الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الضمان الإجتماعي بين الفرصة والحقوق المسلوبة بقلم:د.أيمن عبد الفتاح الدقي

تاريخ النشر : 2018-10-16
الضمان الإجتماعي بين الفرصة والحقوق المسلوبة بقلم:د.أيمن عبد الفتاح الدقي
الضمان الإجتماعي بين الفرصة والحقوق المسلوبة

يدور الحديث في الآونة الأخير بشدة عن قانون الضمان الإجتماعي، وكالعادة إنقسم المغردون على مواقع التواصل الإجتماعي وفي المجالس المختلفة فضلا عن بعض الجلسات والندوات والتي أعتبرها متواضعة جداً بالمقارنة مع حجم وأهمية وطبيعة مرحلة الضمان الإجتماعي في فلسطين.

فلعل معظم الناس يعرفون أن الضمان الإجتماعي لا يزال محدوداً في شموليته على موظفي القطاع العام رغم قدم تطبيقه في فلسطين والذي يعود إلى عام 1959، ولهذا أسباب كثيرة أهمها عدم الإستقرار السياسي والإقتصادي الناتج عن الإحتلال الذي عادة لا يعني برفاهية ومآسي شعبنا. وقد عملت السلطة الفلسطينية منذ نشأتها وفق إتفاقية أوسلوا على دراسة الموضوع وفعلا هنالك عدد من الدراسات التي كانت تنقصها الواقعية حيث أن معظمها يعتمد على سيناريو متفائلاً بالنسبة للوضع الإقتصادي والسياسي وهو أهم ما يميز الواقع الفلسطيني.

وفشلت السلطة في بداية العام 2004 من أول طرح لها لقانون الضمان الإجتماعي، والذي كان يشوبه الكثير من الإنتقادات والنواقص سواء إدارية أو فنية، وتبعه قانون التقاعد العام حاملاً أفكاراً جديدة، إلا أنه إنصدم بحائط الإنقسام ومقاومة شرسة ضد تطبيقه على القطاع الخاص. وفعلا نجح المعارضون لتطبيقه فيما سعوا له رغم محاولات هيئة التقاعد الفلسطينية للتطبيق مع الإعتراف بوجود العديد من العوائق، واستمر قانون التقاعد العام محدوداً على موظفي القطاع العام وبعض المؤسسات العامة منها البلديات والمجالس القروية وعدد من الجامعات. ومن ثم لجأت الحكومة لإنشاء لجنة وطنية للضمان الإجتماعي، وهنا كان التحدي الأكبر لعرقلته، حيث شملت اللجنة مشاركة من خلفيات متعددة سواء مؤسسات عامة ووزارات وأرباب عمل ونقابات عمال وأكاديميين. وكانت الفكرة نفسها قد نجحت في المملكة الأردنية حيث كان لها قصة نجاح حديثة وباهرة في مجتمع قريب في تركيبته مع فوارق الإستقرار السياسي والإقتصادي.

كان لصدور قانون الضمان الإجتماعي بشكل فعلي مع تأسيس مؤسسة مستقلة بمجلس إدارة واسع التمثيل، الأثر الكبير على أرباب العمل وبعض القطاعات المختلفة، مما أحدث إرباك كبير لهم في حساباتهم، فهو بالنسبة لهم لا يمثل إلا أعباء إضافية كضريبة أو مصاريف وقد ساوقهم في ذلك بعض المعارضين لكل أفعال الحكومة سواء بقصد أم عن جهالة.

وهنا، لا بد من وقفة لنراجع أهمية القانون ومنافعه وأضراره، حيث أن اليوم المجتمع الفلسطيني يسوده الفقر والبطالة بنسب عالية، وبتزايد مطرد ليتربع على أعلى المستويات العالمية، حيث تتجاوز فيه البطالة نسبة 40% في قطاع غزة بمستقبل مجهول بسبب الوضع السياسي والإقتصادي الأسوء عالمياً. بالإضافة إلى نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل بحوالي 18% من إجمالي القوى العاملة، والتي تعتبر متدنية جداً مقارنة بالمستوى العالمي. في المقابل يتميز المجتمع الفلسطيني بأنه مجتمع فتي، حيث تُمثل نسبة الشباب والأطفال فيه الذين أقل من 20 سنة حوالي نصف المجتمع ونسبة المسنين لا تتجاوز 6% وبالتالي نسبة الإعالة للمسنين هي الأقل في المنطقة ولكن الإعالة للأطفال من أعلى النسب.

وبناءً عليه يجب وضع الخطة الإستراتيجية للمجتمع الفلسطيني ككل بناءً على هذه المعطيات، والتي هي أهم المصالح الفردية الضيقة وأصحاب العمل منفردين، بل هنالك حقوق سامية إنسانية ومنها حقوق الضمان الإجتماعي وحقوق العاملين حيث أنها مكفولة بالدستور الفلسطيني والمواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بحماية العمال والأفراد من المخاطر الطبيعية على مدى الحياة. وقد عملت منظمة العمل الدولية على ذلك منذ تأسيسها في 1919، وأكدت على الضمان الإجتماعي كحق في إعلان فيليدلفيا سنة 1944 والذي يضمن راتب أساسي لكل محتاج والرعاية الصحية وغيرها من حقوق توسعت خلال تطورها لزيادة الرفاهية للمواطنين في البلدان العالمية. وأصبحت تشمل في بعض الدول توفير السكن والتعليم وغيرها من الحقوق الإنسانية، وذلك بالطبع وفقاً لقدرات كل دولة. فالضمان الإجتماعي يعتبر من حقوق الإنسان بموجب الإعلان العالمي للحقوق الإنسانية الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1948.

حُرم العمال الفلسطينين من حقوق الضمان الإجتماعي لعقود طويلة عملوا فيها بظروف قاسية وضياع وتهميش، مما جعلهم عرضة لأي مخاطر ومجازفات سياسية تُلحق بهم الضرر البالغ بدون أدنى مقومات الحماية سوى بعض الجمعيات الإغاثية هنا وهناك، وكلنا على علم بهذه التجربة لما فيها من مغالطات وسوء توزيع والتي تم تحديد دورها مؤخراً هي أيضاً، مع تراجع الدعم الدولي نظراً لتعثر مشروع السلام والأزمات الإقتصادية التي ألمت ببعض هذه الدول.

اليوم في هذا المجتمع الفتي هنالك فرصة ذهبية تتمناها كل دولة في العالم بوجود إمكانية لطفرة سكانية للتوزيع الديموغرافي للمجتمع الفلسطيني، حيث تصل نسبة السكان الذين هم في سن العمل من 15-60 عام إلى ذروتها ومن ثم من المتوقع أن تتراجع ثانية لصالح المسنين حيث أن معدل الأعمار شهد زيادة ومن المتوقع استمرارها ولو بدرجات قليلة. وبالتالي فإن هذه الطفرة من الناحية الإقتصادية تسمى “Demographic Dividends” وهي العائد الديموغرافي، أي مدى إنتاجية السكان وإمكانية إعالة القوى العاملة لباقي أفراد المجتمع.

ومن ناحية أخرى، فإن إصلاح أنظمة الضمان الإجتماعي لوحده لا يكفي للوصول للكفاءة الإقتصادية وذروة الإنتاجية، هنالك خطوات وسياسات أخرى يجب على الحكومة أيضاً وضعها في استراتيجيتها للوصول بهذا المجتمع الفتي إلى أقصى درجات الإنتاجية ويكون صالحاً لممارسة الأعمال والإبتكار والمشاركة في سوق العمل العالمية وأهمها الصحة والتعليم حيث نحتاج لقوى عاملة بصحة جيدة ومهنية بدرجة عالية حيث التطور التكنولوجي العالمي بتزايد مطرد ومن المتوقع الإعتماد على الحواسيب والبرمجيات والماكينة المحوسبة أعلى من أي وقت مضى.

إن قضيتنا مع الضمان الإجتماعي هي قضية حقوق إنسانية بالدرجة الأولى وإقتصادية بالدرجة الثانية وسياسية وإجتماعية وثقافية، ومن أكبر العوائق التي تواجه تطبيقه هي مسألة الوعي. لا بد من المواطن البسيط أن يعلم أن هنالك حقوق له تترتب على اشتراكه حيث أنه يصبح مؤمن عليه من المخاطر. كذلك أرباب العمل، إن تطبيق الضمان الإجتماعي قد يزيد الأعباء المالية الشهرية ولكن كفيل لهم من المصاريف في الأوقات الطارئة حيث إن أصابته أزمة مالية أو حلت بمصلحته كارثة، فإن الضمان الإجتماعي هو الكفيل بحقوق العمالين. فالقانون يكفل راتب بنسبة 75% خلال فترة الإصابة الناتجة عن العمل أو بسببه وكافة المصاريف العلاجية حتى شفاؤه ويوفر الأدوات والأجهزة الطبية اللازمة وكافة مصاريف النقل إلخ. علماً بأن هذا قد يكون في الوقت الراهن درب من الخيال لبعض العمال. والقانون يكفل إجازة أمومة مدفوعة الأجر ويضمن حد أدنى من الدخل ويراعي المرأة والمعاقين والعاملين في المهن الخطرة، بل ويربط الدخل بمستوى خط الفقر والحد الأدنى للأجور. كل هذه المفاهيم تحتاج لمقالات تشرح الحق المسلوب من العامل الفلسطيني في ظل تغيب القانون ودور وزارة العمل في الفترة السابقة. ومن أهم ما جاء في القانون هو إتاحة الفرصة للعاملين المغتربين للإشتراك والإستفادة من النظام وهم يشكلون نسبة لا بأس بها، حيث أنها تشكل طرحاً هاماً لحل مشكلة البطالة العالية، كما تتيح للعاملين في داخل الخط الأخضر أيضاً للإشتراك وتحل واقع نعيشه في تشابك الإقتصاد مع دولة الإحتلال. كما أن هنالك الكثير من المزايا وإن كانت في بعضها أقل بقليل مقارنة بدول أخرى. ولكن نُذكر بأن هذه الدول لم تصل لهذه الشروط دفعة واحدة، بل إن تعديل قوانين التقاعد وإصلاحها هي سمة مستمرة لهذه القوانين نظراً لحساسيتها وتشابكها مع باقي الأمور والظروف السياسية والإجتماعية والإقتصادية.

وأخيراً، نختم بقاعدة أساسية بأن وجود قانون الضمان الإجتماعي بالحد الأدنى من الشروط أفضل من عدم وجوده نظراً لكونه حق أساسي من حقوق الإنسان وما أحوجنا في المجتمع الفلسطيني للنيل بشيء من حقوقنا المسلوبة على مر العقود، وإن التمثيل النقابي والواسع في مجلس الإدارة لمؤسسة الضمان الإجتماعي قد يكون كفيل لشفافية تطبيق وتطوير القانون بما يخدم الصالح العام وكافة أفراد المجتمع وفق الإمكانيات المتاحة. هنالك لا تزال بعض الإشكاليات والتساؤلات بشأن مدد الخدمة السابقة وبشأن كيفية التعامل معها من حيث إمكانية ضمها لفترة الإنتفاع وآلية الدفع، وإشكاليات تنظيم ضم العاملين داخل الخط الأخضر وغيرها من المواضيع التي تحتاج إلى لوائح خاصة. وفي هذا الإطار، يجب على مؤسسة الضمان الإجتماعي أن يكون لها الدور التوعوي على أعلى مستوى حتى تضمن قبول المجتمع والتعاون لتطبيقه لأنه بدون تعاون هنالك قضاياً كثير صعب تخطيها وخاصة تطبيق الحد الأدنى للأجور وبشكل خاص في قطاع غزة. كما يجب أن تأخذ بالإعتبار إختلاف الظروف في المحافظات وشرائح المجتمع مما يجعل عملية التطبيق على مراحل ومصحوبة بتوعية مكثفة للفئات المستهدفة تدريجياً للوصول للأهداف المنشودة ومن أهمها ضمان العيش الكريم للمواطن الفلسطيني.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف