الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دراسة نقدية لديوان "جداريات الموت والحياة" للشاعر خالد محمد صافي بقلم: أ. روان أحمد شقورة

تاريخ النشر : 2018-11-05
دراسة نقدية لديوان "جداريات الموت والحياة" أ. د. خالد صافي .
أ‌. روان أحمد شقورة.
في هذه اللحظة من الزمان ، خطت أناملي نقدا منهجيا تكامليا لديوان "جداريات الموت والحياة"؛لإيماني العميق بأهمية النقد لشعراء، فإن لم ينقذوا سيردموا على هاوية التاريخ؛ولإيماني المتجذر في قضية الهوية الإنسانية الفلسطينية.
فسأضخ عقلي وقلبي " لقصائد نثرية" جسدت إيقاع الرصاص على الإنسان المقصوص الجناح، وسأتجاوز كل العصور،وأسمو على ذاتي؛لأناج كل إنسان لاجئ بائس فقير متعطش لإنسانيته...
ومن خلال دراستي لقصائد الشاعر، توصلت إلى مدى فاجعة التجربة الإنسانية المريرة الزمنية المحاطة بالموت الصامت في غياهب الظلام ، وهذا يعكس (الصدق الفني) لتجربة الشاعر، وذلك يتمثل: في قصيدة "ملحمة صمود"
يعانق الموت
أجساد والنساء والشيوخ
يتحول الأسماء إلى أرقام
جنازات قبور
فغزلت الكلمات من رحم المعاناة بلغة فنية بسيطة وعميقة ذات دلالة موحية، فقد عبر الشاعر بصيغة الفعل -يعانق يتحول- الموحي بتجدد واستمرار نصب المشانق البربرية على الفئات المهمشة ، حيث جسد حدثها بوحدة عضوية موضوعية دموية، حين تتحول الأشلاء إلى أسماء ثم إلى أرقام منكرة؛لكثرتهم وإنكارهم من قبل أعداءهم وأصدقاءهم ،ثم تنصب شوادر لجنازاتهم، ويردمون في قبورهم ، فأمام هذا المشهد الدرامي المأساوي تصاب برعشة البكاء المفتق لروح.
وقصيدة "صبرا آل ياسر"
نراكم في تجاويف
الذاكرة
آلامنا
آهاتنا
أحزاننا
فعبر الشاعر عن اللا شعور الجمعي الواقعي لأبناء وطنه ، ونطق بوجدانهم ببناء شعري تصويري سردي، حيث تراكم الفعل المستمر في تجاويف ذاكرتهم بالآلام ،وأكده بنتائجه -آهات والأحزان-، وكرر- نا الجمع- للمشاركة الوجدانية، والتنفيس الشعري والإيقاع النغمي.
ويشهر الديوان عن الهوية التاريخية لشاعر، حين سطر وثائقه الشعرية؛خوفا من التباسها على مر الزمان من قبل من يملكون زمام التاريخ ، ويظهر ذلك في قصيدة "بكاء الأشلاء"
هنا في غزة
تبكي الأشلاء
على تواطىء الأشقاء
وهنا انعكاس لمعركة دموية أحادية ، نقشت بأشلاء البشر ودماءهم من قبل المتواطئين والمحتلين.
وقصيدة"قصف ذاكرة الشهداء"
هنا في غزة
تدفن حقوق الإنسان
فقد تم إقصاء حقوق الإنسان الفلسطيني من قبل رافعي شعار حقوق الحيوان.
وقصيدة" أتلال الركام"
نشتهي الموت
هربا من حمم الجحيم
تجف ينابيع الأمل
تفتح على أشرعتها أبواب اليأس
تسربت الأحلام هاربة
مع أسراب الحمام
لم يتبق سوى القصف والدمار
أتلال الركام
فقد عبر الشاعر عن اللحن الأخير من سيمفونية الحمم المصبوبة على الأرواح، والحياة، والأمل، فقد انقلبت الغريزة، وسلبت من الإنسان إنسانيته العاشقة لحياة الخلد الآدمية، ودفن سراب الأمل في تلال البراكين.
وكم من الأسطر، سطرت ثورة الشاعر الاجتماعية، مثل: قصيدة " قم يا وطن"
قم يا وطن
انتفض
على وطء الخنوع
فقد امتطى الشاعر صهوته ثائرا على الرضوخ ، والخنوع، والاستسلام،ودعا إلى الانتفاض، وفض الغبار على الذل والعار، بأسلوب إنشائي -لا يتطلب حكم - أمر " قم انتفض" نداء " يا وطن" .
وخالد الشاعر ترافع، وتسامى عن جلدة الطين ، حين ناشد أخوه الإنسان ، ونضبت أيديولوجياته السياسية والحزبية و الحدودية الزمانية والمكانية، وأخلصت لترابها نحو أرقي أفق الإنسانية ، مثل: قصيدة" أبنيتي"
أبنيتي
دعينا نقهر التردد
فينا الحزن الذي يلحقنا
كي نعيش لحظة فرح
فقد خاطب الشاعر بلغة الأب الحالم صغيرته -ابنته الإنسانة في كل مكان وزمان- المترددة والملتحفة باليأس مناشدها بأن النور سينبثق من حلكة الظلام .
وانتقيت قصيدة "أوسمة الشهادة"لتكشف عن هوية الشاعر الفنية الأسلوبية : هنا في غزة
تمشي النخوة
بين الأزقة والحارات
بين الجياع والجرحى
يتبدد الجبن
تحت فوهة المدافع
هنا في غزة
كل شيء استثناء
تختلف الأدوار
يولد الوليد فتى
يصبح الفتى شابا
والشاب رجلا
الرجل كهلا
والكهل شيبا
هنا في غزة
فمن خلال استقرائي لدواوين الشاعر،بلورت شخصية الشاعر وأسلوبه من خلال قصائده النغمية الفرحة والحزينة المتمثلة: في تحرر الشاعر من القوالب التقليدية الكلاسيكية(الوزن العروضي)؛لنشر طوفان الوعي الإنساني الذي يغير الأقدار الأليمة، والمصائر الضائعة، ولكن اعتمد على الموسيقى والحلية الداخلية مثل تكرار؛لفائدة معنوية، مثل تكرار الأحرف الحلقية المهموسة (الحاء والخاء) لدلالة على حشرجة الصوت الحزين، وهمسه وعدم القدرة على الجهر؛لقواه المستنزفة ، وتكرار كلمات " الفتى الشاب الرجل الكهل الشيب" للبناء القصصي الموجع ، وتكرار الجمل مثل " هنا في غزة" للإشارة على ظرفية الجرائم في غزة ، والتكرار في جميع القصائد؛لدلالة على تكثيف التجربة الشعورية المثمتلة في معركة الوجود" الموت والحياة "، السجع " عاشقون خاشعون"، والجناس اشتقاقي " نصلي صلوات" لإحداث نغم موسيقي ، الصور الشعرية "البيانية" مثل: تمشي النخوة : استعارة شبه النخوة بالإنسان يمشي بين الحارات،ويمتاز أيضا بالوحدة الموضوعية العضوية " معركة قائمة على الموت والحياة" فقد جاءت قصائده ملتحمة لحمة واحدة؛لتعبيرها عن تجربة شعورية واحدة، نظمت بشكل شبه يومي على إيقاع الجثث، ويمتاز بالوضوح والألفاظ العامية " فتى شاب حارات أزقة ..." التي تسمو من المألوف اليومي إلى مستوى كلمات مؤثرة، وعلى الرغم من واقعية القصائد إلا أن تأثره بالشعراء الرومانسيين، أكسب قصائده إحساسا ورقة وخيالا جامحا حتى في قصائده الوطنية الدموية، مثل:" هنا في غزة"
نزين أكفان شهدائنا
بالورود نعزف على خيوطها
سيمفونية الأمل في فجر جديد"
أما من حيث مضامين: مضامين تحمل فكر عميق متشعب ما بين إنساني و تاريخي واجتماعي ونفسي وسياسي .
وعندما طويت الديوان، وقفت متأملة أمام النص: هنا في غزة
نقشت أنامل الموت
في ذاكرة الطفولة
جدارية العيد الحزين
تراقصت الأشباح على الأراجيح
المخضبة بالدماء
على أنغام نعيق البوم
الجاثم في المكان
هنا في غزة
فقد نسج الشاعر بناءا دائريا أسطوريا في ملحمة تراجيدية لموت البراءة.
حيث وجه الشاعر: خطابا بالإشارة بواسطة (هنا) اللحظية إلى كل حي"نزعة إنسانية" ؛لينظر في "ظرفية" غزة، واستمر بالإشارة بواسطة الفعل الماضي "نقش "الموحي بالرسوخ والثبات، رسوخ استعاري: حيث حلت الأنامل محل الإنسان، رسوخ مجاز:حيث ذكر البربري القاتل بأنامله، ولكنه أراد آلته الصهيونية، " في" ظرفية مكررة تفيد الاستمرارية المسرحية التراجيدية في ذاكرة الطفولة، وهنا اتضحت الخاطرة الدموية بالتضاد المعنوي فالعيد المصاحب للفرح ،ولكن في الواقع الفلسطيني اللاواقع، انقلبت الموازين، فالتصق الحزن بالعيد التصاق الجسد بالروح ،و" الحزين" صفة مشبهة تدل على التماس بالموصوف، وأيضا جاء الرقص المألوف بالسعادة على غير طبيعته، فتأرجحت وانعكست المفاهيم في هذا النغم السوداوي، فصار الرقص على أشباح الأرواح المتأرجحة بالنقاوة والطهارة الملطخة بالدماء، وانتهت القافية بالحاء المهموسة " أراجيح، أشباح "المرتجفة من آلام أنغام النعيق للبوم، وهذا رمز للموت بل أسطورة جماعية ملتحفة متربصة لأهل غزة، وأكثر الشاعر من استعمال صيغ الجمع " الأشباح الأراجيح الأنغام الدماء"لدلالة على عظم ونزيف الملحمة الدموية، ورسم كلماته ب"أل التعريف "للعموم وشمول الكارثة على أهلها،واعتمد على الصورة الكلية على البناء اللولبي: من خلال اللون الأحمر لدماء، والحركة للرقص، والصوت للنغم، وجاء الامتداد في "الألف والياء" لامتداد المعاناة والآهات، وكرر الأحرف الجهورية مثل النون في "النعم النعيق حزين هنا مكان نقشت" للجهر بالملحمة للعالم، ثم يكرر صارخا هنا يا إنسانية غزة تحتضر.
كلمة أخير:
من وجهة نظري الخاصة العمل الأدبي المبكي بفيضان الروح عند استلهامه، وتشربه، يعلو على النقد؛لأن قلم كاتبه يرتجف حين يسطره، ويغزله بكلماته المحتضرة، وهذه الجداريات عزفت لحنها على أشلاء الأرض تحت ركام الدماء، وأرجو لكل من قرأ المقال أن يقرأ الديوان بإنسانيته...
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف