الأخبار
الإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفة
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

جلد الذات في رواية "درب الحيب" باسم سكجها بقلم رائد محمد الحواري

تاريخ النشر : 2018-11-18
جلد الذات في رواية
"درب الحيب"
باسم سكجها
الرواية الفلسطينية عالجت الموضوع الفلسطيني، وتحدث عن الهموم والمعناة التي تعرض لها، إن كانت من الاحتلال أو من النظام الرسمي العربي أو من القيادة الانتهازية، ونذكر ببعض الروايات التي تحدث عن الاحتلال دوره في ما آلت إليه أحوال الفلسطيني وفلسطين كما هو الحال في رواية "عائد إلى حيفا" لغسان كنفاني، ورواية "حجارة الألم" لأنور حامد، أما عن تلك التي تناولت النظام الرسمي العربي ومساهمته في المأساة الفلسطينية كما هو الحال في رواية "العشاق" لرشاد أبو شاور، ورواية "حبيبتي ميليشيا" لتوفيق فياض، ورواية "المحاصرون" لفيصل الحوراني، أما عن تلك الروايات التي تعرضت لانتهازية القيادية للفصائل الفلسطينية، فهناك رواية "البكاء على صدر الحبيب" لرشاد أبو شاور، ورواية "نشيد الحياة" ليحي يخف.
ويلاحظ أن الرواية الفلسطينية التي تعرضت لموضوع الانتهازية القيادة وسلبيات النضال لم تجلد الفلسطيني على حساب الاحتلال أو النظام الرسمي العربي، بكل كانت حريصة على تقديم نقد واضح وقاس، لكن في المقابل كان هناك نقد وكشف حقيقة النظام الرسمي العربي، وكان هذا النقد من باب الحرص على المصلحة الوطنية الفلسطينية، فالرواية الأشد مكاشفتا كانت "البكاء على صدر الحبيب" لكن في متن الرواية تعرض الراوي لطبيعة النظام الرسمي العربي، وكان هناك توازن بين تناوله لأحداث أيلول ولسلوك القيادات الانتهازية في بيروت.
وبكل موضوعية لم أجد ـ خلال قراءاتي للروايات ـ جلد الذات لصالح النظام الرسمي العربي، وهذا يحسب على الراوي الذي لم يكن حياديا في تناوله للأحداث، وكان ـ احيانا ـ منحازا لصالح النظام الرسمي العربي، يقول الراوي عن الحاج أمين الحسيني: "لم يكن يحمل للقدس ـ أصلا أي حب، فهي للمجلسيين، للحسينيين جماعة المفتي، هؤلاء الذين تركوا يافا مكشوفة لليهود، يحتلونها دون قتال، الذين سحبوا منها قواتهم للدفاع عن القدس، هم لم يحبوا يافا يوما، وهو لم يحب القدس أيضا" ص242، اعتقد أن هذا الكلام غير موضوعي، وفيه تشويه للحقيقة، فكلنا يعلم أن فلسطين والفلسطينيين كانوا يتعرضوا لضغوط من الاحتلال الانجليزي من جهة، وللهجرة الصهيونية من جهة أخرى، ومن ضغط زعماء العرب من جهة ثالثة، وهذا ما أدى إلى تفاقم الخلافات الفلسطينية الفلسطينية، أما أن يقال عن القيادة الفلسطينية ـ رغم سلبياتها ـ بهذا الشكل فهو لا يخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية، ويصب لصالح الاحتلال ومن يريد لهذا الشعب الموت والاندثار.
أيلول
أيلول يعد مفصل أساسي في تاريخ القضية الفلسطينية، وهو كان أشد هولا على الفلسطيني من هزيمة 48 أو 67، ولمن يريد أن يصل إلى حقيقية وحجم ونوعية الضربة التي وجهت للثورة الفلسطينية عليه أن يقرأ كتاب "سيرة الأرجوان والحبر الثوري" لحنا مقبل، لكن أن يتم تناول هذا الاحدث روائيا/أدبيا بطريقة غير موضوعية من فلسطيني فهذا غير مألوف: "فجر الجمعة 4 أيلول، كان يحمل برودة لاسعة، توجه عامر والتلحمي بسيارة صغيرة إلى جرش، بدأ عامر بعد سيارات مدينة، تحمل عائلات بأكملها، وتتوجه شمالا، إلى دمشق وبيروت هربا من حرب أهلية مقبلة: 1.2. 3. 4.5. 10. 15. وتوقف عن العد، كان واضحا أن القادرين على السفر يهربون من عمان." ص52و53، اعتقد أن هذا التناول غير دقيق، ولا أريد أن أدخل في سجال تاريخي مع الراوي، لكن من باب الأمانة التاريخية نذكر بأن "صلاح خلف وفاروق القدومي" تم اعتقالهما في الأردن، وافرج عنهما بعد تدخل الرئيس "جمال عبد الناصر" ونذكر ب"أبو علي إياد" الذي استشهد في احراش جرش رافضا الاستسلام وقاوم حتى نفذت ذخيرته مع أنفاسه، من هنا كان من باب الأولى أن يتم تناول أحداث أيلول بطريقة محايدة، خاصة إذا علمنا أن الرواية تم انجازها في عام 2003، أي بعد أيلول بثلاثة وثلاثين عاما، مما يعطي الراوي مساحة أكبر للتحرر من أثر الانفعال وأيضا من الضغوط الأمنية التي لا يمكن أن تقارن بما كانت عليه حتى 1990.
لكن الراوي يتجاوز تلك الكبوة ويتقدم من حقيقة أيلول ووقع الأحداث على الفلسطيني، يحدثنا عن هذه الحقيقة قائلا: "منذ ذلك الفجر، صار الشهر يحمل شكل الدم البارد المتجمد على جثة مرمية في حفرة طويلة، بدء العمل فيها لتكون شبكة المجاري الجديدة في جبل اللويبدة" ص58، فهنا جاء الحديث منسجما مع الواقع، مع حقيقة وحجم الضربة التي قسمت ظهر الفلسطيني وثورته، وتأكيدا لهذا الاستنتاج نجد هذا المشهد الذي يشير إلى ما كانت تعنيه ساحة الأردن للثورة الفلسطينية: "وكان يستمع إلى أخبار عمان، من رفاق آتين منها، الكل يؤكد سننتصر في عمان، ينتشي ويعيش ذروة سعادته، سيعود إلى عاصمته فاتحا، ستقود الجبهة الجماهير العائدة في طريقها إلى فلسطين" ص52.
رمزة أيلول
فالراوي يحاول أن يتقدم من الحقيقة، وأن يقول ما في نفسه، لكن يبدو أن الرقابة إن كانت داخليه أم خارجية حالت دون أن يكون أكثر وضوحا في تناوله لأحداث أيلول، لهذا مال إلى الرمز، فيقول عن أحد أبطال الأردن "فراس العجلوني": "الله يا فراس.. يا فراس العجلوني يا أيها الشهيد الذي راح في حرب أسست لدمار آت... يا أيها الشهيد الذي يتطلع الآن إلى داور حمل اسمه، لكنه لم يحمل معنى صاحب الاسم النبيل" ص61و62، هذه اشارة إلى المقبرة الجماعية التي تضم مئات المقاتلين الفلسطينيين الذي دفنوا تحت هذا الدوار، واعتقد أن هذا التناول لأحداث يحسب للراوي الذي أثارنا دون أن يفصح مباشرة عن طبيعة ما جري في هذا المكان، مما يجعل القارئ يبحث عن سبب عدم توافق اسم فراس مع طبيعة ما جرى في أرض الدوار الذي يحمل اسمه.
المكتبات
المكتبات تعد معلم ثقافي وحضاري للأمم، وهذا ما كان عندما اسس "أشور بانيبال" أول مكتبة في التاريخ، ونحن ما زلنا نفتخر بمكتبة بغداد التي أغرقت في مياه دجلة، الراوي يتحدث عن المكتبات بطريقة جديدة: "... وكان سقوط مكتبة الاسكندرية يرمز إلى سقوط التعايش، واختلاط حبر كتب بغداد بمياه دجلة رمز إلى انهيار عاصمة الشرق أمام شرق آخر... حين نسمع عن دمار مكتبة الكونغرس، فأعرف أن الحضارة الأمريكية قد سقطت ... أو في طريقها إلى السقوط" ص184 و185. اعتقد أن هذه النظر للمكتبات ومكانتها عند الأمم تحسب للراوي، الذي استطاع أن يربط بين سقوط المكتبات وسقوط أصحابها بهذا الشكل الجميل والهادئ، بعيدا عن الدخول في التفاصيل والشروحات الطويلة.
البعد القومي
يعبر لنا الراوي عن وجهة نظره فيما يجري من أحداث، فالرواية انجزت قبيل احتلال العراق عام 2003 من قبل الامريكان وحلفائهم من الغرب وأثناء حصاره من قبل النظام الرسمي العربي والإسلامي، لكن كان تكالب أمراء النفط على العراق وقيادته وشعبه الدافع الأهم في ضربه وتمزيقه إلى ما هو فيه الآن، يقدم لنا الراوي علاقة منطقة الخليج العربي ومنه العراق بفلسطين بهذا القول: "...لأن سقوط الخليج كان يعني أن فلسطين صارت أبعد، وأن الحاضر بات يدعي ملكيته بسطار يهودي اميركي" ص117، هذا الاستنتاج هو ما حصل ويحصل الآن، وكأن الراوي تنبأ بما سيؤول إليه أحوالنا بعد أن جاء الاحتلال الاميركي إلى منطقتنا، وأصبح التحالف معه مكشوفا ومطلبا (وطنيا) للنظام الرسمي العربي.
"عبد الناصر"
العديد من الكتاب العرب يتناول في أعمالهم الروائية الرئيس جمال عبد الناصر، وهذا يشير إلى المكانة والأثر الذي تركه هذ الرجل في الأمة، يقدم لنا الراوي وقع موت جمال على الناس بهذا المشهد:
"مات عبد الناصر
مات عبد النصر
مات عبد النصر
ونسيت عمان أنها شهدت مرور وحش، في الأيام العشرة الماضية، نسيت أنها ارتدت قناعا ليس لها، أنها عاشت كابوس العمر.
نسيت هذا كله، فوقفت أمام المرآة تتطلع إلى نفسها، بعد أن لبست الأسود حدادا على ابنائها وعلى عبد الناصر.
لم يبق بيت فيها لم تظهر على شرفته إشارة سوداء" ص65، التلازم بين موت عبد الناصر وانكسار الثورة كان وقعه مزدوجا على الفلسطيني، فهو خسر مكان مهم وحيوي لتحرير فلسطين، وخسر قائد يمثل الأمة، من هنا يمكننا أن نفهم طبيعة الانزلاقات وحالات التقهقر التي مرة بها الأمة بعد رحيل "عبد الناصر".
"غسان كنفاني"

هذا الكاتب له مكانته في الساحة الأدبية العربية والفلسطينية، فرغم عمره القصير إلا أنه حقق انجازات أدبية هائلة، هناك جوانب لا نعرفها من حياة "غسان كنفاني" يعرفنا عليها "عامر" الذي حمل قصة يريد أن ينشرها في الصحيفة المشرف عليها "غسان" فما كان من غسان إلا ان قابله شخصيا: "قال غسان: جميل ...سأنشرها، ولكن بشرط أن تأتيني بقصة أخرى بعد أسبوع.
...وعرفت بيروت عامر كاتبا" ص67و68، بهذا الشكل كان يعمل "غسان" الذي كان حريصا على رفد الساحة الأدبية بالكتاب والأدباء، فهو لم يكن يقبل ليكون الكاتب الوحيد، بل أراد أن يكون هناك زملاء يشاركونه الكتابة، لهذا كان يقدم التسهيلات ورفع المعنويات للكتاب، ومثل هذا الفعل نفتقده الآن، إن كان على الساحة العربية أم الفلسطينية، فهناك (كتاب عظام) لا يريدون للآخرين أن يكونوا أو يظهروا مكتفين بوجودهم فقط.

السرد الروائي
ما يحسب لهذه الراوي أن ساردها أكثر من شخص، فهناك عمار الديب، والراوي (الطبيب النفسي) ونجد أصوات شخصيات الروائية، وهذا جعل بنية السرد في الرواية جميلة، فالفصل السادس والأخير "أوراق عامر" كان الاكثر زحمة في الأحداث والأجمل، حيث جاءت بأحداث مكثفة، ورغم أنها تبدو غير مترابطة، لأنها جزء اساسي من أحداث الرواية، واعتقد أنها كانت الأجمل والأمتع للقارئ، لأن وتيرة الأحداث كانت سريعة، وتتحدث عن شخصيات فلسطينية عاشت واقع الفلسطيني على كافة مراحل القضية.
أما بخصوص مونتاج الرواية فقد كان غير موفق، حيث لم يكن هناك فواصل بيضاء بين الفصول، وبدا وكأن دار الطباعة أرادت أن توفر ورقا بعدد صفحات الرواية، فقدمتها لنا بشكل طباعة غير متناسقة.
الراوية من منشورات مؤسسة الأرشيف العربي، عمان الأردن، الطبعة الأولى 2003.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف