الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحرب والسلم والأسئلة الفلسفية التي أثارها تولستوي بقلم:فواد الكنجي

تاريخ النشر : 2018-11-17
الحرب والسلم والأسئلة الفلسفية التي أثارها تولستوي بقلم:فواد الكنجي
الحرب والسلم والأسئلة الفلسفية التي أثارها تولستوي


فواد الكنجي

2018/11/12

سلط ( ليو تولستوي1828 – 1910 م ) الضوء على أوضاع الإنسان وانفعالاته؛ و بكل ما يدور في خلده منمشاعر وأشواق وأمال وإخفاقات أثناء اجتياح القوات الفرنسية بلاده (روسيا) في مطلعالقرن التاسع عشر بقيادة (نابليون بونابرت) ودخوله (موسكو) وانسحابه؛ بعد إن تلقىالطرفين خسائر فادحة بآلاف الأرواح؛ وماخلفته الحرب من دمار وخراب واسع النطاق في البلاد؛ فاضطر (نابليون) بعد إن عجزاحتلال (روسيا)، الانسحاب؛ وهو يجر أذيال الخيبة والخذلان والفشل في مواجهة الروسوشتائها القارص ورفض (القيصر الكسندر الأول) الاستسلام. فجسد (تولستوي) تلكالواقعة المدمرة على بلاده في عمل روائي عظيم نالت شهرة واسعة لتصنف كواحدة منأفضل روايات الأدب العالمي ألا وهي روايته الخالدة (الحرب والسلم) وهي بأجزائهاالأربعة الكاملة المطولة والتي صدرت بالنص الكامل عام 1869؛ حيث تناولت هذاالرواية مراحل الإحداث السياسية والعسكرية التي حدثت في أوربا لفترة ما بين عام 1805و 1812 ؛ واصفا أحداث التاريخ لتلك المرحلة بأسلوب فني رائع؛ جسد فيه مواقفهالفكرية عبر رؤية فلسفية طرح من خلالها جملة من القضايا الفلسفية والاجتماعيةوالسياسية كانت حاضرة في واقع تاريخ المجتمع الروسي في حقبة وهي تعتبر من اخطر حقباتالتاريخ الروسي خطورة، ليعطي (تولستوي) صورة واقعية بما حدث في (روسيا) في تلكالفترة من تاريخها، حيث تتمحور أحداث الرواية عبر ثلاث مراحل مهمة حدثت فيتاريخ البلاد لتلك الفترة وهي:

مرحلة التي سبقت اجتياح (نابليون) الأراضيالروسية عام 1812 م .

ومرحلة دخوله (موسكو)عبر نهر (نيمان) إلى قلب روسيا.

ومرحلة انسحاب المهينللجيش الفرنسي بقيادة نابليون.

فجاءت رؤية(تولستوي) مكثفة بأسئلة فلسفية معبرة عن إرادة الإنسانية وهي تواجه تبعات الحرب فينفوس المجتمع؛ وبوصف الحياة القائمة في ظلالها؛ لتكون وصف الإحداث؛ تاريخا لمجتمع (الروسي)آنذاك؛ وان كان الوصف مشخصا انطلاقته من ذات الكاتب الذي سلط رؤاه بعمق أفكارهومخيلته؛ فتنفس تنفسا عميقا من خلال البيئة المحيطة بالجو الاجتماعي الخاص والعاموعبر مقارنة بين هواجسه ونبضات المجتمع، وهذا الإسقاط في المشاعر على النص كان(تولستوي) سباقا في تجاوز السردي لنص الروائي الذي كان متعارفا روائيا آنذاك،ليأتي النص معبرا بما يشعر و يعبر عنه بعيدا عن السردية ومحاكاة التاريخ،وبإمكانياته الفنية العالية؛ استطاع تحويل أحداث التاريخ عبر موهبته وقدرته علىالتخيل وتشخيص الإحداث والوقائع إلى عمل أدبي فني جمالي رائع؛ وكما تمكن عبر مخيلته تصوير شخصيات الرواية لتتوغل فيالحوار والتعبير عن مكنوناتها وبكل ما يجوب في خواطرها من مشاعر وأفكار؛ ليسكتعبير لشخصيات ماطرة ضمن إبطال الرواية؛ بل كشخصيات تعيش في بيئية اجتماعية تحتكمع من حولها من أبناء المجتمع؛ لأنها شخصيات تعيش في وسط المجتمع وتستنطق مشاعرهاومشاعرهم؛ وردود أفعالها وأفعالهم؛ وتفكيرها وتفكيرهم؛ وبما يحسون ويشعرون وبماتحس وتشعر هذه الشخصيات معهم، ليتعمد (تولستوي) تعميق البناء النفسي لشخصياتالرواية؛ وجلها عاشت أحداث وقعت؛ ولكن صورت وفق ما كانت مشاعره النفسية وسلوكهتشعر وكأنها تعيش أجواء الحرب بضراوتها وشراستها و وحشيتها؛ ولتي لم تميز بينالبشر والحجر؛ لتتلاشى الصورة الإنسانة وقيمها في ظلالها؛ لتصبح مجرد ركام وحطاممتروك هنا وهناك؛ يرتفع منها الدخان الرمادي والأسود بعد إن يكون قد نال منها.

فالحرب بكل صورها وماساتها أخذت مأخذها من واقعالحياة لعموم أبناء الشعب؛ فكيف الحال بالنسبة إلى (تولستوي) الذي أحب بلاده حباكبيرا......!

لذلك كانت قريحتهفياضة لتعبير ولتسليط الضوء على كثير من مفاصلها من ناحيتين:

الأولى من الناحية (ألأدبية) فهو ارتقى بأسلوبواقعي معبر ضمن تحليل النفسي والصياغة الإبداعية.

وثانيا، من الناحية(وقائع الحرب) وما تركته في النفوس أبناء شعبه؛ فجسد رؤيته من خلال ما قرئ وما سمععن صور الحرب ومشاهد القتل والدمار وحالة الإحباط النفسي والبؤس والانكسار الذيكان الشعب يشعر به اثر فقدانه الملاين من الأحبة بدون مبرر سواء من أفراد الشعب أومن المقاتلين.

لذ كانت أفعالالحرب تلك؛ قبل إن تكون أداة مدمرة للبنى الفوقية والتحية للبلاد؛ وما صاحبتها من أعمالوأفعال العنف والقوة والعشوائية، فإنها في الكثير من صورها كانت أفعال سادية و موغلةبالوحشية و بكل ما يخالف الطبيعة البشرية من الهدوء وتقبل الأخر والحب. وهذا ما جعل(تولستوي) يبلور شخصيات الرواية ليجعلها تتمرد من واقعها وتطالب بإعادة التفكير فيطبيعة البشرية وتاريخها بما يميز الإنسان عن باقي المخلوقات، وهذه الرؤية ما كانتتستفز (تولستوي) لولا صور الحرب القذرة التي ألهبت مشاعره ببشاعة ما تركته في النفوسمن الم.. وعذاب.. وجراح.. وتحطيم لمن عاش تحت نيران الحرب أو لمن عاش ما بعد الحرب،ليكون ما يطرح من الإعمال الأدبية والفنية للحرب مختبر حقيقي للمشاعر النفسية للإنسانية؛تقدم صورة واضحة بلا رتوش؛ بما تحمله الحرب من متناقضات الحياة بين بؤس و نعيم.. وسعادةوشقاء.. وغنى وآلام.. وشر وخير، فكل هذهالبواعث النفسية والاجتماعية بلورها (تولستوي ) في شخصيات روايته؛ وقد استنبطها من خلال صور المجتمع الروسي وهويعايش الحرب؛ وغزو بلادة من قبل المحتل الفرنسي بقيادة (نابليون)، وهو واقع (مّر)ترك أثاره العميقة في نفسية (تولستوي)؛ بل في نفسية أبناء شعبه وهو أحس بما كانوا يذوقونه؛فبين حبهم للحياة ومأساة الحرب؛ كواقع فرض على بلادهم، في وقت الذي لم يكن لأبناءالشعب أي خيار سوى مواجهة أحداث التاريخ وما يحدث لهم بكل سبل المتاحة؛ نعم، لميكن أمام الشعب سوى المواجهة والنضال وبكل ما أتى لهم من قوة.. وصمود.. وتحدي؛ ليؤرخواقع الحال لبلده وأمته وخيارهم في الحرية وطرد المحتلين والغزاة، وهو ما عبر عنه(تولستوي) بكل صدق و وفاء، فطرح رؤيته الوجودية عبر أسئلة متدفقة بحالة القلقوالارتباك التي كان يعاني منها الشعب، وبعد إن وجدهم في حالة الاحتراب مدمرة وآلافتقتل بدون أي ذنب؛ وهو الأمر الذي شكل نقطة حوار بارزه في عمله هذا؛ لان (تولستوي)ظل يطرح مع نفسه سؤال خطيرا إربك حياته وأرقها؛ليعيش حالة القلق المستمر؛ سؤال لم يغب عن ذهنه طوال عمره ولم يستطع الإجابة عنه، وهوسؤال طرحه حتى على لسان شخصيات الرواية، وهو لماذا نعيش.......؟

لماذانعيش...........!

فكل محاولة الإجابة كانت منه يائسة، لأنه أيقنبان من يصنع إحداث التاريخ لا يرتبط صنعها من قبل الزعماء ورجال الكبار والساسة؛بقدر ما يصنعه الأخر؛ حيث تتداخل في صُنعه مجموعة من الأسباب وجزئيات وتفاصيل التيبمجملها تتراكم في صنعها، ومن هنا لا يكون بوسع البشر من فعل شيء؛ لكي يكونواسعداء إلا بقبول الحياة كما هي؛ لان تعقيدات و مجريات الحياة هي اعقد مما نظن، لانالتعقيد الأكبر هو التعقيد القائم بين (تاريخ النخب) و(تاريخ البسطاء)، وهذاالتفكير المعقد في تفسير مخرجات الحياة؛ هو ما جعل (تولستوي) يسرد ويشخص ويناظر فيإحداث روايته عبر أكثر من (مائة وستون) شخصية ظهرت في روايته (الحرب والسلم)؛ بينما هي شخصية حقيقية وتاريخية وخيالية، ولكن في مجمل الرواية ترتكز الأحداث حينماحاول (تولستوي) تعميق السرد والبحث حول حياة (خمسة) أسر؛ اختارها من مختلفة طبقاتالمجتمع الروسي؛ وهي عاشت ضمن إحداث الرواية منذ عام 1805م إلى عام 1813م، ومنخلال شخصيات هذه (الأسر) حبك (تولستوي) أفكاره وكل ما كان يدور في خلده عبر هذهالشخصيات والتي - كما ذكرنا - منها ما هي (واقعية) ومنها ما هي (تاريخية) ومنها ماهي من صنع (خياله)، فيأتي بناء حبكة الرواية عن أحداث تدور حول ما تتعرض هذه (الأسرالخمسة) من مشاكل وكوارث، والأسر الخمسة في الرواية (الحرب والسلم) هي :

الأسرة الأولى هي (آل كوراجين)

والثانية أسرة (آلروستوف)

و الثالثة أسرة(آل دروبيتسكوي)

والرابعة أسرة (آلبولكونسكي)

والخامسة أسرة (آلبزوخوف)، فهذه الأسر الروسية الخمسة التي طرحها (تولستوي) تختلف كل واحدة منها عنأخرى من حيث ما أفرزته تفاصيل حياتها وطريقة تفاعلها مع أحداث الرواية، فبين (الأسر)ذات الثراء، وبين (الأسر) الإقطاعية، وبين (اسر فقيرة) تعيش بضيق حال؛ ولكن أصولهاالعائلية تعود من أصول نبيلة.

وضمن هذه الأسروإفرادها يدور حوار الرواية بشكل مكثف عبر حوارات بين شخصياتها تدور حولالوجود والروابط الاجتماعية ومصير الإنسان،فيقدم (تولستوي) من خلال هذه (الأسر) عيوب الفهم الجديد للإنسان وعدم تشخيصهاتشخيصا دقيقا لكثرة مفاهيم الحياة المتعلقة بالإنسان والتي تدور حول حقيقة الحرية.. والسعادة.. والسرور.. والتعاسة..والقنوط.. والشك.. والانسجام مع العالم وضمن الاختلال والانسجام والتنافر والتجاذببين هذه المفاهيم يصبح دافع الإنسان أقوى للبحث عن الحقيقة، لان تعاسة ومعاناتالإنسان في العالم هو ما يجعل هذا العالم لا يتلاءم مع تصوراته؛ ويصبح الإنسانعدوانيا ولا يعد لخيره؛ ولهذا يصير بلا معنى؛ فصعود الدراما بين هذه الأسر يعرض (تولستوي)شخصياتها وهي في دوامة؛ تعاني من أزمة نفسية حادة فقدت؛ ولم تفقد نظرتها إلىالعالم؛ بل فقدت العالم نفسه، وهو الواقع الذي يتجه طريق (بير بيزوخوف) و(اندريهبولكونسكي) لإدراك العالم والنفس؛ وبصورة أكثر دقة إدراك للنفس في العالم، فيتداخلالحوار في بحث عن وجود الله من عدمه؛ وخاصة بين (بير) و الماسوني العجوز (بازدييف( او مع (اندريهبولكونسكي)، ومن هنا فان كل ما يدور بين هذه الشخصيات من كلام؛ فيه الكثير من عدمالمصداقية، وتختفي خلفها الأفكار والمشاعر الحقيقة، وفي لحظات التوتر الحاسمة يفهمبعضهم البعض الآخر عن طريق الإيماءة والنظرة إلى الوجه لمعرفة الحقيقة عبر ملامحهاوليس بما تنطق، وهنا لابد من ذكر؛ بان (تولستوي) يلجئ إلى هذه الإيماءات بالتعبيرفي بعض مقاطع الرواية لتأكيد على عجز الكلمات (التعبير) عن الأفكار والمشاعرالإنسانية، كما ركز عبر الحوار بين الأميرة (ماريا) وهي تنظر إلى وجه (نتاشا) بعد إنأحستا أنهما لن تتمكنا من التعبير بالكلمات ولكن فهمتا الكلام عبر لغةالعيون، وباعتبار بان هذا أسلوب منالتعبير والحوار؛ يدعم الكاتب بنقل الأحاسيس المخفية والدقيقة، ولهذا يرى (تولستوي)بان كل ما يحيط بالإنسان له معنىويمكن لنا التعبير عنه، والإنسان لقادر على التعبير بشتى أساليب التعبير؛ وعبر التفكيروالتعبير؛ سيولي كل ألأهمية لما يحدث حوله؛ وهو الأمر الذي يجعل الإنسان يطرح أسئلةفي كيفية فهم (الحقيقة) و(الوجود)؛ وما (قيمة الحياة)، وهي أكثر الأسئلة المهمةالتي يطرحها الإنسان سواء مع نفسه أو مع الآخرين، وعلى نحوها فان (تولستوي) يطرحعلى لسان (بير) بقوله:

ما هو الجيد.....؟

وما هو السيئ.....؟

ماذا يجب أن نحب..وماذا نكره .....؟

ولماذا أنا.. هكذا.....؟

ما هي الحياة .....؟

وما هو الموت.....؟

ما هي القوة التيتوجهنا.....؟

و لماذا أعيش.....؟

ليطرح (تولستوي)رؤيته وفق هذا النمط المعمق في الأفكار والمفاهيم وهو يدرس و يمعن النظر بأفعال (أفراد)من المجتمع وليس كـ(أبطال) في جميع ظروف الحياة، لان نظرته إليهم كانت باعتبارهم (بشرا)ليس إلا، فبرغم ما نقرا في رواية (الحرب والسلم) شخصيات وهي بدور البطولة ولكن(تولستوي) يسلط الضوء عليهم كبشر وكشخصيات من لحم ودم يفكرون بعواطف ويشعرونويحسون ولهم كسواهم من إفراد بني البشر حسنات وسيئات، بهذا الحس، حس فنان وفيلسوف؛قدم (تولستوي) روايته؛ وهو يضع جل اهتماماته بالقيم (الإنسانية) إمام وعيهوتفكيره؛ التي لطالما وصفها بكونها معقدة وشمولية؛ بالإضافة إلى حجم المداراتالفكرية والفلسفية؛ وسعة خياله في تناول وذكر الأحداث بدقة التفاصيل .

فان كان(تولستوي) يبدأ باستعراض روايته (الحرب والسلم) بحكم (القيصر ألكسندر الأول) وبكلما كانت تدور في تلك الفترة من الأحداث التاريخية والاجتماعية؛ ومن خلال (الأسر)الخمسة - التي ذكرناها - فمن الملاحظ عند قراءة الرواية - وهو مؤشر يذكر حتى في النص المترجم - وارقي نصمترجم إلى لغتنا العربية لهذه الرواية هو ما ترجم من قبل الدكتور (سامي ألدروبي) - بان لغة كتابة الرواية هي لغة (روسية)ولكن نجد بان (تولستوي) يدخل في نصوص إثناء المحاور بين بعض من شخصيات الرواية،وهو يركز عليها بأهميتها، باللغة (الفرنسية)، إذ كانت الطبقات الارستقراطية فيالمجتمع الروسي آنذاك؛ تتحدث بهذه اللغة كنوع من (التميز الطبقي)؛ ولهذا فان (تولستوي)تعمد بكتابة كل حوار تكون غايته هو الخداع.. والكذب.. والنفاق يكتبه بـ(الفرنسية)،بينما يكتب الحوار بالغة (الروسية) في كل مقاطع الرواية التي تتناول موضوعات التيتتنعم بقيم الإنسانية.. والحب.. والصدق.. والوفاء، ليبرز من خلال هذا التكتيك بان (الشعبالروسي) باستخدامه (اللغة الروسية) في كل شؤون حياته ومعاملاته اليومية؛ قد تحررمن السيطرة الأجنبية.

ومن خلال سرد الرواية فان (تولستوي) يصور شخصية (القيصر ألكسندر الأول) وهو يحاور ويتحرك بينمستشاريه وحاشيته كرجل عادي بسيط لا يختلف عن أي رجل من عامة الشعب الروسي، وهو منجهة أخرى يسلط الضوء ويدعوننا نتأمل بالنظر إلى (نابليون) بجسمه الصغير؛ لنقف معأفكارنا بذهول؛ إذ يصعب علينا أمام هذا المشهد إن نصدق بان هذا الرجل - وهو بهذا الجسم - بوصفه القائد الذي غير تاريخأوروبا والعالم برمته....!

ولهذا فان(تولستوي) خصص فصولا عديدة من الرواية من أجل تفسير الدور التاريخي والعسكريللقائدين، (نابليون بونابرت) و المارشال (ميخائيل إيلاريونوفيتش كوتوزوف)، ومع إنفي الرواية عدد من الشخصيات ولكن قل ذكرها داخل الرواية لعدم أهميتها؛ فلم يسلطالضوء عليها كثيرا .

فنقطة البدايةلاجتياح (نابليون بونابرت) الأراضي الروسية بدأت في أغسطس من عام 1812 م، حين وضع خططه بالاشتباك السريع مع الجيش الروسيوالقضاء عليه، ولهذا أدرك الروس ما ينوي (نابليون) فعله؛ لذلك تهيئ الأمير (باركليدي تولي) لمواجه الجيوش الفرنسية، وواصلها من بعده المارشال (كوتوزوف) الذي توليقيادة جيوش الروسية؛ وتمحورت خططه القتالية في تجنب الدخول في اشتباك وصراع مباشرمع الجيوش الفرنسية الغازية؛ مع وضع عراقيل وموانع والانسحاب قبل قدوم جيوش (نابليون)مع تدمير المحاصيل الزراعية والقرى في أثناء انسحاب الجيش الروسي من أماكن التي لامحال سيتوجه منها الجيش الفرنسي لاحتلال روسيا؛ لعدم الاستفادة منها، ولهذا تعرض (باركلي)و(كوتوزوف) لكثير من النقد في ذلك الوقت لعدم مواجهة الجيش الفرنسي والاشتباك معهمبصورة مباشرة؛ ومع ذلك نجحت هذه الخطة العسكرية؛ رغم إن (نابليون) استولى علىمدينة (موسكو) في أوائل شهر (سبتمبر) من عام ذاته؛ وهو الأمر الذي كلف (نابليون) ثمن باهظا، لانالروس حاولوا استدراج جيشه إلى عمق (روسيا) دون وجود إمدادات ومعونات عسكرية لجيشالفرنسي؛ مع حلول فصل الشتاء ودخول روسيا في موسم شتوي قارص المعروف في (روسيا)بتساقط كثيف لثلوج وهبوب عواصف ورياح شديدة البرودة، وهذا ما جعل (نابليون) إنيمكث في مدينة (موسكو) لأكثر من شهر، وكل اعتقاده كان يتجه بان (القيادة الروسية)ستستسلم، ولكن (الروس) لم يظهروا أية نية لاستسلام، فبدأ (الجيش الفرنسي) بالانسحاب علىشكل أرتلا طويلة خارج (روسيا) تحت أجواء العواصف والثلوج ألعنيفة؛ حيث أجبرهم المارشال(كوتوزوف) على إتباع طريق الهلاك الذي سارت عليه (الجيوش الفرنسية) المنسحبة من (موسكو)،ليثبت في التاريخ بان الغزو الفرنسي لبلاده (روسيا) كان بكل مقاييسه يشكل كارثةإنسانية، فمن أصل نصف (مليون) جندي (فرنسي)محتل، لم يتبقى منهم سوى أقل من (ثلاثين ألف جندي) على قيد الحياة؛ أما الجيش (الروسي) فقد خسر نحو (ربع مليون رجل)،ولحجم الكارثة الإنسانية التي تركتها هذه الحرب في نفوس الشعب (الروسي) وما ذاقهمن ويلات ودمار الحرب من جراء أطماع لا يفهم مغزاها إلا في نفس (نابليون)..........!

ومن هنا فان (تولستوي) تعمق كثيرا في روايته(الحرب والسلم) في هذا الفهم الإنساني لمعاناة الحرب وما خلفتها من ويلات.. ودمار..وخراب؛ فاسترسل أفكاره بمشاعر وأحاسيس وبعمق معلوماته الفكرية والفلسفية؛ مبلوراتلك المفاهيم في أسئلة قدمها ضمنا في روايته هذه؛ لطرح مواقفه من هذه الحرب. فقدم هذاالعمق من الإحساس والأفكار عبر شخصيات روايته، وعبر شخصيات حقيقية لتعبر بكل صدقعن وقائع ليس من السهل نسيانها من ذاكرة الأمة، ولكي يقدم (تولستوي) عملا يوازيهذه الكارثة التي حلت على بلاده؛ فسلط الضوء عن جزء من تلك الإحداث عبر شخصياتحقيقية لتعبر بصدق عما كانت تعصف في البلاد هنا وهناك، فقد جاء بشخصية (ناتاشا) لتعبر عن زوجته وزوجةأخيه كما قدم نفسه من خلال شخصيتي (بيير) والأمير (أندريه) وقدم والديه من خلالشخصيتي (نيكولاي روستوف) و (ماريا بولكونسكايا).

فـ(تولستوي)بالمجمل يقدم محورا وتصويرا واقعيا للإحاطة بالإحداث من كل جوانبها وبأوسع ما يمكنتقديمه عبر شخصيات من أعلى إلى أدنى سلم الترتيب الاجتماعي، فالرواية تسلط الضوءعن مكامن الحياة داخل القصر الملكي لـ(قيصر)؛ كيف يقضي نهاره وكيف يتصرف مع محيطه ومايقوم به وما تفعله حاشيته والخدم والفلاحين، فهو يعرض جميع الطبقات الاجتماعية وماهي الأدوار التي تلعبها كل فئة من هذه الطبقات في مجرى الحياة؛ وكان (تولستوي) فيعرضه لهذه الشرائح حريصا في تقديم هؤلاء الإبطال في روايته وكأنهم أناس اعتياديينمن عامة الشعب

يخضعون لذاتالظروف التي يخضع الآخرين، ولهذا فان (تولستوي) في روايته (الحرب والسلم) حرض إنلا يقدم بطلا واحدا في روايته؛ فكل شخصيات التي قدمها من (نابليون) و الأمير(اندريا) و (كوتوزوف) و(بلاتون)، لم يقدمهم (تولستوي) كأبطال بقدر ما قدمهم باعتبارهمأداة من (أدوات) في يد التاريخ؛ في وقت الذي ليس لهذه (الأدوات) إي معنى لها، كماهي حال حينما يقدم (كوتوزوف) الذي لا يستطع التصرف، وكما يفعل (نابليون) فيتكلم عنالأربعين قرنا وهي تنظر إليكم من أعلى الأهرامات - كما يذكر في الرواية - وفيالنهاية يعرف (كوتوزوف) كيف يسكت ويصبر في النهاية، ليكون هو من يدفع (نابليون) إلىإن يخسر و يهزم نفسه بنفسه، هذه الفلسفة الفكرية قدمها وشخصها (تولستوي) بعمقأفكاره ومن تحليلاته الفلسفية لما آلت إليها ظرف بلاد أثناء الحرب وبعدها، فـ(تولستوي)هنا يحلل هزيمة (نابليون) باعتباره من قادة الأوربيين الذين لم يجندوا ولم يحشدوا ولميرفعوا من عزيمة شعوبهم من أجل قضياهم؛ وما هو خير لأممهم، فقد كانوا سذجومتغطرسين إلى أقصى حدود؛ ومنهم كان (نابليون) باعتقاده بأنه يتحكم في مصير أوروبا؛ليكون مصيره في روسيا وجيشه الفرنسي الدمار والهزيمة، وكانت هذه أقسى حقيقة واجهتهبحقيقة غطرسته وهو لم يستطع تغير هذا الواقع، بينما في الجانب الأخر يضع (تولستوي)القائد الروسي (كوتوزوف) على العكس من هذا الواقع، حيث كان يدرك سلفا بأن مصير (نابليون)قد تقرر بهزيمته في روسيا بالفعل، لذلك تأنى بوعيه وإدراكه وقراءة لمجريات الإحداثوبكل فعل أراد فعله؛ فتجنب مهاجمة الجيش (الفرنسي) لأنه كان متيقنا بان مهاجمتهم -لا محال - ستتسبب خسارة غير ضرورية للأرواح (الروسي) ولن يحقق هجومه على(الفرنسيين) شيئا بخلاف ما هو مقدر بالفعل، لذا اعتبره (تولستوي) بطلا روسيا قوميابسبب إدراكه لهزيمة الجيش الفرنسي من ناحية ومن ناحية أخرى تجنب قيادة الجيشالروسي إلى الهلاك.

ومن هنا فان(تولستوي) يسأل مؤرخي حروب (نابليون) الذين وضعوا الدوق (أولدنبرج) موضع اللومبخرقه الحصار البري، وتعند (ألكسندر) وأطماع (نابليون) والى أخره من أخطاء هناوهناك، فان كان الأمور تقاس بهذا النحو - كما يذكره (تولستوي ) في الرواية - لكانبإمكان تفادي الحرب، بان يذهب (تاليران) ويناقش ويبحث بأسلوب دبلوماسي وسياسي؛ وأن(نابليون) يرسل رسالة إلى (ألكسندر) بأنه يوافق بإعادة الدوقية للدوق (أولدنبرج)،وبمثل هكذا دبلوماسية لكانت جميع مسببات الحرب تنتفي وتصبح منذ البداية غير ممكنةالوقوع، فهل باتخاذ مثل هذه الإجراءات الشكلية البسيطة كان يمكن تفادي الحرب التيحصدت ملايين البشر....! ........؟

ولكن (تولستوي)يرفض جملة وتفصيلا هذه الأسباب؛ بل وحتى المنطق الذي يحاول التشبث بعقلانية البحثعن الأحداث التاريخي، لأنه ينظر بكون إن (العقل) لا يستوعب إقناعه بمثل هكذامبررات وتفسيرات؛ ومن هنا فهو يعلن بان مثل هكذا المنطق في التحليل والتفسير خاطئ،بكون كما يقوله (تولستوي) بان (( مجموع الإرادات البشرية هو الذي يخلق الحدث))، وهذاالمنطق الذي يذهب (تولستوي) في تفسير إحداث التاريخ؛ يسقطه على غيرها من الإحداثوفق ما تدور بين شخصيات أخرى في الرواية؛ ولهذا فإننا من خلال شخصيات الرواية نجدبان (ناتاشا) و (بيزوكوف)، كل منهما يبحث سواء بفعل الخير أو في بفعل الحب عنخلاصه وفق إرادة الذاتية المحضة فيخلقون الحدث، فـ(ناتاشا) كما يظهرها (تولستوي)في روايته هي تمثل رمز الحيوية التي تصبح خير شخصيات الرواية، أما (بلاتون) هذاالأمي الريفي يحمل في أعماقه أفكارا عظيمة، فان (تولستوي) اعتبره ناطقا باسمه. ولكن(تولستوي) بعقله ونقاء أفكاره استطاع توزيع أفكاره ورغباته على مختلف شخصياتالأخرى المقدمة في الرواية، فنجد في شخصية الأمير (اندريا) عالما متوترا ويتصرفبلئام ويتطلع إلى المجد العسكري، لكنه بعد حين يجد نفسه بأنه على خطا و يفيق علىحبه للأرض وللمرأة، ليخطو بخطى جديدة بعد إن أدرك عبث خطواته السابقة فيوجه نفسه وفقإرادته نحو المحبة.. والصدق.. والوفاء.

ولهذا فان (تولستوي) في هذه الرواية افرغ كلمكنونات ذاته وكل ما حمل من أفكار ورؤى فلسفية وتأملات في الحياة.. والحرية..والقوة.. والإرادة؛ متأثرا بما كان فيعصره سائدا من تسابق الأفكار الفلسفية والتحليل النفسي والجدال القائم في حتميةالتاريخ، لذلك فان (تولستوي) منذ وعيه بهذه الأفكار؛ غير نمط حياته وابتعد عنطبقته التي كانت من الأثرياء لأنه كان ابنا لأسرة ارستقراطية ومن ملاكي الأراضي فيروسيا؛ فابتعد عنا ليعيش وسط أناس بسطاء، ودعا أبناء البشر بان تكون المحبة هيوسيلة لتعاون مع كل أبناء البشرية دون تميز ودون عنف؛ وان يتوجه الناس بإيمانهبعيدا عن (الكنيسة)، والتي اتخذت قرارها بمنع كتبه حتى وفاته عام 1910،فـ(تولستوي) لم يرفض وصايا (الكنيسة) وتطبيقاتها فحسب، بل رفض الحضارة وصناعتها الحديثة،بل تمادى برفضه سلطة الدولة، لذلك نجد بان (تولستوي) في كثير من مواقع الرواية يقفعن سرد أحداثها ويمضي في طرح رؤيته ومواقفه الفلسفية اتجاه كثير من أمور الحياة..والطبيعة.. والتاريخ.. و الحرية.. والقوة.. والإرادة، ولهذه الأسباب يكون تلخيص الروايةبأجزائها الأربعة الطويلة؛ أمر مستحيل، لان فيها جملة من الأفكار وأطروحات فلسفيةلا يمكن تجاوزها خارج أيطار ما جاءت بها رواية (الحرب والسلم)، لان (تولستوي) ضمن روايته وجه انتقادات كثيرةعلى (المؤرخين) و محاولاتهم في تفسير (تاريخ الإحداث)، الأمر الذي قاده إلىالاعتقاد بان (المؤرخين) لم يستطيعوا تناول (التاريخ) بشكل سليم؛ بقدر ما أساءواإليه؛ بكونهم كانوا يختارون (أحداث) معينه ويركزون على عدد قليل من الأفراد؛ وهذاهو خطئهم الكبير؛ لأنه يسلطون الضوء على بقعة معينه من (التاريخ) ويتجاهلون عمداأو بقصد جوانب أخرى منه؛ وقد تكون تلكالجوانب هي أهم ما في التاريخ، بالإضافة إلى ذلك، فهم (لا) يركزون على معرف الأسباببقدر ما يركزون على الأسباب التاريخية فيقول (تولستوي):

(( لا يوجد، ولا يمكن أن يوجد، سبب لحدث تاريخي؛عدا السبب وراء كل الأسباب...))، فـ(تولستوي) يشبه التركيز على الأسباب بقوله:

(( بأن الأرض ثابتة وأن الشمس والكواكب الأخرىتدور حولها، ولهذا فإن مثل هذه الرؤية لا تصلح كتفسير لقوانين حركة الكواكب، لأنتركيز المؤرخين – كما يقول تولستوي - علىالأسباب يعميهم عن رؤية قوانين التاريخ، لان اكتشاف هذه القوانين تصبح ممكنا فحسبعندما نتجاهل محاولة العثور على السبب وراء إرادة رجل واحد، وسواها كسواء اكتشافقوانين حركة الكواكب لتكون ممكنة فحسب حينما لا تؤمن الناس عن فكرة ثبات الأرض ...))،ليمضي بهذه الأفكار في تجسيدها عبر شخصيات الرواية وعن إمكانية أبطال الرواية في صناعتها،وبذلك حاول (تولستوي) تسلسل الأحداث وفق حبكة متوازنة بين الفعل وتطبيق رؤيتهالفكرية عبر مواقف فكرية بحته تتحاورا شخصياته ضمن أطرها الفكرية والفلسفية، ومنخلال هذا الأفكار والأطروحات أراد (تولستوي) من خلال روايته تحليل هذه الأفكار عبرشخصيات الرواية فجاءت روايته مفعمة بأفكار فلسفية التي طرحت الكثير من ألأسئلة الشائكة؛سواء من كان من إبطال روايته كـ(نابليون بونابرت) و(القيصر الروسي ألكسندر الأول)،بقوله:

((..هل لهؤلاء لهم قوة الإرادة في صنع الحدث أم أنهمكانوا جزءا من حتمية التاريخ والتحكم بمساره بالعبثية......؟))، لذلك كان (تولستوي) لا يصنع الحدث عبر أبطالالرواية، بل كان (ناقدا) للمواقف التي يسير عليها هؤلاء الأبطال، بل يسخر مناندفاعهم الحميم وراء الثقة العالية بأنفسهم؛ لدرجة التي ضنوا هؤلاء ومنهم(نابليون) بان (التاريخ) هو تاريخ الذي يصنعه هو بنفسه وليس الأخر. في وقت الذياعتبره (تولستوي) أداة مسيره في التاريخ لا معنى لها، لان اعتقاده - كما نوهناإليه سابقا - كان يتجه بكون (التاريخ) ليس هو من يصنعه الرجال الكبار أمثال(نابليون) بل الذي يصنعه؛ هو (الآخر)، الذي تحتم صناعته جملة من تفاصيل وأسباب كثيرةفي تراكمها، مناقضا كل أطروحات (المؤرخين) القائلة: بان (التاريخ) هو من يصنعه ومنيتحكم بصيرورة تاريخ الشخصيات السياسية الكبرى.

لتكون رواية(الحرب والسلم) بما طرحته من أفكار وأسئلة؛ نقطة تحول في قيمة الرواية في طرحالأفكار ومناقشتها بشكل مثير بما يعمق ويطور عقل المتلقي ومدركاته في تحليل كل مايحيط بوجوده وكيانه النفسي والسلوكي وفق اطر فلسفية ومعرفية تنمي قدرات العقل والإدراكفي ذهن الفرد بهذا الشكل أو ذاك .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف