الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فن الكلام (غذاء الألباب وابوإياد)

تاريخ النشر : 2018-09-25
فن الكلام (غذاء الألباب وابوإياد)
فن الكلام (غذاء الالباب وابوإياد)
بكر أبوبكر
 
أن نقول أن الكلام أو الحديث فن فهو ليس أداة، بل هو جهد انساني بحت، جهد انساني خالص، يحتاج لكثير مِران وتدريب.
وقبل ذلك دعنا نستمع لما يقوله كونفوشيوس الحكيم الصيني إنه يقول :"لا يمكن للمرء أن يحصل على المعرفة إلا بعد أن يتعلم كيف يفكر"، ومن هنا فتعلم التفكير ومنهج التفكير ووضع خريطة عقلية هو جهد عقلي وعلم مطلوب، ويسبق كل فن وكل صناعة .
 وان نقول أنه علم فله قواعد وله أسس، نعم، يمكن تعلمها والاستعانة بها، ومن هنا فهو علم ولكنه فن أيضا حيث تظهر اللمسة الخاصة في ريشة ونغمة صوت وطريقة كل محاضر أو خطيب أو متحدث تماما كالرسام الذي مهما اجتهد ليضارع غيره الا ان ريشته لها من المزايا ما يجعل لوحاته فنا أي أنها تحتفظ ببصماته تماما كما الخطيب أو المحاضر ومن هنا فان اللمسة الانسانية فن، لذا ففن الحديث فن وعلم معا.
 وهو في ذات الوقت صناعة، وفي الصناعة قدّوم وفأس ورفش وغيرذاك من أدوات.
إن العمل والنشاط مهم وضروري، وفي حُسن القول حُسن تنظيم واختيار للكلمات ووضعها في موضعها، بمعنى أن كثرة الكلام ليست بالضرورة دلالة الثراء.
 فان نكون مثل السنجاب نجمع البندق بكثرة تفوق الحاجة، ولا نستطيع أن ننظمة فإننا نخفق ثم نخفق ولا نصيب الهدف فقد يكون الاقلال منجاة إن أردنا اتقان العمل وإجادة الفن والتعامل مع الصناعة.
 

عدة قدرات لا بد منها
إن في الحديث ضرورة لبعث قدرات عديدة تحتاج للتنمية مثل قدرة التذكر وقدرة التسلسل وقدرة الربط وقدرة التركيز وقدرات سرعة البديهة وامتلاك الملاحظة والاجابة على الاستفسارات وفهم نفسية الآخرين والقدرة على جذبهم والتأثير فيهم، بل والقدرة على البحث والقدرة على السؤال وغيرها من القدرات.
 لكل موقف كلماته ولكل حديث أدواته ولكل خطيب بكلماته ولسانه وقعٌ مختلف، ولنا في صمت الحجاج بداية خطبته بالكوفة حين ولي أمر العراق دلالة، وفي مضمون خطبته وطريقة إلقائها دلالة أخرى.
 ولنا في ياسر عرفات وتصرفه في "كامب ديفد" حين حين فزّ كالملدوغ معبرا عن رفضه تقسيم القدس الى تحت وفوق قائلا: أدعوكم أن تسيروا في جنازتي، وكان له بهذه الحركة المعبرة وسرعة البديهة بهذه الكلمات فصل الخطاب ما كان به أن (قَطَعَتْ جَهِيْزَةُ قَوْلَ كُلِّ خَطِيْبٍ).[1]
 وفيما يفيد المتحدث وتنمية قدراته وتعلمه ذكر العلامة محمد السفاريني الحنبلي - رحمه الله تعالى - في غذاء الألباب مراتب التعلم وحرمانه فقال: «وَاعْلَمْ أَنَّ لِلتَّعَلُّمِ سِتَّ مَرَاتِبَ:
(أَوَّلُهَا): حُسْنُ السُّؤَالِ.
(ثَانِيهَا): حُسْنُ الْإِنْصَاتِ وَالاِسْتِمَاعِ.
(ثَالِثُهَا): حُسْنُ الْفَهْمِ.
(رَابِعُهَا): الْحِفْظُ.
(خَامِسُهَا): التَّعْلِيمُ.
(سَادِسُهَا): وَهِيَ الثَّمَرَةُ الْعَمَلُ بِهِ وَمُرَاعَاةُ حُدُودِهِ.[2]
ولنقرأ أيضا: "يا موسى وطّن نفسك على الصمت تلقَ الحكم، واشعر قلبك التقوى تنل العلم، ورُض نفسك على الصبر تخلص من الاثم، يا موسى تفرغ للعلم ان كنت تريده فإنما العلم لمن تفرغ له ولا تكونن مكثار المنطق مهذارا فان كثرة المنطق تشين العلماء وتبدي مساوىء السخفاء، ولكن عليك بالاقتصاد فإن ذلك من التوفيق والسداد"[3]
 
 
المصداقية
كان القائد العربي الفلسطيني الفذ صلاح خلف يستطيع أن يجمع عشرات الآلاف، ويصيخون اليه السمع كأنه يتلو خطبته تلاوة، في وضع إصغاء مقدس يليق بشيخ أو قسيس أو صوفي بين مريديه، أو كأنه يعزف لحنا شجيا.
 وهو الى ذلك جمع بين المهابة والجاذبية (الكاريزما) وحُسن الحديث والمصداقية واستثمار الحديث ما كان شأنه عندما قدِم الى مدرسة عبدالله السالم في الكويت بقامته المتوسطة يخطر بخطوات الجواد الأصيل، رافعا رأسه بقامته المتوسطة بشموخ كأنه الليث، بعد الصمود الأسطوري في بيروت عام 1982.
امتلأت القاعة والساحات الخارجية، وتحدث بلغة عربية فصيحة[4] ودبّجها بكلمات من العامية حيث لزم بثبات تحدث بحرقة وثقة وصدق وأسهب، وكان لصوته مدلولا لاتخطئه العين حين يصرخ وحين ينتحب حين يعلو صوته متوعدا، وحين يتكلم عن المذابح والفظائع كأنه ينشج[5]   والكل من الجماهير الغفيرة وكأن على رؤوسهم الطير إصغاء عز نظيره حتى في مجالس العزاء وبيوت الأجر، وهو إصغاء لم يكن يقطعه الا تصفيق عشرات آلاف الأكف وصيحات الاستحسان.
للكاتب الأميركي‏ "سيمون سينك" كتاب قيّم سمّاه «ابدأ مع لماذا: كيف يُلهم القادة العظماء الناس للعمل؟». ذكر في الكتاب قصة ظريفة وكلها دروس وعِبَر عن الدكتور "مارتن لوثر كينج" الشهير.
ففي 28 أغسطس 1963، اجتمع 250000 شخص من كل أنحاء الولايات المتحدة الأميركية في ساحة المتنزه الوطني في واشنطن العاصمة لكي يستمعوا لما ستجود به قريحة الدكتور كينج في خطابه عن «لدي حلم»، وللذاكرة فإنه في ستينيات القرن الماضي لم تكن هناك شبكة الإنترنت، ولم يرسل المنظمون 250000 بطاقة دعوة، ولكن الرجل استطاع أن يجلب كل هذه الحشود في يوم محدد، وفي ساعة محددة،لماذا؟ لأنه كان ملهماً ويحظى بالثقة والمصداقية.


الحواشي
________________________________________
[1]  ونستطيع العودة لخطبة الحجاج الشهيرة التي ابتدات بالصمت المريب والمثير، وعندما نطق نطق البلاغة فهو رأى الرؤس اليانعة وتوعد بقطعها في الكوفة، والبصرة.
[2]  لمراجعة كتاب  الأخلاق الزكية في آداب الطالب المرضية للكاتب أحمد بن يوسف الأهدل.
 [3]الخطيب البغدادي في الجامع لاخلاق الراوي،من وصية الخضر لموسى عليهما السلام
 [4]  اللغات باختلافها تحتوي على مجموعة كبيرة من الكلمات والمفردات تتعدى المائة ألفٍ، كالانجليزية بحوالي 600.000 كلمة والفرنسية بـ 150.000 كلمة – استناداً لأكبر معاجم اللغتين – وقد تتعدى العشر ملايين كاللغة العربية التي بلغ عدد كلماتها 12.302.912 كلمة حسب إحصاء قد نشر في يومها العالمي… والأعداد في تزايد مستمر نظراً لما قد يستجد من مصطلحات خصوصاً التقنية والعلمية منها.
[5]  نشج:غَصَّ بِالبُكَاءِ مِنْ غَيْرِ انْتِحَابٍ
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف