الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة غي كتاب معجم طبقات المؤلفين على عهد الدولة العلويين بقلم محمد زيطان

تاريخ النشر : 2018-11-15
بسم الله الرحمان الرحيم
الموضوع: قراءة في كتاب معجم طبقات المؤلفين على عهد دولة العلويين
محمد زيطان باحث في سلك الماجيستر شعبة الدراسات العربية المغرب، تطوان .
تمهيد:

لقد لعب فن صناعة المعاجم دروا هاما في حفظ وصيانة الذاكرة الثقافية والعلمية للعرب والمسلمين، وقد اهتمت به البيئة العربية منذ عهد تدوينها للتاريخ الإسلامي، لذا نجد أن أغلب المؤرخين الأوائل كالطبراني، والبخاري، وابن عساكر، لم يركزوا في كتاباتهم التاريخية على سرد الوقائع والأحداث بقدر اهتمامهم بترجمة سيرة الرجال وأعمالهم.
كما يعتبر فن المعاجم من الفنون التي تجمع بين الفكر والتاريخ، فهذا التخصص الذي يهتم بالتأريخ لنشاط المجتمعات على المستوى الفكري والثقافي، يعد بمثابة خزان علمي يصون ويوثق أسماء الرجال ومؤلفاتهم وآرائهم، وقد تعرف عليه العرب منذ القدم، عن طريق كتب الحديث وكتب التاريخ والحوليات التي كانت ترصد إلى جانب الأحداث السياسية، حياة النبلاء من الكتاب والشعراء والأدباء.. مع ذكر مسيرتهم وأبرز مؤلفاتهم وشيوخهم، ويختص هذا العلم بذكر أهم الأعلام الذين أسهموا في جل العلوم المتداولة في عصر من العصور، بطريقة منهجية وعلمية ترصد حياة المؤلف وتفاعله مع عصره، مما يتيح للدارس التعرف على الفترات التاريخية التي عايشها الكاتب والتعرف أكثر على كتاباته وفق الظروف الاجتماعية، والسياسية، وبيئته العلمية.
فالكاتب هو بمثابة مرآة تعكس الدورة التاريخية التي عاش فيها، ولولا صنعة المعاجم لما وصلت إلينا مؤلفات الرجال وأهم الأعلام الذين صنعوا التراث بأعمالهم. ويشكل الحصر الببليوغرافي للإنتاج الفكري والأدبي حلقة أساسية، داخل سيرورة تمثل تاريخ الأفكار ومسار إنتاجها.
وقد اخترنا اليوم الوقوف مع معجم حاول فيه صاحبه حصر جانب من حركية التأليف في المغرب العلوي، في مختلف المجالات والميادين الدينية، والأدبية، واللغوية، والتاريخية، والطبية وغيرها. ليغطي بذلك فترة زمنية شاسعة تمتد من القرن التاسع الهجري، إلى العقد السادس من القرن الرابع عشر الهجري .
وهو عمل جليل ومشروع حسن، مكن معظم الباحثين والدارسين للأدب المغربي في التعرف على طبيعة ولون أدبهم، ليكملوا بذلك السيرورة التاريخية في حفظ وتكوين تراث لطالما اتهم بتأثره بالتيارين المشرقي والأندلسي، وليبرز بعد ذلك رجال مثل ابن زيدان حاولوا تفنيد هذا الاتهام الفكري وإماطة اللثام عن تراث أمة لعب فيها المشرق دور الأستذة لفترة محددة، لتنفصل عنه بعد ذلك بأعمالها الذاتية، ولتبقى هذه الأعمال الموسوعية الكبرى التي تجمع المتفرق بمثابة لبنة للباحث الذي يرمي للمساهمة والدفع بالسلم الحضاري إلى مستوى أفضل.


وقفة مع عنوان الكتاب:

لقد حاصر المؤلف عنوانه بحصر موضوعي، وزماني، ومكاني، وقد جاء العنوان منسجما مع طبيعة الموضوع المتناول في البحث، وهو بمثابة إشارة للشروط المنهجية التي سيعتمد عليها الكاتب في جرد طبقات المؤلفين، ومعنى المعجم هنا والمتداول في اللغة هو ما يأتي مرتبا على حسب الحروف أو الأعوام، كما هو الأمر في باقي المعاجم الأخرى مثل معجم العين للفرائضي، ومعجم الأدب للحموي...
وقد اعتمد المؤلف في مشروعه إلى تقسيم العنوان إلى شروط الكتابة، وهي كالتالي:
 الشرط الأول: شرط معجمي، أي ذكر الكاتب للمؤلفين على حسب ترتيب أسمائهم.
 الشرط الثاني: شرط طبقي، أي أن الكاتب سيلتزم بنظام الأجيال في عرضه للمؤلفين كل حسب طبقتهم الزمنية.
 الشرط الثالث: شرط إبداعي، وهي أن يكون المؤلف المذكور صاحب عمل أو أكثر.
 الشرط الرابع: شرط زمني، وهو ما معناه أن ابن زيدان سيقوم بجرد للمؤلفين المعاصرين للدولة العلوية فقط.
ومن هنا أمكن القول أن ابن زيدان كان موفقا في اختيار عنوان شارح لمنهجيته المعتمدة في تدوين مشروعه المكتباتي، وبذلك فإن المتن المدروس لن يخرج عن هذه القواعد وسيكون غرضه هو حصر للكتابات العلوية المتضمنة لجميع المواضع العلمية.
نبذة عن الكتاب والكاتب:

من المعلوم أن أي أمة من الأمم تحتفظ بأسماء في ذاكرتها العلمية، وقليل هم من استطاعوا أن يظلوا دائمي الحضور حتى بعض رحيلهم، وذلك لما خلفوه من مشاريع وأعمال كانت تصب في مجملها للنهوض بالفكر الإنساني والثقافي. ومؤلفنا من أهم الأعلام الذين شغلهم الشغف العلمي والهم التراثي. وذلك لتربيته ونشأته في جو علمي وخصوصا وسط بيئة تعتبر من أهم الأسر الشريفة في بلاد المغرب.
وهذا هو حال عبد الرحمان إبن محمد بن عبد الرحمان بن علي بن محمد بن عبد الملك بن زيدان بن السلطان إسماعيل بن الشريف بن علي الحسني العلوي . ولد في ربيع الثاني عام 1295هـ، موافق أبريل-ماي 1878م ، بقصر المحنشة بمكناس ، ولطالما شكل هذا القصر السلطاني فضاء لتربية إبن زيدان ولتكوينه الأول ، حيث حفظ فيه القرآن الكريم على يد والده محمد بن عبد الرحمان، كما تلقى دروسا بالضريح الإسماعيلي بمكناس على يد محمد بن عبد الهادي الفيلالي، والطيب بن العناية بنونة ، ثم على يد عدد من علماء مكناس وفاس اللذين حصل فيهما إبن زيدان على إجازات عديدة كما حصل على إجازات أخرى من علماء القرويين، ومن أهمهم أحمد بن الخياط الزكاري ، و محمد بن جعفر الكتاني ، ومحمد بن قاسم القادري. و تعد مرحلة دراسته بفاس ، محطة هامة على مستوى مسار تكوينه وذلك لما لعبته فاس من وضعيات متعددة على المستويين الروحي والعلمي وكفضاء سياسي واجتماعي .
وقد اختار ابن زيدان مسارا مغايرا بعيدا عن الوظائف الإدارية والمخزنية، وعمل على التفرغ خلال فترة كبيرة من حياته للتأليف والنشاط العلمي والمجالسي. وقد تولى وظائف عديدة من بينها: نقيبا للأشراف العلويين في *مكناس وزهرون* من طرف السلطان مولاي عبد العزيز وهو في العشرين من عمره، وعين مديرا عربيا للمدرسة العسكرية بمكناس وقد حرص على تحقيق تواصله مع محيطه الثقافي والعلمي سواء خارج المغرب أو داخله ، وذلك عبر رحلاته المشهورة الخارجية منها أو الداخلية . و لم تكن أسفاره في غالب الأحيان للسياحة، بقدر ما كانت للتعلم ولقاء الشيوخ وعلماء المناطق التي يزورها ، كما عمل على حضور مجالسها العلمية والحصول على إجازات بعض من علمائها. وقد خلّف إنتاجا علميا وأدبيا غريزا ، من كتب و مقالات وقصائد ومحاضرات ، نذكر منها:" إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس"، "العلائق السياسية للدولة العلوية " ، " محاضرة الأكياس بملخص تاريخ مكناس " وكتابه "معجم طبقات المؤلفين على عهد دولة العلويين" .
توفي رحمه الله يوم السبت 21 ذي الحجة عام 1365 ه موافق 12 نوفمبر 1946 م، ودفن بالضريح الإسماعيلي في مكناس، وقد شارك المغفور له الحسن الثاني وكان وليا العهد يومئذ في جنازة ابن زيدان.



بنية الكتاب:

يشمل" معجم طبقات المؤلفين على عهد دولة العلويين" على1712 عنوان في مختلف مجالات الإنتاجات الفكرية، سواء تعلق الأمر بالفقه وأصوله ، أو الأدب ، أو اللغة والبلاغة، أو التاريخ أو الحساب " . وهو يغطي جانبا من مصنفات علمية عديدة بلغت 385 مؤلّفا ، لرجال عاشوا ما بين القرن التاسع الهجري ، إلى فترة حياة ابن زيدان ، الممتدة إلى منتصف العقد السادس من القرن الرابع عشر الهجري . وقد توزعت هذه المصنفات على عدد كبير من المخطوطات، تماشيا مع طبيعة المرحلة التي شملها المعجم ، ويوجد بها عدد من المطبوعات الحجرية ويندرج هذا العمل ، ضمن مكون الترجمة ، الذي عده ابن زيدان كجزء من كتابته التاريخية ، وذلك ينسجم مع تصوره لعلم التاريخ.
لقد بنى محقق الكتاب مشروعه على تقسيمات ثلاث، منتظمة في جزأين، كل قسم له جانبه الخاص في هذا المشروع البيبليوغرافي. حيث توزع القسم الأول من الكتاب على أربعة فصول، اهتم الأول بالتعريف والترجمة للمؤلف، لا ترجمة لحياته فقط وإنما لإنتاجاته العلمية والأدبية بما فيها كتابه هذا "معجم طبقات المؤلفين" وقد عمل فيه المحقق أيضا على توضيح المفاهيم والشكل المنهجي الذي سيبنى عليه العمل التحقيقي والدراسي.
أما القسم الثاني من المشروع ، فقد خصصه المحقق لدراسة المعطيات البيبليوغرافية وذلك في إطار مقاربة ببليوميترية لمختلف مجالات الإنتاجات التي يغطيها المعجم، ولم يكن بالمقدور تفريع هذا القسم إلى فصول عديدة نظرا لطبيعة المقاربة ولتنوع المجالات التي بلغت أربعة عشر مجالا.
أما عن القسم الثالث الذي شغل الجزء الثاني والأكبر من الكتاب، فقد خصصه لتحقيق المعجم ولمختلف فهارسه.
ومن هنا وبعد الاطلاع على هذا التقسيم المنهجي الذي وضعه المحقق للمتن المدروس، أمكن القول أن متن النص كان متوازنا ضمنيا مع ما أضافه المحقق من حواش مثقلة ومن تخريج دقيق لمضمون النص المخطوط الذي يوجد في نسخة فريدة ، ضمن محفظة جلدية بالخزانة الحسنية ، تحت رقم 12564 ، ويتوزع هذا الأخير على جزئيين ، يضمان 555 جذاذة غير مسفرة، وبأحجام وخطوط مختلفة.
كما اعتنى المحقق أيضا بترتيب الصفحات وترقيم التراجم، وضبط المتن ، وصناعة الهوامش ، وتخريج الشواهد، وتحويل التواريخ ، ورموز التحقيق وصناعة الفهارس. أما عن المنهج الببليومتري وهو غرض المحقق الرئيسي من المشروع ، فقد عرفه الكاتب بأنه : منهج ممتد لمسارات تطور الدراسات المهتمة بالإحصائيات الببليوغرافية، وفي هذا الإطار يتم تمثل المقاربة الببليومترية باعتبارها الرابط بين مجالي الببليوغرافية ، وعلم الكتاب.
ومن أهم نتائج هذا المنهج الببليومتري في المعجم المحقق، نجد أن، الفقه وأصوله ، شكّل 442.7 عنوان ، وهو ما يناهز نسبة 25.82 % من مجمل الإنتاج الذي يغطيه المتن الرئيسي. وقد حضي الفقه باهتمام كبير لارتباطه أساسا بمجالات الحياة اليومية، وبالواقع الاجتماعي.
وأما علم التصوف فقد بلغ عدد مصنفاته إلى 297 عنوان ، أي نسبة % 17,30 من مجمل الأعمال التي يحصرها المعجم ، ونجد في مجال علوم اللغة أن عدد المصنفات قد بلغ 151 عنوان ، من
مجمل الإنتاج ، وكذا البلاغة والعروض ، وكل ما يندرج ضمن الأدب من حكم وشعر وأمثال ، ومقامات وخطبة .
أما عن السيرة النبوية فبلغ عدد المصنفات فيها 83 عنوانا ، شغلت % 4,85 من مجمل الإنتاج الذي يحصره المعجم ، كذلك هو الحال مع كتب التعليم و الكتابة ب 84 كتابا.
وفيما يخص علوم القرآن فقد بلغ العدد فيها إلى 66 عنوانا، أما الحساب والهندسة والفلك فبلغ عددها إلى 56 عنوانا .
ليبقى الجزء الثاني من الكتاب، محددا لذكر المؤلفين على عهد دولة العلويين ومن أهم هؤلاء أحمد الرهوني ، و كتابه " عمدة الراويين في تاريخ تطاوين ".. وأحمد بن خالد الناصري ، وكتابه " الإستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى ". و أبو سالم العياشي مع رحلتاه الكبرى والصغرى ، وفهرستان "تحفة الأخلاء في أسانيد الأجلاء " و " مسالك الهداية إلى معالم الرواية".
وقد اشتمل -الجزء الثاني- على فهرسة للمصادر والمراجع المعتمدة في الدراسة والتحقيق وفهرسة للمصنفات الواردة في المتن ، كما خُصص لتحقيق معجم عبد الرحمان ابن زيدان وضبط وإضاءة معطياته الببلوغرافية التي تغطي جانبا هاما من حركية التأليف بالمغرب، في مختلف المجالات الدينية والأدبية واللغوية والتاريخية والطبية وغيرھا، وذلك خلال مرحلة تصل إلى سبعة قرون، ممتدة من القرن الخامس عشر الميلادي إلى العقد الرابع من القرن العشرين الميلادي.


خاتمة:

شكلت هذه الدراسة المتواضعة للكتاب، فرصة مناسبة لتعميق معرفة الطالب الباحث العربي والغربي عامة والمغربي خاصة، وفتح الآفاق لرسم تكهنات مستقبلية ترقى بالمغاربة إلى درجات العُلا...
ونوجز القول فنقول بأن "معجم طبقات المؤلفين على عهد دولة العلويين" لعبد الرحمان ابن زيدان يُقدِم لنا صورة تحتفظ بكثير من نقط التقاطع مع بنية التأليف خلال المرحلة التي يغطيها. وهي بنيةٌ تطبعها علامات مضيئةٌ وأخرى باهتةٌ أحيانا، لكنها تحتفظ، في جميع الأحوال، بإجابات مفترَضةٍ عن كثير من الأسئلة التي يطرحها واقعُ الكتابة بالمغرب الراهن.
وختاما نقول بأن هذا العرض، شأنه في ذلك شأن أي عمل آخر، يحاول أن يرقى إلى مستوى أفضل رغم كونه يتحمل حظه من الخطأ و الصواب.
والله تعالى أعلم وبالله التوفيق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين .
بقلم محمد زيطان
تطوان 14 نونبر 2018
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف