منذ فترة وانا أراقب مواقع التواصل الاجتماعي عن كثب ، أبحث هنا وهناك بين فئات المجتمع وطبقاته المختلفة ، أزرع نفسي في الفضاءات التي تجمعني بأكبر عدد ممكن من الاشخاص لأجتث المؤثرات والتأثيرات ، وأرسو بأقنعة على ميولاتي لأقنع الافتراضيين بتفاعلي معهم في الأمور التافهة جدا فقط لأتقصى ما يدور في عقول كل شخص يمكث وراء جهازه الالكتروني .
والمعضلة اني قلما رأيت امرأة تدوس بزر "اللايك" حزنا على صورة لمهاجر افريقي في عرض البحر المتوسط وسواحل موغلا او لاجئة سورية ألقاها طموح العيش في سلام جثة هامدة على رمال شواطئ اليونان او عربيا لا يملك وثائق إقامة يعامل معاملة سيئة في بودابست او فلسطينيا يبكي سوء حظه في مخيمات عين الحلوة او البتراء.
قلما رأيت رجلا يضغط على زر "شير" او "ريبوست" على فيديو اطلاق نار او اختراق اسرائيلي لحدود الجولان او الناقورة او قصف غاصب غاشم على غزة الأبية ، او على تسجيل للحظة تفجير في كابول يصيب عشرات العزل والأطفال ، او على مقطع لعراقي يأخذ بقايا هندامه ويرحل عن مدينة أكلها الدمار ، قلما رأيت أحدا يحزنه حال شتات عائلات شتتها الحصار ، او فيديو لسفن تونسية وليبية يملؤها العطشى للحياة بكرامة من عاطلين عن العمل ومخذولين من واقع بلدانهم ترفضها ايطاليا وينبذها سالفيني وسفن اخرى تغرق نتيجة ثقب سببه أمل من ألم في حياة كريمة بدولة أخرى ترفضنا ترفض حقنا في تحديد المصير .
لا يسعني سوى قول الآه واللطم آلاف المرات، كلما فتحت "جروب" او مجموعة على مواقع التواصل فأرى فيديوهات الرقص والمكياج وتحديد الكونتورينغ والحديث عن أتفه ما يمكن الحديث عنه تأخذ عشرات الاف اللايكات لتعبر عن عقول أغلب العموم،
وحتى تويتر يمضي فيه "الفولورز" وقتهم للشتم والسباب، شعوب عربية تتناحر على جدران افتراضية ، و#هاشتاجات تثير الشفقة على حالنا نحن العرب.
وحتى السناب شات يجعلك تتساءل هل كل العالم العربي اصبح يعيش سعيدا بلا فقر ولا جوع ولا ارهاب ولا قصف ولا وجع على القدس المحتلة وبغداد ودير الزور ولا يهمه اتفاقية الباقورة والغمر ولا يؤلمه ضياع تيران وصنافير ، هل اشقاؤنا العرب على السناب شات اصبحوا جميعا "فاشينيستات" واصحاب محلات افتراضية لما تيسر من "البودرة" والمنتجات والخلطات التي تبيض البشرة ولا تحفظ ماء وجوهنا كعرب؟ تلك هي المعضلة !
ومع ذلك فإن الفئة القليلة التي تعيش ألم واقعنا مازالت موجودة وكما يقول المثل "لسه الدنيا بخير" ، مازال هناك من يحاول جاهدا ان يذكر الافتراضيين بذل واقعنا وخيبة ما يعيشه كل عربي على هذا الكوكب، مازال هناك البعض ممن ينتقدون التضخم والبطالة والقروض التي اغرقتنا، مازال هناك من لا ينام دون التفكير في طفل شوهت الصواريخ براءته ومازال هناك من يحلم بيوم لا نرى فيه الدماء ولا نسمع فيه الرثاء والعويل والصراخ ، مازال هناك من يحب درويش وقباني والنواب واولاد حمد وفؤاد نجم ومازال هناك من يتذكر محمد الدرة والشهداء والمقاومة والاغتيالات وضحايا الاحزمة الناسفة والفقر الذي سببته الانظمة الفاشلة والغرق والسفن والطفل ايلان ، مزال هناك من يمكث امام التلفاز طويلا ليتقصى حقيقة ما تقترفه اجندات العالم الاخر في حقنا نحن العرب ... وكل التمني ان لا يندثر هؤلاء الانسانيون مع موجة العقول اللايت والفضفاضة الفارغة ..
مروى ذياب
والمعضلة اني قلما رأيت امرأة تدوس بزر "اللايك" حزنا على صورة لمهاجر افريقي في عرض البحر المتوسط وسواحل موغلا او لاجئة سورية ألقاها طموح العيش في سلام جثة هامدة على رمال شواطئ اليونان او عربيا لا يملك وثائق إقامة يعامل معاملة سيئة في بودابست او فلسطينيا يبكي سوء حظه في مخيمات عين الحلوة او البتراء.
قلما رأيت رجلا يضغط على زر "شير" او "ريبوست" على فيديو اطلاق نار او اختراق اسرائيلي لحدود الجولان او الناقورة او قصف غاصب غاشم على غزة الأبية ، او على تسجيل للحظة تفجير في كابول يصيب عشرات العزل والأطفال ، او على مقطع لعراقي يأخذ بقايا هندامه ويرحل عن مدينة أكلها الدمار ، قلما رأيت أحدا يحزنه حال شتات عائلات شتتها الحصار ، او فيديو لسفن تونسية وليبية يملؤها العطشى للحياة بكرامة من عاطلين عن العمل ومخذولين من واقع بلدانهم ترفضها ايطاليا وينبذها سالفيني وسفن اخرى تغرق نتيجة ثقب سببه أمل من ألم في حياة كريمة بدولة أخرى ترفضنا ترفض حقنا في تحديد المصير .
لا يسعني سوى قول الآه واللطم آلاف المرات، كلما فتحت "جروب" او مجموعة على مواقع التواصل فأرى فيديوهات الرقص والمكياج وتحديد الكونتورينغ والحديث عن أتفه ما يمكن الحديث عنه تأخذ عشرات الاف اللايكات لتعبر عن عقول أغلب العموم،
وحتى تويتر يمضي فيه "الفولورز" وقتهم للشتم والسباب، شعوب عربية تتناحر على جدران افتراضية ، و#هاشتاجات تثير الشفقة على حالنا نحن العرب.
وحتى السناب شات يجعلك تتساءل هل كل العالم العربي اصبح يعيش سعيدا بلا فقر ولا جوع ولا ارهاب ولا قصف ولا وجع على القدس المحتلة وبغداد ودير الزور ولا يهمه اتفاقية الباقورة والغمر ولا يؤلمه ضياع تيران وصنافير ، هل اشقاؤنا العرب على السناب شات اصبحوا جميعا "فاشينيستات" واصحاب محلات افتراضية لما تيسر من "البودرة" والمنتجات والخلطات التي تبيض البشرة ولا تحفظ ماء وجوهنا كعرب؟ تلك هي المعضلة !
ومع ذلك فإن الفئة القليلة التي تعيش ألم واقعنا مازالت موجودة وكما يقول المثل "لسه الدنيا بخير" ، مازال هناك من يحاول جاهدا ان يذكر الافتراضيين بذل واقعنا وخيبة ما يعيشه كل عربي على هذا الكوكب، مازال هناك البعض ممن ينتقدون التضخم والبطالة والقروض التي اغرقتنا، مازال هناك من لا ينام دون التفكير في طفل شوهت الصواريخ براءته ومازال هناك من يحلم بيوم لا نرى فيه الدماء ولا نسمع فيه الرثاء والعويل والصراخ ، مازال هناك من يحب درويش وقباني والنواب واولاد حمد وفؤاد نجم ومازال هناك من يتذكر محمد الدرة والشهداء والمقاومة والاغتيالات وضحايا الاحزمة الناسفة والفقر الذي سببته الانظمة الفاشلة والغرق والسفن والطفل ايلان ، مزال هناك من يمكث امام التلفاز طويلا ليتقصى حقيقة ما تقترفه اجندات العالم الاخر في حقنا نحن العرب ... وكل التمني ان لا يندثر هؤلاء الانسانيون مع موجة العقول اللايت والفضفاضة الفارغة ..
مروى ذياب