الأخبار
تفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطيني
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

برتقال يافا أطيب من قصب السكر وبياراتها شكلّت أهم الاستثمارات

تاريخ النشر : 2018-11-12
برتقال يافا أطيب من قصب السكر وبياراتها شكلّت أهم الاستثمارات
برتقالة يافا أكثر بكثير من ثمرة مذاقها معسول فهي سلة أسرار التطور

الاقتصادي –الاجتماعي – الثقافي في « عروس البحر « ومن عوامل تطور مينائها واجتذابها آلاف العاملين من فلسطين وبلدان عربية وهي واحدة من أبرز وأجمل رموزها التي تدحض مزاعم الرواية التاريخية الصهيونية. ازدهرت بيارات يافا في السهول الممتدة باتجاه اللد والرملة وغزة وطول كرم وهناك من يقول إن بيارات يافا تعني كل مزارع الحمضيات المنتشرة بين عكا والعريش. ويوضح المؤرخ محمود يزبك لـ « القدس العربي» أن بيارات يافا شكلّت أهم استثمارات تجار يافا والتي احتاجت للأرض وحفر الآبار وبناء نظام للريّ والإنفاق عدة سنوات قبل جني الأرباح وعادة ما تؤتي الشجرة ثمارها بعد سبع سنوات من غرسها. ويقول إن أغلبية بيارات تجار يافا تركزت عند مطلع القرن التاسع عشر في منطقة قريبة من نهر العوجا( نهر اليركون بالتسمية الإسرائيلية وهو ينبع من مستودع مائي في منطقة راس العين الجبلية بمحاذاة كفر قاسم). منوها أنها كانت بعيدة عن المدينة وقريبة من المناطق الواقعة تحت سيطرة قبيلة أبو كشك التي شغلت طواحين نهر العوجا ونقلت صناديق الحمضيات بقوافل الإبل من البيارات للميناء.

سكنات يافا

ويؤكد يزبك أيضا أن زراعة الحمضيات تشكل أهم أسباب تدفق العمال من مصر،السودان ،سوريا،لبنان،الأردن،العرق بل اليمن وكانوا أول من أقام في قرى خارج أسوار يافا صارت تسمى سكنات.
ومن أبرز هذه السكنات : سكنة العبيد،إرشيد، العجمي،المسلخ،الجبلية،أبو كبير،درويش، الحلوى، العراينة،الدنايطة،تركي،السبيل
 ،الهريش، المطرية،المنشية،العزم،حماد،كرم التوت،صميل،الغزازوة وغيرها من السكنات التي صارت أحياء في يافا ودمرتها إسرائيل عام 1948. ويستذكر يزبك أنه بسبب الطلب المتصاعد على الحمضيات في البلاد وفي تركيا ومصر وأوروبا تضاعف استثمار التجار بها وقدم بعضهم من نابلس والقدس وبعضهم من لبنان. وينوه يزبك إلى أن بيارات الحمضيات تحتاج لكميات كبيرة من الماء مصدرها المياه الجوفية ونهر العوجا.

شهادة تاريخية

وعن نظام الري قدم الشيخ إسماعيل أبو شحادة،أبو صبحي(95) لـ « القدس العربي « شهادة واسعة عن بيارات يافا التي عمل فيها مخبير بماتورات ومضخات الآبار فقال بلهجة اعتزاز « في البدايات كنا نروي البيارات بواسطة الساقية التي يسحبها جمل أو ثور يساعدنا في استخراج الماء من الآبار. ويضيف « يافا أنعم الله عليها بماء جوفي بعمق عدة أمتار فقط . هكذا ربنا خلقها مية قريبة بينما بقية الآبار في البلاد الأخرى على عمق أكبر». منوها أن 1922 كانت سنة فارقة لدخول المضخات والماتورات وبالتالي تضاعف عدد البيارات ولكل بيارة بئر «. وعن تجربة أسرته في الحمضيات يضيف» كنا نملك بيارة بمساحة 18 دونم في « كرم الدلق « داخل سكنة درويش وبيارة أخرى بمساحة 22 دونم في دوار أبو كبير وفيها اليوم مدرسة أورط وقد صادرتها إسرائيل في 1965 مقابل تعويض بسيط بينما البيارة الأولى صودرت دون أي تعويض «.

من الشموطي حتى الخشخاش

وردا على سؤال يعدد الأصناف: البرتقال اليافاوي، برتقال ابو سرة، برتقال فلنسيا، برتقال دم الزغلول،الكباد،البوملي،الجريب فروت، الكلمنتينا والمندلينا ويوسف أفندي، الليمون الحلو، الليمون الحامض، الخشخاش والبرتقال الصغير الذي يؤكل مع قشرته و يؤكد أن أطيب فاكهة في العالم هي برتقال الشموطي شهي المذاق وغني بفيتامين سي لافتا إلى أن أكبر حبة تدعى الفاحش(الكبير) والصندوق الواحد يتسع لـ 120 منها،أما البرتقال المتوسط فيتسع الصندوق لـ 180 حبة منها والحجم الأصغر منها 210 برتقالة في الصندوق الواحد.

زراعة الحمضيات

ويروي بحنين غامر العمل في فرع الحمضيات فقال إن هناك زارع ومالك للبيارة وهناك ضامن للبيارة الذي يقتني البرتقال، وكان مالكها يشترط على الضامن أن ينتهي القطيف نهائيا في أول شباط لأن الأشجار تزهر عندئذ مجددا. ويستذكر أن موسم القطيف ثلاثة شهور من تشرين ثاني/نوفمبر حتى كانون ثاني/يناير،يمتد فيها موسم قطع البرتقال أي القطيف وفلسطين من» الحد للرد « تعمل كلها في فرع الحمضيات.ويتابع» والدي كان تاجر « زرنوءة» أي تاجر برتقال صغير لكنه كان يربح». ويشير إلى محطات الإنتاج بالإشارة لـ « مشاغل» داخل ولجانب البيارات :
المشغل الصغير : كان يشغّل 60-70 عاملا ومنهم من يعمل في القص ويعرف بـ « القصيص» ومهمته قطف البرتقال
وكل قصيص يحتاج لحمالين إثنين ينقلان سلال البرتقال من الشجر لمركز التعبئة بسلال منجدة. ويؤكد أبو صبحي أن البرتقال عزيز ونقله وتفريغه يتم بهدوء كي يبقى سالما بدون خدوش. وعن بقية عملية الفرز والشحن يضيف « يفرشون حصرا ومخدات طويلة لمنع تراكم البرتقال على بعضها. يأتي « نقيد « ليعاين كل ثمرة ويختار الثمر الملائم للتصدير ومن هناك تنقل لعامل آخر يدعى « عييد « الذي يعيد معاينة البرتقالة ويرميها للإمام لتصل لـ « لفيف « الذي لفها بالورق الخاص وكان يستطيع لف 10 آلاف حبة باليوم… فيداه كماكنة الخياطة ومنه تنتقل الثمار لـ « ستيفادور» الذي يعبئ الصندوق بطريقة فنية واحدة فوق الأخرى وهو يقرر أي نوع من الصناديق الثلاثة.
وعن بناء الصناديق الخشبية فقال أبو صبحي بذاكرة حيّة جدا إن الصناديق كانت تصل كـ ربطات خشبية : يصنع النجارون المبتدئون جوانب الصندوق والقاع ومن ثم يتم لفّه بـ طوق من خشب الكستنة. لافتا أنه بعد تعبئة الصندوق بالبرتقال هناك من يتولى رفع صناديق للنجار «المعلم» الذي يطّوقه( بطوق الكستنة ) ويستكمل إغلاقه بالباب ويسّمره. ويستذكر أطوال الصندوق الخشبي: مربعه 40 على 40 على متر. ثم يتم رفع الصناديق للماركة حيث تحمل لوحة الماركة بالإنجليزية عدد البرتقال ونوعه وجهة التصدير وعنوان « برتقال يافا «. بعد ذلك نقل البرتقال بالجمال ومن ثم بالسيارات الصغيرة والشاحنات لميناء يافا.
موضحا أن هناك مشاغل كانت تنتج 200 صندوق وهناك مشاغل أنتجت 700 صندوق وأكثر باليوم وأنه على باب الميناء يحضر موظفو وزارة الزراعة لفحص جودة البرتقال وبحال اكتشافهم « حبة سقط « واحدة يعيدون كل الحمولة.

الزوارق والسفن

منوها لشحن البرتقال للبابورات بواسطة « الجرومة «( 100 صندوق) أو « الماعونة( 200 صندوق) وهي تعمل بالمجاديف وعرفت بـ « الفلوكات «،وهناك رافعة ترفع صناديق البرتقال من الزوارق الصغيرة هذه للبابور.
وردا على سؤال آخر يشير لوجود تجار كبار في يافا ممن صدروا 10 آلاف صندوق وهناك من صدر نصف مليون صندوق.
وما زال أبو صبحي يحن لبرتقال الشموطي بشكل خاص ويقول إنها حبة ناصحة ورائحتها « بتفرفح القلب قشرتها خميلة ومذاقها من الخيال.. و الفرنساوي أيضا أحلى من قصب السكر «. كذلك يوضح أن صناعة عصير الحمضيات كانت أكثر انتشارا لدى اليهود أما بيعه بالمفرق في الشوارع والدكاكين فكانت رائجة جدا في يافا.

غزة ويافا

وبشأن المعطيات يشير القنصل البريطاني في تقرير عن يافا في 1881 أن الاستثمارات في بيارات البرتقال تعتبر أكثر الاستثمارات ربحا ودخلا. وفي العام المذكور قد قدرت القنصلية الأمريكية في يافا عدد البيارات في يافا ومحيطها بـ 500 بيارة وعدد أشجارها بنحو 800 ألف شجرة وخلال ثلاثة عقود تضاعفت الأعداد أربع مرات وفي فترة الانتداب البريطاني بلغت تجارة الحمضيات ذروتها وتقدر مصادر مختلفة أن 30 مليون صندوق برتقال خرج من ميناء يافا في كل موسم كما يؤكد أيضا فخري جداي الصيدلاني الراحل ابن يافا وعاشقها في كتابه « يافا عروس البحر».
كما يقول إن 70٪ من هذا البرتقال وصل إلى أسواق بريطانيا وإن 1888 شهد بناء ميناء صغير في يافا مما نشط التجارة الفلسطينية. ويقول إن برتقال يافا يلقى رواجا عالميا منذ العام 1900 فيما كانت غزة تصدر الشعير لمعامل الجعة في ميونيخ في ألمانيا إضافة للزيت والزيتون والصابون والجلود. وقد عمل نحو 100 ألف عامل عربي في فرع الحمضيات.

البرتغال والبرتقال

وحسب روايته فإن زراعة» البرتقال الشموطي» في يافا بدأت في نهاية القرن الثامن عشر بعدما جلب العرب خلال الفتوحات شجرة البرتقال المرّ- الخشاش. وفي فترة الحملات الصليبية حمل التجار الإيطاليون والفرنسيون البرتقال لأوروبا وأصبح اسمه «أورانج» وهي كلمة فارسية في الأصل. ويضيف « حتى ذلك الحين لم يكن البرتقال العادي الحلو معروفا في الشرق الأدني وأوروبا وكان البحارة البرتغاليون مكتشفو رأس الرجاء الصالح هم أول من اكتشف البرتقال في هندستان فحملوه معهم للبرتغال ومن هناك اشتهر البرتقال وعرف في أوروبا باسم « التفاح الصيني» وهو حتى الآن معروف بهذا الاسم في هولندا وعرف أيضا بتسمية برتغالي وبالعربية برتقال وقد زرع هذا النوع في فلسطين وصار يعرف بـ « البلدي «. ويوضح أن تربة يافا متنوعة ومنها رملية خصبة ومنها طينية ثقيلة وتستقر مياه السماء فيها على عمق عدة أمتار مما يسهل استخراجها للري.

شهادة مونتيفيوري

وفي 1900 تم إدخال زراعة « الكريب فروت « من المستعمرات البريطانية في الهند الغربية منوها أن « الجريب فروت»،«الليمون» والمندلينا شكلت مجتمعة 10٪ من مجموع صادرات الحمضيات فيما شكل البرتقال البلدي 10٪ منها وكان مخصصا للاستهلاك المحلي. ويشير إلى أن فلسطين تصدرت قائمة مصدري الحمضيات تلتها الولايات المتحدة بنصف الكمية ومن ثم إسبانيا فقبرص ومصر والجزائر. ويعزو جداي ازدهار فرع الحمضيات الذي شكل عماد الاقتصاد في يافا إلى الأراضي الرملية والطينية الخصبة ولوفرة المياه الجوفية لافتا إلى قيام الصهيونية باقتلاع عدد هائل من البيارات بعد اقتلاع أهالي المدينة عام 1948.
ويتوقف الثري البريطاني اليهودي الصهيوني موشيه مونتيفيوري في مذكراته ليافا بعصرها الذهبي بالقول « أول زيارة له لفلسطين بالقول « شوارع يافا مستقيمة ومعبدة وتنمو في بساتينها أشجار التين والرمان والبرتقال الجميل وهو شيء لم نره من قبل. تعمل وسائل الري في البيارات بصورة محكمة وبذكاء فالشجر مزروع بخطوط مستقيمة ويجمع الماء في بركة ومنه يصب في قنوات بنيت من الحجر وزرع الصبر كسياج حول كل بيارة «.
استودعنا الشيخ أبو شحادة وقد أدمت الذكريات قلبه فأنهى الحديث وهو يردد مطلع قصيدة محمود درويش عن مدينته المدللة يافا:
اعيدوني الى بيتي
الى مدى يداعبني
الى صدى يعاتبني
الى يــــــــــــافا
لمسجدها لموقفها
لقبر نام هناك
امجده اخلده
ازرع له حبا يزينه
اعيدوني الى يافا
عروس لاحت بحليتها
وكأن رمالها سوسن
وكأن دمائها عطرا
وكأن قميصها زهرا
وكأنني اموت بها شوق










 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف