الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دفن بالوسطة/بالواسطة!! بقلم:محمود سلامه الهايشه

تاريخ النشر : 2018-10-18
دفن بالوسطة/بالواسطة!!.. قصة قصيرة
بقلم
محمود سلامه الهايشه Mahmoud Salama El-Haysha
كاتب وباحث مصري
[email protected]

ساعة وراء ساعة، الوقت يَمُر، أنظرُ تارة في ساعة الحائط، وتارةً في ساعة هاتفي الجَوَّال، أدخل على أمي المطبخ:
• هل كلمكِ؟!
• لا، فأنا لن أكلمَه، المفروض أنه يكلمنا هو!
• فعلاً، أنا خائف أكلمه أشغله عَمَّا هو فيه.
• عمومًا، ربنا يوفقه وينجح في الاختبار، أنا قلت له: إذا لم تُوَفَّقْ، فلا تحزن.
• أنا كذلك تحدثت معه أمس بالكلام نفسه.

انتهت مِن تَحضير الغداء، فذهبت هي لتصلي العصرَ، الذي أُذِّنَ له أثناءَ حضورها بالمطبخ، فذهبت وجلستُ أمامَ الحاسوب أتصَفَّحُ بعضَ المواقع لحين قُدومِه، الجوعُ بدأ يَشْتَد، لكن عَقلي يُحَدِّث مَعِدَتي: أَنِ اصبري، فأخي على وصول، فلم يَعُدْ يتأخر أكثرَ من ذلك، سمعت فتحَ الباب الخارجي للبيت، فمن طريقة فتحه للباب فَهِمْتُ ما قد حدث معه، قابلناه عند باب الشقة بالضَّحِكات:
• أكيد رسبت؟!
• طبعًا رسبت، أولاد...
ظل يسبهم ويلعنهم هم والحاسوب.

• لماذا تسب الحاسوب، أَوَرسبتَ في اختبارِ الحاسوب؟!
• نعم، برغم أنِّي أجبت كُلَّ الأسئلة بشكل صحيح!

• طيب، فلماذا رسبتَ إذًا؟!
• تذكرتُ كلامَ صديقي، الذي دخلَ الاختبارَ منذ عِدَّة أشهر؛ حيث قال لي: إذا دخلتَ وجلست على أيِّ جهاز ناحية اليمين، فسوف ترسب، ولن تنجح مهما كانت إجابتك!

• لماذا ناحية اليمين؟!
• لأن تلك الأجهزة مبرمجة على إعطاء نِسَب أقلَّ من المطلوبة للنجاح، حتى ولو أجبت بنسبة 100%.

• أَوَلَم تتصل بالواسطة، التي كُنت تحضِّر لها منذ أسبوعين؟
• بلى، كلمتُ أكثرَ من شخص، كلهم أكَّدوا لي أنَّهم تَحدثوا مع الضباط المشرفين على اختبار الحاسوب، ثم اختبار القيادة الفعليَّة للسيارة.

• فماذا حدث طالما أنَّهم وَصَّوا هؤلاء عليك؟!
• اتَّصَلْتُ بِهم بعد الاختبار، فلم يصدقوا ما أقول، تصوروا أنِّي أمزح معهم، سألوني: كيف ترسب وأنت مهندس تخصص سيارات، كما أنَّك خبير في إصلاح وصيانة الحاسب الآلي؟!

• فحلفت لهم أنَّ هذا حدث، فطلبوا مني أنْ أنهي معهم المكالمة، وسوف يُعاودون الاتِّصالَ بي مَرَّةً أخرى بعد دقائقَ مَعدودة...
• اتَّصلوا؟!
• طبعًا، أخبروني بأنَّهم سوف يحددون لي مَوعدًا قريبًا، بعد أسبوع أو عشرة أيام لدخول هذا الاختبار مَرَّةً أخرى، فقانونيًّا لا يدخل هذا الاختبارَ مَن رسب فيه إلاَّ بعد مرور ثلاثة أشهر على الأقل...

ظل يصيح بأعلى صوته، أول مرة أشعر بالظُّلم، هذا ليس بلدًا، حتى (الكوسة) والواسطة خذلتني!

فقلت له: يا أخي اهدأ، لا بُدَّ أن تُرَوِّدَ نفسك على الظلم والقهر، لا تذكرِ (الكوسة) على لسانك، كيلو الطماطم وصل عشرة جنيهات، وفي بعض المحافظات وصل خمسة عشر جنيهًا، (الكوسة) تَحتاج إلى (صلصة طماطم)!

فقاطعتني أمي: اتركه يُخْرِج الشحنةَ التي بداخله؛ حَتَّى يهدأَ ويرتاحَ مما هو فيه.
• ضع أعصابك في ثلاجة؛ حَتَّى تعيشَ بسلام في هذا البلد، فأنت الآن تنتظر الوظيفةَ التي تَحلُم بها منذ عامين!
• لا، ثم لا، لن أعيشَ هنا، سأتركها وأعمل في أيِّ مَكان بالعالم.
• هَيَّا يا أمي ضَعي الطعام، فعصافير بطني تزقزق.

جلسنا حول المائدة، لسانه لا يستطيع الصَّمْت، ظَلَّ يَحكي حتى انتهينا من الغداء، فتذكَّرت أمرًا مُهِمًّا، قلت بيني وبين نفسي: لا بُدَّ أن أخبرَه به؛ حتى يصمت وهو مُقتنع، التفتُّ إليه:
• يا أخي، ستظل تبحثُ عن واسطة ومَحسوبِيَّة، وتدفع الرشاوي، حتى بعد أن تَحتضر وتصبح من أهلِ الآخرة!

فنظر إلَيَّ نظرةَ المغشي عليه، وقال: كيف أدفع رشوة وأنا ميت؟!
• أنت الآن صعدت رُوحك للرفيق الأعلى، يريد أهلُك أن يدفنوك...
قبل أن أكمل، رَنَّ جرسُ هاتفه المحمول، فاستأذنني أنْ يَرُدَّ على صديقه، فأشرت إليه: أن رُدَّ عليه، فبدأ يحكي لمحدثه على الجانب الآخر من المكالمة كُلَّ ما حدث له في إدارة إصدار رخص قيادة السيارات، بعد الانتهاء من حكاية ما حدث له اليوم، ظل يضحك حتى انتهتِ المكالمة!

فسألتْه أمُّه:
• ماذا الذي كان يضحكك هكذا؟ لَم تَعُدْ حَزينًا على ما جرى لك!
• لا، صديقي قص عليَّ الآن أنَّه كان يومًا ما ذهب يستخرج رُخصته، كان معه واسطة، فجلس أمامَ حاسوب كان يُجيب وَحْدَه!

• وَحْدَه؟!
• نعم، وَحْدَه، فلم يلمس أيًّا من الفأرة أو لوحة المفاتيح، خلال دقائق من جلوسه ظهرت نتيجةُ الاختبار بأنَّه ناجح بنسبة مائة في المائة.

قهقهنا جميعًا، فقالت أمي:
• أفهمت الآن كيف أنَّك أجبتَ ورسبت؟! الواسطة فقط نسيتك، لكن المرة القادمة بمجرد أنْ تراك، ستحصل عليها دون اختبار.

فاستدار إليَّ:
• لم تكمل لي، مات الإنسان ويريد أهلُه دفنه، ما المشكلة؟!
• آه، الدفن يحتاج إلى تصريح.
• صحيح.
• فيذهب أحدُ أفراد أسرته بهويته الشخصية لمكتب الصِّحَّة التابع له منزلُه؛ لاستخراجِ إذن الدفن منه.
• لا بُدَّ من التصريح.
• فيطلب طبيبُ الوحدة الصحية مبلغًا مالِيًّا، فإذا لم يدفع، فلن يأخذ التصريح، ويَتِم الذَّهاب بالجثة إلى المشرحة؛ لتشريحها قبل دَفنها؛ لكتابةِ أسباب الوَفاة بالتصريح، فيجوز أنَّه مات بسبب جنائي، فالدفع أم التقطيع، أيهما تختار؟!
• الدفع، إنا لله وإنا إليه راجعون.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف