الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

اكتشاف الباحث نور الدين عبد القادر في كتاب لشيخ المؤرخين الجزائريين بقلم: د.محمد سيف الإسلام بوفلاقة

تاريخ النشر : 2018-10-13
اكتشاف الباحث نور الدين عبد القادر في كتاب لشيخ المؤرخين الجزائريين بقلم: د.محمد سيف الإسلام بوفلاقة
الدكتور محمد سيف الإسلام بــوفــلاقـــة
اكتشاف الباحث نور الدين عبد القادر في كتاب لشيخ المؤرخين الجزائريين
 
بقلم: الدكتور محمد سيف الإسلام بـوفـلاقــــة
قسم اللغة العربية-جامعة عنابة-الجزائر

  في إطار سعيه،وعمله الجاد والدؤوب للملمة شتات الذاكرة الوطنية الجزائرية،يُقدم لنا العلاّمة الكبير الدكتور أبو القاسم سعد الله؛شيخ المؤرخين الجزائريين،بحثاً وافياً عن واحد من الباحثين المغمورين،الذين أغمط حقهم من الظهور،والإشادة، والتنويه، وهو الباحث«نور الدين عبد القادر1890-1981م».
 وتتجلى أهمية كتاب شيخ المؤرخين الجزائريين،والمعنون ب: « باحث مغمور ،نور الدين عبد القادر1890-1981م،أستاذاً وكاتباً ومُترجماً»،والذي صدر عن منشورات المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر،من حيث إنه يُسلط الضوء عن باحث مغمور لم يحظ بالعناية الكافية من لدن الباحثين،على الرغم من إسهاماته الكبيرة، وإنتاجه الغزير والمتنوع،فلم يُسبق أن كُشف النقاب عن جهوده،وآثاره، وخدماته،فقد أضحت مساهماته على الرغم من غزارتها ،وتنوعها مجهولة تقريباً،إلا عند البعض من تلاميذه، وزملائه ،ومن هنا تأتي أهمية كتاب الدكتور أبو القاسم سعد الله فهو  أول  كتاب يصدر عن الباحث نور الدين عبد القادر.
    وقد اشتمل الكتاب على مقدمة، وأربعة فصول، وخاتمة. في مقدمة الكتاب يتحدث الدكتور أبو القاسم سعد الله عن قصته مع إنجاز هذا البحث عن نور الدين عبد القادر،فيشير إلى أن الفكرة قد نبعت عندما كان يبحث عن موضوع يشارك به في إحدى دورات مجمع اللغة العربية بالقاهرة،فرغب في تناول شخصية عاشت في العهد الفرنسي، وأسهمت في الحفاظ على اللغة العربية، وترقية التأليف، والتدريس بها،ونظراً لرغبته في عدم تناول موضوع مطروق،وشخصية تحدث حولها الكُتّاب،فوقع اختياره على عبد القادر الحميدي،أو نور الدين عبد القادر كما أصبح معروفاً  من بعد.
    كما يتحدث الدكتور سعد الله في مقدمته عن الجهود الكبيرة التي بذلها في سبيل العثور عن معلومات عنه،والنهوض بهذا البحث،ويذكر بأنه وفي كل مرة يسأل فيها عنه مع بعض من بقي على قيد الحياة من أبناء جيله يرجع فيها خائباً،حيث يقول عن هذا الأمر:« بدأت أبحث عن حياته وآثاره،وأسأل عنه من بقي على قيد الحياة من جيله. ولكن المعلومات كانت شحيحة، وفي كل مرة كنت أرجع من بحثي خائباً. وكان يبدو لي أن نور الدين هذا قد عاش في عصر آخر»)1(.
   و بعد الجهود الكثيرة التي بذلها الدكتور أبو القاسم سعد الله ،وذهابه إلى الحي الذي رأى فيه نور الدين عبد القادر سنة:1972م،ومحاولته استقصاء معلومات عن حياته مع عائلته، وتلاميذه ،خلص إلى أن المصدر الحقيقي لحياة نور الدين عبد القادر هي تآليفه، ومقالاته،فمن خلال اختياره لمواضيعها، وعناوينها،وتنوعها، وأسلوبه في كتابتها يمكن معرفة صاحبها،و إدراك مدى علمه،ومعارفه، وتوجهاته،حيث يذكر أن مقالاته الصحفية، وبحوثه في فنون المعرفة المستمدة من كتب التراث،هي مصدر لمعرفة حياة نور الدين،« أما المصدر الأخير فيتمثل في علاقته ببعض المستعربين والمستشرقين الفرنسيين،فقد كان يتعاون مع هؤلاء لترجمة النصوص،ونماذج من الحضارة العربية الإسلامية.ومن أبرز الذي تعاون معهم هنري جائي(جاهيه) الذي ترجم ونشر معه بعض آثار ابن سينا،وقصيدة الصيد،وربما قدم خدمات علمية لهنري بيريز الذي يسميه(أستاذنا). وقد ترجم لبعضهم في مقالاته مثل إدمون فانيان المتخصص في المخطوطات العربية»)2(.

 
حياتـه وعائلتـه:
      يتطرق الدكتور أبو القاسم سعد الله في الفصل الأول من الكتاب لحياة وعائلة نور الدين عبد القادر،وفي تمهيده لهذا الفصل قدم لمحة موجزة عنه،حيث أشار  إلى أن نور الدين عبد القادر واحد من المثقفين المغمورين الذين خدموا اللغة العربية،والتراث الإسلامي ببلاده الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي،وقد عاش حياته كاتباً،ومُدرساً، ومُترجماً كما تخرج«على يديه عدد من الطلبة الذين أصبحوا في مناصب عليا لثقافتهم المزدوجة بعد استقلال بلادهم،كما تعاون مع بعض المستعربين الفرنسيين في ترجمة نصوص ذات قيمة من التراث العربي الإسلامي مثل:أرجوزة ابن سينا في الطب،وقصيدة الفجيجي في الصيد، وسلط الأضواء على عدد من أعلام التراث أمثال:ابن رشد، وابن خلدون، وابن أبي أصيبعة، وابن حمادوش،أو الذين خدموا التراث من المستعربين أمثال إدمون فانيون، وإتيان كاترمير، وسلفستر دي صاصي،والبارون دي سلان. وقد حقق ونشر مجموعة من الكتب في شتى أنواع المعرفة، وكلها تصب في خدمة التراث واللغة العربية»)3(.
     ويذكر المؤلف في مبحثه عن أولياته بأن عبد القادر بن إبراهيم الحميدي،ولد بمدينة الجزائر سنة:1890م،وقد نشأ في بيئة شعبية محافظة على التقاليد العربية الإسلامية، وبالنسبة لتعلمه للغة العربية،وحفظه للقرآن الكريم فالدكتور سعد الله يرى أن رصيده الديني واللغوي الذي ظهر في تآليفه،وسلوكه«يبرهن على أنه كان قد حفظ على الأقل نصيباً من القرآن، وأنه كان متمرساً على اللغة العربية منذ نعومة أظافره.أما تعلمه للغة الفرنسية وعلومها فالظاهر أنه أخذها في مدرسة فرنسية متخصصة للأهالي(الجزائريين) وهي مدرسة تعلمهم مبادئ اللغة الفرنسية التي تؤهلهم للعمل عند الفرنسيين،وتسلبهم انتماءهم الحضاري بالتركيز على تاريخ وجغرافية فرنسا،وعلى أجدادهم هم(الجولوا) أو سكان فرنسا القدماء. على أن هناك من ذهب إلى أن عبد القادر قد تعلم الفرنسية عند الآباء البيض،أو جمعية المبشرين التي كانت نشطة في عهد طفولته،وهناك من قال إنه قضى عندهم حوالي عشرة أعوام»)4(.وقد كانت وفاة نور الدين  عبد القادر يوم:12نيسان-أفريل1981م.
   وبالنسبة للقبه الذي استبدله من عبد القادر الحميدي إلى نور الدين عبد القادر،فالدكتور سعد الله يذكر أن اختياره للقب مستقل عن أهله هو أمر غير معروف،وقد تساءل هل كان ذلك بدافع نزوة شبابية؟أم لخلاف عائلي؟أو لسبب سياسي أو اجتماعي؟
 وعندما سأل الدكتور أبو القاسم سعد الله الشيخ عبد الرحمن الجيلالي الذي يعرف نور الدين عبد القادر شخصياً،أجابه بأن عبد القادر الحميدي قد غير لقبه إلى نور الدين«دفعاً للشبهة». 
الدراسة والتدريس:
     الفصل الثاني من الكتاب،موسوم ب:«الدراسة والتدريس»،وقد تطرق فيه شيخ المؤرخين الجزائريين إلى رحلة نور الدين عبد القادر مع الدراسة، والتدريس،حيث يذكر أن دخوله إلى المدرسة الثعالبية كان في حوالي سنة:1908م، وقد بقي بها حوالي سبع سنوات، وقد درس فيها العلوم العربية من توحيد، وفقه، وأصول، وعروض، وأدب،كما درس كذلك العلوم الفرنسية من لغة، وتاريخ، وجغرافية، وحساب،وبعد أن تولى وظيفة عدل تفرغ للتعليم، وُعين في سنة:1916م،مدرساً في مسجد شرشال،وبعد ذلك أصبح مُدرساً في مدرسة تلمسان الرسمية،والتي قضى فيها مدة طويلة،وبعد تلمسان اقترب من العاصمة،ودرّس في مساجد المدية،ويذكر المؤلف أن نور الدين عبد القادر فيما يظهر كان«يملك مكتبة تتيح له التفرغ للبحث والتدريس،وكان يتابع حركة التأليف في المشرق بحيث لا تكاد تفوته أحدث الكتب المطبوعة. وربما كان له امتياز خاص في دخول المكتبة العمومية أيضاً. ومن ثمة اطلاعه على أحدث ما نُشر في لندن، وباريس، وبرلين، وما تنشره المجلات المتخصصة،مثل:المجلة الآسيوية، ومجلة المستشرقين الفرنسيين. وظل نور الدين يمتهن التدريس في العاصمة أيضاً بعد تحوله إليها.فعلم في مساجدها ومدارسها. ويقول الشيخ الجيلالي المعاصر له إنه كان يتردد على المكاتب(المدارس)للتدريس بها،ومنها مدرسة الشبيبة،وبعض المساجد كالجامع الجديد. وقد أشار نور الدين نفسه عدة مرات على أغلفة الكتب التي ألفها أو ترجمها إلى أنه أستاذ بالثانوية الفرنسية الإسلامية،أو أنه مدرس في معهد الدراسات العربية التابع أيضاً لنفس الجامعة،والذي كان يُشرف عليه المستعرب هنري بيريز» )5(.
 كما يؤكد الدكتور أبو القاسم سعد الله على أنه قد تعاطى التدريس أيضاً في الثعالبية،وربما أنه قد عمل معاوناً لبعض الأساتذة في جامعة الجزائر،وقد كان متخصصاً في النحو،والصرف، وقواعد اللغة العربية،وقد درّس في الثعالبية التاريخ، والجغرافيا، ومقدمة ابن خلدون،ومجموعة من الكتب ذات الطابع الفلسفي والاجتماعي.
  ومن أبرز تلاميذه:الباحث علي مراد، والفقيه محمد شارف،والعالم الشريفي بلحاج، والوزير عبد الرحمن بن حميدة، والوزير الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي.
   كما تطرق الدكتور أبو القاسم سعد الله في هذا الفصل إلى قضية تعد غاية في الأهمية،وهي قضية موقفه من واقع بلاده،حيث يقول عن هذا الموضوع:«لم يدخل نور الدين معترك الحياة الوطنية في أي شكل من أشكاله،ولكننا في نفس الوقت لم نعرف عنه أنه تبنى رأياً أو انضم إلى هيئة مناوئة للحركة الوطنية. ولم نقرأ له كلاماً يقدح أو يمدح أي زعيم سياسي أو إصلاحي.بل لم نعرف عنه أنه انضم حتى إلى الجمعية الخيرية التي كان يرأسها الشيخ الطيب العقبي،والتي لم يكن لها في ظاهر الأمر مواقف سياسية...،ومن الملاحظ أن نور الدين لم يكتب فيما اطلعنا عليه،إلا عن المتقدمين من العرب والمسلمين،ولكنه نوه ببعض المعاصرين من الفرنسيين(ميرانتj.Mirante،بيريز،فانيان...)،وقد عرفنا أنه تعاون مع المستعرب هنري جاهيه في نشر بعض كتب التراث العلمي. وحدثت في وقته نكبة فلسطين والثورة التحريرية الجزائرية، وأحداث عربية وإسلامية أخرى، ولكنه اعتصم بالصمت إزاءها»)6(. وكذلك فاسمه لم يذكر في أنشطة الجمعيات، والحركة الوطنية، كما أن الكثير من الأحداث الهامة التي وقعت في الجزائر،مثل: الاحتفال المئوي باحتلال الجزائر سنة:1930م،وظهور مجموعة من التنظيمات السياسية،والاجتماعية،والثقافية الوطنية ،بزعامة  مجموعة من الرواد مثل:العلاّمة عبد الحميد بن باديس، والأمير خالد، ومصالي الحاج، والشيخ البشير الإبراهيمي،كما أنه كان شاهداً على حربين عالميتين أثرتا على بلاده،وعلى محيطه العربي الإسلامي،ومع ذلك فجميع هذه الأحداث  لا تظهر أصداؤها في كتاباته، ومواقفه، وآرائه،وقد ختم الدكتور سعد الله هذا الفصل بقوله:« لماذا عزف نور الدين عن المشاركة في الحياة العامة بينما كان كثير من المصلحين والأدباء والشعراء والصحافيين المنحدرين من بسكرة ونواحيها ينشطون على مستوى العاصمة بل على مستوى القطر كله؟لقد قيل إنه ألح على صهره الشيخ الطيب العقبي ألا يحاول الزج به في السياسة.هل هناك أسباب عائلية أو شخصية حالت بينه وبين هذه المشاركة؟ إن حياته على هذا النحو تذكرنا بحياة شيخه محمد بن أبي شنب الذي كان عالماً مُتفرغاً للبحث والتدريس دون المشاركة أيضاً في الحياة العامة، وكذلك الشيخ عبد القادر المجاوي» )7(.
مـؤلفاته:
    وفي الفصل الثالث من الكتاب سلط الدكتور أبو القاسم سعد الله الضوء على مؤلفاته،وقد قام بتصنيفها إلى أربعة أصناف:في اللغة العربية، وفي التاريخ والتراجم، وفي الطب والفلسفة، وفي الأدب والتراث عموماً.
 وأغلب كتبه التي تعرض فيها للغة العربية هي كتب تعليمية موجهة إلى المدرسين،والتلاميذ، والطلاب في مختلف المستويات،وهي:«الرسالة الصرفية»،و«الآجرومية على طريقة السؤال والجواب مع إعراب الأمثلة وشرحها»،وكتاب:«أساس العربية لتعليم الحروف الهجائية»،و«إعراب الجمل مع مقدمات وتمرينات معربة ومشروحة»،و«متن لامية الأفعال مع مقدمة وتعليق انتقادي»،وكتاب«الوسيلة لتعليم العربية»،و«قاموس فرنسي-عربي بالدارجة»،و«شرح على المجرادي».
   وفي التاريخ والترجمة ترك ثلاثة كتب هي:«غزوات عروج وخير الدين»، وقد اعتنى  بتصحيح هذا الكتاب، والتعليق على حواشيه، وهو كتاب مكتوب بالتركية،وقد تُرجم إلى العربية، وينسب لسنان باشا.والكتاب الثاني هو: «صفحات من تاريخ مدينة الجزائر من أقدم العصور إلى انتهاء العهد التركي»،وقد وصف الدكتور أبو القاسم سعد الله هذا الكتاب بقوله:«من منشورات كلية الآداب،جامعة الجزائر،مطبعة البعث،قسنطينة،1965م،194صفحة. وهو كتاب كما يظهر من عنوانه في تاريخ المدن. وقد حشد له نور الدين معلومات غزيرة عن مدينته التي ولد وتربى فيها(وهو ابن القصبة الشهيرة). ودرس فيه خصوصاً العهد العثماني الذي انتهى عند نهايته،ولم يتحدث عن مدينة الجزائر،وهي تحت الاحتلال ربما لأن ذلك قد يعرضه لإدانة الاستعمار الذي فعل بها الأفاعيل سنة:1830م،وما بعدها من هدم، واستيلاء،وتغيير لا تحتمله الآثار الوطنية والعالمية. ومن أهم ما ساقه نور الدين من معارف بهذا الصدد هو ما ساقه من تقييد(أو تذكرة)ابن المفتي المفقود حول علماء الجزائر في العهد العثماني»)8(.
   والكتاب الثالث هو كتاب:«تاريخ حاضرة قسنطينة»،وقد ألفه بالعربية الشيخ أحمد بن المبارك المعروف بالعطار،وكتب له نور الدين عبد القادر مقدمة بالعربية، وأخرى بالفرنسية.
     ومن أهم إسهاماته في الطب والفلسفة ضبطه، وترجمته إلى الفرنسية لديوان ابن سينا،وتعليقه عليه مع الحكيم هنري جاهيه الأستاذ بكلية الطب بالجزائر،كما اعتنى كذلك بنشر أرجوزته في الطب،ونقلها إلى اللغة الفرنسية مع الدكتور جان جايي،كما اعتنى كذلك بنشر،وترجمة كتاب:«عيون الأنباء في طبقات الأطباء»لابن أبي أصيبعة بالاشتراك مع الحكيم هنري جاهيه. وكذلك قام بتصحيح وترجمة كتاب:«خلق الجنين وتدبير الحبالى والمولدين»لعريب بن سعيد القرطبي،وتولى التعليق عليه.
   أما مؤلفاته في الأدب والتراث فمن أهمها كتاب:«القول المأثور من كلام الشيخ عبد الرحمن المجذوب»،وكتاب:«منتخب الحكايات المثلية»،كما اعتنى بنشر، وترجمة،والتعليق على شعر أبي إسحاق إبراهيم ابن عبد الجبار الفجيجي من خلال كتاب:«روضة السلوان أو قصيدة الصيد»،وكذلك فقد ألف كتاب: «المنتخب من أشعار العرب»،وقد حوى الكثير من الأشعار مع شرحها،وتقديم نبذة عن حياة صاحبها،والمصدر الذي أُخذت منه.
مساهـمته في الإعـلام:
     في الفصل الأخير من الكتاب توقف الدكتور أبو القاسم سعد الله مع مساهمته في ميدان الإعلام،حيث يذكر أن اسمه قد بدأ يظهر في مجال الإعلام ابتداءً من إنشاء مجلة:«هنا الجزائر»سنة:1952م،أما قبل هذا التاريخ فلم تظهر له مقالات صحفية،عدا ما ورد في الكتب التي قام بتحقيقها أو تأليفها،كما كان يُلقي مساء كل يوم جمعة حديثاً في الإذاعة تحت عنوان:«في الأدب والتاريخ».
     وقد قدم الدكتور أبو القاسم سعد الله عدة ملاحظات هامة عن مقالاته،وأسلوبه في الكتابة،حيث يرى بأنه صاحب أسلوب«واضح وطليق في مقالاته مما يدل على ممارسته لفن التحرير مدة طويلة،خلافاً لبعض زملائه الذين قد يحسنون التدريس، ولكنهم لا يتقنون الإنشاء والتحرير.كما أن الطابع العلمي الجاد يظهر على مقالاته،فهو يتبع المعنى، ولا يتصيد الألفاظ والمحفوظات. ويخاطب القارئ بجمل بسيطة وقصيرة متأثراً  فيما يبدو بأسلوب القدماء الموجز المبني على ما قل ودل، وأسلوب اللغة الفرنسية المباشر. وهو يهتم بإفادة القارئ،وليس تسليته بعبارات متأنقة. ونحن نظلمه إذا قلنا إنه كان مجرد ناقل من كتب التراجم بالنسبة لمن يترجم لهم في مقالاته.فإن طريقته هي أن يذكر المصادر، وأن يعرض المعلومات، وأن يتدخل بالتفسير والتحليل والترجيح، وبذلك تبدو مقالاته ليست تكراراً لما تحفل به كتب التراجم عن أشخاصه المختارين. وكثيراً ما يكتشف وثائق جديدة عمن يترجم له فتكون دراسته نموذجاً يحتفظ بقيمته العلمية والتاريخية»)9(.
 وبعد أن قدم الدكتور أبو القاسم سعد الله قائمة تكشف مقالاته التي نشرت في مجلة هنا الجزائر(1952-1960م)،ختم بحثه بإثارة جملة من الأسئلة،حيث يقول:«أين نضع نور الدين إذا كتبنا عن أعلام العصر في القرن العشرين؟هل كان مجرد ناقل للمعرفة أو كان مُجدداً في طريقة نقلها؟هل كانت له رسالة قام بها في صمت ودأب وهي هذه الكتب التعليمية المحافظة على العادات والأخلاق والعقائد التي كان يذكرها صراحة أو يلمح إليها في كتبه؟هل كان إنساناً متعلماً عادياً سرعان ما طواه الزمن وخلفته قافلة النوابغ والمبدعين السائرة دوماً إلى الأمام؟ ألا يكفيه أنه خدم-على طريقته- اللغة العربية بنحوها وصرفها وأدبها وتراثها في وطن عاهد محتلوه أنفسهم على القضاء على هويته الوطنية؟أسئلة ما نظن أن ما اطلعنا عليه حتى الآن من سيرة وآثار نور الدين يعطينا الحق في الجواب عنها بسرعة وسهولة»)10(.
   الـهوامش:
(1) د.أبو القاسم سعد الله:باحث مغمور،نور الدين عبد القادر(1890-1981م) أستاذاً وكاتباً ومُترجماً،منشورات المجلس الإسلامي الأعلى،الجزائر،2009م،ص:05.
(2) د.أبو القاسم سعد الله:باحث مغمور، نور الدين عبد القادر(1890-1981م) أستاذاً وكاتباً ومُترجماً،ص:10.
(3)د.أبو القاسم سعد الله:المصدر نفسه،ص:13.
(4)المصدر نفسه،ص:15.
(5)المصدر نفسه،ص:27.
(6)المصدر نفسه،ص:33،32.
(7)المصدر نفسه،ص:35.
(8)المصدر نفسه،ص:44.
(9)المصدر نفسه،ص:62-63.
 (10)المصدر نفسه،ص:69.
 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف