لصوص .. وسُكارى
في تلك البقعة الصغيرة التي يتوسط مثلثها الجنوبي خليج العقبة، تسير وعن يمينك ترى جيش صلاح الدين يرتوي من عذب الأردن وعن يسارك ترى فُلك الغزاة تذوب في ملح المتوسط، تمر فوق قبور التتار، تلَّمس نُصب البراق خلف سور حفيد عثمان، انتبه بأن ترد التحية إلى صليب القامة، وتحرى الهدوء فمريم وطفلها يرقدان بسلام، لماذا توقفت؟ عمَ تبحث؟! أجل تبحث عن هذه الرائحة! هذه عطور زعتر عيبال ومرمرية جرزيم، لا تتوقف فأمامك جنان العنب والتفاح، لا تقلق من المسير في الليل فزيتون هذه الأرض ككوكب دري يهدين، لكن احذر ان تدوس على نملة فسليمان وجيشه لم يفعلها في نمل هذه الأرض، تُعجبك الأغنيات؟ إذن اذهب لهم ...صيادو يافا يغنون وكل من طيبات رزقهم وفي الصباح أعبر سهل ابن عامر وألقي السلام على من ينثرون القمح، تسلق الجبل ولا تخف فهذه الأرض تكفلت بحفظ أهل السلام، توقف ولا تعبر إلا بأذن فالجنة التي أمامك هي الجارة لبنان.
والآن اخبرني هل رأيتهم؟ هل لهم وجود؟، وما فائدة الإجابة بنعم أو لا، فقد سرقوا الأرض وقتلوا من عليها أبادوا الحرث، حرقوا الشجر والحجر، أقاموا مستوطناتهم فوق دمائنا، لكن من المستحيل أن يسرقوا تاريخنا وحضارتنا تراثنا وثقافتنا، لكنهم فعلوا، فقد صنعوا نبيذا اسرائيليا ووسموه بصورة القدس، يعرضون ملابس اجدادنا في معارض الأزياء العالمية على أنها تراث إسرائيلي، أطلقوا كتاب يحتوى على صفحات فارغة بعنوان: "تاريخ فلسطين" وتشير إحصاءات موقع أمازون للتسوق أنه الكتاب الأعلى مبيعا في التاريخ، ونحن نعلم جيدا انهم أنفسهم من اشتروه، كل ما سبق من ممارسات تعتبر احداث لحظية وعابرة.
فهل تكن سرقة تاريخ فلسطين المصور بالكامل داخل فلسطين وفي لبنان حدث عابر؟!
من وجهة نظر فلسطينية يُعتبر اختفاء أرشيف فلسطين المصور لغزا، بالرغم من وجود افلام وثائقية فلسطينية اعتمدت على الارشيف المتوفر لدى وكالات انباء عالمية، إلا أنه لا توجد محاولات تذكر للبحث عن الأرشيف ذاته ومحاولة استرجاعه.
من المخجل أن يُدَق باب البحث والتنقيب عن تاريخ فلسطين المصور على يد الباحثة الاسرائيلية (رونا سيلا) التي كشفت أن جيش الاحتلال الاسرائيلي اتخذ منهجية دقيقة في عملية سرقة الأرشيف الفلسطيني وتجميع المواد المسروقة من صور فوتوغرافية وأفلام بأوامر رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون، لتكون بديلا عن التاريخ الصهيوني الذي أنكر وجود الفلسطينيين، إذ تحتوي المسروقات على وسائط لم تعرض مسبقا وتم اخفائها لعقود، حيث ظهرت هذه المواد للمرة الأولى في السلسة الوثاقية التي صنعتها سيلا بعنوان:
LOOTED & HIDDEN - Palestinian Archives in Israel
واعتمدت سيلا في بحثها على شهادة جنود إسرائيليين أكدوا لها أنهم شاركوا في عمليات سرقة الصور والخرائط وبكرات الفيديو من معامل التصوير الفلسطينية ومن بيوت العاملين في مجالات التصوير نذكر منهم: خليل رساس، وعلي زعرور، وأيضا من مقرات العائلات الكبيرة كعائلة النشاشيبي في القدس، وكان نصيب الأسد من تلك السرقات في عام 1982 بعد أن دخل جيش الاحتلال الإسرائيلي بيروت، في حينه اختفى أرشيف ضخم من الصور ومقاطع الفيديو التي تقدر بحوالي 250 ساعة من بكرات الفيديو، كان يحمل هذا الأرشيف أفلاما لم تعرض بعد، وتسجيلات سرية للغاية، وما ظهر من هذا الأرشيف كان عبارة عن نسخ قليلة قدمها الفلسطينيون إلى وكالات أنباء عالمية.
بعد أن أعلنت سيلا بحثها خرجت إسرائيل من طور الإنكار واعترفت بدون أدنى شك بأنها سرقت وحفظت أرشيف فلسطين المصور، وفي المقابل لم ترفع أية دعاوى قضائية من قبل أي جهة فلسطينية رسمية أو غير رسمية تطالب فيها اعادة المسروقات، بل لم تتقدم أي جهة فلسطينية بطلب مباشر أو غير مباشر إلى إسرائيل بإعادة الأرشيف، بل وأكثر من هذا فهناك كثير من الفلسطينيين من ذوي الاختصاص لم يتمكنوا من حل لغز اختفاء الأرشيف، ولا أدري متى يشعر السكارى بفقدان كنوزهم المسروقة.
في تلك البقعة الصغيرة التي يتوسط مثلثها الجنوبي خليج العقبة، تسير وعن يمينك ترى جيش صلاح الدين يرتوي من عذب الأردن وعن يسارك ترى فُلك الغزاة تذوب في ملح المتوسط، تمر فوق قبور التتار، تلَّمس نُصب البراق خلف سور حفيد عثمان، انتبه بأن ترد التحية إلى صليب القامة، وتحرى الهدوء فمريم وطفلها يرقدان بسلام، لماذا توقفت؟ عمَ تبحث؟! أجل تبحث عن هذه الرائحة! هذه عطور زعتر عيبال ومرمرية جرزيم، لا تتوقف فأمامك جنان العنب والتفاح، لا تقلق من المسير في الليل فزيتون هذه الأرض ككوكب دري يهدين، لكن احذر ان تدوس على نملة فسليمان وجيشه لم يفعلها في نمل هذه الأرض، تُعجبك الأغنيات؟ إذن اذهب لهم ...صيادو يافا يغنون وكل من طيبات رزقهم وفي الصباح أعبر سهل ابن عامر وألقي السلام على من ينثرون القمح، تسلق الجبل ولا تخف فهذه الأرض تكفلت بحفظ أهل السلام، توقف ولا تعبر إلا بأذن فالجنة التي أمامك هي الجارة لبنان.
والآن اخبرني هل رأيتهم؟ هل لهم وجود؟، وما فائدة الإجابة بنعم أو لا، فقد سرقوا الأرض وقتلوا من عليها أبادوا الحرث، حرقوا الشجر والحجر، أقاموا مستوطناتهم فوق دمائنا، لكن من المستحيل أن يسرقوا تاريخنا وحضارتنا تراثنا وثقافتنا، لكنهم فعلوا، فقد صنعوا نبيذا اسرائيليا ووسموه بصورة القدس، يعرضون ملابس اجدادنا في معارض الأزياء العالمية على أنها تراث إسرائيلي، أطلقوا كتاب يحتوى على صفحات فارغة بعنوان: "تاريخ فلسطين" وتشير إحصاءات موقع أمازون للتسوق أنه الكتاب الأعلى مبيعا في التاريخ، ونحن نعلم جيدا انهم أنفسهم من اشتروه، كل ما سبق من ممارسات تعتبر احداث لحظية وعابرة.
فهل تكن سرقة تاريخ فلسطين المصور بالكامل داخل فلسطين وفي لبنان حدث عابر؟!
من وجهة نظر فلسطينية يُعتبر اختفاء أرشيف فلسطين المصور لغزا، بالرغم من وجود افلام وثائقية فلسطينية اعتمدت على الارشيف المتوفر لدى وكالات انباء عالمية، إلا أنه لا توجد محاولات تذكر للبحث عن الأرشيف ذاته ومحاولة استرجاعه.
من المخجل أن يُدَق باب البحث والتنقيب عن تاريخ فلسطين المصور على يد الباحثة الاسرائيلية (رونا سيلا) التي كشفت أن جيش الاحتلال الاسرائيلي اتخذ منهجية دقيقة في عملية سرقة الأرشيف الفلسطيني وتجميع المواد المسروقة من صور فوتوغرافية وأفلام بأوامر رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون، لتكون بديلا عن التاريخ الصهيوني الذي أنكر وجود الفلسطينيين، إذ تحتوي المسروقات على وسائط لم تعرض مسبقا وتم اخفائها لعقود، حيث ظهرت هذه المواد للمرة الأولى في السلسة الوثاقية التي صنعتها سيلا بعنوان:
LOOTED & HIDDEN - Palestinian Archives in Israel
واعتمدت سيلا في بحثها على شهادة جنود إسرائيليين أكدوا لها أنهم شاركوا في عمليات سرقة الصور والخرائط وبكرات الفيديو من معامل التصوير الفلسطينية ومن بيوت العاملين في مجالات التصوير نذكر منهم: خليل رساس، وعلي زعرور، وأيضا من مقرات العائلات الكبيرة كعائلة النشاشيبي في القدس، وكان نصيب الأسد من تلك السرقات في عام 1982 بعد أن دخل جيش الاحتلال الإسرائيلي بيروت، في حينه اختفى أرشيف ضخم من الصور ومقاطع الفيديو التي تقدر بحوالي 250 ساعة من بكرات الفيديو، كان يحمل هذا الأرشيف أفلاما لم تعرض بعد، وتسجيلات سرية للغاية، وما ظهر من هذا الأرشيف كان عبارة عن نسخ قليلة قدمها الفلسطينيون إلى وكالات أنباء عالمية.
بعد أن أعلنت سيلا بحثها خرجت إسرائيل من طور الإنكار واعترفت بدون أدنى شك بأنها سرقت وحفظت أرشيف فلسطين المصور، وفي المقابل لم ترفع أية دعاوى قضائية من قبل أي جهة فلسطينية رسمية أو غير رسمية تطالب فيها اعادة المسروقات، بل لم تتقدم أي جهة فلسطينية بطلب مباشر أو غير مباشر إلى إسرائيل بإعادة الأرشيف، بل وأكثر من هذا فهناك كثير من الفلسطينيين من ذوي الاختصاص لم يتمكنوا من حل لغز اختفاء الأرشيف، ولا أدري متى يشعر السكارى بفقدان كنوزهم المسروقة.