الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي من الماركسية الى الإسلام بقلم: أ. د. إبراهيم العاتي

تاريخ النشر : 2018-11-18
الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي من الماركسية الى الإسلام بقلم: أ. د. إبراهيم العاتي
الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي من الماركسية الى الإسلام

بقلم: أ. د. إبراهيم العاتي
لقد ابتدأ روجيه غارودي (1913- 2012) حياته الفكرية والسياسية ماركسياً، لكنه عند انتمائه للحزب الشيوعي عام 1933 لم يكن ملحدا، بل بقي على مسيحيته، ثم اصبح عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي عام 1945، وانتخب عضواً في مكتبه السياسي عام 1956، واعتبر أحد فلاسفة الماركسية المرموقين في القرن العشرين. وله عدد من المؤلفات المهمة في هذه الحقبة أهمها كتاب (النظرية المادية في المعرفة)، وهو في الاصل اطروحته للدكتوراه من  جامعة السوربون،ثم توجه لدراسة المسيحية وبحث في إمكانية التوفيق بينها وبين الماركسية، وقد قادته هذه المقاربة إلى التعمق في دراسة الأديان. وفي الوقت نفسه بدأت مراجعاته للماركسية التقليدية خاصة ما يتعلق بمفهوم الطبقة العاملة، الذي كان يتناسب مع الثورة الصناعية الاولى لكنه لم يعدد متناسبا مع ثورة الالكترون التي ضمت لطبقة الشغيلة شرائح متعلمة من التقنيين والمهندسين والباحثين، وهو امر يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار. وقد اثار ذلك امتعاض الشيوعيين السوفييت فاتهموه بانه ضد (البروليتاريا)!
وقد بدأت أزمته السياسية مع الشيوعيين حين تكشفت فظائع افعال ستالين بعد وفاته، ورفضه للغزو السوفييتي لتشيكوسلفاكيا عام 1968، ففصل من الحزب. وهنا بدأ باستكمال مؤلفاته الناقدة للماركسية التقليدية مثل (ماركسية القرن العشرين)، و(في سبيل نموذج فرنسي للاشتراكية)، و(الحقيقة كلها) وغيرها.
وفي نطاق مراجعاته للماركسية انتقد الفهم الجزافي لمقولة (الدين أفيون الشعوب)، لأن القول ((بأن الدين في كل زمان ومكان يصرف الانسان عن العمل والكفاح متناقض تناقضا صارخا مع الواقع التاريخي)) (1)، بل انه حينما بدأ ينقد مسلمات الماركسية الجامدة، اتهمها بالتحول الى دين رسمي ذي طقوس واتباع!!
ولما كان غارودي قد درس الأديان قبل انفصاله عن الشيوعيين، وبقي يقارن ويوازن فيما بينها، فهداه تأمله العقلي ويقينه الداخلي إلى الإسلام، فآمن به وأشهر إسلامه في السبعينيات، وسمّى نفسه (رجاء غارودي)، وكتب عدداً من المؤلفات الهامة مثل: (ما يَعِد به الإسلام) و(حوار الحضارات) و(الغرب حادث عارض)، و(الإسلام في الغرب)، إضافة للعديد من المقالات والأبحاث المنشورة  والمحاضرات التي ألقاها في دول العالم المختلفة. وكان إسلامه حدثاً مدوياً فاجأ الدوائر الغربية التي لم تكن تتوقع أن يكسب الإسلام مثل هذا  الفيلسوف العقلاني الكبير!
اما تحوله للاسلام فلا يعتبره انتقالا مفاجئا من الالحاد الى الايمان، (وإنما جاء بعد رحلة عناء بحث، ورحلة طويلة تخللتها منعطفات كثيرة، حتى وصلت الى مرحلة اليقين الكامل والخلود الى العقيدة او الديانة التي تمثل الاستقرار، والاسلام، في نظره، هو الاستقرار) (3). اذن فالاسلام هو الذي منحه الاستقرار الروحي او النفسي، وانقذه من القلق والشكوك التي كانت تساوره.
يقول غارودي في معرض حديثه عن انبثاق رسالة الإسلام: (لقد أنقذ الإسلام عند مولده العالم من الانحطاط الشامل، فإن الإمبراطوريات التي كانت تسود العالم تفككت وانحلت كالإمبراطورية البيزنطية والفارسية وكالهند والشمال الأفريقي وأسبانيا، وجاء القرآن فأعلن بكل قوة قيام عالم جديد دعامته الأيمان بالله ورعاية الإنسان)(4).
وهذا الدور ليس حادثاً تاريخياً انتهى بانقضاء زمنه، لكن (هذه المساهمة يمكن للإسلام اليوم أن يقدمها في سبيل خلق مستقبل يتسم بالإنسانية في عالم اتجه للأثرة والانفرادية، ولا يمكن أن يُترَك المستقبل للعالم الغربي. فقد هيمن خمسة قرون على مقدرات البشرية فاتجه للإبادة أكثر ما اتجه للتعمير، وفي ظل حضارة الغرب أو نار حضارة الغرب يموت الملايين جوعاً كل عام، لأن الغرب اتجه لتصنيع أطنان المتفجرات وتخزينها، ولأنه في مستوى العقيدة ذوى التفكير في الخالق الأعظم، فأصبحت الحياة للحياة فقط، ثم إن العلاقات الداخلية صارت مبنية على العنف والصراع طلباً للهيمنة، وعلى الصعيد الثقافي أصبح الجهد العلمي بدون غاية) (5).
واستمر غارودي يؤصل افكاره ورؤاه للإسلام المنفتح والمستوعب،بطبيعته، للديانات والحضارات قديما وحديثا، فلاقت افكاره صدى واسعا في الغرب، وراح الكثيرون هناك يتلمسون الجوانب الايجابية في الاسلام الحضاري والوسطي المعتدل، ولم يكن هذا ليرضي الدوائر المعادية التي يهمها أن تبقى صورة الاسلام المشوه والعنيف المختزنة في ذاكرة الغرب منذ الحروب الصليبية، فبدأت حملة ضد جارودي لتحجيمه واثبات عدم صحة افكاره من النواحي النظرية، وكذلك بتشكيل جماعات متطرفة تدعي الاسلام، وتمارس عمليات القتل المبرمج والممنهج لدحض ما قاله من النواحي العملية. وقد ساهمت دوائر مشبوهة منذ ايام ما سمي (بالجهاد الافغاني) في نشر هذا الفكر الارهابي المتطرف لنصل الى ما وصلنا اليه الان، كي لا يفكر احد بقبول الاسلام فكيف بالانتماء والتحول اليه؟ ومع ذلك بقي الكثير من الغربيين يميزون بين الاسلام الحقيقي وبين الصورة المشوهة التي يريد ان يرسمها اعداء الاسلام، خاصة بعد افتضاح جرائم الدول التي كانت تمولهم ماديا وتدعمهم فكريا واعلاميا!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)    روجيه جارودي: ماركسية القرن العشرين، ص147.
(2)    روجيه جارودي: لماذا أسلمت؟ نصف قرن من البحث عن الحقيقة، دراسة  أعدها: محمد عثمان الخشت، ص85 وما بعدها، القاهرة، 1986.
(3) جورج طرابيشي: معجم الفلاسفة ص389، ط1، دار الطليعة، بيروت، 1987.
(4) د. أحمد شلبي: مقارنة الأديان، ج3 الإسلام، ص49، ط8، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1985.
(5) المصدر نفسه، ص49-50.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف