العدوان الصهيوني الحالي الذي يشن على قطاع غزة هو ليس جديدا في سياسة الحكومة الاسرائيلية ذات التركيبية اليمينية المتطرفة فقد شن الكيان قبل ذلك ثلاث حروب دامية ولم يستطيع تحقيق أي هدف من أهدافه السياسية المعلنة في حين حققت المقاومة في كل واحدة منها صمودا كبيراً في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية المتطورة المدعومة بالموقف السياسي الأمريكي وفي هذا العدوان استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تثبت قدرتها على المواجهة وان تلحق خسائر في الجانب الإسرائيلي عجزت القبة الحديدية عن تعرض لكافة صواريخ المقاومة التي وصلت إلى عسقلان شمالا وإلى مشارف بئر السبع شرقا مما جعل حكومة نتنياهو تتخبط في الخيارات التي ستقوم بها فالتصعيد بمواجهة برية الذي يدفع بالأقدام عليه ليبرمان وزير الدفاع الذي عارض في الأساس اتفاقية التهدأة لن يحقق فيه الجيش الإسرائيلي اية نتائج عسكرية استراتيجية فعلى مدى ثلاثة حروب سابقة فشلت المؤسسة العسكرية الاسرائيلية في تدمير منظومة صواريخ المقاومة حيث لا تم انهيار مشروع المقاومة ولا تحقق الأمن على الجبهة الجنوبية للكيان الصهيوني ...في الظروف الحالية ليست في مصلحة الكيان الصهيوني التصعيد إلى حرب رابعة في وقت يحقق فيه مكاسب سياسية تتمثل في التطبيع الجاري على قدم وساق مع دول الخليج العربي آخرها زيارة نتنياهو إلى سلطة عمان وتوقع زيارة ثانية قريبة إلى مملكة البحرين ثم الإعلان عن مشروع ربط الكيان الصهيوني بدول الخليج العربي بشبكة سكة حديد توفر لها الاتصال بميناء حيفا على البحر المتوسط وإن شن حرب رابعة مدمرة تتواصل لأيام وربما لشهر أو أكثر كما حصل في الحرب الماضية عام 2014 ستضع دول الخليج في موقف مدان من كل شعوب المنطقة العربية كما أن الكيان لن يضحي ايضا باتفاقية التهدأة التي تم التوصل إليها لانها تعتبر ايضا مكسب ثان للكيان توفر له الأمن لمستوطنات غلاف غزة اما من الناحية السياسية فإنها تعمق التحول في طبيعة القضية الفلسطينية على مستوى الرأي العام الدولي من قضية سياسية تحررية إلى قضية إنسانية معيشية من خلال تخفيف الحصار على القطاع ومقايضة تدفق المال السياسي القطري والوقود لتشغيل محطة كهرباء القطاع بالهدف الرئيسي المعلن لمسيرات العودة وهو حق العودة للاجئين الفلسطينيين. .هكذا تم وقف العدوان الإسرائيلي بجهد مصري مكثف وبذلك دون أن يحقق الكيان الهدف منه وهو إظهار تفوقه في مجال الردع في اطار الصراع مع فصائل المقاومة في القطاع وتغيير معادلة الاشتباك القائمة منذ مدة على أساس القصف مقابل القصف والهدوء مقابل الهدوء ..غير أن ما ينبغي به الاهتمام به بعد هذا العدوان الغاشم هو ضرورة الإسراع في تحقيق المصالحة الوطنية باعتبارها تتويجا للصمود والقدرة التي تحققت في الرد على العدوان ولجمه في اطار الالتفاف الشعبي اللافت للانتباه الذي يدلل بجلاء على موقف سياسي يجمع بين المصالحة الوطنية والمقاومة في اطار الوحدة الوطنية.