في اليوم العالمي للفلسفة
الجمعية الفلسفية الأردنية
د. محمد عبدالله القواسمة
يطيب لنا في اليوم العالمي للفلسفة، الذي صادف يوم الخميس الماضي الخامس عشر من شهر تشرين الثاني الحالي أن نتكلم على الجمعية الفلسفية الأردنية؛ لأنها من الجمعيات الثقافية النشطة والفاعلة على الساحة الثقافية الأردنية والعربية. وهي جمعية علمية مخلصة للفلسفة، ويبدو أعضاؤها مثل تجمع نخبوي متآلف ومتماسك في فكره وتوجهاته. إنهم فئة مستنيرة، تتبنى الفكر التنويري، وتحاول إعادة الاعتبار للفلسفة، وبيان أهميتها في المجتمع. وقد حافظت على تقديم نشاطاتها الفكرية والفلسفية، وخاصة نشاطها الأسبوعي منذ تأسيسها عام 1993 حتى الآن رغم ما تلاقيه من مصاعب مالية واضحة.
لعل هذه الأهمية للجمعية، وما يتوخاه منها كثير من المثقفين بالقيام بدور مهم في نشر الفكر الفلسفي، واعتماد التفكير المنطقي بين أفراد المجتمع يتيح لنا بأن نبدي رأينا في المواضيع التي تطرحها في لقاءاتها وندواتها ومؤتمراتها، والتي يظهر بعضها على الشبكة العنكبوتية.
من اللافت أن المواضيع التي تطرحها الجمعية الفلسفية تدور أغلبها حول الفكر والفلسفة الماركسية، وحول أبرز مفكريها وفلاسفتها، وخاصة ماركس، وأنجلز، وغرامشي. ومن الملاحظ إذا ما نوقشت أفكار وفلسفات أخرى في الجمعية فإنها تعالج وتقارن بالفكر الماركسي. وهي تركز على الفكر النظري ولا تهتم كثيرًا بالجانب التطبيقي وما يجري على أرض الواقع. إنها كما يبدو مشدودة في الغالب إلى الماضي، أو إلى واقع غير هذا الواقع الذي نحياه.
لا شك أن أحادية الموضوع الذي تطرحه الجمعية غالبًا وتركز عليه في نشاطاتها المختلفة يقلص عدد أعضائها وروادها ويحصرهم في فئة معينة. كما يقلل من تأثيرها في المجتمع عامة، وفي الحياة الثقافية خاصة، حيث لا يتعدى تأثيرها عتبة مقرها في جبل الحسين بعمان، فليس من تتوجه إليه في خطابها غير النخبة التي هي في الأصل متخصصة في الفلسفة، فكأنها والحال هذه لا تخاطب إلا ذاتها.
وإذا كانت المهمة الرئيسية للفلسفة إثارة الأسئلة ليس حول نظرية المعرفة والأخلاق وطبيعة العقل فحسب بل حول مختلف القضايا والمشكلات التي يعاني منها المجتمع أيضًا؛ فإن ما يُنتظر من جمعية يتضمن اسمها كلمة فلسفة أن تُنوّع في المواضيع التي تطرحها في أعمالها مع التركيز على ما يساعد على كيفية معايشة الحياة وليس على فهمها فقط. فمن مظاهر معايشة الحياة مناقشة القضايا المهمة في واقعنا السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، وتلك القضايا التي تتصل بالكوارث المتلاحقة في البيئة والتغيرات المتسارعة في سلوك الناس وأخلاقهم. لا بد من طرح الأسئلة على هذه القضايا والنقاش حولها لإدراك جوانب لم يُنتبه إليها سابقًا، والوصول إلى إجابات حاسمة عن تلك الأسئلة. لعل هذه أولى المهمات التي على الجمعية الفلسفية أن تنهض بها في هذه الأيام.
كما يُتوخى من الجمعية الفلسفية ألا تعتمد في معالجتها قضايا المجتمع والواقع على فلسفة بعينها، فتوجد فلسفات متنوعة أخرى غير الماركسية يمكن الاهتمام بها، مثل: الوجودية والواقعية والإسلامية والوضعية المنطقية والبرجماتية والتفكيكية وغيرها. كما يوجد فلاسفة آخرون غير ماركس وأنجلز وغرامشي، على أهمية هؤلاء، يمكن تقديمهم والتعريف بهم بدءًا من سقراط وأرسطو وكانتْ، وانتهاءً بسارتر وهيدغر وديريدا وأمبرتو إيكو وغيرهم.
هذه الأفكار راودتني وأنا أحتفي باليوم العالمي للفلسفة، وهي أفكار ــ كما أرى ــ لا تنتقص من دور الجمعية الفلسفية الأردنية، ولا تقلل من سعيها إلى إثراء عقولنا، ودفعنا لاستخدام التفكير النقدي والتحليل المنطقي في حياتنا. هي أفكار، عسى أن تثير نقاشًا أو تحرك ساكنًا ما في الواقع، وتوجه المجتمع إلى الاهتمام بالفلسفة، كما يفعل العالم المتحضر، بوصفها أم العلوم.
[email protected]
الجمعية الفلسفية الأردنية
د. محمد عبدالله القواسمة
يطيب لنا في اليوم العالمي للفلسفة، الذي صادف يوم الخميس الماضي الخامس عشر من شهر تشرين الثاني الحالي أن نتكلم على الجمعية الفلسفية الأردنية؛ لأنها من الجمعيات الثقافية النشطة والفاعلة على الساحة الثقافية الأردنية والعربية. وهي جمعية علمية مخلصة للفلسفة، ويبدو أعضاؤها مثل تجمع نخبوي متآلف ومتماسك في فكره وتوجهاته. إنهم فئة مستنيرة، تتبنى الفكر التنويري، وتحاول إعادة الاعتبار للفلسفة، وبيان أهميتها في المجتمع. وقد حافظت على تقديم نشاطاتها الفكرية والفلسفية، وخاصة نشاطها الأسبوعي منذ تأسيسها عام 1993 حتى الآن رغم ما تلاقيه من مصاعب مالية واضحة.
لعل هذه الأهمية للجمعية، وما يتوخاه منها كثير من المثقفين بالقيام بدور مهم في نشر الفكر الفلسفي، واعتماد التفكير المنطقي بين أفراد المجتمع يتيح لنا بأن نبدي رأينا في المواضيع التي تطرحها في لقاءاتها وندواتها ومؤتمراتها، والتي يظهر بعضها على الشبكة العنكبوتية.
من اللافت أن المواضيع التي تطرحها الجمعية الفلسفية تدور أغلبها حول الفكر والفلسفة الماركسية، وحول أبرز مفكريها وفلاسفتها، وخاصة ماركس، وأنجلز، وغرامشي. ومن الملاحظ إذا ما نوقشت أفكار وفلسفات أخرى في الجمعية فإنها تعالج وتقارن بالفكر الماركسي. وهي تركز على الفكر النظري ولا تهتم كثيرًا بالجانب التطبيقي وما يجري على أرض الواقع. إنها كما يبدو مشدودة في الغالب إلى الماضي، أو إلى واقع غير هذا الواقع الذي نحياه.
لا شك أن أحادية الموضوع الذي تطرحه الجمعية غالبًا وتركز عليه في نشاطاتها المختلفة يقلص عدد أعضائها وروادها ويحصرهم في فئة معينة. كما يقلل من تأثيرها في المجتمع عامة، وفي الحياة الثقافية خاصة، حيث لا يتعدى تأثيرها عتبة مقرها في جبل الحسين بعمان، فليس من تتوجه إليه في خطابها غير النخبة التي هي في الأصل متخصصة في الفلسفة، فكأنها والحال هذه لا تخاطب إلا ذاتها.
وإذا كانت المهمة الرئيسية للفلسفة إثارة الأسئلة ليس حول نظرية المعرفة والأخلاق وطبيعة العقل فحسب بل حول مختلف القضايا والمشكلات التي يعاني منها المجتمع أيضًا؛ فإن ما يُنتظر من جمعية يتضمن اسمها كلمة فلسفة أن تُنوّع في المواضيع التي تطرحها في أعمالها مع التركيز على ما يساعد على كيفية معايشة الحياة وليس على فهمها فقط. فمن مظاهر معايشة الحياة مناقشة القضايا المهمة في واقعنا السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، وتلك القضايا التي تتصل بالكوارث المتلاحقة في البيئة والتغيرات المتسارعة في سلوك الناس وأخلاقهم. لا بد من طرح الأسئلة على هذه القضايا والنقاش حولها لإدراك جوانب لم يُنتبه إليها سابقًا، والوصول إلى إجابات حاسمة عن تلك الأسئلة. لعل هذه أولى المهمات التي على الجمعية الفلسفية أن تنهض بها في هذه الأيام.
كما يُتوخى من الجمعية الفلسفية ألا تعتمد في معالجتها قضايا المجتمع والواقع على فلسفة بعينها، فتوجد فلسفات متنوعة أخرى غير الماركسية يمكن الاهتمام بها، مثل: الوجودية والواقعية والإسلامية والوضعية المنطقية والبرجماتية والتفكيكية وغيرها. كما يوجد فلاسفة آخرون غير ماركس وأنجلز وغرامشي، على أهمية هؤلاء، يمكن تقديمهم والتعريف بهم بدءًا من سقراط وأرسطو وكانتْ، وانتهاءً بسارتر وهيدغر وديريدا وأمبرتو إيكو وغيرهم.
هذه الأفكار راودتني وأنا أحتفي باليوم العالمي للفلسفة، وهي أفكار ــ كما أرى ــ لا تنتقص من دور الجمعية الفلسفية الأردنية، ولا تقلل من سعيها إلى إثراء عقولنا، ودفعنا لاستخدام التفكير النقدي والتحليل المنطقي في حياتنا. هي أفكار، عسى أن تثير نقاشًا أو تحرك ساكنًا ما في الواقع، وتوجه المجتمع إلى الاهتمام بالفلسفة، كما يفعل العالم المتحضر، بوصفها أم العلوم.
[email protected]