الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تعليق على قرار المحكمة الدستورية بشأن مكافأة نهاية الخدمة وقانون الضمان الاجتماعي

تاريخ النشر : 2018-10-22
تعليق على قرار المحكمة الدستورية بشأن مكافأة نهاية الخدمة وقانون الضمان الاجتماعي
تعليق على قرار المحكمة الدستورية بشأن مكافأة نهاية الخدمة وقانون الضمان الاجتماعي

بقلم د. مؤيد كمال حطاب*

اثير جدل قانوني حول مستحقات مكافأة نهاية الخدمة للعامل الذي سينضم الى صندوق الضمان الاجتماعي ولم يمضي على استمرار عمله لدى نفس صاحب العمل عشرة سنوات، فهل يستحق اجر شهر كامل عن كل سنة قضاها ام يحسب له ثلث الراتب في الخمس سنوات الاول وثلثي الراتب حتى اتمام العشرة سنوات كما هو منصوص عليه في المادة 45 من قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000. والتي اوردت انه:
(استثناءً مما ورد في البند (1) أعلاه يحق للعامل إذا استقال من عمله خلال السنوات الخمس الأولى ثلث مكافأة نهاية الخدمة، وثلثا مكافأة نهاية الخدمة إذا كانت الاستقالة خلال السنوات الخمس التالية، ويستحق المكافأة كاملة إذا أمضى عشر سنوات أو أكثر في العمل)
ولكن بعد ان يدخول قانون الضمان الاجتماعي رقم (19) لسنة 2016 حيز التنفيذ، فان صاحب العمل سيقوم بدفع النسبة المقررة بقانون الضمان الاجتماعي الى الصندوق، وبالتالي ينتهي التزام صاحب العمل بدفع مكافأة نهاية الخدمة. ولكن قانون الضمان الاجتماعي فرض على اصحاب العمل دفع المستحقات المتعلقة بمكفأة نهاية الخدمة من تاريخ عمل العامل الى تاريخ نفاذ قانون الضمان الاجتماعي.
حيث نص قانون الضمان الاجتماعي في المادة 116 انه:
( باستثناء ما نص عليه بصراحة في هذا القرار بقانون: أ. تحل التزامات صاحب العمل في تأمينات الشيخوخة والعجز والوفاة بمقتضى أحكام هذا القرار بقانون مكان مكافأة نهاية الخدمة المقررة في قانون العمل المعمول به عن الراتب الخاضع للتأمينات دون المساس في الحقوق األخرى المتعلقة بإنهاء عقد العمل.  ب. يلتزم صاحب العمل بأداء مكافأة نهاية الخدمة وأي حقوق أخرى مستحقة بمقتضى أي قانون
أو نظام أو اتفاق للعاملين لديه عن الفترات السابقة لنفاذ أحكام هذا القرار بقانون، في أي وقت وفقا لاتفاق تسوية بين المؤمن عليه ودون إجحاف أو تغيير في شروط العقد.
2 .يحتفظ المؤمن عليه بالحقوق المكتسبة وفق أي أنظمة أو ترتيبات أو اتفاقيات جماعية خاصة بمكافآت نهاية الخدمة ومنافع التأمينات الاخرى الواردة في هذا القرار بقانون، إذا كانت تلك الانظمة أو الترتيبات أو الاتفاقيات تقدم له مكافأة نهاية خدمة أو منافع أعلى من تلك المقررة بمقتضى قانون العمل المعمول به، ويلتزم صاحب العمل بأن يؤدي للعامل المؤمن عليه الفروق بين مكافأة نهاية الخدمة المقررة في قانون العمل المعمول به ومكافأة نهاية الخدمة الاعلى عند انتهاء خدمته، ما لم يشترك العامل بنظام التقاعد التكميلي الاختياري.
3 .على الرغم مما ورد في الفقرة 1 من هذه المادة، يحتفظ العامل المؤمن عليه في حقه بكامل مكافأة نهاية الخدمة ومنافع التأمينات الاخرى الممنوحة له بموجب أية أنظمة أو ترتيبات أو اتفاقيات.
4 .تبقى سارية المفعول جميع الانظمة أو الترتيبات أو االتفاقيات المتعلقة بصناديق االدخار، وحسابات التوفير، والتأمين الصحي للمؤمن عليه، والصادرة قبل نفاذ أحكام هذا القرار بقانون. )

ولكن الجدل الذي ثار حول ذلك النص كان متعلق بمسألة احتساب مكافأة نهاية الخدمة وفق المادة 45 من قانون العمل، اي هل يتم احتساب المكافأة كاملة ام على اساس ان العامل الذي  لم يمضي على عمله عشرة سنوات يستحق نسبته من المكافأة بحسب سنوات عمله، اي الثلث او الثلتين فقط، وليس كامل المكافأة كما تقدم؟
من هنا تم رفع الامر للمحكمة الدستورية بصفتها صاحب اختصاص في تفسير التشريعات التي تثير خلافات في التطبيق بناء على طلب ممن يملك ذلك ( المواد 24 و 30 من قانون المحكمة الدستورية رقم 3 لسنة 2006 والمعدل سنة 2017)

وبعيدا عن جدلية ما اذا كان يجب ان يقترن تفسير المحكمة بنفاذ القانون فعلا، اي وقوع خلاف فعلي اثناء التطبيق وليس محتمل، الا ان ما تضمنه حكم المحكمة الدستورية في معالجة الجدلية حول مكافأة نهاية الخدمة، يعد بالغ الاهمية رغم اعتراضي على امور اخرى كان برأيي اولى للمحكمة عدم الخوض بها؛ حيث تضمن حكم  المحكمة الدستورية رقم 07 لسنة 2018 ما يلي:-

1-    قواعد التفسير
نص حكم المحكمة في الصفحة الرابعة على ان المحكمة الدستورية في حالة التفسير فانه "يتعين مراعاة القواعد العامة في التفسير، وكشف غموض النص القانوني، ويتم الاخذ بعين الاعتبار عند تفسير النص القانوني تفسيره انطلاقا من الفاظه بحيث يتم الكشف عن مدلول هذه الالفاظ .... وترى المحكمة العليا بالتفسير بيان معنى النص وازالة ما يظهر من تعارض بينه وبين نص اخر بالجمع والتوفيق أو ترجيح احدهما على الاخر،... "
وهذا الموقف لمفهوم التفسير من قبل المحكمة الدستورية جاء في الاتجاه الصحيح، خصوصا انها ذكرت ايضا في صفحة 6  "انه لا يجوز ان يكون التفسير موطنا لتعديل النصوص ذاتها بما يخرجها عن معناها او يجاوز الاغراض المقصودة منها، اذ يعتبر ذلك تعديا على الحقوق التي ولدتها هذه المراكز وتجريدا لاصحابها منها بعد ثبوتها، وهو ما لا يجوز ان ينزلق التفسير اليه او يخوض فيه.."
وبناء على حكم المحكمة في قرارها الاخير فان الاصل في التفسير هو محاولة التوفيق اولا بين النصوص، او اعتبار احدهما خاص دون الاخر، ومن ثم -اذ استحال التوفيق والجمع او التخصيص- يكون تقديم او ترجيح احدها على الاخر.
كما كان من الجيد ان توضح المحكمة الوسائل المتبعة في تفسير النص وهي كما ذكرت المحكمة:
•    صراحة النص حيث لايجوز اعتبار اي لفظ وارد فيه نافلة من القول او لغوا
•    الصيغة المستخدمة في النص وظاهر اللفظ
•    المدولات الضمنية للنص اذا تعذر الاول
•    البحث عن ارادة المشرع ومراده من النص
•    لا يجوز ان يكون التفسير موطنا لتعديل النصوص ذاتها بما يخرجها عن معناها او يجاوز الاغراض المقصودة منها
•    لا يجوز ان يؤدي التفسير الى تعدي على الحقوق التي ولدتها النصوص من مراكز قانونية  او تجريدا لاصحابها من تلك المراكز بعد ثبوتها

الا ان المحكمة اعتبرت ان قانون العمل له خاصية في التفسير، وهي قاعدة تفسير النص بما هو اصلح للعامل، حيث استدلت بموقف الرأي الراجح في الفقه، والقضاء.
واذ اتفق ان الراي الراجح في الفقه يعتبر ان نصوص قانون العمل يجب تفسيرها بناء على ما هو اصلح للعامل، إلا انني اخالفها في اعتبار ان ذلك الرأي هو توجه القضاء الفلسطيني، حيث قضت محاكم النقض بما هو ليس اصلح للعمل رغم انها لو طبقت مبدأ تفيسر النص على اساس الاصلح للعامل لاختلف حكمها في كثير من القرارت ( انظر مثلا حكم الهيئة العامة، المحكمة العليا، رقم (2) لسنة 2015 و ( نقض 119/2009م) و نقض (899/2014 م) و ( 902/2014م) و (652/2013م) و(661/2013م) و(667/2013م) و(493/2013م) و ( 434/2010م) و( 7/2012م) و (623/2011م) و ( 12/2011م) و (396/2013) و (157/2008م) وغيرها )

روغم صحة قول المحكمة ان اغلب الفقه يرى ان التفسير في نصوص قانون العمل تكون على اساس الاصلح للعامل، الا انني اختلف مع راي الفقه ذلك، حيث ان هذا الرأي قد تخلى عنه  منذ زمن الكثير من الدول المتقدمه، وذهبوا الى ان  تفسير  النص الغامض في قانون العمل، يجب ان يتم بناء على القواعد العامة في التفسير، اي من خلال التوجه الى إرادة المشرع الحقيقية، وليس الاصلح للعامل، خصوصا ان الاصل في قانون العمل لم يعد حماية العامل فقط، بل وضع توازن بين الطرفين وحماية الامن الاقتصادي والمجتمعي على السواء.
وفي رأيي ان المحاباة التشريعية للعمال تكفي لحماية حقوقهم، ولا يجب إضافة المحاباة التفسيرية حتى لا يؤدي بنا ذلك الى الإخلال بالتوازن في علاقات العمل مما يهدد المصلحة العامة.  وعليه فانني ارى ان الأصل في قانون العمل انما جاء لتنظيم العلاقة العمالية بين طرفي العقد ومنع استغلال العامل، دون ان يخل ذلك بضرورة التوازن بين مصالح طرفي تلك العلاقة. فقانون العمل يجب ان يشمل الحفاظ على كرامة العامل وبنفس الوقت يضمن فعالية (نجاح) المنشاة، فالأولى تحافظ على حقوق العمال والثانية تضمن استمرارية المنشاة الاقتصادية.
ومع ذلك فان للمحكمة الدستورية الاخذ بالرأي الذي يتفق واجتهادها، ولكن كان عليها ان لا تقف عند حدود قولها بانه يتعين عند تفسير النص الاخذ بالاصلاح للعامل، بل كان عليها ان توضح ان ذلك لا يجب ان يؤخذ باطلاقه بشكل يؤدي الـى الخـروج عـن التفـسير، خصوصا وان الراي الراجح من الفقه (والذي ذهب الى التفسير بناء على مصلحة العامل) ذكر ايضا ان من اغراض النصوص في قانون العمل تحقيق التـوازن بـين العامل وصاحب العمل وليس فقط حماية حقوق العمال.

وفي جميع الاحوال فانني ارى انه لم يكن هناك اي حاجة لان تنص المحكمة الدستورية في قرارها على مسالة الاصلح للعامل، خصوصا ان المحكمة لا تفسر بين نصين في قانون العمل بل بين نص ورد في قانون العمل واخر ورد في قانون الضمان الاجتماعي. ورغم ان المحكمة الدستورية قد اعتبرت ان ارادة المشرع من قانون الضمان الاجتماعي هي ايضا حماية العمال لكن الواقع ان قانون الضمان الاجتماعي يختلف، لانه جاء لحماية المجتمع عموما، سواء كانوا عمالا او اصحاب عمل او حتى عاطلين عن العمل. 


2-    احتساب مكافأة نهاية الخدمة
نصت المحكمة الدستورية على ان المادة 45 من قانون العمل انما جعلت احتساب ثلث المكافأة لمن امضى خمس سنوات وثلثيها لمن امضى دون العشر سنوات، متعلق بالعامل الذي قام بتقديم استقالته برغبة من العامل وبمحض ارادته. وبالتالي فان ما ورد في المادة 116 من قانون الضمان الاجتماعي لا يمكن ربطه بتلك الحالة لان العامل عند دخوله الضمان الاجتماعي لا يعتبر مستقيلا.
وعليه فان للعامل مكافأة نهاية الخدمة كاملة (اي شهر عن كل سنة) ما لم يكن هناك نظام خاص بالمؤسسة اعطى للعامل ما هو افضل من قانون العمل، فيكون الاحتساب على اساس الافضل.
وهذا الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية، كان موفقا، وملتزما بمراد المشرع في القانونين. حيث انه لايجوز ان يضار العامل بالتزامه بالقانون، او بسبب التزامه القانوني وحسن نيته في تنفيذ قانون الضمان الاجتماعي، خصوصا ان ذلك يعتبر الزاميا على كل عامل وصاحب عمل. وبهذا فان المحكمة الدستورية احسنت في جمع النصوص وتفسيرها بما ينسجم والنظام العام ومراد العدالة.
كما انها اعتبرت ان الية الدفع لتلك المستحقات تكون بالاتفاق بين طرفي عقد العمل وبما يحقق مصلتهما معا، كما ورد في نص المادة 116 من قانون الضمان الاجتماعي.
ولكن لم توضح المحكمة الدستورية مسالة اسقالة العامل قبل مرور عشرة سنوات على عمله، هل يُلزم صاحب العمل بدفع المكافأة كاملة؟ بمعنى لو ان وقت تنفيذ قانون الضمان الاجتماعي قد مر على عمل العامل  (ج) 4 سنوات، والعامل (ص) 7 سنوات وبعد نفاذ الضمان الاجتماعي بشهرين استقال كلا من العامل (ج) والعامل (ص)! فهل يستحق العاملين هنا ايضا كامل المكافأة؟
كنت اتمنى لو ان المحكمة قد تطرقت لذلك الامر ايضا، لما له من اهمية في ذات الموضوع. وفي رأيي ان صاحب العمل ايضا لا يجب ان يضار بالتزامه بالقانون، بل يجب ان يتم فهم النصوص بما يحقق العدالة لجميع الاطراف.
* د. مؤيد حطاب
عميد كلية القانون- جامعة النجاح الوطنية
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف