا أوصاف الشريعة ، وغايتها العامة ، والمعاني التي لا يخلو التشريع عن ملاحظاتها ، ويدخل في هدا أيضا معان من الحكم ليست ملحوظة في سائر الأحكام ولكنها ملحوظة في أنواع كثيرة منها" .
وعرف الدكتور أحمد الريسوني مقاصد الشريعة بقوله : " هي المعاني والغايات والآثار والنتائج ، التي يتعلق بها الخطاب الشرعي والتكليف الشرعي ، ويريد من المكلفين السعي والوصول إليها " .
ويخلص الباحث المغربي يوسف عطية في كتابه "الاجتهاد والتجديد في الفكر المقاصدي، دراسة في إمكانات التفعيل " إلى أن "الفكر المقاصدي هو التدبر والتأمل المنضبطان لأحكام الشرع وغاياته ومراميه ، المراعيان لمصالح الخلق الدنيوية والأخروية" .
وقد ألف في علم مقاصد الشريعة العديد من العلماء الأفداد من القدامى والمعاصرين ، وسنعرض بعضا منهم :
ـ "الموافقات في أصول الشريعة" لشيخ المقاصديين ، الإمام أبو إسحاق الشاطبي .
ـ "مقاصد الشريعة الإسلامية" للعلامة محمد الطاهر بن عاشور .
ـ "مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها" للعلامة والأستاذ علال الفاسي .
ـ "نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي" ، "من أعلام الفكر المقاصدي" ، "الفكر المقاصدي ، قواعده وفوائده" ، "مدخل إلى مقاصد الشريعة" للدكتور أحمد الريسوني.
ـ " مقاصد الشريعة ، من النظر إلى السلوك" للدكتور أحمد بوعود .
ـ "نحو تفعيل مقاصد الشريعة" للدكتور جمال الدين عطية .
ـ "علم المقاصد الشرعية " للدكتور نور الدين الخادمي .
ـ "الاجتهاد والتجديد في الفكر المقاصدي، دراسة في إمكانات التفعيل" للباحث يوسف عطية.
ويعد الأستاذ علال الفاسي من أبرز الرواد الدين استأنفوا الكتابة في مقاصد الشريعة بعد الشاطبي وابن عاشور ، حيث يعتبر كتابه "مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها" ، نصا أساسيا ومحوريا لا تقل أهميته عن كتاب "مقاصد الشريعة الإسلامية للإمام الطاهر بن عاشور. وبناء عليه ، يمكننا أن نطرح بعض الأسئلة بشأن الكتاب وهي :
ـ ما أهمية كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها للعلامة والأستاذ علال الفاسي ؟
ـ وما النظرية المقاصدية التي تبناها علال الفاسي في كتابه مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها ؟
ـ وما الغاية التي كتب علال الفاسي من أجلها كتابه مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها ؟
سيجيب هدا المقال عن هده الأسئلة ، في ضوء فصل من فصول الكتاب ، الذي عنونه صاحبه بـ "المقاصد الشرعية في الإسلام" .
وضح علال الفاسي في هدا الفصل أن " المقصد العام للشريعة الإسلامية هو عمارة الأرض ، وحفظ نظام التعايش فيها ، واستمرار صلاحها بصلاح المستخلفين فيها ، وقيامهم بما كلّفوا به من عدل واستقامة ، ومن إصلاح في العقل وفي العمل ، وإصلاح في الأرض واستنباط لخيراتها وتدبير لمنافع الجميع" .
فقد أثبت علال الفاسي ـ رحمه الله ـ أن للشريعة مقاصد ، وأن هذه المقاصد هي المرجع الأبدي لاستقاء الأحكام ، وهي في نفس الوقت تعبر عن موقف الشارع ووجهة نظره. فقد قال: "مقاصد الشريعة هي المرجع الأبدي لاستقاء ما يتوقف عليه التشريع والقضاء في الفقه الإسلامي ، وأنها ليست مصدرا خارجيا عن الشرع الإسلامي ولكنها من صميمه ، وليست غامضة غموض القانون الطبيعي الذي لا يعرف له حد ولا مورد ولكنها ذات معالم وصوى كصوى الطريق " .
وأورد الفاسي ـ رحمه الله ـ نصا جامعا في لابن القيم ـ رحمه الله ـ في شأن العدل ومقاصد الشريعة . يقول ابن القيم : ـ رحمه الله ـ " الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد . وهي عدل كلها ، ورحمة كلها ، ومصالح كلها ، وحكمة كلها . فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور ، وعن الرحمة إلى ضدها ، وعن المصلحة إلى المفسدة ، وعن الحكمة إلى العبث ، فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل . فالشريعة عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه..." .
إن الشريعة الإسلامية ـ عند علال الفاسي وعند الجمهور ـ مبنية على تحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد ، فهي لا تحلل ولا تحرم إلا بناء على مقاصد ومصالح وحكم ، وهدا ما يرمي إليه الفاسي من خلال كتابه بصفة عامة وفي هدا الفصل ـ تحديدا ـ بصفة خاصة .



 أهمية كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها للعلامة والأستاذ علال الفاسي :
لعل أهمية الكتاب تتجلى من خلال ما أبداه المؤلف وأعلنه في مستهل كتابه بقوله: "هذا كتاب "مقاصد الشريعة و مكارمها" ، أضعه بين قرائي الأفاضل ، و أنا واثق من أنه سيسد فراغا في المكتبة العربية ؛ لأن الذين تعاقبوا على الكتابة في المقاصد الشرعية ، لم يتجاوزوا الحد الذي وقف عنده إمامنا أبو إسحاق الشاطبي – رحمه الله -، أو لم يبلغوا ما إليه قصد ، و بعضهم خرج عن الموضوع إلى محاولة تعليل كل جزء من أجزاء الفقه أخذا للمقاصد بمعناها الحرفي" .
وما يمكن ملاحظته هنا هو أن علال الفاسي ـ رحمه الله ـ " كان واثقا من أن الكتاب سيسد فراغا في المكتبة العربية ؛ دلك لأن الكتابات في موضوع المقاصد لم تزد على ما كتبه الشاطبي ـ رحمه الله ـ في الموافقات شيئا ، أو أن الدين كتبوا لم يبلغوا ما إليه قصد ، وبعضهم خرج عن الموضوع إلى محاولة تعليل كل جزء من أجزاء الفقه أخدا للمقاصد بمعناها الحرفي " . كما أن كتابه "مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها" ، هو محاولة لإنقاذ المقاصد من الوقوع في النصية والحرفية.
وقد نوه الدكتور إسماعيل الحسني ـ محقق الكتاب ـ بأهمية كتاب "مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها" وصرح بأن: "للفاسي إسهام واضح في نقل الفكر المقاصدي من علياء التنظير الأصولي إلى واقع التوظيف العملي ، فذلك ما يتسق مع طبيعة شخصية الفاسي الذي مارس العمل الوطني ، و امتهن النضال ضد الاستعمار الفرنسي ، وكان رئيسا لحزب سياسي مغربي عريق" .
وهذا التوظيف العملي كان باديا من خلال نضاله السياسي المرير لنصرة التوابث الوطنية وقضايا الأمة العربية و الإسلامية ، ومن هنا كان الحضور الكبير لكثير من اختياراته و توجهاته في العديد من الدراسات و الأبحاث العلمية ، التي قدمها باحثون وفقهاء و مفكرون معاصرون في علم مقاصد الشريعة .
 النظرية المقاصدية التي تبناها علال الفاسي في كتابه "مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها" :
لا شك أن علال الفاسي ـ رحمه الله ـ من أبرز رواد أعلام الفكر المقاصدي ، الدين استأنفوا الكتابة المستقلة في مقاصد الشريعة ، فكتب فيها بنسق مستقل ، سواء في مجال التوسع في الموضوع المقاصدي ، أو في مجال المعالجة المتحررة ، التي تقتضي الصدور عن موقف فلسفي واضح و رؤية منهجية دقيقة ، فضلا عن امتلاك عدة علمية تجعل الجرأة على اقتحام موضوع في أهمية مقاصد الشريعة ؛ جرأة علمية مؤسسة على العلم الراشد.
ولا شك كذلك أن المؤلف ـ رحمه الله ـ بدل مجهودا علميا عظيما في مؤلفه ، وهو الذي أمدنا بالقول " ويعلم الله ماذا بذلت من جهد استخلاص فصول هذا الكتاب وجعلها قريبة من أذهان المعاصرين ، مستندا إلى أهم المصادر الإسلامية و الكتب العلمية الصحيحة ، مجتهدا كل الاجتهاد في فهم آراء المسلمين و التوفيق بينها، و توضيح مواطن الضعف في كتابات المعاصرين منهم ، ومتتبعا ما أسميته بالإسرائيليات الجديدة ، أي الأفكار المتسربة من غيرنا عن طريق الاستعمار الروحي الذي هو آفتنا في هذا العصر" .
إلا أن علال الفاسي ـ رحمه الله ـ تناوله لموضوع كتابه " لم يكن بالشكل الذي سار عليه الشاطبي في جزء المقاصد ، أو ابن عاشور في كتابه الانف الذكر ، ـ رحمهم الله جميعا ـ وإنما تميز تحليله بعرض الشبهات التي أثيرت وتثار حول بعض مناحي الشريعة ، خصوصا من قبل أولئك الدين تشبعوا بالأفكار الغربية " .
ولذلك أشار الفاسي ـ رحمه الله ـ في المقدمة إلى أنه " عرض إلى أصول الشرعة ( وهي الطريقة التي تناول بها موضوع كتابه ) فتناولها من جهة المقاصد أكثر مما تناولها من جهة العلة " .

 الغاية التي كتب علال الفاسي من أجلها كتابه مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها:
لقد كتب علال الفاسي ـ رحمه الله ـ كتابه "مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها" لبيان صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان وتفوقها على كل قانون وردا على دعاة التغريب ، فالرجل كما تشهد بذلك بعض عبارات الكتاب ، كان يواجه تيارًا قويًّا يدعو إلى التخلي عن الشريعة ، والإقبال على الغرب بعلومه وفلسفاته ، لنتقدم كما تقدموا ، ونتحضر كما تحضروا ، فكانت صرخته عبارة عن كتاب سماه "مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها" في محاولة إلى ردهم إلى صوابهم ، وتبصيرهم بمحاسن شريعتهم. وهذا لهو من أهم أهداف مقاصد الشريعة .
تساءل الدكتور أحمد بوعود عن إمكانية القول إن العلامة علال الفاسي ـ رحمه الله ـ كتب مقاصد الشريعة ليواجه تيار التغريب الذي بدأ يفد على المغرب أواخر الخمسينيات وبداية الستينات ؟ . ثم أجاب عن السؤال بقوله : " إن الجواب بالإيجاب هو الذي تؤكده صفحات الكتاب في مختلف فقراته ، حيث لم يغفل عن عرض الأراء المخالفة للإسلام ولنظام الإسلام ، مستعرضا أراء أعداء الإسلام الدين يملكون رؤى منصفة لنظام الإسلام ، ليختم كتابه بصرخة بها حرقة كبرى يوجهها إلى أبناء بلده ودينه " .
وصفوة القول ، لم يكتب علال الفاسي ـ رحمه الله ـ كتابه "مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها" متوجها به إلى أهل الاجتهاد خاصة ؛ بل كتبه متوجها به إلى النخبة المغربة التي تلقت تعليمها في الخارج ، وتلقفت ما ينتجه الغرب ، و تشبعت بالأفكار الغربية المتسربة عن طريق الاستعمار الروحي الذي هو افتنا في هدا العصر على حد تعبير علال الفاسي .



وإذا كان العلامة علال الفاسي ـ رحمة الله عليه ـ قد أسهم في نقل الفكر المقاصدي من علياء التنظير الأصولي إلى واقع التوظيف العملي كما صرح بدلك الدكتور إسماعيل الحسني ، وقد ساعده على دلك جملة من العوامل (وقد سبقت الإشارة إلى دلك انفا) ، فإن الدكتور أحمد بوعود قد تناول "مقاصد الشريعة من النظر إلى السلوك" ، منطلقا من رؤية مفادها أن الفكر المقاصدي يجب أن يبحث "عما يؤهل لسلوك مقاصدي يتوافق والتكليف الشرعي ، ويقترح خطة عملية للانتقال من النظر إلى السلوك ، يطبع العمل الإسلامي عامة ، وسلوك الأفراد خاصة ، ودلك ببيان أن الإنسان أمام مقصدين كبيرين لا ينفك أحدهما عن الاخر : مقصد عدلي أو استخلافي ، ومقصد إحساني " . في سبيل تقديم صورة لما ينبغي أن تكون عليه الحياة الإسلامية المعاصرة على هدي الوحيين .
ودلك لأن ؛ أغلب الكتابات في مقاصد الشريعة "جنحت إلى الكلام عن المقاصد باعتبارها أداة من أدوات الاجتهاد الفقهي ...وقل ما نجد الكلام عن المقاصد باعتبارها سلوكا ينبغي أن يطبع العمل الإسلامي" .
خصص الدكتور أحمد بوعود الفصل الثاني من كتابه الموسوم بـ "مقاصد الشريعة من النظر إلى السلوك" للحديث عن التكليف الشرعي والسلوك المقاصدي .
تناول في المبحث الأول ، مقاصد الشريعة بين العاجل والآجل ، فالأولى متمثلة في نيل السعادة الأخروية والقرب من الله عز وجل ، وهي لب ما رغب فيه الشرع الحنيف ، والثانية متمثلة في توافق الأعمال مع ضرورات الحياة الاجتماعية ، وهدا ما يحقق الاستخلاف ويساعد على تحقيق العبودية لله .
وتحدث في المبحث الثاني عن المقصد الشرعي من وضع الشريعة ، المتمثل في تحقيق غايتين أساسيتين هما :
ـ غاية عدلية أو استخلافية، ترمي إلى تكاليف تهتم أساسا بعلاقة الأفراد بعضهم مع بعض ، أو مع أجهزة الحكم ، قوامها العدل بجميع صوره ومجالاته وفك رقاب الناس من ظلم الطغاة .
ـ غاية إحسانية ، تقصد إليها تكاليف تهم بالأساس علاقة الإنسان بربه عز وجل ، تعينه هو أولا في مصيره وعاقبته .
وتطرق في المبحث الثالث إلى كون الأحكام الشرعية المختلفة ؛ تصب في تحقيق مقصدين للمكلف :
ـ مقصد عدلي : يتمثل في المساهمة في إقامة نظام اجتماعي إسلامي والمحافظة عليه (المشاركة في البناء الاستخلافي ).
ـ مقصد إحساني : يتجلى في نيل السعادة الأخروية والفوز برضى الله عز وجل .
وتأسيسا على ما سبق ، يخلص الدكتور أحمد بوعود إلى أن مقاصد الشريعة ، يجب أن تنتقل من كونها أداة للاجتهاد يمتلكها العلماء والمجتهدون ، إلى سلوك يطبع تصرفات كل متدين يصبو نحو غايتين :
الأولى إحسانية : تكمن في تمتين الصلة بالخالق عز وجل من أجل رضاه .
الثانية عدلية : تبرز في المشاركة الجماعية في البناء الاستخلافي الذي ندب إليه الإنسان بتكليف الشرع .





خاتمة :
وتأسيسا على ما سبق ، يتضح أن الفكر المقاصدي عند العلامة والأستاذ علال الفاسي ـ رحمه الله ـ مبني على اجتهاد واع بمتطلّبات العصر وحاجاته ، وبفهم جديد ومتجدد يستوعب أحداث العصر المتسارعة ، ويستظل بمظلة الشريعة ونصوصها ، ويأخذ بعين الاعتبار المقاصد التي رمى إليها الشارع من وراء أحكامه ؛ لأن أحكام الشريعة الإسلامية معللة كلُّها ما عدا التعبدي منها يقول الفاسي : "إن الله لا يفعل إلاّ ما تقتضيه الحكمة المودعة في نواميسه الكونية التي جعلها هو على ما هي ما عليه."
وما يميزه فكر الفاسي المقاصدي ـ أيضا ـ دعوته إلى إحياء العقيدة وإعادة دور الاجتهاد ذلك "أن الفكر الديني في الإسلام معناه الحرية الكاملة" ، معتبرا خصوصية المجتمعات الإسلامية (والمجتمع المغربي بصورة خاصة) ذات طبيعة دينية بالأساس ، فلا سبيل لقيامها إلا ببعث ديني يطور الفهم ويحقق معاني العقل والحرية والعدل .
وأختم الكلام بقول الفقيه المقاصدي الدكتور أحمد الريسوني في حق الفاسي ، يقول الريسوني : "إن علال الفاسي كان عالما مجددا في كل شيء ، فكره وحياته وسيرته ومؤلفاته كلها مطبوعة بطابع التجديد" ، مؤكدا أن الرجل يعد أحد علمي الفكر المقاصدي المعاصر ، إلى جانب الطاهر ابن عاشور.
هدا وإن الدكتور أحمد بوعود قد أسهم إسهاما واضحا في بناء صرح الفكر المقاصدي والانتقال به من النظر إلى السلوك ، سلوك يتوافق والتكليف الشرعي ؛ لأن المقاصد ينبغي أن تصبح سلوكا عاما في الفكر الإسلامي ، وفي العمل الإسلامي المعاصر ، وما يعانيه العمل الإسلامي اليوم إلا من غياب المقصد من توجهاته .
وحسبنا أن الدكتور أحمد بوعود ، فتح بابا للمختصين والمهتمين والباحثين إلى خوض غمار البحث والدراسة في مقاصد الشريعة الإسلامية ، للانتقال بمقاصد الشريعة من مجال النظر و التنظير إلى مجال العمل والسلوك المقاصدي ، "في سبيل تقديم صورة لما ينبغي أن تكون عليه الحياة الإسلامية المعاصرة على هدي الوحيين" . وعلى الله قصد السبيل .
بقلم : الأستاد أنوار العبوري.
 لائحة المصادر والمراجع المعتمدة :
ـ "مقاصد الشريعة الإسلامية" ، محمد الطاهر بن عاشور ، تحقيق محمد الحبيب بن الخوجة ، الشركة التونسية للنشر والتوزيع ، تونس ، ط : 3 ، 1985 م .
ـ "مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها" ، علال الفاسي ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ط : 5 ، 1993 م .
ـ "مدخل إلى مقاصد الشريعة" ، أحمد الريسوني ، مطبعة التوفيق ، الرباط ، ط : 2 ، 1997 م .
ـ " مقاصد الشريعة ، من النظر إلى السلوك" ، أحمد بوعود ، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة ، ط : 1 ، 2011 م .
ـ "الاجتهاد والتجديد في الفكر المقاصدي، دراسة في إمكانات التفعيل " للباحث يوسف عطية ، دار الطليعة ، بيروت ، ط : 1 ، 2014 م .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف