غزة تُحدِّد قواعد الاشتباك وتربك توازنات السياسة في عمق الكيان الصهيوني..!!
“تقدير موقف”
بقلم الكاتب/ صلاح أبو غالي
تحريرًا في: 15-11-2018م
ما حدث في غزة، وبالتحديد من اقتحام وحدة خاصة للعمق مسافة 3 كيلومترات بخانيونس وما ترتَّب عليها من مواجهات عسكرية بين المقاومة الفلسطينية في غزة وجيش الكيان الصهيوني، لم يكن خارج الحسابات العسكرية والأمنية والتي بحث فيها وزير الجيش الصهيوني “أفيغدور ليبرمان”، والتي لم تكن لتحدث لولا وجود تجاذبات وصراعات في عمق أواصر الكيان الصهيوني.
صراعٌ يدور بين أكبر قطبين تشكَّلا في الفترة الأخيرة يقودها زعيمان بطموحات مختلفة وكلٌ له وجهته السياسية، محور يقوده حزب “الليكود” بزعامة “نتنياهو”، والمحور الآخر حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة “أفيغدور ليبرمان” ويسانده في مغامراته زعيم حزب “البيت اليهودي” وزير التعليم “نفتالي بينيت” ذو الطموحات الواسعة على غير العادة، ووزيرة القضاء “إيليت شاكيد” والتي تحاول جاهدة الاحتفاظ بمنصبها على الأقل في الفترة الحالية.
محور الليكود بزعامة “نتنياهو” يقود الفريق بوجه سياسي ويهدف إلى خلق توازن داخلي ليخدم توسُّع الاستيطان من جهة، والاقتحام النَّاعم لأبواب الدول العربية والتطبيع معها وتحقيق حلم الكيان الصهيوني من البحر إلى النهر، وهذا يتطلَّب توسيع دائرة الصراع خارج المألوف ليدخل فيه سوريا ولبنان والعراق، أما محور “ليبرمان” فيهدف فقط في المرحلة الحالية إلى تحقيق انتصار داخلي من خلال تصفية الحسابات مع “غزة” وصولاً إلى رفع أسهمه السياسية، وسحق فريق “نتنياهو” بالضربة القاضية في الانتخابات القادمة، ولهذه الغاية كانت مغامرة فريق “ليبرمان” وبدعم قوي من ذيول متنفذة في الجيش و جهاز الأمن العام “الشَّاباك” وكلٌّ يخدم أجنداته الخاصة.
لا شك أن ما حدث يقع ضمن حسابات الربح والخسارة، و”نتنياهو” استطاع توجيه الضربة القاضية لخصمه “ليبرمان” والزَّج به في الزاوية، فإمَّا الاستقالة وإمَّا المهانة والبقاء كوزير مسخ لا يقوى على اتخاذ أي قرار أو التلويح حتى بيده في وجه “نتنياهو”، وبالتالي فشلت مخطَّطات “ليبرمان” بتوجيه التيَّار وتنفيذ عملية عسكرية مهما كانت خطورتها لتحقيق انتصار مزعوم وتوجيه ضربة استباقية لخصمه “نتنياهو” ما يدفع باتجاه رفع أسهمه أمام المجتمع الصهيوني، وهو ما سوَّله له الشيطان حليفه المؤقَّت “نفتالي بينيت” وباللعب على ذات الوتر من خلال حليفته “إيليت شاكيد”، وهو ما زاد من وتيرة هذه المغامرة وانقياد “ليبرمان” خلف هدفه الطموح وسارع إلى تقديم استقالته وبادرت من خلفه وزيرة الاندماج “صوفا لاندفير” لتسير على خطاه في تكتيك محسوب وانسحاب حزب “إسرائيل بيتنا” من المشهد لتهديد الائتلاف الحاكم والتوجُّه نحو انتخابات مبكرة.
الغريب أن هذه التركيبة قبل شهور قليلة ما كانت لتلتقي على ذات الهدف، ولطالما حذَّرت وزيرة القضاء نتنياهو من الذهاب إلى انتخابات مبكرة لأن ذلك سيكون خطأ تاريخي مكرَّر في إسقاط حكومة يمين، ووزير التعليم الذي لطالما لعب على وتر أنَّ “ليبرمان” ضعيف ولا يقوى على اتخاذ قرار تدمير حماس وخوض عملية موسَّعة في “غزة”، وبالتالي على “نتنياهو” اتخاذ قرار بعزله.
في المُحصِّلة، فإنَّ “نتنياهو” يسير حاليًا على حدِّ السيف بالائتلاف الحكومي دون حزب “إسرائيل بيتنا” مع الاحتفاظ بحقيبة الدفاع بيده حتى الدورة الانتخابية الجديدة في نوفمبر 2019، أو القبول بشرط حزب “البيت اليهودي” الذي يهدِّد هو الآخر بالانسحاب، وذلك ليضمن بقاءهم ضمن الائتلاف ومنع الإنهيار، وتسليم حقيبة الدفاع إلى زعيمه “نفتالي بينيت” الوزير الطموح وبالتالي يصبح كمن سلَّم وزارة خطيرة إلى طفل صغير فتكون أشبه بلعبة، وإلا سيعمد إلى تكتيك المغامرة والتوجُّه إلى انتخابات مبكِّرة في مارس 2019، وهذا سيُجبر “نتنياهو” ويضطرُّه لأن يسعى جاهدًا إلى تشكيل تحالفات دراماتيكية وسريعة وبأي ثمن سياسي تحسُّبًا لهذا الأمر حتى لا يسقط حزب اليمين سياسيًا وإلى الأبد ويلحق بحزب العمل، فيصبح من التاريخ.
“تقدير موقف”
بقلم الكاتب/ صلاح أبو غالي
تحريرًا في: 15-11-2018م
ما حدث في غزة، وبالتحديد من اقتحام وحدة خاصة للعمق مسافة 3 كيلومترات بخانيونس وما ترتَّب عليها من مواجهات عسكرية بين المقاومة الفلسطينية في غزة وجيش الكيان الصهيوني، لم يكن خارج الحسابات العسكرية والأمنية والتي بحث فيها وزير الجيش الصهيوني “أفيغدور ليبرمان”، والتي لم تكن لتحدث لولا وجود تجاذبات وصراعات في عمق أواصر الكيان الصهيوني.
صراعٌ يدور بين أكبر قطبين تشكَّلا في الفترة الأخيرة يقودها زعيمان بطموحات مختلفة وكلٌ له وجهته السياسية، محور يقوده حزب “الليكود” بزعامة “نتنياهو”، والمحور الآخر حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة “أفيغدور ليبرمان” ويسانده في مغامراته زعيم حزب “البيت اليهودي” وزير التعليم “نفتالي بينيت” ذو الطموحات الواسعة على غير العادة، ووزيرة القضاء “إيليت شاكيد” والتي تحاول جاهدة الاحتفاظ بمنصبها على الأقل في الفترة الحالية.
محور الليكود بزعامة “نتنياهو” يقود الفريق بوجه سياسي ويهدف إلى خلق توازن داخلي ليخدم توسُّع الاستيطان من جهة، والاقتحام النَّاعم لأبواب الدول العربية والتطبيع معها وتحقيق حلم الكيان الصهيوني من البحر إلى النهر، وهذا يتطلَّب توسيع دائرة الصراع خارج المألوف ليدخل فيه سوريا ولبنان والعراق، أما محور “ليبرمان” فيهدف فقط في المرحلة الحالية إلى تحقيق انتصار داخلي من خلال تصفية الحسابات مع “غزة” وصولاً إلى رفع أسهمه السياسية، وسحق فريق “نتنياهو” بالضربة القاضية في الانتخابات القادمة، ولهذه الغاية كانت مغامرة فريق “ليبرمان” وبدعم قوي من ذيول متنفذة في الجيش و جهاز الأمن العام “الشَّاباك” وكلٌّ يخدم أجنداته الخاصة.
لا شك أن ما حدث يقع ضمن حسابات الربح والخسارة، و”نتنياهو” استطاع توجيه الضربة القاضية لخصمه “ليبرمان” والزَّج به في الزاوية، فإمَّا الاستقالة وإمَّا المهانة والبقاء كوزير مسخ لا يقوى على اتخاذ أي قرار أو التلويح حتى بيده في وجه “نتنياهو”، وبالتالي فشلت مخطَّطات “ليبرمان” بتوجيه التيَّار وتنفيذ عملية عسكرية مهما كانت خطورتها لتحقيق انتصار مزعوم وتوجيه ضربة استباقية لخصمه “نتنياهو” ما يدفع باتجاه رفع أسهمه أمام المجتمع الصهيوني، وهو ما سوَّله له الشيطان حليفه المؤقَّت “نفتالي بينيت” وباللعب على ذات الوتر من خلال حليفته “إيليت شاكيد”، وهو ما زاد من وتيرة هذه المغامرة وانقياد “ليبرمان” خلف هدفه الطموح وسارع إلى تقديم استقالته وبادرت من خلفه وزيرة الاندماج “صوفا لاندفير” لتسير على خطاه في تكتيك محسوب وانسحاب حزب “إسرائيل بيتنا” من المشهد لتهديد الائتلاف الحاكم والتوجُّه نحو انتخابات مبكرة.
الغريب أن هذه التركيبة قبل شهور قليلة ما كانت لتلتقي على ذات الهدف، ولطالما حذَّرت وزيرة القضاء نتنياهو من الذهاب إلى انتخابات مبكرة لأن ذلك سيكون خطأ تاريخي مكرَّر في إسقاط حكومة يمين، ووزير التعليم الذي لطالما لعب على وتر أنَّ “ليبرمان” ضعيف ولا يقوى على اتخاذ قرار تدمير حماس وخوض عملية موسَّعة في “غزة”، وبالتالي على “نتنياهو” اتخاذ قرار بعزله.
في المُحصِّلة، فإنَّ “نتنياهو” يسير حاليًا على حدِّ السيف بالائتلاف الحكومي دون حزب “إسرائيل بيتنا” مع الاحتفاظ بحقيبة الدفاع بيده حتى الدورة الانتخابية الجديدة في نوفمبر 2019، أو القبول بشرط حزب “البيت اليهودي” الذي يهدِّد هو الآخر بالانسحاب، وذلك ليضمن بقاءهم ضمن الائتلاف ومنع الإنهيار، وتسليم حقيبة الدفاع إلى زعيمه “نفتالي بينيت” الوزير الطموح وبالتالي يصبح كمن سلَّم وزارة خطيرة إلى طفل صغير فتكون أشبه بلعبة، وإلا سيعمد إلى تكتيك المغامرة والتوجُّه إلى انتخابات مبكِّرة في مارس 2019، وهذا سيُجبر “نتنياهو” ويضطرُّه لأن يسعى جاهدًا إلى تشكيل تحالفات دراماتيكية وسريعة وبأي ثمن سياسي تحسُّبًا لهذا الأمر حتى لا يسقط حزب اليمين سياسيًا وإلى الأبد ويلحق بحزب العمل، فيصبح من التاريخ.